مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: من نفائس شيخ الإسلام : الأشاعرة من أعظم الناس شركاً

من نفائس شيخ الإسلام : الأشاعرة من أعظم الناس شركاً



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

قال قاهر الجهمية الأشعرية ومنكس راياتهم وفاضحهم شيخ الإسلام _ وإن رغمت أنوف الجهمية _ أحمد ابن تيمية كما في الفتاوى الكبرى (6/564) :" وَالْمَعْنَى الثَّالِثُ: مِنْ مَعَانِي التَّوْحِيدِ عِنْدَ هَؤُلَاءِ الْأَشْعَرِيَّةِ كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِ هُوَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي الْمُلْكِ بَلْ هُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَهَذَا مَعْنًى صَحِيحٌ وَهُوَ حَقٌّ وَهُوَ أَجْوَدُ مَا اعْتَصَمُوا بِهِ مِنْ الْإِسْلَامِ فِي أُصُولِهِمْ حَيْثُ اعْتَرَفُوا فِيهَا بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَمُرَبِّيهِ وَمُدَبِّرُهُ وَالْمُعْتَزِلَةُ وَغَيْرُهُمْ يُخَالِفُونَ فِي ذَلِكَ حَيْثُ يَجْعَلُونَ بَعْضَ الْمَخْلُوقَاتِ لَمْ يَخْلُقْهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحْدِثْهَا لَكِنْ مَعَ هَذَا قَدْ رَدُّوا قَوْلَهُمْ بِبِدَعٍ غَلَوْا فِيهَا وَأَنْكَرُوا مَا خَلَقَهُ اللَّهُ مِنْ الْأَسْبَابِ وَأَنْكَرُوا مَا نَطَقَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مِنْ أَنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ الْأَشْيَاءَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ فَهَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةُ هِيَ الَّتِي يَقُولُونَ أَنَّهَا مَعْنَى اسْمِ اللَّهِ الْوَاحِدِ وَهِيَ التَّوْحِيدُ وَفِيهَا مِنْ الْبِدَعِ الَّتِي خُولِفَ بِهَا
الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ سَلَفِ الْأُمَّةِ مَا قَدْ نَبَّهْنَا عَلَى بَعْضِهِ. وَأَمَّا التَّوْحِيدُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَأَنْزَلَ بِهِ كُتُبَهُ وَبَعَثَ بِهِ رُسُلَهُ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ مِنْ كُلِّ مِلَّةٍ فَهُوَ كَمَا قَالَ الْأَئِمَّةُ شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَهُوَ عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: {وَإِلَهُكُمْ إلَهٌ وَاحِدٌ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}. فَأَخْبَرَ أَنَّ الْإِلَهَ إلَهٌ وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُتَّخَذَ إلَهٌ غَيْرُهُ فَلَا يُعْبَدُ إلَّا إيَّاهُ كَمَا قَالَ فِي السُّورَةِ الْأُخْرَى: {وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إنَّمَا هُوَ إلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} وَكَمَا قَالَ: {لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا}. إلَى قَوْلِهِ: {فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا}. وَكَمَا قَالَ: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنْ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ إنَّا أَنْزَلْنَا إلَيْك الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدْ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَاَلَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إلَّا لِيُقَرِّبُونَا إلَى اللَّهِ زُلْفَى} وَكَمَا قَالَ: {وَاَلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ}. وَالشِّرْكُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ إنَّمَا هُوَ عِبَادَةُ غَيْرِهِ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ كَعِبَادَةِ الْمَلَائِكَةِ أَوْ الْكَوَاكِبِ أَوْ الشَّمْسِ أَوْ الْقَمَرِ أَوْ الْأَنْبِيَاءِ أَوْ تَمَاثِيلِهِمْ أَوْ قُبُورِهِمْ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ الْآدَمِيِّينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ كَثِيرٌ فِي هَؤُلَاءِ الْجَهْمِيَّةِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ مُحِقٌّ فِي التَّوْحِيدِ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ إشْرَاكًا وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِيَ بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِي اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ}"

فهذا كلام نفيس غاية لابن تيمية

خلاصته أن الأشاعرة غلطوا في تفسير الإله ففسروه ب( القادر على الاختراع ) فدخل عليهم الشرك في توحيد الألوهية فكانوا من أعظم الناس إشراكاً

وأقول : لا أدل على ذلك من تصانيف السبكي والنبهاني والزركشي والهيتمي وغيرهم ممن انتصر للشرك الصريح بتصانيف مستقلة وعظمهم بقية القوم

وهذا البوصيري صاحب البردة كلهم يثني عليه بل ابن حجر يروي بردته بإسناده ويذكرها في معجمه المفهرس

وهذا العز بن عبد السلام الذي يسمونه سلطان العلماء يزعم في رسالته التي أسماها الواسطة أن من الأولياء من ينظر في اللوح المحفوظ ومنهم من يبصر ما تحت الثرى إلى غيرها من الخرافات

وقد يوجد في كلام هؤلاء إنكار بعض الشركيات ولكنهم يتناقضون ويقرون بعضها في مكان آخر

وقال الغزالي في إحياء علوم الدين :" وقد ذهب بعض العلماء إلى الاستدلال بهذا الحديث في المنع من الرحلة لزيارة المشاهد وقبور العلماء والصلحاء. وما تبين لي أن الأمر كذلك بل الزيارة مأمور بها"

فالسفر للمشاهد مأمور به عنده !

وقال أيضاً :" ويدخل في جملته زيارة قبور الأنبياء عليهم السلام وزيارة قبور الصحابة والتابعين وسائر العلماء والأولياء،وكل من يتبرك بمشاهدته في حياته يتبرك بزيارته بعد وفاته"

وقال أيضاً :" ولا يهمل في سفره زيارة قبور الصالحين بل يتفقدها في كل قرية وبلدة"

وقد أثبت عبد الرحمن الوكيل في مقالات مستقلة قبورية أبي حامد الغزالي بل صرح الغزالي بوحدة الوجود في الإحياء  ومع ذلك هو مجدد عند ابن الصلاح والسيوطي والعجب أن يقر الذهبي ذلك

وصرح في الإحياء أن من الأولياء من تزوره الكعبة !

وقال ابن حجر في الدرر الكامنة (1/49) :" ومنهم من ينسبه إلى الزندقة _ يعني ابن تيمية _ لقوله أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لا يستغاث به وأن في ذلك تنقيصاً ومنعاً من تعظيم النبي صلّى الله عليه وسلّم وكان أشد الناس عليه في ذلك النور البكري"

فالأمر لم يصل عندهم إلى الشرك وكفى بل إلى تكفير الموحدين

وهكذا يكفرون ابن تيمية بالتوحيد ولا يكفرون الباقلاني المجوز على الأنبياء الكبائر

ولا يكفرون ابن فورك القائل بأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس نبياً الآن

ولا يكفرون الرازي القائل بأن الملائكة أفضل من الأنبياء ، فإذا اعتبروا تحريم الاستغاثة انتقاصاً فلم لا يعتبرون هذا انتقاصاً مكفراً أيضاً

والجويني منع من شد الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم

وإنني لأعجب ممن يصف الغزالي بالإمامة من المنتسبين للسنة فلو فرضنا أنه تاب حقاً ، والواقع أنه لا تثبت التوبة ولو ثبتت فهي توبة مجملة مع وجود ضلالات مفصلة فلا ندري ما رجع عنه وما لم يرجع ومجرد الاشتغال بصحيح البخاري ليس قرينة على التوبة فضلاً من أن يكون توبة ففي كتابه الإحياء أورد أحاديث كثيرة من البخاري ولكن الشأن في فهم مراد البخاري فكم من شارح للبخاري يخالف اعتقاد البخاري جملةً وتفصيلاً

ولو كانت توبة الغزالي صحيحة فإنه لا تصانيف له عندنا بعد التوبة فمن أين جاءت الإمامة ؟

وأمثل تصانيفه عند معظميه الإحياء فيه وحدة وجود وقبورية وجبر وتجهم وبلايا عظيمة 

وقد قال الله تعالى : (  إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ )

فأين الإصلاح والبيان في حال هذا الرجل ؟

ولو أظهر توبة لكانت محل شك لأنه يتدين بالتقية 

قال ابن تيمية في النبوات :" وهؤلاء يسلكون مسلك الفلاسفة الذي ذكره أبو حامد _ يعني الغزالي _ في ميزان العمل؛ وهو: أنّ الفاضل له ثلاث عقائد: عقيدة مع العوامّ يعيش بها في الدنيا؛ كالفقه مثلاً. وعقيدة مع الطلبة يدرّسها لهم؛ كالكلام. والثالثة: [سرٌ] لا يطّلع عليه أحدٌ إلا الخواصّ"

وقد نقل عن بعض العارفين في الإحياء أن إفشاء سر الربوبية كفر ! ، ثم تعقبه بأن الفضلاء يفشى لهم هذا السر ، وأن إفشاؤه إنما يمنع في حق الضعفاء 

وهذا يدل على أن الرجل يبطن عقيدة خبيثة يكفر بها عامة العلماء 

وقول الذهبي في المنافحة عن الغزالي :"  وَمَا مِنْ شَرطِ العَالِم أَنَّهُ لاَ يُخطِئ"

لا معنى له فإن من شرط المسلم إلا يقول بمقالات الغزالي الكفرية ، ثم إن الرجل ليس عالماً فالعالم من يميز بين الصحيح والسقيم والذهبي من أعرف الناس بذلك والغزالي كتبه ملأى بالموضوعات وما لا أصل له 

وإذا كان عالماً والحال هذه فما عسانا نقول في الشباب الذين يعرفون العقيدة الصحيحة ولهم معرفة مجملة بمشاهير مسائل الفقه ويتحرون في النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وبعضهم له اشتغال وتمييز لا بأس به 

هل هؤلاء شيوخ الإسلام إذا كان فاقد العقيدة الصحيحة وفاقد علم الحديث عالماً ؟ 

وقد وصف ابن تيمية قضاة الأشعرية في عصره بأنهم أجهل من اليهود والنصارى بأمر التوحيد


قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (3/272) :" وَهَذَا الَّذِي يَخَافُهُ - مِنْ قِيَامِ " الْعَدُوِّ " وَنَحْوِهِ فِي الْمَحْضَرِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ مِنْ الشَّامِ إلَى ابْنِ مَخْلُوفٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِغَاثَةِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ أَظْهَرُوهُ كَانَ وَبَالُهُ عَلَيْهِمْ وَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ مُشْرِكُونَ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ دِينِ الْمُسْلِمِينَ وَدِينِ النَّصَارَى. فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ مُتَّفِقُونَ عَلَى مَا عَلِمُوهُ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْبُدَ وَلَا يَدْعُوَ وَلَا يَسْتَغِيثَ وَلَا يَتَوَكَّلَ إلَّا عَلَى اللَّهِ، وَأَنَّ مَنْ عَبَدَ مَلَكًا مُقَرَّبًا أَوْ نَبِيًّا مُرْسَلًا أَوْ دَعَاهُ أَوْ اسْتَغَاثَ بِهِ فَهُوَ مُشْرِكٌ"

وبعد هذا الغلو في الشرك وتكفير الموحدين عند القوم يأتي عمر عبد الله كامل يصنف في الانتصار لهم تصنيفاً يسميه ( كفي تفريقاً للمسلمين )

ويقال له : أنتم لا تعرفون الإسلام أصلاً بل تحاربونه وتنصرون الشرك والتعطيل

وهنا نكتة أيضاً في سبب انتشار الشرك في الجهمية ، وهو أن العبد مفطور على الاتجاه إلى معبود يشار إليه وترجى رحمته ومحبته

ولما كان هؤلاء قد أعدموا ربهم فلا يعبدون شيئاً ورب العالمين عندهم لا يشار إليه ويحرفون معاني الرأفة والرحمة والمحبة في النصوص ويقولون لا مناسبة بين الخالق والمخلوق حتى يحب الخالق المخلوق

طلبوا ما يجدونه من ضرورة العبودية في المقبورين الذين يشار إليهم ويثبتون لهم المحبة والرحمة والرأفة وغيرها من الصفات 

وهذا المعنى في انتشار القبورية في القوم لم يشر إليه عامة من رد على الأشاعرة ممن تقدم على ابن تيمية 
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي