مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: نقض التحريف في دعوى التفسير الآرامي لقوله تعالى ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن )

نقض التحريف في دعوى التفسير الآرامي لقوله تعالى ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن )



أما بعد :
 
فحقيقة هناك سخافات لم يكن المرء يقف عندها نهائياً لولا أنها تنتشر بين بعض الجهال وتشكل لبعض الناس ممن لا يعرف شبهة

فمن ذلك شبهة سخيفة ومضحكة رددها مستشرق يزعم تفسير القرآن بالآرامية

يقول أن قوله تعالى ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) المقصود به ( وليضربن بحزمهن على جيوبهن ) والمقصود بالجيب العورة المغلظة !

هذا الفهم الذي فهمه هذا الأعجمي ولم يفهمه أي مفسر على مدى أربعة عشر قرنا ويخالف كل القراءات المعروفة عندنا وكل ما قاله العلماء في تفسير تلقفه بعض الناس فقط لأنه سيبيح للناس التشبه بالغربيات في كشف الشعور والتحلل من رداء العفة

وقبل أن أدخل في هذا البحث علي أن أقول شيئاً : كل الدعوات في هذا السياق هي دعوات للزنا ولكن بشكل مبطن عن طريق تهيئة أسبابه ولا توجد شريعة تبيح مثل هذا

وهذا الكلام سخيف جداً لأي عاقل ولكنني سأذكر من أوجه سخفه ما ربما يضحك البعض تعجباً

( خمرهن ) و ( حزمهن ) ليس الفرق بين بينهن النقطة بل الفرق واضح في مكان الميم والراء أو الزاي فهناك إبدال بين حرفين ثم إن اتصال الهاء بأحد هذين الحرفين يجعل شكل الكلمة مختلفاً تماماً حتى لو حذفنا النقط

وقوله أن الجيب يكون بمعنى العورة قول لا يعرف في اللغة وعزوه لبعض الناس كذب

قال تعالى : (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ)

وهذا جيب القميص باتفاق

قال ابن أبي حاتم في تفسيره 16156 - حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، ثنا أسباط، عن السُّدِّيِّ فِي جَيْبِكَ قَالَ: الْجَيْبُ جَيْبُ الْقَمِيصِ.

16157 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ، أَنْبَأَ حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: فِي جَيْبِكَ كَانَتْ عَلَيْهِ مِدْرَعَةٌ، إِلَى بَعْضِ يَدِهِ، وَلَو كَانَ لَهَا كُمٌّ أَمَرَهُ أَنْ يدخل يد فِي كُمِّهِ.

والرد الساحق أن تنظر للسياق

قال تعالى : (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)

فالله يقول بعد ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن )  ( ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آباهن )

فلو قصد بالآية الكلام عن العورة المغلظة فهل يجوز في عرف أحد من الناس أن تكشف المرأة عورتها المغلظة لأبيها ؟!

وفي الآية ( أو الطفل ) وذكر غيرهم فهل يجوز للمرأة أن تكشف هذا أمامهم

إنما المراد بالآية النحر فالنساء قديماً يلقين على رؤوسهن خرقة ولكن تكون مفتوحة بحيث يكون نحرها بادياً ( وهذا تفعله بعض نساء الكرد اليوم وتفعله بعض النساء في بيوتهن ) فأمرن بشد الخمار الذي يكون على الرأس على الجيب

والآية تنهى عن إبداء الزينة وأي زينة في المرأة أعظم من شعرها ونحرها بل وعلى تفسير هذا المستشرق يجوز أن تبرز صدرها كاملاً

ثم ما معنى ( ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن ) فهذا معناه أن الرجل مستورة ولو لم تكن مستورة فسواء ضربت برجلها أم لم تضرب فالخلخال مرئي فلما كان الخلخال غير مرأي ناسب أن ينهى عن إسماع صوته

أفتكون الرجل واجبة الستر والشعر والنحر مكشوفان ؟

فأين الرجل من حسن الشعر والنحر ؟

ثم ستر العورة المغلظة مما يفعله كل الناس بداعي الفطرة ويحرصون عليه فلا داعي أصلاً للتنبيه عليه

ولكننا اليوم نرى عجائب من التشكيك بالمتواترات والبديهيات مع الإيمان بسخافات ليس عليها رائحة برهان
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي