مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: التنبيه على أثر لا أصل له عن أنس بن مالك ينشره العريفي

التنبيه على أثر لا أصل له عن أنس بن مالك ينشره العريفي



أما بعد :
 
فينشر الداعية الشهير محمد العريفي هذا الأثر : (قال أنس بن مالك: لا تعجزوا عن الدعاء فلا يهلك مع الدعاء أحد، ولا يزال العبد يسير إلى ربه حتى يلقاه على ما يموت عليه)

والواقع أنه ليس أثراً بل حديث مرفوع ضعيف جداً وآخره لا أصل له لا مرفوعاً ولا موقوفاً

قال ابن حبان في صحيحه 868 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ زُهَيْرٍ الْجُرْجَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ـ هُوَ ابْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(لَا تَعْجِزُوا فِي الدُّعَاءِ فإنه لن يَهْلِكَ مع الدعاء أحد)

وتخريج هذا الحديث من أسوأ ما وقع لابن حبان في صحيحه فهذا السند ضعيف جداً فعمر بن محمد بن صهبان متروك ضعيف جداً حتى قال فيه ابن معين لا يساوي فلساً

بل قال ابن حبان نفسه (2 / 81) : " وكان محمد يروي عن الثقات المعضلات، التي إذا سمعها من الحديث صناعته لم يشك أنها معمولة ".

وقد استنكر العقيلي عليه هذا الحديث بعينه

ولو فرضنا أنه عمر آخر فهو مجهول انفرد عن ثابت عن أنس من بين كل أصحاب ثابت وأنس وهذه نكارة بينة ، وقد صرح باسم ابن صهبان في عدد من مصادر تخريج الحديث كتاريخ أصبهان والكامل في الضعفاء لابن عدي وقد استنكر ابن عدي هذا الخبر أيضاً

وقد زاد العريفي زيادة (ولا يزال العبد يسير إلى ربه حتى يلقاه على ما يموت عليه) ونسبها لأنس ولا أصل لها عنه

وأود هنا أن أظهر تعجبي من هؤلاء الدعاة ففي الصحيح والضعيف المحتمل غنية عن هذه المصنوعات وقد فتحت للآثار حسابات متخصصة فلماذا لا يكلف أحدهم نفسه عناء المراجعة قبل النشر ثم ينشر بالتوثيق لكي لا يتعب طلبة العلم في البحث خصوصاً مع هذه الأعداد الهائلة من المتابعين عندهم والذين نرجو من كل قلوبنا أن يتعلموا من هؤلاء الدعاة التوحيد والسنة والأخلاق ولكن المصيبة في أن يكون الداعية نفسه فاقداً لهذا أو لبعضه وفاقد الشيء لا يعطيه

وقد وضعت اسم هذا الداعية في العنوان لكي يتفطن هو ومن يتابعه

وهنا نصيحة للعامة لا تقبل معلومة إلا موثقة بالمصدر ويصححها من تثق بعلمه ودينه ولم يشتهر بنشر البواطيل ، وللإنصاف عدد من الدعاة ينتقون فيما ينشرون ويتحرون الفائدة ولكن نصيب التوحيد والسنة ليس بذاك الذي ينبغي في عدد منهم  وما هكذا تشكر نعمة الله أن من عليكم بشيء من العلم ، وعامتهم لا يكلف نفسه عناء التعلم بعد أن يشتهر والخطأ منهم أقبح وقد اشتهروا
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي