مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: غلط عدنان إبراهيم على أبي حنيفة في تعدد الزوجات

غلط عدنان إبراهيم على أبي حنيفة في تعدد الزوجات



أما بعد :



فإن عدنان إبراهيم له خطبة في التعدد وحاول أن يدافع فيها عن الأمر ولكنه هاجمه من عدة جهات ولا تكاد تفهم ما الذي يريده من الخطبة كأنه يعيش صراعاً مع نفسه بين الأدلة والبراهين على مشروعية الأمر بل كونه ضرورة في بعض المجتمعات وأن عدم وجوده سيؤدي إلى مشاكل كبيرة وهذا ما اعترف ونقل اعترافات غربيين مهمة في ذلك

وبين كونه يريد إرضاء الجمهور النسائي ، وقد أكد على معنى وهو أن في هذا العصر التعدد المنع منه أقرب لأن المرأة العصرية تعرف حقوقها ! ، فقال بما أن عامة الرجال لا يعدلون فينبغي المنع من ذلك !

والواقع أن هذه نظرة عجيبة في الحقيقة فإذا كنا نشترط العدل فما وجه مثل هذا الكلام ثم إن الظلم من الأزواج على الزوجات يقع بتعدد وبغير تعدد وكل له حلوله الشرعية من مسألة الحكمين واللجوء للقضاء ونظائرها

ولكن الجديد في عصرنا أنه عصر فتن والزنا فيه فاش وأسباب الشهوات ضربت بأطنابها

وقد اعترف عدنان بنفسه أن فشو الأبناء غير الشرعيين في أوروبا النظام الاجتماعي ومن أهم أركانه عدم التعدد

قال ابن القيم في بدائع الفوائد :" ومن مسائل الفضل بن زياد:
قال: سمعت أبا عبد الله قيل له: ما تقول في التزويج في هذا الزمان؟ فقال: "مثل هذا الزمان ينبغي للرجل أن يتزوج ليت أن الرجل إذا تزوج اليوم ثنتين". فقلت "ما يأمن أحدكم أن ينظر النظر فيحبط عمله". قلت له: كيف يصنع من أين يطعمهم؟ فقال: "أرزاقهم على الله عز وجل".

ولن أطيل في التعليق على خطبته فنصفها ينقض النصف الآخر ، ومسألة التعدد لا يحكى فيها حكم عام بل يختلف الأمر باختلاف الناس

وقول عدنان أن غالب الرجال لا يعدلون فينبغي المنع ، لو طرده وقال معظم من يكشفن وجوههن يتبرجن فينبغي إيجاب النقاب وحكم الحاكم يرفع الخلاف ألا يكون ذلك جيداً ومن نفس الباب ؟

على أن ما ذكره مجرد مفسدة تقابلها مفسدة أخرى وهي مفسدة تعطل الأرحام وتعرض كثير من النساء للفاحشة بسبب الحرمان وما ذكره ليس دقيقاً والظلم يمكن علاجه بوسائل شرعية على أن ما ذكره كله لا يسلم

ولو طردنا هذا القياس لقلنا معظم الآباء لا يعدلون بين الأولاد فلنحدد النسل ونمنع من تكثير الأولاد !

ونحن نرى بعض أفسق الناس يعدل بين أبنائه ، والعدل بين الأزواج في الكسوة والنفقة والمبيت مثل ذلك أو أهون


ولكنني أود التعليق على أمرين :

الأول : دعواه أن أبا حنيفة كان ضد تعدد الزوجات وأنه قال ( صاحب الواحدة في سرور وصاحب الاثنتين في شرور )

وقد أعياني البحث عن هذه المقولة فلم أجدها ، ومعلوم موقفنا من أبي حنيفة ولكن الله يحب الإنصاف 

فيبدو أنها من نهفات عدنان إبراهيم وعندياته وما أكثرها 

ومذهب أبي حنيفة استحباب النكاح مطلقاً وهذا يقع على النكاح الفردي أو التعددي لأن العلل المذكورة تشمل الجميع فمن العلل إعفاف المسلمة ومنها تكثير الأولاد

جاء في مجمع الأنهر من كتب الحنفية :" (وَيُسَنُّ مُؤَكَّدًا حَالَةَ الِاعْتِدَالِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «النِّكَاحُ سُنَّتِي فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» .
وَقَالَ «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ»"

والنبي صلى الله عليه وسلم سنته التعدد وعلة المكاثرة متحققة في التعدد أكثر من الإفراد والكلمة التي يرددونها اليوم باستمرار ( التعدد مباح ) كلمة لم يطلقها فقيه قط فيما أعلم

وجاء في الغرة المنيفة من كتب الأحناف :" مسألة: الاشتغال بالنكاح أفضل من التخلي لنفل العبادات عند أبي حنيفة وهو قول عامة الصحابة والتابعين رضي الله عنهم وقال: الشافعي رحمه الله التخلي لنفل العبادات أفضل من النكاح.
حجة أبي حنيفة: أن النكاح واجب أو سنة وعلى التقديرين فهو أفضل من النوافل لأنه إن كان في حالة التوقان فهو واجب عملا بظاهر الأمر لقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ} 1 ورجحان الواجب على النفل ظاهر وإلا فهو سنة لقوله صلى الله عليه وسلم: "النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني" وعن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالباءة وينهى عنه التبتل نهيا شديدا ويقول: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة" رواه أحمد في مسنده وعن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعاكف بن بسر: "هل لك زوجة" قال: لا "ولا جارية" قال: لا قال: "وأنت موسر" قال: وأنا موسر قال: "إذن أنت من إخوان الشياطين إن من سنتنا النكاح شراركم عزابكم وأرذل موتاكم عزابكم" أخرجه أحمد رحمه الله في مسنده وروى ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلي الله عليه وسلم شبابا ليس لنا شئ فقال: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" أمر بالنكاح وقدمه على الصوم فهذه الأحاديث دالة على أنها سنة وهي أفضل من النوافل بالإجماع"

وفي الاختيار والتعليل من كتب الحنفية :" وَهُوَ عَقْدٌ مَشْرُوعٌ مُسْتَحَبٌّ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ، ثَبَتَتْ شَرْعِيَّتُهُ بِالْكِتَابِ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور: 32] ، وَقَوْلُهُ: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] . وَبِالسُّنَّةِ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تَنَاكَحُوا تَكْثُرُوا؛ فَإِنِّي أُبَاهِي بِكُمُ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، وَقَالَ: «النِّكَاحُ سُنَّتِي، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» . وَالنُّصُوصُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ، وَالْآثَارُ فِيهِ غَزِيرَةٌ، وَعَلَى شَرْعِيَّتِهِ إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ"

ولا أعلم أحداً قال النكاح في أصله مستحب والتعدد مباح لا أعلم أحداً فصل هذا التفصيل

وإنما يوجب الفقهاء الزواج بواحدة للأعزب في حال خشية العنت فيكون بهذه الحال منفصلاً عن التعدد ويبقى عقد النكاح تعدداً على أصل الاستحباب ويصير محرماً مع العزم على الظلم وإهدار حق الزوجة الأولى

وأيضاً نقل عدنان كلمة عن ابن الجوزي وهي قوله في صيد الخاطر :"  العاقل من يقتصر على الواحدة، إذا وافقت غرضه، ولا بد أن يكون فيها شيء لا يوافق؛ إنما العمل على الغالب، فتوهب الخلة الردية للجيدة1.
وينبغي أن يكون النظر إلى باب الدين قبل النظر إلى الحسن؛ فإنه إذا قل الدين، لم ينتفع ذو مروءة بتلك المرأة"

وكان قد قال قبلها :" من أعظم الضرر الداخل على الإنسان كثرة النساء.
إنه أولًا يتشتت همه في محبتهن، ومداراتهن، وغيرتهن، والإنفاق عليهن، ولا يأمن إحداهن أن تكرهه، وتريد غيره، فلا تتخلص إلا بقتله! ولو سلم من جميع ذلك، لم يسلم في الكسب لهن، فإن سلم، لم ينج من السآمة لهن، أو لبعضهن، ثم يطلب ما لا يقدر عليه من غيرهن؛ حتى إنه لو قدر على نساء بغداد كلهن، فقدمت امرأة مستترة من غير البلد، ظن أنه يجد عندها ما ليس عندهن!
ولعمري، إن في الجدة لذة، ولكن، رب مستور إذا انكشف افتضح.
ولو أنه سلم من كل أذى يتعلق بهن، أنهك بدنه في الجماع، فيكون طلبه للالتذاذ مانعًا من دوام الالتذاذ، ورب لقمة منعت لقمات! ورب لذة كانت سببًا في انقطاع لذات!"

وهذا الكلام من ابن الجوزي انفعالي في مشاهدة حال معينة وإلا هو نفسه قال كلاماً آخر في الكتاب نفسه

حيث قال : "وإن أكثر من النكاح والسراري، كان ممدوحًا لا مذمومًا؛ فقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم زوجات وسراري، وجمهور الصحابة كانوا على الإكثار في ذلك، وكان لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أربع حرائر، وسبع عشرة أمة، وتزوج ولده الحسن نحوًا من أربع مئةٍ.
58- فإن طلب التزوج للأولاد، فهو الغاية في التعبد، وإن أراد التلذذ، فمباح، يندرج فيه من التعبد ما لا يحصى، من إعفاف نفسه والمرأة. إلى غير ذلك. وقد أنفق موسى عليه السلام من عمره الشريف عشر سنين في مهر ابنة شعيب؛ فلولا ذلك. وقد أنفق موسى عليه السلام من عمره الشريف عشر سنين في مهر ابنة شعيب، فلولا أن النكاح من أفضل الأشياء، لما ذهب كثير من زمان الأنبياء فيه. وقد قال ابن عبَّاس رضي الله عنهما: خيار هذه الأمة أكثرها نساء، وكان يطأ جارية له، وينزل في أخرى، وقالت سرية الربيع بن خثيم: كان الربيع يعزل"

وهذا الكلام أجود وأقرب للفطرة وأحسن في ذكر الآثار

وقال ابن الجوزي أيضاً :" 144- ومن خاف وجود الغيرة، فعليه بالسراري، فإنهن أقل غيرة، والاستظراف لهن أمكن من استظراف الزوجات.
145- وقد كانت جماعة يمكنهم الجمع، وكان النساء يصبرن: فكان لداود عليه الصلاة والسلام مئة امرأة، ولسليمان علية الصلاة والسلام ألف امرأة، وقد علم حال نبينا صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
وكان لأمير المؤمنين علي رضي الله عنه أربع حرائر، وسبع عشرة سريَّةً، وتزوج ابنه الحسن رضي الله عنه بنحو من أربع مئة، وإلى غير هذا مما يطول ذكره فافهم ما أشرت إليه، تفز به إن شاء الله تعالى"

فلماذا يترك كلام ابن الجوزي هذا ويختزل فقط ما يناسب أهواء فئة معينة من الناس

وكثير ممن يتكلم في التعدد يتكلم وكأن الرجل سيتزوج رجلاً آخر وقد أحسن عدنان إبراهيم حين قال : امرأة يقبل أهلها وتقبل هي بأن تكون زوجة ثانية هل عندها خيار ؟

فعلاً في الغالب لا يكون هناك خياراً وهذا يبين لنا أن ولي الأمر لو منع من هذا كما حثه عدنان إبراهيم سيكون اتخذ خطوة مضرة بالناس ، نعم ليسوا كل الناس سيعددون ولكن من الناس من يعدد وينصف ويعف الله به امرأة مسلمة ويمنحها فرصة تكوين أسرة وإنجاب أطفال وأن يكون لها رجل يوفر لها مسكناً وكسوة ونفقة عليها مع إعفاف النفس ( وهذه واجبات الزوج تجاه الزوجة وما يجب العدل فيه في قول أكثر الفقهاء )
والعجيب أن تعدد الزوجات أمر أدرك ضرورته حتى بعض النصارى المتأخر فهذا مارتن لوثر إمام البروتستانت الثائر على فساد الكنيسة يقول :" إن نبضة الجنس قوية بحيث لا يقدر على العفة إلا قليل .........." حتى قال :" بل الزواج بامرأتين قد يسمح به أيضاً كعلاج لاقتراف الإثم كبديل للاتصال الجنسي غير المشروع " هذا في كتاب ماذا المسيحية عن الجنس 
 يقول بيلي جراهام _ منصر مشهور _ :" لا تستطيع المسيحية التوافق مع إشكال تعدد الزوجات . وإذا كانت مسيحية اليوم عاجزة عن ذلك فإن ذلك يضر بها ، لقد أباح الإسلام تعدد الزوجات كعلاج لأمراض اجتماعية وسمح بقدر من الحرية في الطبيعة البشرية ولكن ضمن إطار تشريعي صارم تتبجح البلاد المسيحية اليوم بنظام الزوجة الواحدة ولكنها واقعياً تمارس التعدد لا أحد يجهل دور العشيقات في المجتمع الغربي وفي هذه الناحية الإسلام دين صادق جداً فهو يسمح للمسلم أن يتزوج ثانية إذا اضطر ولكنه يحظر بشدة جميع العلاقات الغرامية السرية لحماية النزاهة الأخلاقية للمجتمع " the myth and reality p64

علينا ألا نقع فيما وقع فيه هؤلاء 

ونحن لا نقول أنه واجب وحتم على كل رجل ، ولكن في الوقت نفسه هو باق على الاستحباب ويتأكد في المجتمعات التي يكثر فيها عدد النساء جداً مقارنة بالرجال وبشرط العدل واختيار الزوجة الصالحة للزواج خصوصاً في أزمنة الفتن هذه

وما نقصده من العدل لا ألا يقع من الرجل زلل نهائياً فهذا غير مقدور وإنما أن يكون الغالب في سيرته العدل والسلامة وإن حصل زلل يستدرك والمرأة أيضاً عليها حقوق عليها أن تؤديها

وعلينا أن نطهر عقول بناتنا من الأفكار الوافدة والسلبية التي لو استمرت في عقولهن فسننتهي إلى ما ذكره عدنان نفسه من حال أوروبا من كثرة البغايا وأبناء الزنا وأثر ذلك على نفوس الخلق هناك وعلى انتشار الجريمة

وأما قاعدة حكم الحاكم يمنع الخلاف والتي لا نراها إلا ضد الشريعة فهي مقيدة بكون الخلاف قوياً وكون هذا الحاكم ينطلق من الشريعة لا من فلسفات غربية ، ويكون هذا الحاكم عدلاً معتبر الحكم لا الحاكم الذي يبيح الدعاة المقننة ويمنع من تعدد الزوجات !


و قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى: (35/372) ليس المراد بالشرع اللازم لجميع الخلق حكم الحاكم ولو كان الحاكم أفضل أهل زمانه بل حكم الحاكم العالم العادل يلزم قوما معينين تحاكموا إليه في قضية معينة لا يلزم جميع الخلق ولا يجب على عالم من علماء المسلمين أن يقلد حاكما لا في قليل ولا في كثير إذا كان قد عرف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم بل لا يجب على آحاد العامة تقليد الحاكم في شيء بل له أن يستفتى من يجوز له استفتاؤه وإن لم يكن حاكما.



و قال مجموع الفتاوى (3/238-240) الأمة إذا تنازعت في معنى آية أو حديث أو حكم خبري أو طلبي لم يكن صحة أحد القولين وفساد الآخر ثابتا بمجرد حكم حاكم فإنه إنما ينفذ حكمه في الأمور المعينة دون العامة ولو جاز هذا لجاز أن يحكم حاكم بأن قوله تعالى ﴿ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ﴾ [البقرة:228] هو الحيض والأطهار ويكون هذا حكما يلزم جميع الناس... والذى على السلطان في مسائل النزاع بين الأمة أحد أمرين إما أن يحملهم كلهم على ما جاء به الكتاب والسنة واتفق عليه سلف الأمة لقوله تعالى ﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ [النساء:59] وإذا تنازعوا. فَهِم كلامَهم إن كان ممن يمكنه فهم الحق فإذا تبين له ما جاء به الكتاب والسنة دعا الناس إليه أو أن يقر الناس على ما هم عليه كما يقرهم على مذاهبهم العملية...



أما إلزام السلطان في مسائل النزاع بالتزام قول بلا حجة من الكتاب والسنة فهذا لا يجوز باتفاق المسلمين ولا يفيد حكم حاكم بصحة قول دون قول في مثل ذلك إلا إذا كان معه حجة يجب الرجوع إليها فيكون كلامه قبل الولاية وبعدها سواء أهـ.

ويا ليت شعري الأمة الإسلامية منذ ثلاثة عشر قرنا خلت حكمت بقعة كبيرة من الأرض من الحجار والعراق والشام واليمن وخراسان والأندلس ومصر وشمال افريقيا والحبشة وغيرها ما منع حاكم من تعدد الزوجات مع كون العفة أعظم في الأزمنة السابقة وكان هناك الجواري ، فهل يصلح أن يشرع حاكم هذا التشريع اليوم وحالنا ما علمت من التهتك وفشو الرذيلة كل ذلك مراعاة لمزاج المستعمر ومحاكاة لصنيع الكنيسة التي حرفت كتابها 

ونظام الزوجة الواحدة أضر بالمرأة أيضاً لا التي بقيت عانساً فحسب بل التي يأتيها خاطب وتعلم أنها في بلد يكثر فيه عدد النساء جداً مقارنة بالرجال وكل رجل له واحدة فتجدها ترضى بالبدون لضيق الفرص ، وحتى اشتراط المرأة على زوجها ألا يتزوج عليها ما دامت على ذمته قد يكون له نتيجة عكسية في المستقبل وهو أنه يرغب بقوة بالزواج بامرأة أخرى فيطلقها لهذا الداعي ويتشرد الأطفال  

ومن الأمور المضحكة في خطبة عدنان إبراهيم مدحه لأبي جعفر المنصور _ مع أنه كان سفاكاً ظلوماً _ وأنصف مع نفسه حيث قال أن أبا جعفر المنصور كان فيه صلاحاً وأننا لو جعلت في أيدينا السلطة التي كانت بين يديه لفعلنا أشد مما فعل ، ولا أدري لماذا لا يقول هذا الكلام مع معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي