الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :
فإن من المعلوم من طريقة عدنان إبراهيم
أنه اخترع لنفسه نهجاً خاصاً عبثياً في البحث العلمي ، فهو يحتج بالضعيف إن شاء
وينكر الصحيح المتواتر إن شاء ويؤمن بالغيبيات إن شاء ويشكك بها إن شاء وينكر
الدعاوى الصحيحة ويصحح الدعاوى الباطلة فله نهج خاص به في أصول الفقه وأصول الحديث
وتجد أنه دائماً ينتصر للسائد في الثقافة
الغربية والاحتجاج بكلام المستشرقين في كلامه أكثر بكثير من الاحتجاج بكلام
العلماء الشرعيين بل ينظر إليهم بتوقير ظاهر ويكثر الإزراء على العلماء الشرعيين
وقد رأيته في بعض مقاطعه يدعي على بعض
الأحاديث أنها تخالف قطعيات قرآنية ، والواقع أنها تخالف فهمه هو للقرآن وهو لا
يفرق بين الناسخ والمنسوخ والخاص والعام كما شرحته في مقال آنف
وإلا القرآن فسره العشرات من علماء الحديث
واللغة والفقه ما فهم أحد منهم أن الرجم أو أخبار أشراط الساعة تخالف القرآن أو أن
أولية آدم محل شك
وإنما جاءت هذه الأفكار بعد الاستعمار
تأثراً بالنظرة الغربية السائدة ، ويكفيك في التدليل على أن هذه أفكار إنما أخذت
من السلطان الثقافي الغربي أنها لم تظهر إلا بعد الاستعمار وتقسيم الدول والعلماء
قبل ذلك على اختلاف مشاربهم لا يأنفون من هذه الأحكام
وهنا في هذا المقال سأعكس على عدنان
منهجيته وسأحتج عليه بما أراه قطعيات قرآنية وكيف أنه خالف هذه القطعيات إلى
روايات ضعيفة ومشكوك في صحتها وبعضها مكذوب
القطعية الأولى : عدالة الصحابة .
قال الله تعالى : (لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ
مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ
الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى
وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)
هذه الآية قسمت الصخابة إلى قسمين قسم
أنفق قبل الفتح وقاتل وقسم أنفق بعده وقاتل وكلهم وعدهم الله الحسنى بلسان عربي
مبين
فهل يعقل أن يكون هؤلاء الذين وعدهم الله
هذا الوعد غير عدول ؟
هل يعقل أن الذين أثنى الله عليهم هذا
الثناء منعوا علياً الخلافة عصبية ؟
وقال تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ
أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بالمعروف وَتَنْهَوْنَ عَنِ المنكر)
فهل يعقل أن هؤلاء سكتوا على اغتصاب خلافة
؟
قال تعالى : (وَالسَّابِقُونَ
الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ
بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ
تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ)
فبعد هذا كيف لا يقال أنهم في الجنة بعد
هذا الوعد ، ومعلوم أن عامة المهاجرين والأنصار بايعوا لأبي بكر وعمر وعثمان
فكيف نترك هذه القطعيات القرآنية ونبحث في
روايات تاريخية الله أعلم بصحتها بل كثير منها مكذوب كما حققه غير باحث
وقال تعالى :( وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ )
فكيف يتمالأ الراشدون الذين حبب إليهم الإيمان على سلب الخلافة ممن يستحقها ؟
وقال تعالى :( وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ )
فكيف يتمالأ الراشدون الذين حبب إليهم الإيمان على سلب الخلافة ممن يستحقها ؟
القطعية الثانية : جهاد الطلب من سنن
الأنبياء
قال تعالى : (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا
الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى
أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21) قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا
قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ
يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22)
قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا
ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ
وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (23) قَالُوا يَا مُوسَى
إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ
فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ
إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ
(25))
وهذا جهاد طلب واضح وبنو إسرائيل رفضوا
جهاد الطلب ولو كان جهاد دفع لما كان لهم فيه خيار
ولو كان جهاد الطلب ظلماً لما أمر الله به
نبيه موسى
قال تعالى : (قَالَتْ يَا أَيُّهَا
الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ
وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ
وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31)
قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ
أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32)
قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ
فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا
قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ
يَفْعَلُونَ (34) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ
يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35) فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ
بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ
بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ
بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ
صَاغِرُونَ (37) قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا
قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ)
وهذا جهاد طلب واضح من نبي الله سليمان
وقد اتفقت كتب المسلمين واليهود والنصارى على أن داود وسليمان كانا يجاهدان في
سبيل الله
نعم الجهاد في الشريعة الإسلامية فيه قيود
وضوابط ولا يقتل غير المقاتل وينذر الناس ويعرض عليهم أمر الجزية في قيود أخر
وإلى المنهزمين الذين يشككون في أمر جهاد
الطلب
يقال لهم لولا الله ثم هذا الجهاد لبقي
العرب يأدون بناتهم ، ولو وصل إلى بلاد الكفر لما قتل الأمريكان ذلك العدد الهائل
من الهنود ، ولما صار الذين يموتون من الإجهاض وضحايا إدمان الخمر أكثر من الذين
يموتون في الحروب
وهذه حكمة الله ، والعجيب أن المعترضين
على جهاد الطلب منهم يهود ونصارى وفي كتبهم جهاد الأنبياء ، ومنهم ملاحدة وعقيدتهم
مبنية على أن البقاء للأقوى ، وأصل مالتوس أن الحروب والمجاعات صحية لأنها تقلل من
المستهلكين فتكفي المواد المستهلكة للأحياء ، ونظريته لا زالت تدرس في كثير من
الجامعات الأجنبية
ولو بقيت بلاد المسلمين تحت سلطان أهل
الإسلام وجبيت الزكوات والجزية لما وقعت المجاعات والبلايا
وكما أننا نقاتل الكافر الذي لا يدفع
الجزية فكذلك نقاتل المنتسب للملة إذا أغفل حظ الفقراء ولم يزك
وأعطني شريعة تجعل حظاً من الفيء وغنائم
الحروب للفقراء والمساكين
وأجمعوا على أنه لا يقتل من لا يقاتل من
النساء والصبيان والرهبان ، وقال عامة العلماء بعدم أخذ الجزية منهم ، واتفقوا على
أن المرأة إذا أسلمت قبل أن يقدر عليها أنها لا تسبى
ومن ينكر جهاد الطلب ويصحح الجهاد من أجل
الأرض فقد جعل الإنسان أسمى من الخالق وأعلى وحقه أعظم من حق الخالق
القطعية القرآنية الثالثة : المتلفظ
بالشهادتين قد يخرج من الملة بكلمة يقولها وإن كان يقول الشهادتين
قال تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ
لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ
وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ
بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً
بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66))
ولا يختلف الناس وعليه يدل على السياق
أنهم كانوا يتكلمون بالشهادتين
القطعية القرآنية الرابعة : تحطيم الأصنام
من أوليات الأنبياء
تحطيم إبراهيم لأصنام قومه ليبين لهم أنها
لا تضر ولا تنفع معروف
قال تعالى في قصة بني إسرائيل مع العجل :
(قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى
(91) قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا
تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ
بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي
إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94) قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ
(95) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ
الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96) قَالَ فَاذْهَبْ
فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا
لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا
لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97) إِنَّمَا
إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا
(98))
فعباد الأوثان فتنتهم بالأوثان أنها تضر
وتنفع فإذا هدمت أمامهم ذهبت هذه الفتنة ، وهذا ما ينبغي أن يفعل بالأضرحة أيضاً
القطعية القرآنية الخامسة : للساعة أشراط
تدل على قربها .
من أساليب المنكرين لأشراط الساعة الكبرى
كالدجال وغيره ، دعواهم أن هذا ينافي كون الساعة تأتي بغتة ، وهذا من الجهل فإن
موت المرء هو قيام ساعته كما قال عمار بن ياسر ( من مات فقد قامت قيامته )
وظهور بعض العلامات لا ينافي مجيئها بغتة
، فما بين العلامة والساعة مجهول للناس
قال تعالى : (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا
السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ
إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ (18))
فذكر الله أن للساعة علامات وأشراط تدل
على قربها وذكر أمر الدابة صريحاً
قال تعالى : (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ
عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ
النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ)
والدابة أحد أشراط الساعة وقد ذكرت في
القرآن صراحة كما ترى !
القطعية القرآنية السادسة : عقاب المحصن
يختلف عن عقاب غير المحصن
منكر عقوبة الرجم يلزمه أن يقول بأن
الزاني المحصن والزاني غير المحصن عقوبتهما واحدة وهذا ينافي القياس والعدل
قال تعالى : (وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ
بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا
أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى
الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ
تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
ففرق في الإماء بين من أحصنت ومن لم تحصن
فناسب أن يكون ذلك أيضاً في غير الإماء
القطعية القرآنية السابعة : التفسير
الصحيح للقرآن ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن اتصل به
قال تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ
مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ
فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ
ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ
إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ
عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ)
فكيف يمكننا أن نميز تفسير الزائغين عن
تفسير غيرهم ما دام كل يوم يأتينا أحد ويخضع كتاب الله عز وجل للثقافة الغربية
السائدة
قال تعالى : (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ
الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ
يَتَفَكَّرُونَ (44))
إذن النبي صلى الله عليه وسلم تفسير
القرآن الأسلم هو تفسيره لأنه أمر ببيان القرآن
فإن قلت : ليس كل الآيات فيها تفسير عن
النبي صلى الله عليه وسلم
فيقال : ولكن كل آية فيها تفاسير عن
تلاميذ النبي وتلاميذ تلاميذهم ويغلب على الظن اتصال السند بالنبي صلى الله عليه
وسلم خصوصاً مع قلة اختلافهم وكون أكثره تنوع
نعم يجوز للمرء أن يستنبط من القرآن
أموراً لم تكن منصوصة عن السلف كردود بعض الأئمة على أهل البدع ولكن بشروط من
أهمها ألا يعارض ذلك الاستنباط التفسير السلفي يعني لا يناقضه وأما أن يأتي بمعنى
زائد على التفسير السلفي ولا يأباه ظاهر اللفظ يعني هو محتمل في اللغة
وبهذا ينضبط الأمر بين الجمود والتفلت
القطعية القرآنية الثامنة : الكفر يكون
بالشك كما يكون بالعناد والحق أوضح من أن يخفى على ذكي
وهذا بمناسبة كلام عدنان إبراهيم عن كون
دارون لم يكن معانداً بل كان شاكاً !
قال تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى
الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ
بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (45) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا
فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ
(46))
وقال تعالى : (وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا
مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ
سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ
الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ)
قال تعالى : (قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي
اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ
مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ
إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ
آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ)
وقال الله تعالى : (وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ
فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ
مُعْرِضُونَ)
وهذه الآية ليتأملها المرء كثيراً
فالهداية منة ونعمة من الله يصطفي بها من هو أهل لذاك ويصرف عنها من هو أهل للصرف
قال تعالى : (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي
الذين يَتَكَبَّرُونَ فِي الأرض)
وقال تعالى : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا
زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ)
وقال تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ
بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ
أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ
إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ
آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا
فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ
يَرْجِعُونَ (174))
القطعية القرآنية التاسعة : ليس كل أهل
الكتاب أو الكفار أهل للمخاطبة بالحسنى
قال الله تعالى : (وَلَا تُجَادِلُوا
أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا
مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ
وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)
فاستثنى الذين ظلموا وهذا من تمام العدل
الإلهي
القطعية العاشرة : لا يستوي المسلم
والكافر الذين لا يدين بالإسلام
فمن يدخل اليهود والنصارى للجنة مطلقاً
يجعل بعث الرسول وفرض الإيمان به مجرد عبث ويجعل من قضى حياته مصلياً صائماً كمن
آثر الكفر
قال تعالى : (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ
كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)
قال تعالى : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ
اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)
القطعية الحادية عشر : تعرض أنبياء الله عز
وجل للسحر لا ينافي نبوتهم لأنه من قبيل الابتلاء الذي يكشفه الله ويخزي السحرة ،
وكذا تسلط الشيطان على أبدان الناس بإذن الله
قال تعالى : (قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا
حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى
(66) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67) قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ
أَنْتَ الْأَعْلَى)
فموسى خيل إليه من سحرهم أنها تسعى
وقال تعالى : (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا
أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ)
وقال تعالى : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ
الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ
مِنَ الْمَسِّ)
وتأويل هذه الآية يخالف اتباع الظاهر ما
استطعنا إلى ذلك سبيلاً ولا يوجد أي امتناع في حملها على ظاهرها
القطعية الثانية عشر : قتل المرتد الذي ترك
الحق بعدما استبان له أكثر من غيره أمر يرضي الله عز وجل
قال تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى
لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ
الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ
لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)
علماً أن هؤلاء قد تابوا وفي الإسلام لا
يقتل التائب ولكن هذا تنبيه على أصل الحكم فهؤلاء جاءتهم من الآيات ما لم يأتِ
لغيرهم وقد أهلك الله فرعون أمامهم بآيات باهرة غير الآيات الأخرى
القطعية الثالثة عشر : زوجات النبي صلى
الله عليه وسلم أمهات المؤمنين وقد آثرن الآخرة على الدنيا
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ
قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا
فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا. وَإِنْ
كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ
أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا)
فمن مات النبي صلى الله عليه وسلم وهي على
ذمته فقد آثرت الآخرة لذا لم يسرحها ، وهذه الآيات جاءت حثاً لهن على البقاء مع
النبي صلى الله عليه وسلم مع ما يرين من زهده العظيم وتقلله إذ أنهن أثقلن عليه في
أمر النفقة حتى هجرهن شهراً لذلك فحاله كانت أبعد ما تكون عن أحوال الملوك
فالتي جعلها الله أماً للمؤمنين ومعلوم أن
المؤمنين يدخلون الجنة فكيف بأمهم ، والتي آثرت الآخرة على الدنيا ولا يختلف الناس
أنها أحب نساء نبيه إليه هل يلمزها ويجوز دخولها للنار إلا زنديق
القطعية قبل الأخيرة : الواجب تجاه الصحابة الاستغفار لهم لا تتبع زلاتهم وإبرازها للعوام ولو بتصديق الروايات المكذوبة
وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)
القطعية قبل الأخيرة : الواجب تجاه الصحابة الاستغفار لهم لا تتبع زلاتهم وإبرازها للعوام ولو بتصديق الروايات المكذوبة
وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)
القطعية الأخيرة : ما يميز البشر عن
الحيوانات أكثر مما يجمعهم ( وهذا رد على نظرية التطور )
قال تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ
لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ
مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)
وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ
وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ)
وكيف تكونت اللغات وما الحاجة إليها
تطورياً وتكون الجمال في الأنثى وغشاء البكارة وما بين البشر من المشاعر مما يدعو
للإيثار كلها معضلات تواجهها نظرية التطور
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم