مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: عدنان إبراهيم بين الاستدلال بالواهي في تحريم النقاب وترك الصحيح في تحريم المعازف

عدنان إبراهيم بين الاستدلال بالواهي في تحريم النقاب وترك الصحيح في تحريم المعازف



أما بعد :


قال أبو نعيم في معرفة الصحابة 7215 - حدثني شيخ لقيته بباب الشام يقال له : سعيد بن حميد ، عن قريبة بنت منيعة ، عن أمها ، أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله ، النار النار ، فقام إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : « ما نجواك ؟ » فأخبرته بأمرها وهي منتقبة ، فقال : « يا أمة الله ، أسفري ، فإن الإسفار من الإسلام ، وإن النقاب الفجور » أخبرناه محمد بن محمد بن يعقوب ، في كتابه إلينا ، ثنا عبد الله بن محمد الوراق البغدادي ، ثنا يحيى بن أيوب ، به

استدل بهذا الحديث الباطل عدنان إبراهيم والذي منهجه أنه لا يستدل بالأحكام إلا بالحديث العزيز فكيف يستدل بهذا الغريب وفي سنده سعيد بن حميد مجهول ، وكذا قريبة بنت منيعة وهي مجهولة

وهو حديث باطل يخالف عمل المسلمين على مدى قرون

ال ابن حجر في " شرح البخاري " (9/235-236) : ( لم تزل عادة النساء قديمًا وحديثاً يسترن وجوههن عن الأجانب ) ، ونقل ابن رسلان ( اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه ) . ( انظر : نيل الأوطار للشوكاني (6/114).

وقال أبوحامد الغزالي في " إحياء علوم الدين " ( 6 / 159 مع شرحه ) : ( لم يزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه ، والنساء يخرجن متنقبات ) .

ونقل النووي في روضة الطالبين ( 5 / 366 ) عن الجويني : ( اتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات )
قال أبو بكر الجصاص، :المرأة الشابَّة مأمورة بستر وجهها من الأجنبي، وإظهار الستر والعفاف عند الخروج، لئلا يطمع أهل الرِّيب فيها (أحكام القرآن 3/458 )



وقال علاء الدين الحنفيُّ ،: وتُمنع المرأة الشابَّة من كشف الوجه بين الرجال.

قال ابن عابدين، : المعنى: تُمنع من الكشف لخوف أن يرى الرجال وجهها فتقع الفتنة، لأنَّه مع الكشف قد يقع النَّظر إليها بشهوة.
وفسَّر الشهوة بقوله: أن يتحرك قلب الإنسان، ويميل بطبعه إلى اللَّذة.
ونصَّ على أنَّ الزوج يعـّـزر زوجته على كشف وجهها لغير محرم
(حاشية ابن عابدين 3/261) وقال في كتاب الحجّ: وتستر وجهها عن الأجانب بإسدال شيءٍ متجافٍ لا يمسُّ الوجه، وحكى الإجماع عليه.

قال الطحطاويُّ، : تمنع المرأة الشابَّة من كشف الوجه بين رجال. (رد المحتار 1/272)

وقال السهارنفوريُّ الحنفيُّ، : ويدلُّ على تقييد كشف الوجه بالحاجة: اتفاق المسلمين على منع النِّساء أن يخرجن سافرات الوجوه، لاسيما عند كثرة الفساد وظهوره (بذل المجهود شرح سنن أبي داود 16/431)


قال ا ابن نجيم ( البحر الرائق شرح كنز الدقائق ـ 1 / 284) :

« قال مشايخنا : تمنع المرأة الشابة من كشف وجهها بين الرجال في زماننا للفتنة » اهـ

وهذه نصوص الحنفية أهل الرأي ولو كانت نصوصاً في تقييد حرمة النمص ببعض الصور لرأيتها منتشرة في الصفحات الفيس ويرقصون حولها ويطبلون ولكن هذه تكتم

وأما المالكية فذكر الآبِّيُّ: أنَّ 25- ابن مرزوق نصَّ على :

أنَّ مشهور المذهب وجوب سـتر الوجـه والكفين إن خشـيت فتنة من نظر أجنبي إليها (جواهر الإكليل 1/41).

روى الإمام مالك ( الموطأ ـ 2 / 234 بشرح 31- الزرقاني ، وانظر نحوه في : أوجز المسالك ـ 6 / 196) ، عن هشام بن عروة ، عن فاطمة بنت المنذر أنها قالت : « كنا نُخمّر وجوهنا ونحن محرمات ، ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق » .
قال  الزرقاني
« زاد في رواية : فلا تنكره علينا ، لأنه يجوز للمرأة المحرمة ستر وجهها بقصد الستر عن أعين الناس ، بل يجب إن علمت أو ظنت الفتنة بها، أو يُنظر لها بقصد لذة .

32- قال ابن المنذر :
أجمعوا على أن المرأة تلبس المخيط كله ، والخفاف ، وأن لها أَنْ تغطي رأسها ، وتستر شعرها ، إلا وجهها ، فَتُسدل عليه الثوب سدلًا خفيفًا تستتر به عن نظر الرجال ، ولا تُخَمِّر ، إلا ما روي عن فاطمة بنت المنذر ، فذكر ما هنا ، ثم قال : ويحتمل أن يكون ذلك التخمير سدلًا ، كما جاء عن عائشة قالت : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مُرَّ بنا سَدَلْنا الثوب على وجوهنا ونحن محرمات ، فإذا جاوزْنا رفعناه » اهـ .- وقال الشيخ الحطَّاب (مواهب الجليل لشرح مختصر خليل ـ 1 / 499) :
« واعلم أنه إن خُشي من المرأة الفتنة يجب عليها ستر الوجه والكفين .
34- قاله القاضي عبد الوهاب ، ونقله عنه أحمد زرّوق في شرح الرسالة ، وهو ظاهر التوضيح . هذا ما يجب عليها »اهـ .

(( ومذهب الشافعيّ أَمَسُّ بسدِّ الذرائع ، وأقرب للاحتياط ، لا سيَّما في هذا الزمان الذي اتّسع فيه البلاء ، واتسع فيه الخرق على الراقع » .

اهـ باختصار يسير ( شرح الزرقاني على مختصر خليل ـ 1 / 176)

قال الغزي في شرحه لمتن أبي شجاع (( أما عورة الحرة خارج الصلاة فجميع بدنها ))


وأقره على هذا البيجوري في حاشيته عليه (1/272)


وقال ابن قاسم العبادي في حاشيته على تحفة المحتاج (2/333) (( قال الزيادي في شرح المحرر بعد كلام وعرف بهذا التقرير أن لها ثلاث عؤوات عورة في الصلاة وهو ما تقدم وعورة بالنسبة إلى نظر الأجانب إليها جميع بدنها حتى الوجه والكفين على المعتمد ))


واختار هذا القول الجرداني في فتح العلام (2/146) وقال (( وهذا هو المعتمد )) وقال قبله (( وبالنسبة إلى نظر الأجنبي إليها جميع بدنها _ يعني عورة _ بدون استثناء شيء منه أصلاً ((


ومن كلامه (( وهذا لا ينافي _ يعني كلام القاضي عياض _ ما نقله الإمام _ يعني ابن رسلان _ من اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه لأن منعهن من ذلك ليس لوجوب الستر عليهم بل لأن فيه مصلحة عامة


نعم ستر الوجه وجوبه عليها إذا علمت نظر الأجنبي إليها لأن في بقاء الكشف إعانة على الحرام أفاد ذلك السيد أبو بكر في حاشيته على فتح المعين نقلاً عن فتح الجواد وضعف الرملي كلام القاضي وذكر أن الستر واجبٌ لذاته ))


( وهؤلاء كلهم شافعية )

وقال الموزعيُّ الشافعيُّ، رحمه الله:
لم يزل عمل النَّاس على هذا، قديماً وحديثاً، في جميع الأمصار والأقطار، فيتسامحون للعجوز في كشف وجهها، ولا يتسامحون للشابَّة، ويرونه عورة ومنكراً، وقد تبين لك وجه الجمع بين الآيتين، ووجه الغلط لمن أباح النَّظر إلى وجه المرأة لغير حاجة.


والسلف والأئمة كمالك والشافعيِّ وأبي حنيفة وغيرهم لم يتكلموا إلا في عورة الصلاة.


فقال الشافعيُّ ومالك: ما عدا الوجه والكفين، وزاد أبو حنيفة: القدمين، وما أظنُّ أحداً منهم يُبيح للشابَّة أن تكشف وجهها لغير حاجة، ولا يبيح للشابِّ أن ينظر إليها لغير حاجة
(تيسير البيان لأحكام القرآن 2/1001).

وأما الحنابلة قال الشيخ يوسف بن عبد الهادي المقدسي الحنبلي في ( مغني ذوي الأفهام عن الكتب الكثيرة في الأحكام ـ ص 120 ) :

« ولا يجوز للرجل النظر إلى أجنبية ، إلا العجوز الكبيرة التي لا تشتهى مثلها ، والصغيرة التي ليست محلاً للشهوة ، ويجب عليه صرف نظره عنها . ويجب عليها ستر وجهها إذا برزت » اهـ .

وقال منصور بن يونس بن إدريس البهوتي
(كشاف القناع عن متن الإقناع ـ 1 / 309)

( والحرة البالغة كلها عورة في الصلاة حتى ظفرها وشعرها )
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « المرأة عورة » رواه الترمذي وقال : حسن صحيح .

تنبيه : هذه النقولات عامتها مستفادة من بحث منشور في الشبكة في موقع طريق السنة إلا قليلاً منها من عندي

ومن هنبثة عدنان إبراهيم أنه قال كيف تلبس المرأة هذا الجلباب في الحر

فسبحان الله كما قال المنافقون الأوائل ( لا تنفروا في الحر ) الله المستعان ( قل نار جهنم أشد حراً ) وحين أمر الله بالجلباب لم يفرق بين صيف وشتاء ، وهذا فعل المسلمات أمد الدهر ، فإن قيل : هو يقصد النقاب فحسب فيقال المرأة تغطي كل جسدها بفضفاض ولا يؤذيها في الحر وفقط إذا غطت وجهها تموت !

ولو كان صادقاً لقال بأن النقاب في البرد حسن وعظيم لأنه ستر ودفء ولكن لا يقولها

والعجيب أنه يستدل بهذا الحديث الواهي مع إنكاره لمتواترات من أهمها حديث نزول المسيح عيسى ابن مريم وأخبار الخلفاء في الرجم وعدد من أحاديث الرجم

وليس هذا بحثي الآن وإنما بحثي المقارنة بين الرواية الواهية التي احتج بها وبين بعض أخبار المعازف

قال ابن أبي شيبة في المصنف 16662- حَدَّثَنَا شَرِيكٌ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى أَبِي مَسْعُود وَقَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ وَعِنْدَهُمَا جَوَارٍ يُغَنِّينَ ، فَقُلْتُ : أَتَفْعَلُونَ هَذَا وَأَنْتُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؟ قَالَ ، فَقَالَ : إنَّهُ رُخِّصَ لَنَا فِي اللَّهْوِ عِنْدَ الْعُرْسِ.

وهذا خبر قوي وقد رواه شعبة عن أبي إسحاق وقولهم ( رخص لنا في العرس ) مفهومه أنه محرم في غيره

وقال البيهقي في السنن الكبرى 21000 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ , أنبأ أَبُو مَنْصُورٍ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ النَّضْرَوِيُّ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ , ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ , ثنا أَبُو عَوَانَةَ , عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ , عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْكُوفِيِّ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ: " الدُّفُّ حَرَامٌ , وَالْمَعَازِفُ حَرَامٌ , وَالْكُوبَةُ حَرَامٌ , وَالْمِزْمَارُ حَرَامٌ "

وقد ذكر ابن حزم نفسه أن الخير في سنن سعيد بن منصور

وأبو هاشم الكوفي سعد السنجاري وثقه العجلي وابن معين وروى عنه جمع ولا يعقل أن ترجمان القرآن يتكلم ويقول ( حرام ) بدون دليل

قال ابن أبي شيبة في المصنف 23224 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، «أَنَّ رَجُلًا كَسَرَ طُنْبُورَ الرَّجُلِ فَخَاصَمَهُ إِلَى شُرَيْحٍ فَلَمْ يُضَمِّنْهُ شَيْئًا»

شريح القاضي من كبار التابعين وقد كان قاضياً عند عمر وعثمان وعلي

قضاؤه هذا يقتضي القول بتحريم الطنبور ومثله بقية المعازف

فلو لم يكن هذا الأمر فاشياً في ذلك العصر لما حكم شريح بهذا وهذا القضاء كان بمرأى ومسمع من أعيان الصحابة والتابعين

والأصل في الأشياء الإباحة فحين ينتقل القاضي شريح من الإباحة إلى التحريم فلا بد أن يكون قد صح عنده شيء عن شيوخه من كبار الصحابة


وقال ابن المنذر في الأوسط [7/ 33]:
حدثنا أبو حاتم الرازي، قال: حدثنا سليمان بن حرب سنة خمس عشرة بمكة، عن حماد بن زيد عن أيوب، عن محمد، أن شريحاً كان يرى رد اليمين.
قال سليمان: هذا قاضي عمر بن الخطاب، وعثمان، وعلي.
أقول: استدل سليمان بن حرب على سداد قول شريح بأنه كان قاضياً عند عمر وعثمان وعلي.
واعلم أن شريحاً لا يروي إلا عن الصحابة فتأمل هذا بل لا يروي إلا عن كبارهم

قال ابن أبي شيبة في المصنف 16669- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ , عَنْ سُفْيَانَ , عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسلِم ، قَالَ : قَالَ لِي خَيْثَمَةُ : أما سَمِعْت سُوَيْدًا يَقُولُ : لاَ تَدْخُلُ الْمَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ دُفٌّ.

وهذا إسناد صحيح لسويد بن غفلة وهو تابعي مخضرم أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمعه كاد أن يكون صحابياً قدم المدينة وقد انتهوا للتو من دفن النبي صلى الله عليه وسلم فلا شك أنه أخذ هذا الحكم من الصحابة الكرام إذ أنه لم يأخذ العلم إلا من كبارهم ولا شك أن الصحابة أخذوه من النبي صلى الله عليه وسلم

وقال ابن أبي شيبة في المصنف 16668- حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ , عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ , عَنْ مَغْرَاءَ العبدي , عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ سَمِعَ صَوْتَ دُفٍّ , فَقَالَ : الْمَلاَئِكَةُ لاَ يَدْخُلُونَ بَيْتًا فِيهِ دُفٌّ.

مغراء هذا روى عنه الأعمش وأبو إسحاق ويونس والحسن وليث بن أبي سليم وهذا يقوي حاله جداً خصوصاً وأنه يروي خبراً مقطوعاً

وشريح هذا قاضي عمر وعثمان وعلي وهو تابعي كبير فلا شك أنه أخذ هذا الحكم عن كبار الصحابة الذين أخذ عنهم
وهذا هو حال الدف الذي يرخص في العرس فكيف بما دونه ؟

فلو لم يكن في تحريم المعازف إلا هذه الآثار الثلاثة لكانت كافية عند من لم بصيرة وتعظيم لفقه السلف فكيف بالنصوص الأخرى المتكاثرة وأقل الباب تركها ورعاً ولعمري هي محرمة البتة

قال ابن أبي خيثمة في تاريخه 3574- ودفع إليَّ علي بن الْمَدِيْنِيّ كتاب أبيه بخط أبيه فرأيت فيه: قَالَ يَحْيَى بْن سَعِيدٍ: أَتَىَ شُعْبَة بن الحَجَّاج المِنْهالَ بن عَمْرو فسمع صوتًا فتركه؛ يعني: الغناء.

فشعبة هنا يهجر محدثاً من أجل أنه سمع الغناء من بيته

وهنا يقف الباحث العاقل ويعمل القرائن

قال ابن حزم في طوق الحمامة :" حُرِّمَ على المسلم الالتذاذ بسماع نغمة امرأة أجنبية"
فهذا كلام ابن حزم الذي عمدة عامة من حلل الغناء في هذا العصر تناسباً مع الثقافة الإباحية الجديدة التي ظهرت بعد الاستعمار لا يذكرون هذا القيد

فابن حزم يرى حرمة التلذذ بسماع غناء الأجنبية وهذا متناسب مع حرمة التلذذ بالنظر إليها

بل بعضهم يصرح بسماع بعض المطربات ويسميها باسمها ، وكذا فعل عدنان إبراهيم حين ذكر فيروز المغنية

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا في ذم الملاهي : حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ: أَيْنَ الَّذِينَ كَانُوا يُنَزِّهُونَ أَسْمَاعَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ عَنْ مَجَالِسِ اللَّهْوِ، وَمَزَامِيرِ الشَّيْطَانِ، أَسْكِنُوهُمْ رِيَاضَ الْمِسْكِ. ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ: أَسْمِعُوهُمْ تَمْجِيدِي وَتَحْمِيدِي، وَأَخْبِرُوهُمْ أَنْ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ، وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ.

وهذا إسناد صحيح غاية ، ومحمد بن المنكدر تابعي جليل من العلماء تتلمذ عليه السفيانان ومالك وأيوب وغيرهم من العلماء واتفق الناس على توثيقه وجلالته

و قال إسحاق بن راهويه عن سفيان بن عيينة : كان من معادن الصدق ، و يجتمع إليه الصالحون ، و لم يدرك أحدا أجدر أن يقبل الناس منه إذا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم منه . يعني لتحريه

و ذكره ابن حبان فى كتاب " الثقات " ، و قال : كان من سادات القراء لا يتمالك البكاء إذا قرأ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و كان يصفر رأسه و لحيته بالحناء .

ووالده المنكدر هو خال عائشة

و قال الشافعى فى مناظرته مع ( عشرة ) ، فقلت : و محمد بن المنكدر عندكم غاية فى الثقة ؟ قال : أجل ، و فى الفضل .
و قال يعقوب بن شيبة : صحيح الحديث جدا .
و قال إبراهيم بن المنذر : غاية فى الحفظ و الإتقان و الزهد ، حجة.

فهذا الأثر يستفاد منه شهرة تحريم المعازف في ذلك الزمان

وقال النسائي في سننه 4146 - أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مَحْبُوبٌ يَعْنِي ابْنَ مُوسَى قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَقَ وَهُوَ الْفَزَارِيُّ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ  كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْوَلِيدِ كِتَابًا فِيهِ وَقَسْمُ أَبِيكَ لَكَ الْخُمُسُ كُلُّهُ وَإِنَّمَا سَهْمُ أَبِيكَ كَسَهْمِ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِ حَقُّ اللَّهِ وَحَقُّ الرَّسُولِ وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَمَا أَكْثَرَ خُصَمَاءَ أَبِيكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَكَيْفَ يَنْجُو مَنْ كَثُرَتْ خُصَمَاؤُهُ وَإِظْهَارُكَ الْمَعَازِفَ وَالْمِزْمَارَ بِدْعَةٌ فِي الْإِسْلَامِ وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَبْعَثَ إِلَيْكَ مَنْ يَجُزُّ جُمَّتَكَ جُمَّةَ السُّوءِ

وهذا إسناد صحيح لعمر بن عبد العزيز وهو ينص أن المزامير بدعة وهو خليفة عادل وتابعي معروف 


فإذا أضفنا إليه الأحاديث التي في الباب وأثر ابن مسعود في أن الغناء ينبت النفاق في القلب والإجماعات المنقولة على حرمة أجرة المغنية مع النظر في أحوال والمغنين اليوم فيصير الأمر لا يرتاب فيه عاقل ، وحتى الأحاديث الضعيفة كلها أقوى من حديث النقاب الواهي الذي احتج به ، وزيادة على ما ذكروه في تفسير لهو الحديث

والمراد التنبيه على تناقض المسلك عند هذا الشخص مع الهوى، وهو في المسألتين مخالف للإجماع فلا أحد ذم النقاب مطلقاً ولا أحد ذمه في الصيف على جهة التحديد ، ولا أحد أباح سماع المغنيات من النساء البالغات ( فما بالك والكلمات كلها عشق وغرام )
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي