مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: براءة الإمام مالك من افتراءات الجهمية

براءة الإمام مالك من افتراءات الجهمية



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
                                                       أما بعد :
 
فقد أرسل لي أحد الأخوة مقالاً لرجل أشعري يحاول أن يدافع دفاعاً يائساً عن رواية تأويل الإمام مالك لصفة النزول

فلها طريق فيه كذاب وما دافع عنها بشيء سوى أن الذهبي سكت عليها !

ويا ليت شعري إن كان الذهبي غفل وسكت فابن القيم قد بينها كما في مختصر الصواعق فسقط هذا الاستدلال البارد

وأما الطريق الآخر وهو بيت القصيد

 فأورده ابن عبد البر في (( التمهيد ))(7/143) وقال : (( وقد روى محمد بن علي الجبلي - وكان من ثقات المسلمين بالقيروان - قال : حدثنا جامع بن سوادة بمصر ، قال : حدثنا مطرف ، عن مالك بن أنس ، أنه سئل عن الحديث (( إن الله ينزل في الليل إلى سماء الدنيا )) فقال مالك : يتنزل أمره ))

جامع بن سوادة ضعيف ضعفه الدارقطني
وقال الذهبي في الميزان (( جامع بن سوادة: عن آدم بن أبي إياس بخبر باطل في الجمع بين الزوجين كأنه آفته ))
ثم إن الواسطة بين ابن عبد البر والجبلي مجهولة

وقد حاول الدفاع باستماتة عن جامع بن سوادة فادعى أن الذي تكلم فيه الذهبي هو غير المصري الذي في السند _ مع أن كل الكتب لا تذكر إلا جامع بن سوادة واحد _

وأن المصري قد حسن له الجوزقاني حديثاً فيكون حسن الحديث

فلننظر في الحديث الذي حسنه الجوزقاني لجامع بن سوادة

ولكن قبلها لننظر في جامع الذي ضعفه الدارقطني هل هو المصري ؟

قال ابن حجر: روى له الدَّارَقُطْنِيّ في «غرائب مالك» حديثًا من وجهين عنه، عن زهير بن عباد، عن أحمد بن الحسين اللهبي، عن عبد الملك بن الحكم، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، رفعه «آخر من يدخل الجنة رجل من جهينة، فيسأله أهل الجنة هل بقي أحد يعذب؟ فيقول لا، فيقول عند جهينة الخبر اليقين» .
قال الدَّارَقُطْنِيّ: هذا الحديث باطل، وجامع ضعيف، وكذا عبد الملك بن الحكم. «لسان الميزان» 2 (1913) .

قوله عنه ضعيف والحديث باطل تضعيف شديد خصوصاً أنه قرنه مع عبد الملك بن عبد الحكم وهو متهم

والرواية التي في الغرائب من رواية رجل مصري عن جامع فيكون الدارقطني قد جرح المصري وضعفه جداً

جاء في غرائب مالك لابن المظفر 171 - حدثنا أبو علي الحسين بن يوسف بن يعقوب المصري ، نا جامع بن سوادة ، نا أحمد بن الحسين ، نا عبد الملك بن الحكم ، عن مالك بن أنس ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « آخر من يدخل الجنة رجل من جهينة ، فيقول أهل الجنة : عند جهينة الخبر اليقين ، سلوه هل بقي من الخلائق أحد »

والذي حسن له الجوزقاني وهو المصري نفسه فيكون تعديل الجوزقاني معارضاً لجرح الدارقطني فيسقط علماً أنك لو نظرت في الرواية التي حسنها الجوزقاني لجزمت بأنها موضوعة

قال الجوزقاني في الأباطيل والمناكير 24 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ التَّاجِرُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْدَهْ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سِرَاجٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ سَوَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ أَبِي نُعَيْمٍ، حَدَّثَنِي الْأَعْرَجُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِيمَانُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ» .

هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، تَفَرَّدَ بِهِ عَنِ الْأَعْرَجِ نَافِعُ بْنُ أَبِي نُعَيْمٍ،

أقول : الجوزقاني استغرب الحديث وحق له أن يستغربه فهو حديث مرفوع عن رسول الله ولا وجود له إلا في كتابه !!

ثم هو في موضوع عقائدي هام ولو كان صحيحاً أو له أصل لاحتج به أهل السنة عن بكرة أبيهم على المرجئة

ومعلوم أنه كان في علماء أهل السنة من يتوقف في لفظة ( ينقص ) مع إقراره بمعناها فلو كان الحديث صحيحاً ومن رواية الأعرج عن أبي هريرة _ أصح الأسانيد عن أبي هريرة _ لما وجد هذا الخلاف أصلاً

وكيف ينفرد عن أهل المدينة بسنة لا يعرفها علماء أهل المدينة رجل مصري

وبيان ذلك يبدأ من نص الإمام مسلم في مقدمة صحيحه حيث قال : «فَأَمَّا مَنْ تَرَاهُ يَعْمِدُ لِمِثْلِ الزُّهْرِيِّ فِي جَلاَلَتِهِ ، وَكَثْرَةِ أَصْحَابِهِ الْحُفَّاظِ الْمُتْقِنِينَ لِحَدِيثِهِ وَحَدِيثِ غَيْرِهِ ، أَوْ لِمِثْلِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، وَحَدِيثُهُمَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَبْسُوطٌ مُشْتَرَكٌ ، قَدْ نَقَلَ أَصْحَابُهُمَا عَنْهُمَا حَدِيثَهُمَا عَلَى الاِتِّفَاقِ مِنْهُمْ فِي أَكْثَرِهِ ، فَيَرْوِي عَنْهُمَا ، أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا الْعَدَدَ مِنَ الْحَدِيثِ مِمَّا لاَ يَعْرِفُهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِمَا ، وَلَيْسَ مِمَّنْ قَدْ شَارَكَهُمْ فِي الصَّحِيحِ مِمَّا عِنْدَهُمْ ، فَغَيْرُ جَائِزٍ قَبُولُ حَدِيثِ هَذَا الضَّرْبِ مِنَ النَّاسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ».

أقول :الإمام مسلم يبين لنا أن النكارة ليست مختصةً بالمخالفة ، بل الانفراد أيضاً قد يكون منكراً .

ويمثل لنا بالزهري فهو كثير الأصحاب جداً ، وأصحابه الحفاظ معروفون ، ثم يأتي من ينفرد عنه بحديثٍ لا يعرفه هؤلاء الأصحاب فإن ذلك يجعله الأئمة سبباً لتضعيف الراوي ويستنكرون كثيراً من الأخبار التي على هذا السمت.

فإن قلت : أعطني أمثلة من تصرف الأئمة تدل على هذا المعنى الذي فهمته من كلام الإمام مسلم ، فإن كلام الأئمة يفسر بعضه بعضاً

فأقول : قال ابن أبي حاتم في العلل :« 2668- وَسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ ؛ رَوَاهُ حَامِدُ بْنُ يَحْيَى الْبَلْخِيُّ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَانَ اسْمُ أَبِي بَكْرٍ : عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ ، فَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : أَنْتَ عَتِيقُ اللهِ مِنَ النَّارِ سُمِّيَ عَتِيقًا. قَالَ أَبِي : هَذَا حَدِيثٌ بَاطِلٌ».

أقول : لو نظرت إلى رجال هذا الإسناد لوجدتهم جميعاً ثقات ، فلماذا حكم عليه أبو حاتم بالبطلان.

فالجواب : أن حامد بن يحيى البلخي ثقة ليس بمكثر ، انفرد عن سفيان بن عيينة وهو كثير الأصحاب جداً ، لأنه كان عالي الإسناد وطال به العمر ويكفيك أن من أصحابه الشافعي ، وعبد الرزاق وعلي بن المديني وأحمد ابن حنبل ، فكيف ينفرد البلخي من دون كل هؤلاء بهذا الخبر هذا ما جعل أبو حاتم يحكم على الخبر بالبطلان ، مع أنه خبرٌ في الفضائل.
وهنا مثال آخر : قال المزي في تهذيب الكمال (17/ 95) في ترجمة ابن أبي الزناد : «قَال صَالِح بْن مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ : روى عَن أبيه أشياء لم يروها غيره. وتكلم فيه مَالِك بْن أنس، من سبب روايته عَن أبيه كتاب"السبعة"وَقَال: أين كنا نحن عَنْ هذا».

أقول : فجرحه مالك بمجرد الانفراد لا المخالفة ، وأبو الزناد كثير الأصحاب جداً وفيهم مالك والسفيانان.

وقال ابن أبي حاتم في العلل : «886- وسمِعتُ أبِي ، وذكر حدِيثًا : رواهُ قِرانُ بنُ تمّامٍ ، عن أيمن بنِ نابِلٍ ، عن قُدامة العامِرِيِّ ، فقال : رأيتُ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم يطُوفُ بِالبيتِ يستلِمُ الحجر بِمِحجنِهِ.
وسمِعتُ أبِي يقُولُ : لم يروِ هذا الحدِيث عن أيمن إِلاَّ قِرانٌ ، ولا أراهُ محفُوظًا ، أين كان أصحابُ أيمن بنِ نابِلٍ ، عن هذا الحدِيثِ ؟».

والراوي المنفرد بهذا الحديث عن جامع رجل سكير !

قال السهمي: سَمِعْتُ محمد بن مظفر الحافظ يقول رأيت علي بن سراج المصري سكران على ظهر رجل يحمله من ماخور.
وسألت الدَّارَقُطْنِيّ عن علي بن سراج المصري؟ فقال: هو صالح، وقيل إنه ربما تناول الشراب وسكر. (306) .
وقال السُّلَمِيُّ: سألت الدَّارَقُطْنِيّ عن علي بن سراج، فقال: كان يعرف ويفهم ولم يكن يذاكر، فإنه كان يشرب المسكر ويسكر. (199) .

فرجل يشرب المسكر ويسكر ينفرد بسنة في موضوع خطير عن أهل المدينة وعن أبي هريرة بالذات وهو مصري وهم مدنيون فكيف يحسن مثل هذا الخبر ؟

فهذا تساهل مفرط إلا أن يراد أنه أراد بالحسن صواب الخبر وإلا فالغرابة هو الوصف المناسب للحديث

قال ابن رجب في شرح علل الحديث :" ونقل محمد بن سهل بن عسكر، عن أحمد، قال: إذا سمعت أصحاب الحديث يقولون: هذا الحديث "غريب" أو "فائدة" فاعلم أنه خطأ، أو دخل حديث في حديث، أو خطأ من المحدث، أو ليس له إسناد، وإن كان قد روى شعبة وسفيان. وإذا سمعتهم يقولون لا شيء، فاعلم أنه حديث صحيح"

فهذا رجل لا يروي إلا البواطيل وتأمل أن الحديث الذي استنكره الدارقطني عليه من طريق مالك

ثم إن مالكاً خرج حديث النزول في الموطأ ولم يعلق عليه بشيء والمحفوظ عن مالك ترك التأويل ورواية (أمروها كما جاءت بلا كيف ) صحيحة عنه

بل صح عنه إثبات العلو

رروى أبو داود في المسائل (ص263) بسند صحيح عن عبدالله بن نافع عن الامام مالك أنه قال (( الله في السماء وعلمه في كل مكان ))

وعبدالله بن نافع هذا هو الصائغ وقد عده ابن معين من الأثبات في مالك وقال عنه ابن سعد (( لزم مالك لزوما شديدا )) وقال أحمد (( كان أعلم الناس برأي مالك وحديثه )) وقال أبوداود (( كان عبدالله عالما بمالك )) وقال أحمد بن صالح (( أعلم الناس بمالك وحديثه )) وعلى فرض أنه بن ثابت فهو ثقة أيضاً ( انظر تهذيب التهذيب
وعلى فرض أنه بن ثابت فهو ثقة أيضاً
وهذا الأثر لا يمكن حمله على العلو المعنوي لقول مالك (( وعلمه في كل مكان )) فدل ذلك على أنه يرد على الجهمية الذي يقولون بأن الله في كل مكان
والجهمية لم ينكروا العلو المعنوي
وكما علم الله في كل مكان حقيقة فهو في السماء حقيقة

وقد حاول الجهمية الطعن في هذا الأثر مستدلين بما روى اللالكائي 516 - أخبرنا محمد بن عبد الله بن الحجاج ، قال : أخبرنا أحمد بن الحسين ، قال : ثنا عبد الله بن أحمد ، قال : ثنا أبي قال : ثنا سريج بن النعمان ، قال : حدثني عبد الله بن نافع ، قال : ملك الله في السماء وعلمه في كل مكان ، لا يخلو منه شيء

فقالوا هذه الرواية الصحيحة ( ملك الله في السماء )

ويا ليت شعري هل يقول هذا عاقل فالله ملكه في كل مكان وكل ما في الموضوع أن المحقق المتعجل قرأ ( مالك ) ( ملك)

ولأن الألف لا تكتب فقرأها غلطاً فاستغلوا الموضوع وإلا الرواية في كل المصادر الأخرى بلفظ ( الله في السماء )

فأنت ترى الرواية هنا من طريق عبد الله بن أحمد فلنذهب وننظر إلى كتب عبد الله بن أحمد وكتب تلاميذه كيف رووها


قال عبد الله بن أحمد في السنة 5 - حدثني أبي رحمه الله قال : حدثنا سريج بن النعمان ، أخبرني عبد الله بن نافع ، قال : كان مالك بن أنس رحمه الله يقول : « من قال القرآن مخلوق يوجع ضربا ويحبس حتى يموت » وقال مالك رحمه الله : « الله عز وجل في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء ، وتلا هذه الآية ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم (1) ) وعظم عليه الكلام في هذا واستشنعه »

وقال النجاد في رسالته الرد على من يقول القرآن مخلوق وهو تلميذ عبد الله ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ ثَنَا أَبُو الْحَسَنِ قَالَ سَمِعْتُ سُرَيْجَ بن النُّعْمَان يَقُول سَمِعت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ نَافِعٍ وَقُلْتُ لَهُ إِنَّ قِبَلَنَا مَنْ يَقُولُ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَاسْتَعْظَمَ ذَلِكَ وَلَمْ يَزَلْ مُوجَعًا حَزِينًا يَسْتَرْجِعُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ قَالَ مَالِكٌ مَنْ قَالَ الْقُرْآن مَخْلُوق يحبس حَتَّى يعلن مِنْهُ تَوْبَةٌ وَقَالَ مَالِكٌ الإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ

(وَقَالَ مَالِكٌ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي السَّمَاءِ)
وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ لَا يَخْلُو من علمه شَيْء

وهي بهذا اللفظ في كتاب العلل لعبد الله بن أحمد أيضاً

ثم هذا ابن قدامة روى الخبر من طريق اللالكائي باللفظ الموجود في المصادر الأخرى

قال ابن قدامة في رسالته في إثبات العلو 76- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ (قَالَ) ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنَبَأَ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ، أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَ أَبِي، ثَنَا سُرَيْجُ (3) بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: اللَّهُ فِي السَّمَاءِ، وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ لَا يَخْلُو مِنْهُ شَيْءٌ

ثم إن أبا داود قد تابع عبد الله بن أحمد وكذا تابعه الفضل بن زياد على لفظ الإثبات

ونعود لصفة النزول وننظر من أثبتها من السلف

و سئل الإمام أبو جعفر الترمذي - و هو غير صاحب السنن - عن نزول الرب فقال: (( النزول معقول ، والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعه.)) ) تاريخ بغداد (1/365) ، سير أعلام النبلاء (13/547) ، أقاويل الثقات(201) ، تاريخ الإسلام ، حوادث ووفيات (291-300) (ص245) ، مختصر العلو (ص231) ، وإسناده صحيح

قال أحمد بن سلمة : "سمعت إسحاق بن راهويه يقول: جمعني وهذا المبتدع -يعني إبراهيم بن أبي صالح- مجلس الأمير عبد الله ابن طاهر ، فسألني الأمير عن أخبار النزول فسردتها.قال ابن أبي
صالح: كفرت برب ينزل من سماء إلى سماء. فقال: آمنت برب يفعل ما يشاء" .
أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة(3/452) برقم(774).
والبيهقي في الأسماء والصفات (2/375-376، برقم951). وأورده الذهبي في العلو (ص131)، وفي السير (11/376)، وفي تاريخ الإسلام في حوادث وفيات (231-240، ص89)، وأورده في الأربعين (ص71، برقم59) وقال: "رواها الحاكم بإسناد صحيح عنه"( هذا مستفاد من تحقيق كتاب العرش )
وقال إسحاق بن منصور الكوسج - رحمه الله - : قلت لأحمد - يعني ابن حنبل((ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة ، حين يبقى ثلث الليل الآخر إلى سماء الدنيا ((، أليس تقول بهذه الأحاديث ؟ و ((يراه أهل الجنة )) ، يعني ربهم عز وجل . و)) لاتقبحوا الوجه فإن الله عز وجل خلق آدم على صورته )) . و (( اشتكت النار إلى ربها عز وجل حتى وضع فيها قدمه )) . و (( إن موسى لطم ملك الموت )) . قال أحمد : كل هذا صحيح . قال إسحاق : هذا صحيح ، ولا يدعه إلا مبتدع أو ضعيف الرأي
رواه الآجري (306) بسند صحيح فتامل سؤال إسحاق لأحمد أليس تقول بهذه الأحاديث ومن بينها حديث الرؤية و قد كفر أحمد من لم يؤمن بالرؤية فهذا يدل انه يثبت النزول كما يثبت الرؤية وليس لقائل أن أحمد يفوض حديث الرؤية أو حديث لطم موسى للملك !!
وثالثهم الترمذي
وقال [الترمذي] (3/50-51): لما روى حديث أبي هريرة "إن الله يقبل الصدقة، ويأخذها بيمينه فيربيها" : "هذا حديث صحيح روي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث، وما يشبهه من الصفات، ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا قالوا: قد ثبتت الروايات في هذا، ونؤمن به، ولا نتوهم، ولا يقال كيف هذا
وروي عن مالك، وابن عيينة، وابن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث: أمروها بلا كيف.
وهكذا قول أهل العلم، من أهل السنة والجماعة.
وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات، وقالوا: هذا تشبيه، (60/أ) وفسروها على غير ما فسر أهل العلم، وقالوا: إن الله لم يخلق آدم بيده، وإنما معنى اليد ها هنا النعمة، وقال إسحاق بن راهويه: إنما يكون التشبيه إذا قال يد كيد، أو مثل يد، وسمع كسمع))

قلت وقوله ولا يقال كيف إثبات للصفة إذ ما لم يثبت معناه لم نحتج نفي العلم بكيفيته أو السؤال عن كيفيته ووما على أن الترمذي أراد الإثبات أنه لم يفرق بين صفات السمع والبصر واليد

ومما يؤكد أنه أراد الإثبات إثباته لصفة العلو في موضع آخر من سننه
الرابع الدارمي صاحب السنن حيث بوب في سننه ( باب في شأن الساعة ونزول الرب تعالى )
الخامس ابن أبي عاصم النبيل صاحب كتاب السنة فقد باباً في النزول في كتابه السنة
السادس عثمان بن سعيد الدارمي ولم ينكر عليه أحد من السلف إثباته للصفات بل أثنى أبو زرعة على تصنيفه
السابع ابن أبي داود حيث قال في منظومته
وقل ينزل الجبار في كل ليلة بلا كيف جل الواحد المتمدح
وقال بعد منظومته (( هذا قولي، وقول أبي، وقول شيوخنا، وقول من لقيناهم من أهل العلم، وقول العلماء ممن لم نرهم كما بلغنا عنهم، فمن قال غير ذلك فقد كذب))

ممن أثبت النزول أبو العباس السراج ( ولد عام 217 وتوفي عام 313 )
قال الذهبي في سير اعلام النبلاء (14/396) أخبرنا إسماعيل بن إسماعيل في كتابه: أخبرنا أحمد بن تميم اللبلي ببعلبك أخبرنا أبو روح بهراة أخبرنا محمد بن إسماعيل أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أخبرنا أحمد بن محمد الخفاف حدثنا أبو العباس السراج إملاء قال: من لم يقر بأن الله تعالى يعجب ويضحك وينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول:" من يسألني فأعطيه" فهو زنديق كافر يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين
قلت وإسناده صحيح
شيخ الذهبي إسماعيل بن إسماعيل بن جوسلين أبو الفداء عماد الدين
قال اليونيني ذيل مرآة الزمان (( كان إماماً عالماً فاضلاً ورعاً عاملاً ))
وأحمد بن تميم حافظ معروف
وأبو روح اسمه عبد المعز بن محمد له ترجمه في تاريخ الإسلام
قال الذهبي (( عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل بن أحمد بن أسعد بن صاعد. الشيخ المعمَّر، حافظ الدين أبو رَوْح الساعدي، البزّاز، الهَرَوي، الصوفي، مسند العصر بخُراسان.
ولد في ذي العَقْدة سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة بهَراة ))
وشيخه محمد بن إسماعيل بن الفُضيل
له ترجمة في الأنساب للسمعاني
قال السمعاني (( محمد بن إسماعيل بن الفضيل الفضيلي من أهل هراة، كان مشهوراً بالعدالة والتزكية عالماً باللغة، سمع الحديث الكثير وكان من بيت الحديث )) ثم ذكر ولايته للأوقاف
وأما المليحي فله ترجمة في الأنساب للسمعاني
قال السمعاني (( محدث هراة في وقته ومسندها ))

وأما شيخه الخفاف فقد ذكر السمعاني ( كما نقل الألباني في مختصر العلو ) في الأنساب أن سماعاته من أبي العباس السراج صحيحة
والأثر واضح وهو والذي قبله فيهما رد على من زعم أن السلف كانوا مفوضة

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي