مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: نظرات في نظرات حاكم العبيسان التفسيرية ...

نظرات في نظرات حاكم العبيسان التفسيرية ...



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :



قال حاكم العبيسان المطيري في كتابه نظرات في القرآن الكريم في ص69 :" وليس المراد ( ويكون الدين لله ) أن يدخل كلهم في الإسلام بل أن يكون الحكم لله حتى لا يظلم ولا يفتن أحد لهذا حمى أهل الأديان " !

وهذا في نظراته في عدة سور منها سورة الشورى التي لو كان الأمر له لأسماها ( سورة الديمقراطية ) وهذا تحريف منه لمعنى الآية

فإن السلف اتفقوا أن قوله تعالى ( ويكون الدين لله ) أن يوحد الناس الله ، لا أن يجري فيهم حكم الله فقط وإن لم يوحدوا ، وحتى أخذ الجزية من أهل الكتاب ، ( أو الكفار على قول ) هو من باب إذلالهم وحثهم على الإسلام ، ومن الواجب المتعين في ديننا هدم الأصنام فأين حماية أديان الوثنيين ؟!

قال ابن أبي حاتم في تفسيره 1763- حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ، أَنْبَأَ بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،"فِي قَوْلِهِ:  " وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ "  وَيَخْلُصُ التَّوْحِيدُ لِلَّهِ"، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَقَتَادَةَ، وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ: قَالُوا: حَتَّى يَقُولَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَقَالَ الْحَسَنُ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: حَتَّى لا يُعْبَدَ إِلا اللَّهُ

قال الطبري في تفسيره 3105- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"ولا تقاتلوهم عندَ المسجد الحرام حتى يُقاتلوكم فيه" كانوا لا يُقاتلون فيه حتى يُبدأوا بالقتال، ثم نسخ بعدُ ذلك فقال:"وَقاتلوهم حتى لا تكون فتنة" = حتى لا يكون شركٌ ="ويكون الدين لله" = أن يقال: لا إله إلا الله، عليها قاتل نبيُّ الله، وإليها دعا.
3106- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا همام، عن قتادة:"ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم"، فأمر الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن لا يقاتلهم عند المسجد الحرام إلا أن يبدأوا فيه بقتال، ثم نسخ الله ذلك بقوله:( فَإِذَا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) [سورة التوبة: 5] فأمر الله نبيَّه إذا انقضى الأجل أن يقاتلهم في الحِلِّ والحرَم وعند البيت، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأنّ محمدا رسولُ الله.

وهذا التفسير المحدث من حاكم العبيسان إنما أخذه من المودودي وهو يناقض أحاديث كثيرة متواترة

قال البخاري في صحيحه 25 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو رَوْحٍ الْحَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ

ودين الإسلام المراد منه إنقاذ الناس في دنياهم وأخراهم فإذا حمينا كفرهم كما يدعو إليه الدكتور فقد سعينا في إدخالهم إلى الناس وهذا من أعظم الغش

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (13/ 361) :" و فى الجملة من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم الى ما يخالف ذلك كان مخطئا فى ذلك بل مبتدعا وان كان مجتهدا مغفورا له خطؤه فالمقصود بيان طرق العلم وأدلته وطرق الصواب"

وقال حاكم العبيسان في كتابه نظرات قرآنية ص13 :" الوجه الثاني : أن الإعجاز هو في صرفهم عن الإتيان بمثل هذا القرآن "

ظاهر كلامه أنه يعتقد اعتقاد المعتزلة في الصرفة ، وهو أن الناس كانوا قادرين على معارضة القرآن ولكن الله صرفهم وهذا اعتقاد باطل ، وإن لم يكن يعتقده بتعبيره بهذا التعبير استخدام للفظ مجمل يحتمل حقاً وباطلاً

قال القرطبي ( وهو أيضاً أشعري ولكنه أصاب في هذا ) في تفسيره رداً القائلين بالصرفة (1/75) :
" ووجه حادي عشر قاله النظام وبعض القدرية: أن وجه الإعجاز هو المنع من معارته، والصرفة عند التحدي بمثله. وأن المنة والصرفة هو المعجزة دون ذات القرآن
 وذلك أن الله تعال صرف هممهم عن معارضته مع تحديهم بأن يأتوا بسورة من مثله.
وهذا فاسد، لأن إجماع الأمة قبل حدوث المخالف أن القرآن هو المعجز
فلوا قلنا إن المنع والصرفة هو المعجز لخرج القرآن عن أن كونه معجزا، وذلك خلاف الإجماع
 وإذ كان كذلك علم أن نفس القرآن هو المعجز، لأن فصاحته وبلاغته أمر خارق للعادة، إذ لم يوجد قط كلام على هذا الوجه، فلما لم يكن ذلك الكلام مألوفا معتادا منهم دل على أن المنع والصرفة لم يكن معجزا.
واختلف من قال بهذا الصرفة
على قولين: أحدهما: أنهم صرفوا على القدرة عليه، ولو تعرضوا له لعجزوا عنه.
 الثاني أنهم صرفوا عن التعرض له مع كونه في مقدورهم، ولو تعرضوا له لجاز أن يقدروا عليه.
 قال ابن عطية:" وجه التحدي في القرآن إنما هو بنظمه وصحة معانيه، وتوالي فصاحة ألفاظه.
ووجه إعجازه: أن الله تعالى قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً، وأحاط بالكلام كله علما، فعلم بإحاطته أي لفظه تصلح أن تلى الأولى، وتبين المعنى بعد المعنى
 ثم كذلك من أول القرآن إلى آخره، والبشر معهم الجهل والنسيان والذهول
 ومعلوم ضرورة أن بشرا لم يكن محيطا قط، بهذا جاء نظم القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة.
وبهذا النظر يبطل قوال من قال: إن العرب كان في قدرتها إن تأتي بمثل القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة، فلما جاء محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صرفوا عن ذلك، وعجزوا عنه.
 والصحيح أن الإتيان بمثل القرآن لم يكن قط في قدرة أحد من المخلوقين، ويظهر لك قصور البشر في أن الفصيح منهم يضع خطبة أو قصيدة يستفرغ فيها جهده، ثم لا يزال ينقحها حولا كاملا
 ثم تعطى لآخر بعده فيأخذها بقريحة جامة فيبدل فيها وينقح، ثم لا تزال بعد ذلك فيها مواضيع للنظر والبدل، وكتاب الله تعالى لو نزعت منه لفظه، ثم أدير لسان العرب أن يوجد أحسن منها لم يوجد" انتهى

وقد اخترع الدكتور حاكم العبيسان أنواعاً من إعجاز القرآن كالإعجاز الترتيبي ! ، وصدق ببعض الإعجازات المحدثة المخترعة كالإعجاز العددي وهذه كلها من البدع الذي أغنى الله عز وجل أهل الإسلام عنها

وقد نقل التميمي الحنبلي في اعتقاد الإمام أحمد الذي جمعه ( وفيه غلطات على أحمد ) أن الإمام أحمد يكفر القائلين بالصرفة ولا يستبعد هذا

قال التميمي في رسالته اعتقاد الإمام أحمد :" وَكَانَ يكفر من يَقُول إِن الْقُرْآن مَقْدُور على مثله وَلَكِن الله تَعَالَى منع من قدرتهم بل هُوَ معجز فِي نَفسه وَالْعجز قد شَمل الْخلق"

ويقول حاكم العبيسان في كتابه المذكور :" إذا كان الحدوث دليل الإمكان وكان القرآن والسورة الواحدة منه من جنس كلام العرب وكان ما جاء به واحداً منهم وبشراً مثلهم فقد أصبح في حيز الإمكان "

قوله ( الحدوث دليل الإمكان ) من تأثره بتفاسير الجهمية والقول بأن الحدوث دليل الإمكان هو ناشيء عن دليل الحدوث الذي اعتبره ابن تيمية ينبوع البدع وأفسد مقدماته في درء تعارض العقل والنقل والتزم المعطلة من أجله نفي الصفات الفعلية لأنها حوادث والحدوث دليل الإمكان والممكن مفتقر مخلوق

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (16/276) :" و هؤلاء يقولون علة الإفتقار إلى الخالق مجرد الحدوث و آخرون من المتفلسفة يقولون هو مجرد الإمكان و يدعون أن القديم الأزلي الذي لم يزل و لا يزال هو مفتقر إلى الصانع فهذا يدعى أن الباقي المحدث لا يفتقر و هذا يدعي أن الباقي القديم يفتقر و كلا القولين"

وقد قرر الدكتور العبيسان الديمقراطية صراحةً في كتابه هذا وادعى أن الشعب له حق اختيار الحاكم وأن الشورى تكون في اختيار الحاكم ، ثم بعد ذلك في تصرفات الحاكم وظاهر هذا أنه يراها ملزمة

قال الدكتور حاكم :" ليست الشورى كما يشيع في الثقافة العامة مشاورة الإمام الأمة بل هي اختيار الأمة للإمام ( الإمارة شورى ) و (لا إمارة إلا عن شورى ) "

( لا إمارة إلا عن شورى ) من اختراعات الدكتور الحاكم واللفظ الثابت عن عمر بن الخطاب ( الإمارة شورى ) ومعنى ذلك أن الإمام ينبغي له أن يشاور فيما يشكل عليه


وقال أأحمد شاكر في (1/ 383) من عمدة التفسير ط دار الوفاء :" وهذه الآية ( وشاورهم في الأمر ) ، والآية الأخرى ( وأمرهم شورى بينهم ) ، اتخذها اللاعبون بالدين في هذا العصر من العلماء وغيرهم عدتهم في التضليل بالتأويل ليواطئوا ، صنع الإفرنج في النظام الدستوري الذي يزعمونه ويخدعون الناس بتسميته ( النظام الديمقراطي ) ، فاصطنع هؤلاء اللاعبون شعاراً من هاتين الآيتين يخدعون به الشعوب الإسلامية أو المنتسبة للإسلام ، يقولون كلمة حق يراد بها الباطل ، يقولون : الإسلام يأمر بالشورى ، ونحو ذلك من الألفاظ ، وحقاً إن الإسلام يأمر بالشورى ، ولكن أي شورى يأمر بها الإسلام ؟


إن الله يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم ( وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله ) ومعنى الآية واضحٌ صريح لا يحتاج إلى تفسير ، ولا يحتمل التأويل ، فهو أمرٌ للرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم لمن يكون ولي الأمر من بعده ، أن يستعرض آراء أصحابه الذين يراهم موضع الرأي ، الذين هم أولو الأحلام والنهى في المسائل التي تكون موضع تبادل الآراء وموضع الاجتهاد في التطبيق ، ثم يختار من بينها ما يراه حقاً أو صواباً أو مصلحة فيعزم على إنفاذه غير متقيد برأي فريق معين ولا برأي عدد محدود ، لا برأي أكثرية ولا برأي أقلية ، فإذا عزم توكل على الله وأنفذ العزم على ما ارتآه
ومن المفهوم البديهي الذي لا يحتاج إلى دليل أن الذين أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بمشاروتهم _ ويأتسي به من يلي الأمر من بعده _ هم الرجال الصالحون القائمون على حدود الله المتقون المقيمون الصلاة ، المؤدون الزكاة المجاهدون في سبيل الله الذي قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ليلني منكم أولو الأحلام والنهى ) ، ليسوا هم الملحدين ولا المحاربين لدين الله ولا الفجار الذين لا يتورعون عن منكر ولا الذين يزعمون أن لهم أن يضعوا شرائع وقوانين تخالف دين الله وتهدم شريعة الإسلام وأولئك _ من بين كافر وفاسق _ موضعهم الصحيح تحت السيف أو السوط لا موضع الاستشارة وتبادل الآراء "

وإن البلاء أن يأتي منتسب للعلم ولا يكتفي أن يقول هذا أن النظام جائزٌ حالياً للضرورة وحسب بل ويزعم أن الصحابة قد مارسوا ذلك

 كالذي زعم أن الصحابة مارسوا الانتخاب مدعماً خيالاته بالاستدلال بحادثة تولية عثمان وأن من فعله عبد الرحمن بن عوف هو انتخابات ! .
 وأنه استفتى حتى النساء وجاء برواية افترعها من عقله زعم فيها أن عبد الرحمن بن عوف وقف على المنبر وقال للناس من تختارون

والجواب على هذا الاستدلال من وجوه

أولها : هل جعل عبد الرحمن بن عوف الأغلبية معياراً مطلقاً كأصحاب الديمقراطية ؟
الجواب : لا وإنما اعتبر إجماع أخيار الناس على عثمان

ثانيها : ما ورد أن عبد الرحمن بن عوف استشار النساء لا يصح وليس له أصل يعتمد عليه ولو صح فلا شك انه لم يستفت الفاسقات ولا قليلات العقل ، ثم إن الرواية فيها أنهن سألهن وهن في خدورهن وهذا يناقض ما يحصل اليوم في الانتخابات الديمقراطية من خروج النساء والمزاحمة للرجال

وقد نقل الجويني الإجماع على أن النساء لا مدخل لهن في اختيار الإمام

قال في (غياث الأمم من التياه الظلم : ص80-81) : « والآن نبدأ بتفصيل صفات أهل العقد والاختيار ، فليقع البداية بمحل الإجماع في صفة أهل الاختيار ، ثم ينعطف على مواضع الاجتهاد والظنون ، فما نعلمه قطعاً أنَّ النسوة لا مدخل لهن في تخير الإمام وعقد الإمامة ، فإنهن ما رُوجِعن قط ، ولو اسْتُشِير في هذا الأمر امرأة لكان أحرى النساء وأجدرهن بهذا الأمر فاطمة ـ رضي الله عنها ـ ، ثم نسوة رسول الله ص ، أمهات المؤمنين ، ونحن بابتداء الأذهان نعلم أنه ما كان لهن في هذا المجال مخاض في منقرض العصور ومَكَرّ الدهور »( مستفاد من بعض الأخوة )

فاعجب ممن ينتسب للعلم والفتيا ويعتمد على رواية منكرة تخالف الإجماع ، ولا ينجيه من الانتقاد أن ذكرها بعض أهل العلم فلم يستدلوا بها على ما استدل من الأحوال المخالفة للإجماع وهم يزعمون أنهم لا يقلدون

ثالثها : أن في الرواية الضعيفة أن عبد الرحمن بن عوف استشار حتى الصبيان في الكتاتيب فهل يرى الزغبي أن الصبيان لهم الحق في الانتخاب ؟!

أم أنه سيخالف رواية عبد الرحمن بن عوف ويوافق الديمقراطية

رابعها : أن هذه العملية التي حصلت في زمن الصحابة تناقض الديمقراطية مناقضة صريحة فإن عمر لم يفتح باب الترشيح لكل من أراد ذلك وإنما اختار جماعة بناءً على أن كلهم من قريش وأن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وهو عنهم راض وهذا الحصر يناقض الديمقراطية ثم إنه ترك الأمر لعبد الرحمن بن عوف وما ألزمه باستشارة الناس ولو بدا له أن يخالف مشورة الناس لأمر رآه لفعل ذلك

خامسها : أن أمر الخلافة أمرٌ مختص بجميع المسلمين فلماذا يسأل عبد الرحمن بن عوف أهل المدينة فقط ، هذه قمة المناقضة للديمقراطية ، والسبب في ذلك أنه يرى أن أهل المدينة هم خير الناس وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم ينزلون الأمور منازلها فقد كان رضي الله عنه أنه ما ينبغي الكلام في أمر الخلافة أمام رعاع الناس والأعراب لأن في مخاطبتهم بذلك فتنة لهم

قال البخاري في صحيحه 6830 : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ أُقْرِئُ رِجَالًا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَبَيْنَمَا أَنَا فِي مَنْزِلِهِ بِمِنًى وَهُوَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا إِذْ رَجَعَ إِلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَالَ لَوْ رَأَيْتَ رَجُلًا أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْيَوْمَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلْ لَكَ فِي فُلَانٍ يَقُولُ لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ لَقَدْ بَايَعْتُ فُلَانًا فَوَاللَّهِ مَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ إِلَّا فَلْتَةً فَتَمَّتْ فَغَضِبَ عُمَرُ ثُمَّ قَالَ إِنِّي إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَقَائِمٌ الْعَشِيَّةَ فِي النَّاسِ فَمُحَذِّرُهُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ أُمُورَهُمْ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَفْعَلْ فَإِنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ وَغَوْغَاءَهُمْ فَإِنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ يَغْلِبُونَ عَلَى قُرْبِكَ حِينَ تَقُومُ فِي النَّاسِ وَأَنَا أَخْشَى أَنْ تَقُومَ فَتَقُولَ مَقَالَةً يُطَيِّرُهَا عَنْكَ كُلُّ مُطَيِّرٍ وَأَنْ لَا يَعُوهَا وَأَنْ لَا يَضَعُوهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا فَأَمْهِلْ حَتَّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ فَإِنَّهَا دَارُ الْهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ فَتَخْلُصَ بِأَهْلِ الْفِقْهِ وَأَشْرَافِ النَّاسِ فَتَقُولَ مَا قُلْتَ مُتَمَكِّنًا فَيَعِي أَهْلُ الْعِلْمِ مَقَالَتَكَ وَيَضَعُونَهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا

فتأمل مشورته على عمر بألا يتكلم في أمر الخلافة في الموسم وأنه إنما ينبغي أن يتكلم في دار الخلافة بين فقهاء الناس بهذا الأمر فما أبعد عن هذا عن حكم الدهماء ( الديمقراطية )

وهذا أبو بكر الصديق ولى عمر وما استشار كبير أحد في ذلك

قال عبد الرزاق في المصنف 9764 - عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ: دَخَلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهُوَ شَاكٍ فَقَالَ: اسْتَخْلَفْتَ عُمَرَ؟ وَقَدْ كَانَ عَتَا عَلَيْنَا وَلَا سُلْطَانَ لَهُ، فَلَوْ قَدْ مَلَكَنَا لَكَانَ أَعْتَى عَلَيْنَا وَأَعْتَى، فَكَيْفَ تَقُولُ لِلَّهِ إِذَا لَقِيتَهُ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: «أَجْلِسُونِي» فَأَجْلَسُوهُ فَقَالَ: " هَلْ تُفَرِّقُنِي إِلَّا بِاللَّهِ؟ فَإِنِّي أَقُولُ إِذَا لَقِيتُهُ: اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرَ أَهْلِكَ " قَالَ مَعْمَرٌ: فَقُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ: مَا قَوْلُهُ: خَيْرَ أَهْلِكَ؟ قَالَ: خَيْرَ أَهْلِ مَكَّةَ

وهذا يسميه حاكم وأضرابه استبداداً


قال البخاري في الأدب المفرد 257: حَدثنا صَدَقَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَشَاوِرْهُمْ فِي بَعْضِ الامْرِ.
وهذه قراءة تفسيرية ، فهذا ما فهمه السلف أنه لا يلزم المشورة في كل شيء

وقال حاكم في كتابه المذكور :" فكل محبوب أو متبوع أو مطاع دون الله إله"

وهذا إطلاق الخوارج

قال ابن أبي حاتم في تفسيره 7877 - حدثنا علي بن الحسين ، ثنا عثمان بن أبي شيبة ، ثنا مالك بن إسماعيل ، ثنا عيسى بن عبد الرحمن ، قال : سألت الشعبي عن هذه الآية ، ( وإن أطعتموهم إنكم لمشركون قال : قلت : تزعم الخوارج أنها في الأمراء ، قال : كذبوا إنما أنزلت هذه الآية في المشركين ، كانوا يخاصمون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون : أما ما قتل الله فلا تأكلون منه يعني : الميتة ، وأما ما قتلتم فتأكلون منه ، فأنزل الله : ( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق ) إلى قوله : ( إنكم لمشركون ) قال : لئن أكلتم الميتة وأطعتموهم إنكم لمشركون.

والخلاصة أن نظرات حاكم هذه على اختصارها فيها إرجاء واعتزال وخروج وتجهم وديمقراطية والله المستعان

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي