مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: ابن أبي العز : مذهب الأشاعرة في القرآن أكفر من مذهب المعتزلة

ابن أبي العز : مذهب الأشاعرة في القرآن أكفر من مذهب المعتزلة



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
                       
     
قال ابن أبي العز في شرح العقيدة الطحاوية ص70 :
" ولا شك أن من قال : إن كلام الله معنى واحد قائم بنفسه تعالى _ وهم الأشاعرة _ وأن المتلو المحفوظ المكتوب المسموع من القارىء حكاية كلام الله وهو مخلوق - : فقد قال بخلق القرآن وهو لا يشعر، فإن الله يقول : قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله. أفتراه سبحانه وتعالى يشير الى ما في نفسه أو إلى المتلو المسموع ؟
 ولا شك أن الإشارة إنما هي إلى هذا المتلو المسموع ، إذ ما في ذات الله غير مشار إليه ، ولا منزل ولا متلو ولا مسموع .
وقوله : لا يأتون بمثله- أفتراه سبحانه يقول : لا يأتون بمثل ما في نفسي مما لم يسمعوه ولم يعرفوه ، وما في نفس الله عز وجل لا حيلة إلى الوصول إليه ، ولا إلى الوقوف عليه .
فإن قالوا : إنما أشار إلى حكاية ما في نفسه وعبارته وهو المتلو المكتوب المسموع ، فأما أن يشير إلى ذاته فلا - فهذا صريح القول بأن القرآن مخلوق ، بل هم في ذلك أكفر من المعتزلة ، فإن حكاية الشيء بمثله وشبهه . وهذا تصريح بأن صفات الله محكية ، ولو كانت هذه التلاوة حكاية لكان الناس قد أتوا بمثل كلام الله ، فأين عجزهم ؟! ويكون التالي - في زعمهم - قد حكى بصوت وحرف ما ليس بصوت وحرف. وليس القرآن إلا سوراً مسورة ، وآيات مسطرة ، في صحف مطهرة "



قال شيخ الإسلام كما في مجموعة الرسائل والمسائل (3/91) :" فإن هذا القرآن العربي لا بد له من متكلم تكلم به أولاً قبل أن يصل إلينا، وهذا القول يوافق قول المعتزلة ونحوهم في إثبات خلق القرآن العربي، وكذلك التوراة العبرية، ويفارقه من وجهين: أحدهما أن أولئك يقولون أن المخلوق كلام الله وهم يقولون إنه ليس كلام الله لكن يسمى كلام الله مجازاً هذا قول أئمتهم وجمهورهم، وقال طائفة من متأخريهم: بل لفظ الكلام يقال على هذا وهذا بالاشتراك اللفظي، لكن لفظ هذا الكلام ينقض أصلهم في إبطال قيام الكلام بغير المتكلم به، ومع هذا لا يقولون أن المخلوق كلام الله حقيقة كما يقولوه المعتزلة مع قولهم أنه كلام حقيقة، بل يجعلون القرآن العربي كلاماً لغير الله وهو كلام حقيقة، وهذا شر من قول المعتزلة وهذا حقيقة قول الجهمية، ومن هذا الوجه نقول: المعتزلة أقرب، وقول الآخرين هو قول الجهمية المحضة، لكن المعتزلة في المعنى موافقون لهؤلاء وإنما ينازعونهم في اللفظ الثاني أن هؤلاء يقولون: لله كلام هو معنى قديم قائم بذاته والخلقية يقولون لا يقوم بذاته كلام، ومن هذا الوجه الكلابية خير من الخلقية في الظاهر، لكن جمهور الناس يقولون إن أصحاب هذا القول عند التحقيق لم يثبتوا كلاماً له حقيقة غير المخلوق"

وهذا أيضاً قرره ابن القيم

فقد جاء في مختصر الصواعق المرسلة ص524 :" وَيَعْجَبُ هَذَا الْقَائِلُ مِنْ نَصْبِ الْخِلَافِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَقَالَ: مَا نُثْبِتُهُ نَحْنُ مِنَ الْمَعْنَى الْقَائِمِ بِالنَّفْسِ فَهُوَ مِنْ جِنْسِ الْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ، وَالْمُعْتَزِلَةُ لَا تُنَازِعُنَا فِي ذَلِكَ، غَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّا نَحْنُ نُسَمِّيهِ كَلَامًا وَهُمْ يُسَمُّونَهُ عِلْمًا وَإِرَادَةً، وَأَمَّا هَذَا النَّظْمُ الْعَرَبِيُّ الَّذِي هُوَ حُرُوفٌ وَكَلِمَاتٌ، وَسُوَرٌ وَآيَاتٌ، فَنَحْنُ وَهَمَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ مَخْلُوقٌ، لَكِنْ هُمْ يُسَمُّونَهُ قُرْآنًا، وَنَحْنُ نَقُولُ هُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الْقُرْآنِ أَوْ حِكَايَةٌ عَنْهُ.
فَتَأَمَّلْ هَذِهِ الْأُخُوَّةَ الَّتِي بَيْنَ هَؤُلَاءِ وَبَيْنَ هَؤُلَاءِ الْمُعْتَزِلَةِ الَّذِينَ اتَّفَقَ السَّلَفُ عَلَى تَكْفِيرِهِمْ، وَأَنَّهُمْ زَادُوا عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ فِي التَّعْطِيلِ فَالْمُعْتَزِلَةُ قَالُوا: هَذَا الْكَلَامُ الْعَرَبِيُّ هُوَ الْقُرْآنُ حَقِيقَةً لَا عِبَارَةً عَنْهُ، وَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ، وَإِنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ"

فابن أبي العز أخذ كلامه من كلام الشيخين فيما يظهر

وقال ابن قدامة في المناظرة في القرآن ص47 :" وَاتفقَ أهل السّنة على أَن الْقُرْآن كَلَام الله غير مَخْلُوق وَلم يكن الْقُرْآن الذى دعوا إِلَى القَوْل بخلقه سوى هَذِه السُّور الَّتِي سَمَّاهَا الله قُرْآنًا عَرَبيا وأنزلها على رَسُوله عَلَيْهِ السَّلَام وَلم يَقع الْخلاف فِي غَيرهَا الْبَتَّةَ وَعند الْأَشْعَرِيّ أَنَّهَا مخلوقة فَقَوله قَول الْمُعْتَزلَة لَا محَالة إِلَّا أَنه يُرِيد التلبيس فَيَقُول فِي الظَّاهِر قولا يُوَافق أهل الْحق ثمَّ يفسره بقول الْمُعْتَزلَة "

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي