مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: هل الجماعة السلفية تدخل في هذا الكلام يا « دكتور عبد الكريم »؟

هل الجماعة السلفية تدخل في هذا الكلام يا « دكتور عبد الكريم »؟



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


سئل عبد الكريم الخضير :
ما رأي فضيلتكم في (سيد قطب وحسن البنا) وهل تنصح بالقراءة لهم؟
، فأجاب :  سيد قطب وحسن البنا من رؤوس جماعة الإخوان المسلمين في مصر ، وهي كغيرها من الجماعات لها وعليها. فالذي أنصح به أن يقرأ لسلف هذه الأمة وأئمتها، ومن يثق بهم من محققي علماء الأمة
 وإذا قرأ لهذين كما يقرأ لغيرهما ممن رمي بنوع بدعة كابن حجر والنووي وغيرهما والزمخشري مثلاً مع الحذر الشديد من التأثر بموضع المخالفة، فلابأس ، هذا إذا كان ممن يستطيع التمييز بين الغث والسمين .ا.هـ.

أقول : هذا الجواب فيه نظر شديد ، وهو يجسد الطريقة التي يسير عليها هذا الرجل ويستبين ذلك في قوله (وهي كغيرها من الجماعات لها وعليها)، وبيان ذلك من وجوه:

الأول: قوله (كغيرها من الجماعات) يدخل فيه حتى السلفية فالسلفية عند الدكتور عبد الكريم لها وعليها ، والإخوان لهم وعليهم، ولا يجوز التسوية بين أهل السنة وأهل البدع، فالإخوان من الاثنتين والسبعين فرقة الهالكة ، والسلفيون هم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة.

سئل الشيخ عبد العزيز بن باز : "أحسن الله إليك حديث النبي في افتراق الأمم قوله: (ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقه كلها في النار الا واحدة) الحديث. فهل جماعة التبليغ على ما عندهم من شركيات وبدع، وجماعةالإخوان المسلمين على ما عندهم من تحزب وشق للعصا على ولاة الأمر هل هاتان الفرقتان تدخلان في الفرق الهالكة؟"
 الجواب: "تدخل في الاثنتين والسبعين، ومن خالف عقيدة أهل السنة والجماعة دخل في الاثنتين والسبعين
 المراد بقوله (أمتي) أي أمة الاجابة أي استجابوا لله وأظهروا اتباعهم له، ثلاث وسبعون فرقه
 الناجيه السليمه التي اتبعته واستقامت على دينه
 واثنتان وسبعون فرقه فيهم الكافر وفيهم العاصي وفيهم المبتدع أقسام".
 السائل: "يعني هاتان الفرقتان من ضمن الاثنتين والسبعين؟" الجواب: "نعم من ضمن الاثنتين والسبعين".

فلا يجوز التسوية بين أهل البدع وأهل السنة بأن يقال (لها وعليها)
 فإن قيل : الشيخ لا يقصد السلفية، فيقال : المراد لا يدفع الإيراد وظاهر كلامه يشمل جميع الجماعات والسلفية جماعة بنص النبي صلى الله عليه وسلم.

قال أبو داود في سننه 4597 - حدثنا أحمد بن حنبل ومحمد بن يحيى قالا ثنا أبو المغيرة ثنا صفوان ح وثنا عمرو بن عثمان حدثنا بقية قال حدثني صفوان نحوه قال حدثني أزهر بن عبد الله الحرازي عن أبي عامر الهوزني عن معاوية بن أبي سفيان أنه قام فينا فقال: ألا إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قام فينا فقال: "ألا إن من قبلكم منن أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة"، قال الله تعالى : ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا﴾.

قال الطبري 1728 : حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا) قول كانت تقوله اليهود استهزاء، فزجر الله المؤمنين أن يقولوا كقولهم.

قلت : هذا مع سلامة صدور المؤمنين من كل ما فيه انتقاصٌ للنبي صلى الله عليه وسلم.

وقال الإمام مسلم (870) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبدالله. قالا: حدثنا وكيع عن سفيان، عن عبدالعزيز بن رفيع، عنت ميم بن طرفة، عن عدي بن حاتم؛أن رجلا خطب عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد. ومن يعصهما فقد غوى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بئس الخطيب أنت. قل: ومن يعص الله ورسوله".

قلت : هذا من ذاك ،وتأمل كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم استخدم الشدة مع هذا الصحابي مع كونه لا يعرف الحكم الشرعي في المسألة بياناً منه صلى الله عليه وسلم لعظيم خطر هذه المخالفة ، فإن الشدة تكون نصحاً وبياناً كما أنها تكون تعزيراً وتبكيتاً.

الثاني : قوله (لها وعليها) تطبيق واضح لمنهج الموازنات ، وليس وافياً بالمقصود، فما الذي عليها ؟
 فقد يكون كفراً، وقد يكون بدعة، وقد يكون معصية، وهذا الجواب ليس فيه نصح ولا إيضاح.

قال العلامة عبد اللطيف آل الشيخ كما في الدرر السنية (8/410) : "وما ذكرت من حال أكثر الناس، وأنهم دخلوا في الفتنة، ولا أحسنوا الخروج منها، فالأمر كما وصفت؛ ولكن ذكر الحافظ الذهبي أن حسيناً الصائغ قال للإمام أحمد: سألت أبا ثور عن اللفظية، فقال: مبتدع، فغضب أحمد وقال: اللفظية جهمية من أهل الكلام، ولا يفلح أهل الكلام، أو كما قال. فأنكر على أبي ثور، التساهل في الإنكار، ورأى أن تعظيم الأمر والنهي، يقتضي غير ذلك، من ذكر أوصافهم الخاصة الشنيعة، والغلظة في كل مقام بحسبه".

وما صدر الخضير من أعظم التساهل إذ أنه كما لا يجوز إذا سئلت عن الأشاعرة أن تقول ( لها وعليها ) كغيرها من الفرق، فكذلك لا يجوز أن إذا سئلت عن الإخوان أن تقول (لهم وعليهم كغيرهم من الجماعات)، وأحمد أنكر على من قال ( اللفظية مبتدعة ) فكيف لو رأى من يقول بمن هم شر من اللفظية (لهم وعليهم كغيرهم) .

الثالث : قوله (وإذا قرأ لهذين كما يقرأ لغيرهما ممن رمي بنوع بدعة كابن حجر والنووي)، فهذا قياس فاسد إذ أن ابن حجر والنووي لهما سبب في العلم _ على ضلالات كبيرة وقعت من الرجلين والأمر ثابت فلا داعي للتعبير ب( رمي ) ، وأما البنا وسيد قطب فليسوا من أهل العلم، وقد قال الله عز وجل: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾.

قال العقيلي في الضعفاء (1/59) : حدثنا آدم بن موسى قال : سمعت محمد بن إسماعيل البخاري قال : أسد بن عمرو أبو المنذر البجلي كوفي صاحب رأي ليس بذاك عندهم . حدثنا عبد الله بن أحمد قال : سألت أبي عن أسد بن عمرو صدوق ؟ قال : أصحاب أبي حنيفة ليس ينبغي أن يروى عنهم شيء.

وترك الكتابة عن أصحاب حنيفة لما استغنى المحدثون بما عندهم من الحديث ، وعلموا أن ما عندهم لا يحتاج إليه وقد كانوا فقهاء ، فكيف بمن ليس فقيهاً ولا يحتاج إليه.

وقال ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة (1/327) :" قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخلال سمعته يقول سألت أبا عَبْد اللَّهِ عَنِ النظر فِي الرأي فقال: عليك بالسنة فقلت: له يا أبا عبد اللَّهِ صاحب حديث ينظر فِي الرأي إنما يريد أن يعرف رأي من خالفه فقال: عليك بالسنة".

وقال الجوزجاني في أحوال الرجال ص270:" فيا لعباد الله أما لكم في المقانع من المبرزين وأهل الأمانة من المحدثين سعة ومنتدح أن تحووا حديثهم الذي رووه عن الثقات، والمتقنين من أهل كل بلدة فتعتقدونه فإن في حديثهم لذي فهم غنى لا ولكن كثير منكم جار عن الطريق وجعل طلبه لهذا الشأن وجمعه نزهة وشهوة فإذا استعتب فيه قال إنما أكتبه للمعرفة فيا سبحان الله تكتب حديث أهل الصدق للمعرفة وحديث المتهمين للمعرفة فمتى تترك هذا وعسى أن ينشأ بعدنا قوم فإن عوتبوا فيهم قالوا قد روى عنه فلان فيتخذوه حجة".

فخلاصة كلام هؤلاء أنه ينبغي إشغال أهل السنة بكتب أهل السنة ، وأهل العلم من أهل البدع إذا اضطر إليهم السني اضطراراً ، وأما سواهم فالواجب هجرهم
 فيقال للشباب السلفي : أما لكم مقنع بكتب أهل السنة التي لم يتقنها عامة السلفيين ، لو تفرغ الشاب السلفي لكتب أئمة أهل السنة يدرسها ، وانفق في ذلك زمناً وافراً لوجد في نفسه نفرةً من أهل الكلام وأهل الرأي وأهل الفكر المعاصرين.

قال ابن حجر في لسان الميزان[6/651]: قال الإمام أبو محمد بن أبي جمرة في شرح البخاري له لما ذكر قوما من العلماء يغلطون في أمور كثيرة قال: ومنهم من يرى مطالعة كتاب الزمخشري ويؤثره على غيره من السادة كابن عطية ويسمى كتابه الكشاف تعظيماً له.
قال والمناظر في الكشاف إن كان عارفاً بدسائسه فلايحل له أن ينظر فيه لأنه لا يأمن الغفلة فتسبق إليه تلك الدسائس وهو لايشعر أو يحمل الجهال بنظره فيه على تعظيم وأيضا فهو مقدم مرجوحاً على راجحالمقالة أن المألف من أن يصير سواسياً للمعتزلي وقد قال صلى الله عليه وسلم: [ لا تقولوا لمنافق سيداً فإن ذلك يسخطه الله] وإن كان غير عارف بدسائسه فلا يحل له النظر فيه لأن تلك الدسائس تسبق إليه وهو لا يشعر فيصير معتزليا مرجئاً والله الموفق.أ.هـ.

فتأمل هذا الفقه العميق ، وإن كان على الكلام مآخذ في نقاط أخرى كثنائه على تفسير ابن عطية ، وذكر الإرجاء ولا وجه له عند الكلام في المعتزلة.
                     
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي