مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: من تناقض التطوريين في سؤالهم ( لماذا تعدد الأعراق ) ؟

من تناقض التطوريين في سؤالهم ( لماذا تعدد الأعراق ) ؟



أما بعد :


فليس من عادتي الكتابة في هذه المواضيع ولكن بأنه صار يتكلم من لا يفهم ولا يعلم صار لا بد من الإيضاح وألا يحقر المرء من المعروف شيئاً

معلوم أن الملاحدة والزنادقة هذه الأيام يتمسحون ببعض معطيات العلم التجريبي وقد تكلمت على ذلك في مقالي الرشديون الجدد

واليوم سأضرب لك مثالاً على نقض من العلم التجريبي الذي يقدسونه لمسلمة _ عندهم _خرقاء يطرحونها حتى أنني في يوم من الأيام عن هذه المسألة

فهم يقولون إذا كان البشر كلهم جاءوا من رجل وامرأة فلماذا هذا التنوع بين البشر ؟

علماً بأنهم يعتقدون أن جميع الكائنات جاءوا من خلية أولى !

ولكن لنقف وقفة لقد أثبت البحث التجريبي الحديث فيما يدعون أن جميع نساء العالم يرجعن إلى امرأة واحدة فقط

قال الدكتور هيثم طلعت :" أوضح داروين في كتابه نشأة الإنسان أن الأعراق البشرية مجرد أنواع مختلفة من الكائنات الحية لا يربط بينهم رابط وبالعودة إلى الوراء فإنه يبدو من المستحيل الإشارة إلى أية نقطة محددة يتحتم عندها استخدام مصطلح الانسان ولكنه أمر ذو أهمية قليلة جدا ..
المصدر : نشأة الإنسان The descent of man .. تشارلس داروين .. ترجمة مجدي محمود المليجي .. المجلس الأعلى للثقافة 2005 .. ص 52

فالظهور البشري كان لأوادم كثيرة في آن واحد – أي أكثر من آدم ظهروا سويا في بقاع متباينة من الأرض وتطوروا سويا وظهرت من أحفادهم أعراق متباينة - ولذا نجد التباين الشديد في الأعراق البشرية وهذا من مقتضيات نظرية التطور لدراوين .. وقد أقام داروين التدليل على ذلك باستخدام حجة القمل فاختلاف نوع القمل في السكان الأصليين لبعض القارات عن القمل الذي يوجد في أوربا يؤكد اختلاف النوع بين البشر الحاملين لذلك القمل فالأمر ليس مجرد اختلاف أعراق وإنما اختلاف أنواع
يقول داروين : "بالفحص الدقيق للقمل الذي تم جمعه من أقطار مختلفة من الأعراق المختلفة للإنسان وُجد أنهم لا يختلفون في اللون فحسب ولكن في التركيب الخاص بالمخالب والأطراف وفي كل مرة يتم فيها الحصول على العينات فإن الاختلافات تكون ثابتة .. وعندما شرد القمل الذي كان يعيش على سكان إحدى الجزر البدائيين وانتقل إلى أجساد البحارة الإنجليز فقد مات في خلال ثلاثة أو أربعة أيام وكان هذا القمل داكنا وأكبر في الحجم وأكثر ليونة من القمل الأوربي .. وهذه الحقيقة الخاصة بأن الأعراق الإنسانية يتم ابتلاؤها بالطفيليات التي يبدو أنها متباينة بشكل خاص من الممكن تقديمها كبرهان على أن الأعراق البشرية في حد ذاتها من الواجب تصنيفها على أساس أنها أنواع مختلفة ومتباينة من الكائنات الحية ."
المصدر : نشأة الإنسان The descent of man الجزء الأول .. تشارلس داروين .. ترجمة مجدي محمود المليجي .. المجلس الأعلى للثقافة 2005 .. ص402

بل وذهب داروين أكثر من ذلك حين طلب إثبات أن التهجين بين عرقين مختلفين من البشر – أبيض وأسود مثلا – يؤدي إلى العقم كالتهجين الذي يحدث بين الفرس والحمار
ويؤكد داروين أنه ثبت بالتجربة أن النساء الأصليات التابعات لأستراليا وتسمانيا من النادر أن ينجحن في إنتاج أطفال للرجال الأوربيين .
المصدر السابق ص402

ويرى داروين أن كل هذه الأمور تثبت التباين النوعي للأعراق الأبوية – أكثر من آدم وأكثر من حواء – ويؤكد داروين أن :- "الأنغال الحيوانية والنباتية عندما يتم انتاجها من أنواع متناهية في التباين عن بعضها تكون معرضة للموت قبل الأوان وقد ثبت هذا الأمر في نسل الأخلاس – تزاوج البيض من السود في البشر وتزواج الأعراق البشرية المتباينة - ."
المصدر : نشأة الإنسان The descent of man الجزء الأول .. تشارلس داروين .. ترجمة مجدي محمود المليجي .. المجلس الأعلى للثقافة 2005 .. ص403

ولكي يقطع داروين الطريق على العلم يقول :- "وإذا ثبت مع الوقت أنه توجد خصوبة كاملة بعد التهجين بين الأعراق الإنسانية المختلفة فإن هذا الأمر ليس من شأنه أن يعوقنا عن تصنيف الأعراق البشرية على أنها أنواع متباينة لكائنات حية مختلفة ."
المصدر السابق ص404

يقول داروين :- "لقد رأينا الآن أن العالِم في التاريخ الطبيعي من الممكن أن يشعر في قرارته بأنه على حق كامل في تصنيف الأعراق الإنسانية على أنها أنواع متباينة لأنه قد وُجد أنها متميزة عن بعضها بالعديد من الاختلافات في التركيب والتكوين .. "
المصدر السابق ص405

ويقول داروين أيضا :- "وإذا كانت الأعراق الإنسانية قد انحدرت عن اثنين أو أكثر من الأنواع المختلفة بعضها عن بعض بنفس القدر الذي يختلف به الأورانج أوتان عن الغوريلا فإنه يصبح من الصعب الشك في اختلافات ملحوظة في التركيب الخاص بكل عرق مستقل عن الآخر ."
المصدر السابق ص413

وختاما فقد أكَّد داروين على أن :- "المؤمنين بالأصول المتعددة للجنس البشري والمؤمنين باختلاف الأعراق أنه اختلاف نوعي وليس مجرد اختلاف عرقي هؤلاء أكثر دقة وأصح بكثير من المؤمنين بوحدة الجنس البشري وأن الإختلاف بين البشر اختلاف عرقي فحسب ."
المصدر : نشأة الإنسان The descent of man الجزء الأول .. تشارلس داروين .. ترجمة مجدي محمود المليجي .. المجلس الأعلى للثقافة 2005 .. ص417

ناهيك عن استخدام حجج داروين الحقيرة هذه في إبادة أعراق بشرية بأكملها وتفريغ قارات كاملة من سكانها الأصليين واستغلال هذه العبارات العلمية القبيحة في تشريد أمم بأكلمها من البشر وسرقة أطفالها في تجارب معملية كما حدث مع stolen generation والتي كتبت عنها موضوعا مستقلا من قبل .. ناهيك عن هذا كله فإن النظر للأعراق البشرية على أنهم أدنى أو أعلى فإن هذه النظرة تمثل أروع ما يتمناه الحُكام المجرمين من حجج للتطهير العرقي والإبادة الجماعية والتفريغ الكامل للبلدان من البشر باعتبار أن الذين تم تطهيرهم ليسوا بشرا وإنما كائنات حيوانية تطورت مُستقلة في أماكن مختلفة من العالم .
إن نظرة كهذه للعالم وللبشر من حولنا لا يمكن إلا توصيفها بأن أبوهـا الكُفر وأُمهـا القذارة كما يقول سه غور .
إن هذه النظرة الداروينية للبشر لابد أنها قد حرَّرت أبشع المجرمين والحاقدين على البشرية من أية أعباء أخلاقية .

صدر كتاب نشأة الإنسان The descent of man عام 1874 بعد أن أمضى داروين في كتابته ثلاثة عشر عاما وبعد قرابة 120 عام على صدور هذا الكتاب يقوم مجموعة من الباحثين بجامعة بركلي بإثبات أن جميع البشر جاءوا من أصل واحد من أب واحد وأُم واحدة وأطلقوا على هذه الأُم اصطلاحا اسم حواء الميتوكوندريا في حين أطلقوا على الأب اصطلاحا اسم آدم Y كروموسوم .

حواء الميتوكوندريا
حواء الميتوكوندريا هو الإسم الذي أُطلق على السلف المشترك بين البشرية وتأكد وجودها من خلال إثبات أن هناك خط ميتوكوندريا وحيدا في خلايا جميع البشر.
فقد أثبت علم جزيئات الحياة Molecular Biology عن طريق دراسة الحمض النووي في الميتوكوندريا في بُويضة المرأة أن جميع البشر الحاليين جاءوا إلى العالم من أُم واحدة وأن حواء أم البشر الحاليين (Eve the common Ancestor of all humans) كانت منذ 150 ألف سنة تقريبا تقطن في شرق افريقيا .
والسلف المشترك بين البشرية لا يمنع من وجود أكثر من حواء في نفس الوقت لكن نسلهم انقطع - وهذه الجملة الخبيثة من وضع التطوريين لتمثل لهم خط رجعة في محاوراتهم مع المتدينين - .

أما عن الميتوكوندريا فالميتوكوندريا هي عضيات خلوية توجد داخل الخلية البشرية ولا تنتقل إلا بواسطة بويضة الأم ولقد تمت البرهنة على أن جميع الأحماض النووية للميتوكوندريا البشرية لها أصل واحد مشترك .
وتبين أيضا وجود آدم Yكروموسوم السلف المشترك في السلالة الأبوية وهو أيضا سلف واحد مشترك لجميع الذكور على وجه الأرض .

وقد أُجريت أبحاث بحساب الساعة الجزيئية وافترضت هذه الأبحاث في هذا الحمض النووي الميتوكوندري أن حواء الأم عاشت تقريبا منذ 150 ألف سنة تقريبا بينما آدم الأب عاش منذ قرابة 60 ألف سنة تقريبا .
ولا ندري كيف التقيا سويا في فارق زمني يُقدر ب 90 ألف سنة لكن هذه مسألة لا تعني العلم كثيرا .- وهُناك بحث نُشر في مارس 2013 منذ أيام قليلة يُفيد بأن آدم كروموسوم Y كان موجودا منذ قرابة 250 ألف سنة وليس 60 ألف سنة وهذا التفاوت المدهش في الأرقام سنتعرض له في آخر المقال – .

لكن لماذا الميتوكوندريا بالذات ؟
الميتوكوندريا تأتي من الأُم مُباشرة بينما الأب لا يورث أولاده الميتوكوندريا الخاصة به لأن الميتوكوندريا التي في الحيوان المنوي للرجل يفقدها الحيوان المنوي لحظة دخوله جدار البويضة .. وقد تم اختيار جزيء البروتين غير المكود لدي ان ايه الميتوكوندريا (mtDNA) علي أساس أن له خواص مثالية في البحث وتتبع الأجداد (noncoding DNA).

وبفضل هذا الدنا الميتوكوندري أعاد علماء الوراثة إنشاء سلالة النسب الأمومية .. وتوصلت الدراسة إلى أن الناس جميعا يشتركون في دي إن إيه ميتوكوندري جاء في الأصل من امرأة واحدة .
All humans alive today share mitochondria DNA derived from a single female ancestor

ويُمكن لأي شخص أن يُحدد درجة قرابته بأي شخص آخر في هذا العالم عبر دي إن إيه الميتوكوندريا ويُحدد عند أي جد انفصلا عن بعضهم البعض .
https://genographic.nationalgeographic.com/

ويساعد الجينوم البشري في تتبع شجرة حياة البشر إلى أن يقر بأننا كلنا لآدم. وكان هذا ثمرة جهود قام بها الباحثان "كان وولسون" من جامعة بركلي على الدي إن إيه الموجود في الميتوكوندريا .
فكل النساء على وجه الأرض الآن انحدرن من امرأة واحدة كانت موجودة قبل قرابة 150 ألف سنة تقريبا وكل الرجال على وجه الأرض الآن انحدوا من آدم واحد كان موجودا قبل 60 ألف سنة تقريبا .
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات : 13]

الأُم الأُولى عربية
وفي سياق متصل وفي دراسة مستقلة نقلت المواقع الإخبارية في بلادنا العربية خبرا يفيد أن الأم الأولى عربية وهذا عبر دراسة توصل خلالها علماء بريطانيون وبرتغاليون في علوم الوراثة بجامعة "ليدز" البريطانية إلى اكتشاف مدوٍّ يفيد بأن جميع أجناس العالم سواء كانوا أوروبيين أو أمريكيين أو صينيين أو هنوداً وحتى الإسكيمو ينحدرون من أصول عربية.
واستند العلماء لتأكيد اكتشافهم إلى أن خلايا أجسام كل أجناس العالم لديهم نفس "الميتوكوندريا" الموجودة في خلايا جسم العربي .

وحسب ما نشرته وكالة أنباء الشرق الأوسط فقد أشارت مجلة "لوبوان" الفرنسية إلى أن هذا الاكتشاف أوضح تطابق مادة الميتوكوندريا الموجودة في خلايا أجسام كل أجناس العالم مع الميتوكوندريا الموجودة في جسم العربي، يعني أن كل هذه الأجناس أمضت مئات الآلاف من السنين في بلاد العرب، قبل أن يهاجروا إلى أوروبا وآسيا والمناطق الثلجية والأمريكيتين في العصر الحديث.

وخلصت الدراسة إلى أنه مع الاعتراف الكامل بأن الإنسان الأول ظهر في إفريقيا إلا أنه هاجر بعد ذلك إلى قارات العالم المختلفة عبر بلاد العرب، بعد أن قدم إليها من شمال إفريقيا عابراً البحر الأحمر، حيث كانت بلاد العرب تتمتع منذ 200 ألف سنة بمناخ رطب مطير تكسو أراضيها الخضرة، قبل أن يتحول هذا المناخ إلى المناخ الصحراوي، كما هو الوضع عليه الآن في الجزيرة العربية.
المصدر :- http://www.alarabiya.net/articles/20...07/193083.html
وعن صحة هذا الخبر من عدمه لا أُعطي جزما لكني أنقله على عُهدة المواقع الإخبارية العربية الموثوقة .

النقد لحواء الميتوكوندريا :-
يرى الكثيرون أن حواء الميتوكوندريا تُمثل إرباكا شديدا خاصة في جانب حساب عمر الجنس البشري باستخدام الساعة الجزيئية
فمثلا هنري جي المحرر بجريدة nature وهو عالم بيولوجي تطوري يرى أن أبحاث حواء الميتوكوندريا بخصوص عمر الجنس البشري لا مكان لها إلا في سلة المهملات
http://en.wikipedia.org/wiki/Henry_Gee
في حين يرى آلان تملبتون Alan Templeton عالم الأحياء بجامعة واشنطون أنه اعتمادا على أبحاث الدي إن ايه DNA يستحيل اعتماد تاريخ للجنس البشري وأن أرقام مثل 150 ألف سنة أو 60 ألف سنة كلها محض خرافات
http://en.wikipedia.org/wiki/Alan_Templeton

الرد على النقد :-
يتفق الفريقان الداعمون لحواء الميتوكوندريا والناقدون لها أن جميع البشر الآن على وجه الأرض لهم أُم واحدة أطلقوا عليها إصطلاحا حواء الميتوكوندريا وأب واحد أطلقوا عليه اصطلاحا آدم كروموسوم Y هذه مسألة يتفق عليها الفريقان وهي حتمية رياضية .. لكن النزاع الحقيقي هو في استخدام الساعة الجزيئية وحساب العمر خاصة في مسألة لم تُحسم بعد وهي DNA mutation sequences
لكن بعيدا عن هذه المشكلة تصبح مسألة حواء الميتوكوندريا ضربة أُخرى توجه لداروين ولأصول نظريته ورؤيته للعالم وكتاباته التي تُمثل قمة في العنصرية العلمية واحتقار البشر وتصنيف الأعراق البشرية على أنهم أنواع متباينة من الحيوانات البشرية واستخدام حُجج بلهاء في تصنيف البشر مثل شكل القمل الذي يسكن شعر الأعراق البشرية واختلاف ليونة هذا القمل"

تلخيص الكلام السابق أن هناك فحصاً اسمه فحص الميتوكندريا وهي شيء في الجينات خاص بالنساء أثبت أن جميع نساء الدنيا يرجعن لامرأة واحدة قد تكون حواء التي في الكتب الدينية

وهذا الفحص لا يمكن أن يحدد علاقة الرجال بهذه المرأة فإنه فحص خاص بالنساء

وفي مقابل فحص الميتوكندريا هناك فحص اسمه فحص الرايبوسوم رجوع جميع الرجال لرجل واحد فقط ولكنه متأخر عن هذه الأنثى وهذا الرجل قد يكون نوح فالآثار تقول أن كل البشر منه وهم سموه (آدم رايبوسوم ) ولا يعني هذا أنه آدم آدم بل هو أقدم بشر وجدوه واكتشفوا أن جميع البشر يرجعون إليه

فما النتائج المترتبة على هذا

النتيجة الأولى : هذه الحواء لا بد أن يكون لها زوج فهي ليست كمريم تلد من غير زوج وهنا تكون المعضلة على طارح السؤال السابق ( من أين جاء هذا التنوع )؟ وهنا يظهر تناقض القوم فأطروحتهم الآن ترد على الذي يقدسونه ولا يمكن أن يقولوا أن هذه المرأة تزوجها آدمون كثر جداً من كل عرق وكل واحد أنجب وذهب إلى مكان معين من الأرض فهذا احتمال بعيد جداً جداً ولا زلنا نبقى أمام معضلة رجوعهم إلى رجل وامرأة

ولا يمكن أن يقال في آدم رايبوسوم مثل هذا الكلام أيضاً

وهذه المعضلة إنما يجاب عليها بما ورد في الأخبار

قال أحمد في مسنده  19659 - ثنا يحيى بن سعيد ثنا عوف ثنا قسامة بن زهير عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه و سلم قال أبي وحدثناه هوذة ثنا عوف عن قسامة قال سمعت الأشعري يقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ان الله عز و جل خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض جعل منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك والسهل والحزن وبين ذلك والخبيث والطيب وبين ذلك.

والتنوع بين البشر والشمبانزي أعظم بكثير من التنوع بين البشر

ونظرية التطور تفترض وجود آدمون كثر وحواءات كثر تطور جاء منهم البشر الحاليون على تنوعهم لهذا افترضوا وجود حواءات لم يتم اكتشافهن وهذا الافتراض تحاكم إلى الجهل على عادتهم كما في الأعضاء الضامرة ، ثم إنه لا يجيب على معضلة تنوع البشر بهذا العدد الكبير من الأعراق والأشكال مع رجوعهم إلى امرأة واحدة وإلى رجل واحد فهذه آية

ودعني أخبرك بآية أعظم منها ألا وهو تكون اللغة عند البشر

معلوم أن الأصم لا يحسن الكلام لأنه لن يسمع كلاماً فالأصم من صغره يكون أبكماً لأن الكلام تلقي فأنت تلقيت الكلام من والديك وهكذا حتى نصل إلى الأب والأم الأولين ( والسؤال من أين تعلما الكلام ولا وجود لهذا الأمر في الكائنات التي تطورنا عنها )؟

فإن قيل : قد تتطور آلية يتكون بها المقدرة على الكلام

فيقال : المقدرة على الكلام شيء ، والكلام نفسه شيء آخر فكلنا نولد عندنا المقدرة على الكلام ولكننا لا نتكلم إلا إذا أخذنا الوقت الكافي للتلقن وهذا لا يكون إلا من جهة أخرى غير جهتنا تحسن الكلام قبلنا

فالبحث الجيني يفسر المقدرة على وجود الكلام لا وجود اللغات

ثم إن الكلام آلية معقدة مبنية على رصف الحروف والكلمات في جمل مع الأصوات مع ارتباط بالذهن وهذه آلية معقدة قد وجدت دون أدنى تدرج

وقد قال دارون أن ظهور أي ظهور معقد دون أي تدرج يقضي على نظريته ، وهو هنا تكلم عن الأعضاء الظاهرة ونسي المقدرات الذهنية وبعض المقدرات الخاصة التي تنبه لها لامارك شريكه الذي توقف أمام الوعي الإنساني ورأى أنه لا يمكن أن يفسر بالانتخاب الطبيعي ولكن دارون سدر في غيه

فأنت تجد أن الببغاء ممكن أن يتكلم والقرد لا يتكلم _ لاحظ هذا مع أننا عندهم أبناء عمومة الشمبانزي _ ولكن كلام الببغاء بدون وعي ومبني على التلقين فهذا لا يخرجك من معضلة الحاجة للملقن الأول

ولهذا تكون اللغات عندي _ وليس لغة واحدة _ معضلة لا تقل قوة أمام الملحدين من معضلة تكون الكون والضبط الدقيق وأصل الحياة وتكون الوعي والتعقيد غير القابل للاختزال 

وعمر الإنسان الذي يفترضه التطوريون لا يكفي لتكون هذه الآلية عن طريق تغيرات طفيفة جداً عن طريق طفرات نافعة على فترات طويلة جداً فهذه الآلية أول ما ظهرت في التاريخ هي والكتابة ظهرت متكملة بصورتها المعقدة والظهور المفاجيء للغة اعترف به نعوم تشومسكي وقال بأن التاريخ التطوري لها لا يعد شيئاً في الحساب التطوري _ يعني ظهرت فجأة _ ثم طرح سؤالاً في علة تنوع اللغات ولماذا لا توجد لغة واحدة فقط وكذا احتج الهندي الأمريكي ديباك شوبرا على دوكنز في مناظرة مشهودة وذاك تهرب وما أجاب 

على أنه قد ظهر تطورويون منتسبون للملة والرد يشملهم أيضاً وقد صاروا يحرفون النصوص انتصاراً للتطور ومنهم من يطرح أسخف شبه التطوريين ويظنها شيئاً كما طرح بسام جرار قولهم أنه في البحث الأحفوري دائماً نجد النباتات ثم الكائنات البحرية ثم الثدييات وهذا ليس دليل تطور هذه من هذه بل هو برهان من براهين عناية فكيف يخلق الله مخلوقاً قبل أن يخلق ما يتغذى عليه هذا المخلوق فالله يخلق الثدييات وقبل خلقها يكون هناك ما تتغذى عليه ولو كانت هذه الكائنات لا تشترك بصفات في تكوينها البنيوي لصارت سماً لبعضها البعض فهذه أدلة عناية وحكمة وليست أدلة تطور  وقد قال الله تعالى ( وقدر فيها أقواتها )

قال الله تعالى : (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22))

هذه الآية تلخص حجتنا في المقال السابق كله
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي