مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: حمية شامية على السنة ...

حمية شامية على السنة ...



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
           
                
قال يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (1/271) : حدثني سعيد قال حدثنا ضمرة عن رجاء بن أبي سلمة عن أبي عبيد مولى سليمان قال:
 ما سمعت رجاء بن حيوة يلعن أحداً إلا رجلين يريد بن المهلب ومكحولاً.
حدثنا ضمرة عن علي بن أبي حملة قال: كنا على ساقية بأرض الروم والناس يمرون وذلك في الغلس، وفينا رجل يقص يكنى أبا شيبة
 فدعا فقال فيما يقول: اللهم ارزقنا طيباً واستطعمنا صالحاً. فقال مكحول - وهو في القوم - : إن الله لا يرزق إلا طيباً. ورجاء بن حيوة وعدي بن عدي ناحية لا يعلم بهما مكحول
 فقال أحدهما لصاحبه: أسمعت الكلمة ؟ قال: نعم. فقيل لمكحول: إن رجاء وعدي بن عدي قد سمعا قولك. فشق ذلك عليه
 فقال له عبد الله بن يزيد الدمشقي: أنا أكفيك رجاء. فلما نزل العسكر جاء عبد الله بن يزيد حتى دنا من منزل رجاء كأنه يطلب أصحابه. فنظر إليه رجاء وكان يعرفه، فعدل إلينا فقال: أين أطلب أصحابي ؟
 قال: نحن أصحابك. فجاء حتى نزل فأجرى ذكر مكحول.
 فقال له رجاء: دع عنك مكحولاً أليس هو صاحب الكلمة.
فقال له عبد الله بن زيد: ما تقول رحمك الله في رجل قتل يهودياً وأخذ منه ألف دينار فكان يأكل منه حتى مات أرزق رزقه الله إياه ؟
 قال رجاء: كل من عند الله.
قال علي: وأنا شهدتهما حين تكلما.

أقول : مكحول لم يكن قدرياً إلا أنه وافق القدرية في مسألة أن الحرام ليس من رزق الله عز وجل وهذا خلاف مذهب أهل السنة

قال الله تعالى : (( ومَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا )) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها )

والرزق يراد به شيئان ما ينتفع به المرء وهو المقصود من النصوص السابقة ، وما يتملكه العبد وهو المقصود في قوله تعالى : ( ومما رزقناهم ينفقون ) [ ملخص من كلام شيخ الإسلام]

قال الآجري في الشريعة 514 - وأخبرنا الفريابي قال : سمعت نصر بن علي قال : سمعت الأصمعي يقول : من قال : إن الله تعالى لا يرزق الحرام ، فهو كافر

وهنا رجاء بن حيوة سيد أهل الشام وعالم وقته أسقط مكحولاً بهذه المسألة فقط !

ولم يعتبر حسناته ولو وازنوا مع أحد لوازنوا مع مكحول فقد كان فقيه أهل الشام بل أفقه أهل الشام مطلقاً لا تكاد تنظر في باب من أبواب الفقه إلا وتجد له فيه فتاوى عليها النور

ومع ذلك ما قالوا ( زلة عالم ) ولا قالوا ( تغمر في بحر حسناته ) ، بل وصل الأمر برجاء بن حيوة وهو الزاهد العابد العالم أن يلعن مكحولاً لعناً ، وتأمل أن الشافع لمكحول لم يقل ( هل ناصحته ؟)! الكلمة التي نسمعها دائماً

وتأمل قوله ( دع عنك مكحولاً أليس هو صاحب الكلمة)

فأسقطه بكلمة !

واليوم يأتي الرجل ليس له من العلم والفضل عشر ما لمكحول ، ويقع في البلايا والطوام فإذا انتقدته فقط ثارت ثائرة من الحمية على الأشخاص أعظم عنده من الحمية على دين الله عز وجل ، فإذا حذرت منه ووضعته في موضعه الذي يستحق ما كدت ترى منهم رجلاً رشيداً

ومن حمل كلام رجاء في مكحول على كلام الأقران فلم يصب ولم يفهم الأمر على وجهه

و قال أبو داود : سألت أحمد : هل أنكر أهل النظر على مكحول شيئا ؟ قال : أنكروا
عليه مجالسة علان و رموه به ، فبرأ نفسه بأن نحاه .

والحمد لله على فضله

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي