مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: الرد على ياسر الحبيب في موضوع نفاق معتب بن قشير

الرد على ياسر الحبيب في موضوع نفاق معتب بن قشير



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
                                                       أما بعد :



فقد أرسل لي بعض الأخوة مقطعاً لياسر الحبيب يذكر أن معتباً بن قشير الصحابي كان بدرياً عند أهل السنة ومع ذلك هو منافق عندهم أيضاً

اعلم رحمك الله أن الروايات في كتب أهل السنة مراتب وفي حال تعارضها يقدم الأصح فالأصح وهذا أمر حتى عند الرافضة

الشبهة مبنية على مقدمتين الأولى : أنه منافق

والثانية : أنه بدري

وبهذه الشبهة يتم إبطال الأحاديث الثابتة المتواترة في نجاة أهل بدر بل والنصوص القرآنية الشاهدة لهم بالإيمان وذهاب الرجس عنهم

قال تعالى : ( إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْببِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ)

فإذا ثبت أن أحدى المقدمتين لا ترتقي إلى صحة الأخبار الواردة في نجاة أهل بدر سقطت الشبهة تماماً

ولنأتي إلى المقدمة الأولى من الذي روى الروايات التي تتهم معتباً بالنفاق ؟

الروايات كلها مدارها على محمد بن إسحاق بن يسار وبقية الروايات عن الكذابين فلا يعتد بها

قال ابن أبي حاتم في تفسيره 4260 -[3] أخبرنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، [حدثنا] ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّاددٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ الله عَنْه، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ حِيينَ اشْتَدَّ عَلَيْنَا الْخَوْفُ، وَأُرْسِلَ عَلَيْنَا النَّوْمُ، فَمَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا وذقنه، أَوْ قَالَ: ذَقَنُهُ فِي صَدْرِهِ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْمَعُ كَالْحُلْمِ قَوْلَ مُعَتِّبِ بْنِ قُشَيْرٍ: " للَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قتلنا هاهنا " فَحَفِظْتُهَا، فأنزل الله عز وجل فِي ذَلِكَ: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدَ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا} ، إِلَى قَوْلِهِ: {مَا قُتِلْنَا ههنا} لِقَوْلِ مُعَتِّبِ بْنِ قُشَيْرٍ قَالَ: {لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ} ، حَتَّى بَلَغَ {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصصُّدُورِ}

هذه أقوى رواية وبقية الروايات لها علل بينة مع كونها في سندها محمد بن إسحاق

فهل يصلح محمد بن إسحاق لمعارضة الأحاديث المتواترة فهو مع علمه بالسيرة صاحب أوهام وهو متشيع أصلاً التشيع القديم

و قال أيوب بن إسحاق بن سافرى : سألت أحمد بن حنبل ، فقلت : يا أبا عبد الله ابن إسحاق إذا تفرد بحديث تقبله ؟
قال : لا ، و الله إنى رأيته يحدث عن جماعة بالحديث الواحد ، و لا يفصل كلام ذا من ذا .

وهذه طريقة ابن إسحاق في السيرة وهو معتمد فيها ولكنه له أوهام على سعة علمه وهناك من اتهمه وبرأه غير واحد من الأئمة ولكن يبقى حسن الحديث لا يصلح لمعارضة أخبار الثقات

و قال الحاكم : قال محمد بن يحيى : هو حسن الحديث ، عنده غرائب

ولعل هذا منها

ولهذا أنكر ابن هشام صاحب السيرة على ابن إسحاق هذه الرواية فقال في سيرته : قمُعَتِّبُ بْنُ قُشَيْرٍ، وَثَعْلَبَةُ وَالْحَارِثُ ابْنَا حَاطِبٍ، وَهُمْ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَلَيْسُوا مِنْ الْمُنَافِقِينَ فِيمَا ذَكَرَ لِي مَنْ أَثِثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَدْ نَسَبَ ابْنُ إسْحَاقَ ثَعْلَببَةَ وَالْحَارِثَ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ فِي أَسْمَاءِ أَهْلِ بَدْرٍ

المقدمة الثانية : أن معتب بن قشير من أهل بدر

وهذه المقدمة أيضاً محل شك فأهل بدر 313 وقد أوصلهم ابن سيد الناس إلى 363 مما يدل على أن هناك أوهاماً في إدخال بعض أهل أحد أو غيرها على أهل بدر

ولا يوجد بإسناد صحيح أنه من أهل بدر وإنما يروى ذلك في كلام ابن إسحاق نفسه ! بدون إسناد ومن كلام الزهري شيخ ابن إسحاق في رواية في سندها محمد بن فليح وقد تكلم فيه ابن معين واشتد وقد ذكر أن الزهري كان أحياناً يفيد من تلميذه ابن إسحاق

قال البخاري قال لى إبراهيم بن المنذر : حدثنا عمر بن عثمان أن الزهرى كان يتلقف المغازى من ابن إسحاق فيما يحدثه عن عاصم بن عمر بن قتادة

ففي النهاية الأمر كله مداره على ابن إسحاق المتشيع وقد اضطرب في الأمر وذكر الزبير بن بكار له في أصحاب العقبة من هذا الباب فالزبير متأخر وبينه وبين حادثة العقبة مفاوز

فعلى أي أساس تجعل هذه شبهة تنقض فضيلة أهل بدر الثابتة في الصحيح ويشهد لها كتاب الله

قال البخاري في صحيحه 3992 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْننِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ قَالَ جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ قَالَ مِنْ أَفْضَللِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا قَالَ وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ الْمَلَائِكَةِ

وحديث حاطب لعل الله اطلع على أهل بدر معروف وغيرها مما في الباب

وهذا الرجل ليس له أي رواية فلينظر هو في مذهب الإمامية الذين قبلوا رواية 
ابن بكير وهو من الفطحية _ الذين لم يؤمنوا بالكاظم _ والكفر بإمام واحد عندهم كفر أكبر فلماذا والحال لا تقبل روايات المهاجرين والأنصار الذين أثنى الله عليهم في القرآن ! ولا تملأ رواياتهم كتب الشيعة

وقد قبلوا روايته في جواز الجمع بين المرأة وعمتها مخالفين لإجماع المسلمين والروايات الأخرى عن المعصومين 

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي