أما
بعد :
قال
البغوي في تفسيره :" ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ أَوَّلُ بَيْتٍ بُنِيَ فِي الْأَرْضِ،
رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ : أَنَّ
اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ تَحْتَ الْعَرْشِ بَيْتًا وَهُوَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ وَأَمَرَ
الْمَلَائِكَةَ أَنْ يَطُوفُوا بِهِ، ثُمَّ أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ سُكَّانُ
الْأَرْضِ أَنْ يَبْنُوا فِي الْأَرْضِ بَيْتًا عَلَى مِثَالِهِ وَقَدْرِهِ، فبنوه
وَاسْمُهُ الضِّرَاحُ، وَأَمَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ أَنْ يَطُوفُوا بِهِ كَمَا يَطُوفُ
أَهْلُ السَّمَاءِ بِالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، وَرُوِيَ : أَنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَوْهُ قَبْلَ خَلْقِ
آدَمَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، وَكَانُوا يَحُجُّونَهُ، فَلَمَّا حَجَّهُ آدَمُ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ:
بَرَّ حَجُّكَ يَا آدَمُ، حَجَجْنَا هَذَا الْبَيْتَ قَبْلَكَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، وَيُرْوَى
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ أَوَّلُ بَيْتٍ بَنَاهُ آدَمُ
فِي الْأَرْضِ، وَقِيلَ: هُوَ أَوَّلُ بَيْتٍ مبارك وضع هُدًى لِلنَّاسِ [يُرْوَى ذَلِكَ
عَنْ علي. وقال الضحاك: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ] يعبد الله فيه ويحجّ
إليه"
قال
المحقق عبد الرزاق المهدي :" هذه الآثار جميعا مردودة بالحديث الصحيح عن الصادق
المصدوق صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم"
وقد
ذكر البغوي حديث إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ
أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ:
قَلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلًا؟ قَالَ: «الْمَسْجِدُ
الْحَرَامُ» ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟
قَالَ:
«الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى» ، قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: «أَرْبَعُونَ سنة»
، ثم قال: «أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ بَعْدُ فَصَلِّ فَإِنَّ الْفَضْلَ فِيهِ»
فهو
فهم التعارض بين كون البيت موجوداً منذ خلق آدم وهذا الحديث والواقع أنه لو رجع إلى
شرح الحديث لوجد أن هذه الآثار جواب على إشكال وارد على الحديث وأنه لا تعارض بينهما
فالمسجد
الحرام بناه إبراهيم ومسجد بيت المقدس بناه سليمان وبينهما وقت طويل يقدر بمدة زمنية
طويلة أكثر من أربعين عاماً
فوجه
بعض الشراح أن المقصود بالحديث البناء الأول الذي بناه آدم للمسجد الحرام ومسجد بيت
المقدس وكان بينهما أربعين عاماً ثم هدما وكان بناء إبراهيم وبناء سليمان على الأساس
الأول
قال
مغلطاي في شرح سنن ابن ماجه :" وقال ابن حبان
في
صحيحه: ذكر الخبر المرخص قول من زعم أنّ بين إسماعيل وداود ألف
سنة،
فذكر حديث أبي ذر وتتبع ذلك عليه الحافظ ضياء الدين المقدسي في
كتابه
المسمى: علل التقاسم، والأنواع بقوله: طن أبو حاتم وتوهم أنّ أول
وضع
البيت لما بناه إبراهيم وإسماعيل، عليهما السلام، وقد روى أنّ آدم-
عليه
السلام- حجّ البيت فقالت له الملائكة: قد حججنا هذا البيت قبلك
بألفي
سنة، أو ما هذا معناه ثم إن بين إسماعيل، وداود- عليهما السلام-
من
القرون ما لا يخفي على المميز وذلك أكثر من أربعين سنة، فإن داود كان بعد موسى- عليه
السلام، ووجه الحديث أن هذين المسجدين وضعا قديما ثم
خربا
ثم بنيا، والله تعالى أعلم. وزعم القرطبي أنّ بين إبراهيم، وسليمان-
عليهما
السلام- أيام طويلة قال أهل التاريخ: أكثر من ألف سنة، قال: ويرتفع
الإشكال؛
بأن يقال: أن الآية والحديث لابد أن على إبراهيم وسليمان ابتداء
وضعهما
بعد ذلك تجديدا أما كان أسسه غيرهما، وقد روى أنّ أوّل من بني
البيت
آدم، عليه السلام، وعلى هذا فيجوز أن يكون غيره من ولده وضع بيت
المقدس
بعده بأربعين سنة، وبنحوه قاله ابن الجوزي في مشكله. انتهى
كلامهم-
وفيه نظر؛ من حيث أنّ ابن هشام في كتاب البخاري أن آدم-
عليه
السلام- لما بني البيت أمره جبريل بالمسير إلى بيت المقدس/، وأمره بأن
يبنيه
فبناه ونسك فيه. انتهى. وقد ورد عن علي- رضى الله تعالى عنه- ما
يبين
هذا الإشكال، ويوضِّحه إيضاحًا لا حاجة لنا معه إلى هذا التحرص
والحسبان
أنبأ به المسند المعمر بدر الدين يوسف بن عمر التركي- رحمه الله-
قراءة
عليه وأنا أسمع أنبأ المسند أبو الكرم لاحق بن عبد المنعم الأرناحي قراءة
عليه
عن الحافظ أبي محمد المبارك بن علي أنبأ أبو الحسن عبيد الله بن
محمد
بن أحمد أنبأ الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي أنبأ أبو عبد الله
الحافظ
ثنا بكر بن محمد القتيمة في نمرة، ثنا أحمد بن حبان بن ملاعب ثنا
عبيد
الله بن موسى ومحمد بن سابق قالا: ثنا إسرائيل ثنا سماك بن حرب عن
خالد
بن عرعرة قال: سئل عليا- عليه السلام- عن أول بيت بني في
الأرض
قال:"لا كان نوح قبل، وكان في البيوت، وكان إبراهيم قبله،
وكان
في البيوت، ولكنه أول بيت وضع للناس فيه البركة والهدى، ومقام
إبراهيم،
ومن دخله كان آمنا ... ". الحديث فهذا علي- رضى الله تعالى
عنه-
بيّن أن المراد بالوضع غير البناء، وإذا كان هكذا فلا إشكال، إذ مفهوم
حديثه
يقتضى وضع ذلك فيه من الله تعالى قبل أن يضع مثله في مكان
المسجد
الأقصى، وسياق الآية الكريمة يدل عليه أيضا فيزيد وضوحا بما ذكره
في
تاريخ بيت المقدس تأليف محمد بن محمد بن عبدك الكنجي، ومن خطّه
نقلت:
أنّ أبا عمرو الشيباني قال: قال علي بن أبي طالب: كانت الأرض
ماء
فبعث الله ريحًا فمسحت الأرض مسحًا فطهرت على الأرض زبدة فقسمها الله أربع قطع فخلق
من قطعة مكة، ومن الثانية المدينة، ومن الثالثة
بيت
المقدس/، ومن الرابعة مسجد الكوفة وعن كعب قال: بني سليمان بيت
المقدس
أسسه سام بن نوح، عليه السلام، وأماما ورد أيضا، قال ابن حبان:
بأنّ
آدم عليه السلام حج البيت وليس فيه تصريح بكونه مبنيًا يومئذ لاسيما
على
رواية من روى، أنه كان إذ ذاك الوقت خيمة أو ياقوتة. انتهى. من وجه
الدلالة
من هذا أن الأنام التي خلقت فيها السموات والموجودات كل سهم
منها
ألف سنة على ما رجحه أبي جرير واحتج له فيحتمل أن يكون خلق
البيت
قبل خلق المسجد الأقصى بهذا المقدار من سني الدنيا، والله تعالى أعلم"
فإذا
كان المسجدان وضعا قديماً ثم خربا وبنيا فإذا كان الحديث يتكلم عن البناء الأول الذي
هو غير بناء إبراهيم فلا يمنع أن يكون آدم طاف به
وأما
قول الملائكة حججنا البيت قبلك فقد يراد أن أصل البيت أنزل من الجنة أو من السماء البيت
الذي وضعه آدم ولهذا الأئمة ما كانوا يستنكرون الخبر بل يوردونه
وقال
الخطابي في أعلام الحديث :" 737/ 3366 - قال أبو عبد الله: حدثنا موسى بن إسماعيل
قال: حدثنا عبد الواحد قال: حدثنا الأعمش قال: حدثنا إبراهيم التيمي , عن أبيه قال:
سمعت أبا ذرٍّ قال: قلت يا رسول الله أيُّ مسجد في الأرض أول؟ قال: المسجد الحرام.
قلت:
ثم أيّ؟ قال المسجد الأقصى. قلت: كم كان بينهما؟
قال:
أربعون سنة ً ,ثم أينما أدركتك/ الصلاة فصلِّ.
قلت:
يُشبه أن يكون المسجد الأقصى أول ماوضع بناءه بعض أولياء الله قبل داود وسليمان , ثم
بناه سليمان وداود وزادا فيه فدسّعاه فأضيف إليهما بناؤه لأن المسجد الحرام بناه إبراهيم"
وما
قاله الخطابي تعضده الآثار التي تذكر بناء آدم للبيتين وبها يندفع الإشكال كما قال
ذلك غير واحد من الشراح
فتأمل
كيف جاء للآثار التي تدفع الإشكال وجعلها معارضة للحديث وهي شارحة له
قال
الشافعي في الأم :" وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ أَبِي لَبِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ { لَمَّا أَهَبَطَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ مِنْ الْجَنَّةِ
طَأْطَأَهُ فَشَكَا الْوَحْشَةَ إلَى أَصْوَاتِ الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ يَا رَبِّ مَالِي
لاَ أَسْمَعُ حِسَّ الْمَلاَئِكَةِ ؟ فَقَالَ خَطِيئَتُك يَا آدَم وَلَكِنْ اذْهَبْ
فَإِنَّ لِي بَيْتًا بِمَكَّةَ فَأْتِهِ فَافْعَلْ حَوْلَهُ نَحْوَ مَا رَأَيْتَ الْمَلاَئِكَةَ
يَفْعَلُونَ حَوْلَ عَرْشِي فَأَقْبَلَ يَتَخَطَّى مَوْضِعَ كُلِّ قَدَمِ قَرْيَةٍ
وَمَا بَيْنَهُمَا مَفَازَةٌ فَلَقِيَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ بِالرَّدْمِ فَقَالُوا بَرَّ
حَجَّكَ يَا آدَم لَقَدْ حَجَجْنَا هَذَا الْبَيْتَ قَبْلَك بِأَلْفَيْ عَامٍ } أَخْبَرَنَا
ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي لَبِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ
أَوْ غَيْرِهِ قَالَ { : حَجَّ آدَم فَلَقِيَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ فَقَالَتْ بَرَّ نُسُكُكَ
يَا آدَم لَقَدْ حَجَجْنَا قَبْلَك بِأَلْفَيْ عَامٍ } .
قَالَ
الشَّافِعِيُّ : وَهُوَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا قَالَ , وَرَوَى عَنْ أَبِي
سَلَمَةَ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ كَانَ يَشُكُّ فِي إسْنَادِهِ .
قَالَ
الشَّافِعِيُّ : وَيُحْكَى أَنَّ النَّبِيِّينَ كَانُوا يَحُجُّونَ فَإِذَا أَتَوْا
الْحَرَمَ مَشَوْا إعْظَامًا لَهُ وَمَشَوْا حُفَاةً , وَلَمْ يَحْكِ لَنَا عَنْ أَحَدٍ
مِنْ النَّبِيِّينَ وَلاَ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ أَنَّهُ جَاءَ أَحَدٌ الْبَيْتَ قَطُّ
إلَّا حَرَامًا"
فهذا
الشافعي على إمامته يورد الآثار ولا يستنكرها
وفي
رواية عن علي بن الحسين أن آدم وضع هذا البيت موازياً للبيت المعمور الذي في السماء
فيكون قول الملائكة يقصدون به بيتهم الذي في السماء الذي ذكر في حادثة الإسراء
وهذا
المثال ذكرته لبيان ما عند هؤلاء المحققين من العجلة في التعليق على الآثار وادعاء
بطلانها بحجج باطلة وعامتها قد يكون منقولاً عن النبي صلى الله عليه وسلم
ومن
أمثلة عجلة هذا المحقق تعليقه على ما ذكر البغوي :" عَنِ الضَّحَّاكِ: أَنَّ يَعْقُوبَ
[عليه السلام] كَانَ نَذَرَ إِنْ وَهَبَهُ اللَّهُ اثَّنَى عَشَرَ وَلَدًا وَأَتَى
بَيْتَ الْمَقْدِسِ صَحِيحًا أَنْ يَذْبَحَ آخِرَهُمْ، فَتَلَقَّاهُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ،
فَقَالَ:
يَا
يَعْقُوبُ إِنَّكَ رَجُلٌ قَوِيٌّ فهل لك في الصراع، فصارعه فَلَمْ يَصْرَعْ وَاحِدٌ
مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، فَغَمَزَهُ الْمَلَكُ غَمْزَةً فَعَرَضَ لَهُ عِرْقُ النَّسَا
مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ قال له الملك: أَمَا إِنِّي لَوْ شِئْتُ أَنْ أَصْرَعَكَ لَفَعَلْتُ
وَلَكِنْ غَمَزْتُكَ هَذِهِ الْغَمْزَةَ لِأَنَّكَ كُنْتَ نَذَرْتَ إِنْ أَتَيْتَ بَيْتَ
الْمَقْدِسِ صَحِيحًا ذَبَحْتَ آخِرَ وَلَدِكَ، فَجَعَلَ اللَّهُ لَكَ بِهَذِهِ الْغَمْزَةِ
مِنْ ذَلِكَ مَخْرَجًا، فَلَمَّا قَدِمَهَا يَعْقُوبُ أَرَادَ ذَبْحَ ولده ونسي ما
قال له الْمَلَكِ، فَأَتَاهُ الْمَلَكُ وَقَالَ:
إِنَّمَا
غَمَزْتُكَ لِلْمَخْرَجِ وَقَدْ وُفِّيَ نَذْرُكَ فَلَا سَبِيلَ لَكَ إِلَى وَلَدِكَ"
فعلق
بقوله :" هذه الآثار من الإسرائيليات المنكرة وأشدها نكارة مصارعة الملك!!؟"
ولا
أدري ما المنكر في أن يتشكل ملك بشكل رجل ويصارع يعقوب ويصرح يعقوب !
هذا
أهون مما ذكر عن موسى وفقئه لعين ملك الموت وهو ثابت صحيح
ولما
قال البغوي :" اخْتَلَفُوا فِي السَّكِينَةِ مَا هِيَ؟ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي
طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: رِيحٌ خَجُوجٌ هَفَّافَةٌ لَهَا رَأْسَانِ، وَوَجْهٌ
كَوَجْهِ الْإِنْسَانِ"
فعلق
بقوله :" لا يصح عن علي، وكل ما ورد في ذلك من الإسرائيليات."
وهذه
مجازفة في التضعيف ودعواه أنها إسرائيليات من الرجم بالغيب فقد تكون حملت عن النبي
صلى الله عليه وسلم وقد صح عن علي بن أبي طالب وهو لا يأخذ عن بن إسرائيل
قال
ابن أبي حاتم في تفسيره 2513 - حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ ، ثنا سفيان
، عن مسعر ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي الأحوص ، عن علي ، قال : السكينة لها وجه كوجه
الإنسان ، وهي بعد ريح هفافة
وهذا
إسناد صحيح إلى علي وأبو الأحوص عوف سمع من عبد الله بن مسعود فالظاهر ثبوت سماعه من
علي لأن ابن مسعود مات قبل علي وكلاهما كوفي
وقد
اتفق سفيان الثوري ومسعر على ذكره في السند فقولهما مقدم على من أسقطه أو بدله بغيره
وقال
الطبري في تفسيره 5669- حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا أبو الأحوص، عن سماك بن حرب،
عن خالد بن عرعرة قال، قال علي: السكينة ريح خجوج، ولها رأسان.
خالد
بن عرعرة وثقه العجلي وابن حبان وروى عنه ثقتان فربما احتمل في هذا وهو يروي خبراً
موقوفاً اعتضد بعضه بغيره
وقال
ابن أبي حاتم في تفسيره 2514 - حدثنا أبو زرعة ، ثنا منجاب ، أبنا بشر ، عن أبي روق
، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قوله ( أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم ) قال : السكينة
دابة قدر الهر لها عينان ، لهما شعاع ، وكان إذا التقى الجمعان أخرجت يديها ونظرت إليهم
، فيهزم الجيش من ذلك ، من الرعب
الضحاك
لم يسمع ابن عباس غير أنه يقال أنه أخذ تفسير ابن عباس من سعيد بن جبير
جاء
في جزء مؤمل بن إهاب ص133 سئل المؤمل عن الضحاك هل سمع من ابن عباس فقال قد أدركه وما
سمع منه وإنما أحاديثه المسندات عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس
ومما
يقوي هذا ثبوت هذا عن ابن عباس ثبوت بعض هذا المعنى عن تلميذه الملازم مجاهد بن جبر
قال
ابن أبي حاتم في تفسيره 2515 - حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ ، ثنا سفيان
، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : السكينة لها وجه كوجه الهر وجناحان ، وروي عن
أبي مالك في إحدى الروايات ، نحو هذا
وقد
قال سفيان إذا جاءك التفسير عن مجاهد فهو حسبك
وهذه
لم يذكرها ابن عباس في الآيات التي سأل عنها كعباً
وهذا
المحقق مهووس بموضوع الإسرائيليات فكل أخبار السلف عنده إسرائيليات مع منهجه العجيب
في الحكم على الأخبار
ومن فرط هوسه وخبله دعواه أن خبر اتهام بني إسرائيل لموسى بقتل هارون أخذه السدي من كتب الأقدمين كذا كهانة وقد صح هذا الخبر عن علي وهو لا يأخذ عن بني إسرائيل
وأيضاً من جرأته وطول لسانه دعواه أن تفسير قوله تعالى ( وما أبريء نفسي ) على أنه قول يوسف من بدع التفسير وهو قول السلف عامة بل هو المبتدع الجريء
ومن فرط هوسه وخبله دعواه أن خبر اتهام بني إسرائيل لموسى بقتل هارون أخذه السدي من كتب الأقدمين كذا كهانة وقد صح هذا الخبر عن علي وهو لا يأخذ عن بني إسرائيل
وأيضاً من جرأته وطول لسانه دعواه أن تفسير قوله تعالى ( وما أبريء نفسي ) على أنه قول يوسف من بدع التفسير وهو قول السلف عامة بل هو المبتدع الجريء
قال
البغوي بقوله :" ، قال الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: كَانَ زَكَرِيَّا إِذَا خَرَجَ
يُغْلِقُ عَلَيْهَا سَبْعَةَ أَبْوَابٍ"
فعلق
بقوله :" هذا من الإسرائيليات المنكرة"
فهذا
أولاً ادعاء لعلم الغيب فمن أين لك أنها إسرائيلية ، وثانياً المنهج في الإسرائيليات
ألا تصدق ولا تكذب وقد حذر من تكذيبها وهذا يقع في ضد ما أمر النبي به فيقول ( المنكرة
) وهذا تكذيب ولا أدري ما وجه النكارة في هذا
وقد
ذكر البغوي عند قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ
قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ سُبْحانَكَ
مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ
عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ
عَلاَّمُ الْغُيُوبِ)
فذكر
البغوي قول أبي روق: إذا سَمِعَ عِيسَى عَلَيْهِ
السَّلَامُ هَذَا الْخِطَابَ أَرْعَدَتْ مَفَاصِلُهُ وَانْفَجَرَتْ مِنْ أصل كل شعرة
على جَسَدِهِ عَيْنٌ مِنْ دَمٍ.
فعلق
بقوله : (هذا وأمثاله من الإسرائيليات)
وهذا
يستحيل أن يكون من الإسرائيليات إذ أنه متعلق بآية قرآنية فيها الكلام عن عبادة عيسى
ابن مريم وأمه والخطاب الموجه إليهما يوم القيامة بهذا الشأن وهذا أبعد ما يكون أن
يتكلم به بنو إسرائيل
وقد
كذب الخبر الوارد عن يوسف في الهم ثم هجم على ابن عباس واتهمه بأنه يأخذ عن بني إسرائيل
، ولو فرضنا هذا صحيحاً فكيف يأخذ عنهم المنكر وكيف يرويه الناس ساكتين عليه بل هو
ظاهر القرآن
وسار
على طريقة المعاصرين التي تكلمت في التقويم طوال تحقيقه
ومن
عجائبه قوله معلقاً على حديث أورده البغوي
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمُلَيْحِيُّ أَنَا أَبُو بَكْرٍ
الْعَبْدُوسِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ [3] بْنُ حمدون بن خالد بن بريدة
[4] أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سَيْفٍ [5] أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ أَنَا
شُعْبَةُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:
قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ
حَقَّ تُقَاتِهِ فَلَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنَ الزَّقُّومِ قُطِرَتْ عَلَى الْأَرْضِ
لَأَمَرَّتْ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا مَعِيشَتَهُمْ، فَكَيْفَ بِمَنْ هُوَ طَعَامُهُ
وَلَيْسَ لَهُ طعام غيره» ؟.
فقال
معلقاً : المرفوع ضعيف، والراجح وقفه. رجال الإسناد ثقات مشاهير، لكن فيه عنعنة الأعمش،
وهو مدلس، فالإسناد ضعيف، والراجح وقفه. شعبة هو ابن الحجاج.
الإعلال
بعنعنة الأعمش لا تكون والراوي عنه شعبة حتى عند المتعنتين
ويقول
أيضاً في تعليقه على بعض الأخبار :" وفيه مكحول مدلس، وقد عنعن، وهو لم يسمع من
أبي ثعلبة"
وهذا
كلام مضطرب فالإرسال إذا وجد فلا داعي للكلام على التدليس إذ لا يجتمعان في عرف المتأخرين
الذي يسير عليه ، وفي عرف من تقدم هما شيء واحد فهذا التركيب غلط
والمشاكل
في تحقيقه كثيرة والتعليق عليها يطول والمراد هنا ذكر المثال في هؤلاء الجريئين الذين
يفسدون الكتب بعجلتهم ومنهجيتهم الفاسدة في التعامل مع الأخبار
هذا وصل اللهم على محمد
وعلى آله وصحبه وسلم