مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: أسطورة هشام بن عبد الملك والسبايا البربريات ...

أسطورة هشام بن عبد الملك والسبايا البربريات ...



أما بعد :



من الأساليب الخبيثة للطاعنين في الدين نشر الفرقة بين المسلمين على أساس قوميات ويركزون على الأكراد والبربر لأسباب معروفة

ومن ضمن ما ينشرونه بكثرة ما يلي :

نود إلقاء نظرة على رسالة تاريخية أرسلها أمير المؤمنين هشام بن عبد الملك الاموي ( م 741-691 م) من دمشق إلى عامله على بلاد الأمازيغ جاء فيها : "كتب هشام إلى عامله على إفريقيا أما بعد, فان أمير المزمنين لما رأى ما كان يبعث به موسى بن نصير إلى عبد الملك بن مروان رحمه الله تعالى, أراد مثله منك و عندك من الجواري البربريات الماليات للأعين الآخذات للقلوب, ما هو معوز لنا بالشام و ما ولاه. فتلطف في الانتقاء, و توخ أنيق الجمال, و عظم الاكفال, وسعة الصدور? و لين الأجساد? و رقة الأنامل? وسبوطة العصب? و جدالة الاسوق? وجثول الفروع? و نجالة الأعين, و سهولة الخدود, وصغر الأفواه, و حسن الثغور, و شطاط الأجسام, و اعتدال القوام? و رخام الكلام? و مع دلك, فاقصد رشدة و طهارة المنشأ. فأنهن يتخذن أمهات أولاد و السلام. " المصدر : من كتاب الدولة الأغلبية 909-800 التاريخ السياسي لصاحبه الاستاد الدكتور محمد الطالبين تعريب الدكتور المنجي الصيادي? نشر دار الغرب.

أقول : هذه القصة لا وجود لها في كتب التاريخ إنما توجد في كتاب هذا الشعوبي ليهيج البربر على العرب ولك أن تتخيل كم من الأكاذيب نشر أيضاً ، وليعلم أن هناك طريقة عند كتاب تلك الحقبة يفهم حادثة تاريخية فهماً ثم يصيغها بصياغته الخاصة وهذا يدخل فيه كذب وتهويل كبير

وأصل المعلومة ما ذكره ابن عذاري في البيان المعرب وهو يشرح أسباب الثورة التي قامت في بلاد البربر وهو لم نفسه لم يدرك الحقبة :" ثم أن عمر بن عبد الله المرادي عامل طنجة وما والاها أساء السيرة وتعدى في الصدفات والعشر وأراد تخميس البربر وزعم أنهم فيء المسلمين وذلك ما لم يرتكبه عامل قبلة وإنما كان الولاة يخمسون من لم يجب للإسلام فكان فعله الذميم هذا سبباً لنقض البلاد ووقوع الفتن العظيمة المؤدية إلى كثير القتل في العباد نعوذ بالله من الظلم الذي هو وبال على أهله.
فلما علم البربر خروج حبيب بن أبي عبيدة إلى بلاد الروم نقضوا الطاعة لعبيد الله بن الحبحاب بطنجة وأقاليمها وتداعت برابر المغرب بأسره فثارت المغرب بالمغرب الأقصى فكانت أول ثورة فيه وفي أفريقية في الإسلام.
وفي سنة 122 كانت ثورة البربر بالمغرب فخرج ميسرة المدغري وقام على عمر بن عبد الله المرادي بطنجة فقتله وثارت البرابر كلها مع أميرهم ميسرة الحقير ثم خلف ميسرة على طنجة عبد الأعلى بن حديج وزحف إلى إسماعيل بن عبيد الله بن الحبحاب إلى السوس فقتله ثم كانت وقائع كثيرة بين أهل المغرب الأقصى وأهل أفريقية يطول ذكرها وكان المغرب حينئذ قوم ظهرت فيهم دعوة الخوارج ولهم عدد كثير وشوكة كبيرة وهم برغواطة وكان السبب في ثورة البربر وقيام ميسرة إنها أنكرت على عامل ابن الحبحاب سوء سيرته كما ذكرنا وكان الخلفاء بالمشرق يستحبون طرائف المغرب ويبعثون فيها إلى عامل أفريقية فيبعثون لهم البربر السنيات فلما أفضى الأمر إلى ابن الحبحاب مناهم بالكثير وتكلف لهم أو كلفوه اكثر مما كان فأضطر إلى التعسف وسوء السيرة فحينئذ عدة البرابر على عاملهم فقتلوه وثاروا بأجمعهم على ابن الحبحاب"

فخلاصة ما ذكر ابن عذاري أن سيرة المرادي سيرة شاذة عن كل من سبقهم وأنه خمس بلاد المسلمين وذكر بعثة البربريات السنيات وليس صريحاً في أنهن جواري فقد يكن زوجات هذا إن صحت المعلومة في نفسها فابن عذاري هذا لم يدرك تلك الحقبة بل بينه وبينها خمسة قرون وهو نفسه لم أجد من وثقه أو ترجم

ثم إن البربر أنفسهم لما كونوا جيش كانوا قد اعتدوا على نساء غيرهم

قال في البيان المعرب :" قال ابن القطان وغيره: كان طريف من ولد شمعون ابن إسحاق وإن الصفيرة رجعت إلى مدينة القيروان لنهبها استباحتها في ثلث مائة ألف من البربر مع أمير منهم. وكانوا قد اقتسموا بلاد أفريقية وحريمها وأموالها؛ فهزمهم الله تعالى بأهل القيروان"

والسبب في هذا أن قسماً كبيراً منهم كانوا على مذهب الصفرية من الخوارج

وليعلم أن هشام بن عبد الملك ليس من صالحي الملوك وحصل منه ظلم كثير حتى خرج عليه كثيرون

وقد كان كثير من البربر على مذهب الخوارج وحصلت بينهم وبين جيش هشام صولات ، وهشام ليس من رواة الحديث ولا من الصالحين ولا تكاد تجد أحداً يمدحه بمدح مطلق

وقد أعاد هشام أخذ الجزية من المسلمين الذي يكونون أهل كتاب ثم يسلمون وقد رفعها عمر بن عبد العزيز ثم خرجوا عليه بسببها وصالحهم على مذهب وسط بين أسلافه ومذهب عمر بن عبد العزيز أن يرفع عنهم الجزية في حال تأكد من إسلامهم

وقال الطبري في تاريخه :" ذكرأبو عبيدة معمر بن المثنى أن بهلولا كان يتأله وكان له قوت دانق وكان مشهورا بالبأس عند هشام بن عبد الملك فخرج يريد الحج فأمر غلامه أن يبتاع له خلا بدرهم فجاءه غلامه بخمر فأمر بردها وأخذ الدراهم فلم يجب إلى ذلك فجاء بهلول إلى عامل القرية وهي من السواد فكلمه فقال العامل الخمر خير منك ومن قومك فمضى بهلول في حجه حتى فرغ منه وعزم على الخروج على السلطان فلقي بمكة من كان على مثل رأيه فاتعدوا قرين من قرى الموصل فاجتمع بها أربعون رجلا وأمروا عليهم بهلول وأجمعوا علىألا يمروا بأحد إلا أخبروه أنهم أقبلوا من عند هشام على بعض العمال ووجههم إلى خالد لينفذهم في أعمالهم فجعلوا لا يمرون بعامل إلا أخبروه بذلك وأخذوا دواب من دواب البريد فلما انتهوا إلى القرية التي كان ابتاع فيها الغلام الخل فأعطى خمرا قال بهلول نبدأ بهذا العامل الذي قال ما قال فقال له أصحابه نحن نريد قتل خالد فإن بدأنا بهذا شهرنا وحذرنا خالد وغيره فننشدك الله أن تقتل هدا فيفلت منا خالد الذي يهدم المساجد ويبني البيع والكنائس وبولي المجوس على المسلمين وينكح أهل الذمة المسلمات لعلنا نقتله فيريح الله منه قال والله لا أدع ما يلزمني لما بعده وأرجو أن أقتل هذا الذي قال لي ما قال وأدرك خالدا فأقتله وإن تركت هذا وأتيت خالدا شهر أمرنا فأفلت ها وقد قال الله عز و جل قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة قالوا أنت ورأيك فأتاه فقتله فنذر بهم الناس وعلموا أنهم خوارج وابتدروا إلى الطريق هرابا وخرجت البرد إلى خالد فاخبروه أن خارجة قد خرجت وهم لا يدرون حينئذ من رئيسهم"

فإن صح هذا الذي ذكر في هذه الرواية من أحوال عماله فالأمر كان شديداً في الانحراف

قال أبو عبيد في الأموال 125 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: «مَنْ شَهِدَ شَهَادَتَنَا، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَاخْتَتَنَ، فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ الْجِزْيَةَ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَفَلَا تَرَى أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ قَدْ تَتَابَعَتْ عَنْ أَئِمَّةِ الْهُدَى بِإِسْقَاطِ الْجِزْيَةِ عَمَّنْ أَسْلَمَ، وَلَمْ يَنْظُرُوا: فِي أَوَّلِ السَّنَةِ كَانَ ذَلِكَ وَلَا فِي آخِرِهَا، فَهُوَ عِنْدَنَا عَلَى أَنَّ الْإِسْلَامَ أَهْدَرَ مَا كَانَ قَبْلَهُ مِنْهَا، وَإِنَّمَا احْتَاجَ النَّاسُ إِلَى هَذِهِ الْآثَارِ فِي زَمَانِ بَنِي أُمَيَّةَ، لِأَنَّهُ يُرْوَى عَنْهُمْ، أَوْ عَنْ بَعْضُهُمِ: أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْخُذُونَهَا مِنْهُمْ وَقَدْ أَسْلَمُوا، يَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ بِمَنْزِلَةِ الضَّرَائِبِ عَلَى الْعَبِيدِ يَقُولُونَ: فَلَا يُسْقِطُ إِسْلَامُ الْعَبْدِ عَنْهُ ضَرِيبَتَهُ، وَلِهَذَا اسْتَجَازَ مَنِ اسْتَجَازَ مِنَ الْقُرَّاءِ الْخُرُوجَ عَلَيْهِمْ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ مَا يُثْبِتُ مَا كَانَ مِنْ أَخْذِهِمْ إِيَّاهَا
126 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، قَالَ: " أَعْظَمُ مَا أَتَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ بَعْدَ نَبِيِّهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ خِصَالٍ: قَتْلُهُمْ عُثْمَانَ ، وَإِحْرَاقُهُمُ الْكَعْبَةَ، وَأَخْذُهُمُ الْجِزْيَةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ "

وليعلم أن تجاوزات الملوك لم تفرق بين عربي وغيره ففي زمن يزيد بن معاوية استبيحت المدينة وهتكت الأعراض وهذا مما اتفق عليه المؤرخون

قال الخلال في السنة 845 - أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا مُهَنَّى، قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: هُوَ فَعَلَ بِالْمَدِينَةَ مَا فَعَلَ؟ قُلْتُ: وَمَا فَعَلَ؟ قَالَ: قَتَلَ بِالْمَدِينَةِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَعَلَ، قُلْتُ: وَمَا فَعَلَ؟ قَالَ: نَهَبَهَا، قُلْتُ: فَيُذْكَرُ عَنْهُ الْحَدِيثُ؟ قَالَ: لَا يُذْكَرُ عَنْهُ الْحَدِيثُ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَكْتُبَ عَنْهُ حَدِيثًا، قُلْتُ لِأَحْمَدَ: وَمَنْ كَانَ مَعَهُ بِالْمَدِينَةِ حِينَ فَعَلَ مَا فَعَلَ؟ قَالَ: أَهْلُ الشَّامِ؟ قُلْتُ لَهُ: وَأَهْلُ مِصْرَ، قَالَ: لَا، إِنَّمَا كَانَ أَهْلُ مِصْرَ مَعَهُمْ فِي أَمْرِ عُثْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ

وقال ابن تيمية في منهاج السنة :" وَأَمَّا مَا فَعَلَهُ بِأَهْلِ الْحَرَّةِ، فَإِنَّهُمْ لَمَّا خَلَعُوهُ وَأَخْرَجُوا نُوَّابَهُ وَعَشِيرَتَهُ  ، أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ يَطْلُبُ الطَّاعَةَ، فَامْتَنَعُوا، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ مُسْلِمَ بْنَ عُقْبَةَ الْمُرِّيِّ، وَأَمَرَهُ إِذَا ظَهَرَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُبِيحَ الْمَدِينَةَ ثَلَاثَةَ [أَيَّامٍ] (4) . وَهَذَا هُوَ الَّذِي عَظُمَ إِنْكَارُ النَّاسِ لَهُ مِنْ فِعْلِ يَزِيدَ. وَلِهَذَا قِيلَ لِأَحْمَدَ: أَتَكْتُبُ الْحَدِيثَ عَنْ يَزِيدَ؟ قَالَ: لَا وَلَا كَرَامَةَ. أَوَلَيْسَ هُوَ الَّذِي فَعَلَ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ مَا فَعَلَ؟ .
لَكِنْ لَمْ يَقْتُلْ جَمِيعَ الْأَشْرَافِ، وَلَا بَلَغَ عَدَدُ الْقَتْلَى عَشَرَةَ آلَافٍ وَلَا وَصَلَتِ الدِّمَاءُ إِلَى قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا إِلَى الرَّوْضَةِ، وَلَا كَانَ الْقَتْلُ فِي الْمَسْجِدِ"

وقال كما في الفتاوى :" وَلِهَذَا كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ مُعْتَقَدُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَئِمَّةِ الْأُمَّةِ أَنَّهُ لَا يُسَبُّ وَلَا يُحَبُّ قَالَ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ " قُلْت لِأَبِي: إنَّ قَوْمًا يَقُولُونَ: إنَّهُمْ يُحِبُّونَ يَزِيدَ. قَالَ: يَا بُنَيَّ وَهَلْ يُحِبُّ يَزِيدَ أَحَدٌ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ؟ فَقُلْت: يَا أَبَتِ فَلِمَاذَا لَا تلعنه؟ قَالَ: يَا بُنَيَّ وَمَتَى رَأَيْت أَبَاك يَلْعَنُ أَحَدًا؟ . وَرُوِيَ عَنْهُ قِيلَ لَهُ: أَتَكْتُبُ الْحَدِيثَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ؟ فَقَالَ: لَا، وَلَا كَرَامَةَ أَوَلَيْسَ هُوَ الَّذِي فَعَلَ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ مَا فَعَلَ؟ . فَيَزِيدُ عِنْدَ عُلَمَاءِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ مَلِكٌ مِنْ الْمُلُوكِ. لَا يُحِبُّونَهُ مَحَبَّةَ الصَّالِحِينَ وَأَوْلِيَاءِ اللَّهِ؛ وَلَا يَسُبُّونَهُ، فَإِنَّهُمْ لَا يُحِبُّونَ لَعْنَةَ الْمُسْلِمِ الْمُعِينِ؛ لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُدْعَى حِمَارًا وَكَانَ يُكْثِرُ شُرْبَ الْخَمْرِ وَكَانَ كُلَّمَا أُتِيَ بِهِ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَهُ. فَقَالَ رَجُلٌ: لَعَنَهُ اللَّهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَلْعَنْهُ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} . وَمَعَ هَذَا فَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ يُجِيزُونَ لَعْنَهُ لِإِنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ فَعَلَ مِنْ الظُّلْمِ مَا يَجُوزُ لَعْنُ فَاعِلِهِ. وَطَائِفَةٌ أُخْرَى تَرَى مَحَبَّتَهُ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ تَوَلَّى عَلَى عَهْدِ الصَّحَابَةِ؛ وَبَايَعَهُ الصَّحَابَةُ. وَيَقُولُونَ: لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ مَا نُقِلَ عَنْهُ وَكَانَتْ لَهُ مَحَاسِنُ أَوْ كَانَ مُجْتَهِدًا فِيمَا فَعَلَهُ. وَالصَّوَابُ هُوَ مَا عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ: مِنْ أَنَّهُ لَا يُخَصُّ بِمَحَبَّةِ وَلَا يُلْعَنُ"


ومعلوم صنيع الحجاج وظلمه وجوره وكان عامته على العرب بل على السادة منهم


وهذا يدلك على أن اختلاف الدين ليس هو سبب الوحيد للحروب والظلم بل السبب الحقيقي الجشع والطمع الذي يخالف الدين



والخلاصة ما يلي :

1_ أن الخبر بالصيغة المذكورة مجرد كذب

2_ أن ما ذكر من بعث البربريات للخلفاء في المشرق معلومة انفرد بها كتاب صنف بعد هذه الحقبة بخمسة قرون وهذا فعل لا يقره الإسلام وقد تكون بعثت لشقيقة يزيد الذي كان قبله وكان مولعاً بالنساء وسيرته ليست طيبة حتى قيل أن أخاه هشاماً تمنى موته

3_ أن ما فعله المرادي بالبربر لم يكن فقط مخالفاً للدين بل كان مخالفاً لسيرة كل خلفاء بني أمية الذين سبقوا هشاماً

4_ أن البربر أنفسهم لما قويت شوكتهم استباحوا المال والعرض بما يرفضه الدين

5_ أن مثل هذه الأمور التي تصدر من فجرة الملوك عمت العربي وغيره

6_ من العجائب أن يأتي كافر أو لاديني لا يؤمن بالأخبار المتواترة بآيات الأنبياء ثم يصدق خبراً تاريخياً بلا سند !

وأما ما يذكر من سبي مائة ألف رأس فهذا يروى عن موسى بن نصير

قال ابن عبد ربه في العقد الفريد :" وقال الحميديّ في " جذوة المقتبس " (2) : إن موسى بن نصير ولي إفريقية والمغرب سنة سبع وسبعين فقدمها ومعه جماعةٌ من الجند، فبلغه أن بأطراف البلاد من هو خارجٌ عن الطاعة، فوجّه ولده عبد الله، فأتاه بمائة ألف رأسٍ من السبايا، ثم ولده مروان إلى جهةٍ أخرى، فأتاه بمائة ألف رأسٍ، وقال الليث بن سعد: بلغ الخمس ستين ألف رأس، وقال الصّدفي: لم يسمع في الإسلام بمثل سبايا موسى بن نصير، ووجد أكثر مدن إفريقية خاليةٌ لاختلاف أيدي البربر عليها، وكانت البلاد في قحطٍ شديدٍ، فأمر الناس بالصوم والصلاة وإصلاح ذات البين، وخرج بهم إلى الصحراء ومعه سائر الحيوانات، وفرق بينها وبين أولادها، فوقع البكاء والصّراخ والضجيج، وأقام على ذلك إلى منتصف النهار، ثمّ صلى وخطب الناس ولم يذكر الوليد بن عبد الملك، فقيل له: ألا تدعو لأمير المؤمنين؟ فقال: هذا مقامٌ لا يدعى فيه لغير الله تعالى، فسقوا حتى رووا ثمّ خرج موسى غازياً، وتتبع البربر، وقتل فيهم قتلاً ذريعاً، وسبى سبياً عظيماً، وسار حتى انتهى إلى السّوس الأدنى لا يدافعه أحد، فلمّا رأى بقية البربر ما نزل بهم استأمنوا، وبذلوا له الطاعة فقبل منهم، وولّى عليهم والياً، واستعمل على طنجة وأعمالها مولاه طارق بن زياد البربري، ويقال: إنّه من الصّدف، وترك عنده تسعة عشر ألفاً من البربر بالأسلحة والعدة الكاملة، وكانوا قد أسلموا وحسن إسلامهم، وترك موسى عندهم خلقاً يسيراً من العرب ليعلّموا البربر القرآن وفرائض الإسلام، ورجع إلى إفريقية، ولم يبق بالبلاد من ينازعه من البربر ولا من الروم، ولمّا استقرّت له القواعد كتب إلى طارق وهو بطنجة يأمره بغزو بلاد الأندلس، فغزاها في اثني عشر ألفاً من البربر خلا اثني عشر رجلاً"

أولاً :ليعلم أن كلمة ( سبايا) يدخل فيها الرجال والنساء والذرية

الأمر الثاني : هذا عدد كبير جداً ولم يذكره أحد غير الحميدي _ ثم تبعه غيره _  هذا وبينه وبين هذه الحوادث ثلاثة قرون كاملة

الأمر الثالث : لا يوجد في الخبر أنه أرسلهم للمشرق والظاهر أنهم ما كانوا مسلمين

وهشام لا علاقة لها بهذا إن صح فإن موسى مات قبل أن يلي هشام أصلاً وأبو شبيب الصدفي الذي تنقل عنه هذه الكلمة لم أجد ترجمة أصلاً بل لم أجد أحداً ينقل عنه غير هذه الكلمة

ولا شك أنه كان هناك أسرى كما كان في فتح فارس والروم وعامة البلدان التي فتحت ولكن الكلام على هذا العدد الهائل وتأمل المذكور أن عامة الجيش الذي فتح الأندلس كان من البربر وهذا معناه أنهم ما أسلموا فقط بل اختلط الإسلام بقلوبهم حتى صاروا فاتحين وفتح الأندلس كان آية أعادها الله للمسلمين
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي