أما
بعد :
فمن
المضحكات المبكيات أن يأتي نصراني وهو على دين لا يعتمد الأسانيد ولا يعرفها ، وبدأ
يطعن في بعض ثوابت المسلمين بحجة النقد الإسنادي
فمن
ذلك صنيع منصر يتحدث عن تلقيب النبي صلى الله عليه وسلم في الجاهلية بالصادق الأمين
وأن ذلك لا يثبت بسند صحيح !
ولما
جاءوه برواية ابن إسحاق العمدة في السيرة بدأ يطعن فيه !
ونسي
أمراً هاماً أن هذا الرجل معتمد في السير والناس قبلوا روايته في ذلك
ولكن
دعنا من هذا كله ولنعد البحث لأن بعض من رد عليه ما وفى المقام حقه
الواقع
أن صدق النبي صلى الله عليه وسلم وأمانته في الجاهلية قد ذكر في القرآن كدليل من دلائل
النبوة
قال
الله تعالى : (قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ
فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (16))
فلو
لم تكن سيرته قبل النبوة على الغاية من الحسن لما كان هذا الاحتجاج وجيهاً ، ولعيره
المشركون ببعض ما عرفوه من ذنوبه ولكانت هناك أجوبة تنقل عن هذه الذنوب بأنها قبل النبوة
وكيت وكيت
وقال
البخاري في صحيحه 7 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ أَخْبَرَنَا
شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ
أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ
مِنْ قُرَيْشٍ وَكَانُوا تِجَارًا بِالشَّأْمِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ
قُرَيْشٍ فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسِهِ وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ
الرُّومِ ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ فَقَالَ أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا
بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَقُلْتُ
أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا فَقَالَ أَدْنُوهُ مِنِّي وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ فَاجْعَلُوهُمْ
عِنْدَ ظَهْرِهِ ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ
هَذَا الرَّجُلِ فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ فَوَاللَّهِ لَوْلَا الْحَيَاءُ مِنْ
أَنْ يَأْثِرُوا عَلَيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَنِي
عَنْهُ أَنْ قَالَ كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ قُلْتُ هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ قَالَ فَهَلْ
قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ قُلْتُ لَا قَالَ فَهَلْ كَانَ
مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ قُلْتُ لَا قَالَ فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ
ضُعَفَاؤُهُمْ فَقُلْتُ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ قَالَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ قُلْتُ
بَلْ يَزِيدُونَ قَالَ فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ
أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ قُلْتُ لَا قَالَ فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ
قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ قُلْتُ لَا.
وهذا
حديث صحيح معروف وفيه الشهادة أنه ما عهد عليه الكذب على مدى أربعين سنة عاشها بينهم
ثم
إنه أمي ما قرأ ولا كتب ولا كان يدرس كتب أهل الكتاب ثم فجأة جاءه هذا الوحي وفيه إقامة
البراهين العقلية الصحيحة على قبح الشرك وعلى البعث وعلى تحريف اليهود والنصارى وافترائهم
على الله ورسله وفيه الشريعة التي تحفظ الأموال والأنفس والأعراض وتزيل الجاهليات ،
وليس كذلك بل بيان الوسيلة الصحيحة ففي ثلاثة وعشرين عاماً فقط دانت العرب بالإسلام
وهدمت الأصنام وأزيلت مظاهر الجاهلية وصارت الحدود تقام على القوي والضعيف وتآخى الناس
بعدما فرقتهم العصبيات وصار عامتهم يتلو القرآن عن ظهر قلب وزال الخمر والربا ووأد
البنات واعتقادات الجاهلية وأخلاقهم وهذا ما لم يفعله أحد في تاريخ الدنيا غير النبي
صلى الله عليه وسلم وما دعا هذه الدعوى إلا بعد بلوغ الأربعين هذا مع ما علم من صدقه
وزهده وتقلله ومحبته العظيمة للعبادة حتى اشتهر بين أصحابه بقلة النوم وكثرة القيام
حتى قال قائلهم يمدحه
يبيت
يجافي جنبه عن فراشه *** إذا استثقلت بالكافرين المضاجع
وما
كان ملكاً طوال هذه الأربعين سنة ولا قائداً عسكرياً ولا رحالة عارفاً ولا طبيباً ولا
قارئاً في كتب اليهود والنصارى وغيرهم من أهل الأديان المتقدمين
وقال
البخاري في صحيحه 4770 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي
حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ { وَأَنْذِرْ
عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ } صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَلَى الصَّفَا فَجَعَلَ يُنَادِي يَا بَنِي فِهْرٍ يَا بَنِي عَدِيٍّ لِبُطُونِ قُرَيْشٍ
حَتَّى اجْتَمَعُوا فَجَعَلَ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ أَرْسَلَ
رَسُولًا لِيَنْظُرَ مَا هُوَ فَجَاءَ أَبُو لَهَبٍ وَقُرَيْشٌ فَقَالَ أَرَأَيْتَكُمْ
لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا بِالْوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ أَكُنْتُمْ
مُصَدِّقِيَّ قَالُوا نَعَمْ مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلَّا صِدْقًا قَالَ فَإِنِّي
نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ تَبًّا لَكَ سَائِرَ
الْيَوْمِ أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا فَنَزَلَتْ { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ
مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ }
وهذا
حديث آخر في أنهم لم يعهدوا عليه إلا الصدق طوال هذه المدة
وقال
ابن خزيمة في صحيحه 2260 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ
-يَعْنِي ابْنَ الْفَضْلِ- قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ -وَهُوَ ابْنُ يَسَارٍ مَوْلَى
مَخْرَمَةَ-: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ شِهَابٍ
الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ
الْمَخْزُومِيِّ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ بِنْتِ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَتْ:
لَمَّا
نَزَلْنَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ جَاوَرْنَا بِهَا حِينَ جَاءَ النَّجَاشِيُّ، فَذَكَرَ
الْحَدِيثَ بِطُولِهِ. وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ، قَالَتْ: وَكَانَ الَّذِي كَلَّمَهُ
جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ
جَاهِلِيَّةٍ، نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ،
وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ، وَيَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ،
فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ، حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ
نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ، فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِتَوْحِيدِهِ،
وَلِنَعْبُدَهُ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنَ
الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ،
وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ، وَالْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ،
وَنَهَانَا عَنِ الْفَوَاحِشِ، وَقَوْلِ الزُّورِ، وَأَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ، وَقَذْفِ
الْمُحْصَنَةِ، وَأَنْ [230 - أ] نَعْبُدَ اللَّهَ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَأَمَرَنَا
بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ، قَالَتْ: فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ،
فَصَدَّقْنَاهُ، وَآمَنَّا بِهِ، وَاتَّبَعْنَاهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ
اللَّهِ، فَعَبَدْنَا اللَّهَ وَحْدَهُ وَلَمْ نُشْرِكْ بِهِ، وَحَرَّمْنَا مَا حَرَّمَ
عَلَيْنَا، وَأَحْلَلْنَا مَا أَحَلَّ لَنَا. ثُمَّ ذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ
وهذا
حديث حسن ابن إسحاق صرح بالتحديث وهو عمدة في السير
قال
أحمد في مسنده 15504 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ يَعْنِي أَبَا
زَيْدٍ، حَدَّثَنَا هِلَالٌ يَعْنِي ابْنَ
خَبَّابٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ مَوْلَاهُ أَنَّهُ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ كَانَ فِيمَنْ
يَبْنِي الْكَعْبَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟ قَالَ: وَلِي حَجَرٌ أَنَا نَحَتُّهُ بِيَدَيَّ
أَعْبُدُهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَأَجِيءُ بِاللَّبَنِ الْخَاثِرِ
الَّذِي أَنْفَسُهُ عَلَى نَفْسِي، فَأَصُبُّهُ عَلَيْهِ، فَيَجِيءُ الْكَلْبُ فَيَلْحَسُهُ،
ثُمَّ يَشْغَرُ فَيَبُولُ فَبَنَيْنَا حَتَّى بَلَغْنَا مَوْضِعَ الْحَجَرِ، وَمَا
يَرَى الْحَجَرَ أَحَدٌ، فَإِذَا هُوَ وَسْطَ حِجَارَتِنَا مِثْلَ رَأْسِ الرَّجُلِ
يَكَادُ يَتَرَاءَى مِنْهُ، وَجْهُ الرَّجُلِ فَقَالَ: بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ نَحْنُ
نَضَعُهُ، وَقَالَ: آخَرُونَ نَحْنُ نَضَعُهُ، فَقَالُوا: اجْعَلُوا بَيْنَكُمْ حَكَمًا،
قَالُوا: أَوَّلَ رَجُلٍ يَطْلُعُ مِنَ الْفَجِّ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: أَتَاكُمُ الْأَمِينُ، فَقَالُوا لَهُ، «فَوَضَعَهُ
فِي ثَوْبٍ، ثُمَّ دَعَا بُطُونَهُمْ فَأَخَذُوا بِنَوَاحِيهِ مَعَهُ، فَوَضَعَهُ هُوَ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»
وهذه
الرواية حاول المنصر الأحمق أن يضعفها بأن هلالا بن خباب صدوق يخطيء وما علم أنه اعتضد
برواية ابن إسحاق وبظاهر القرآن هنا وهذه رواية سيرة محتملة
وقال
يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ أخبرني
أصبغ بن فرج أخبرني ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال لما بلغ رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - الحلم جمرت امرأة الكعبة فطارت شرارة من مجمرها في ثياب الكعبة فاحترقت
فهدموها حتى إذا بنوها فبلغوا موضع الركن اختصمت قريش في الركن أي القبائل تلي رفعه
فقالوا تعالوا نحكم أول من يطلع علينا فطلع عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- وهو غلام عليه وشاح نمرة فحكموه فأمر بالركن فوضعوه في ثوب ثم أخرج سيد كل قبيلة
فأعطاه ناحية من الثوب ثم ارتقى هو فرفعوا إليه الركن فكان هو يضعه فكان لا يزداد على
ألسن الأرض حتى دعوه الأمين فطفقوا لا ينحرون جزورا إلا التمسوه فيدعو لهم فيها
وهذا
مرسل للزهري يقوي الرواية السابقة والزهري في السير قوي ومعتمد
وقال
ابن إسحاق في السيرة كنت جالساً مع أبي جعفر محمد بن علي «2» فمر بنا عبد الرحمن الأعرج،
مولى ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، فدعاه فجاءه [26] فقال: يا اعرج ما هذا الذي تحدث
به أن عبد المطلب هو الذي وضع حجر الركن في موضعه؟ فقال: أصلحك الله حدثني من سمع عمر
ابن عبد العزيز يحدث أنه حدث عن حسان بن ثابت يقول: حضرت بنيان الكعبة، فكأني أنظر
إلى عبد المطلب جالساً على السور شيخ كبير قد عصب له حاجباه حتى رفع إليه الركن، فكان
هو الذي وضعه بيديه، فقال: انفذ راشداً، ثم اقبل علي أبو جعفر فقال: إن هذا الشيء ما
سمعنا به قط، وما وضعه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، اختلفت فيه قريش فقالوا:
أول من يدخل عليكم من باب المسجد فهو بينكم، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا:
هذا الأمين، فحكموه، فأمر بثوب فبسط، ثم أخذ الركن بيديه، فوضعه على الثوب، ثم قال:
لتأخذ كل قبيلة من الثوب بناحية، وارفعوا جميعاً، فرفعوا جميعاً، حتى إذا انتهوا به
إلى موضعه أخذه رسول صلى الله عليه وسلم فوضعه في موضعه بيده ثم بنى عليه
وقال
أبو نعيم في دلائل النبوة 109 - حدثنا أبو عمر العثماني عثمان بن محمد قال : ثنا أبو
يزيد خالد بن النضر القرشي قال : ثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني قال : ثنا معتمر
بن سليمان ، عن أبيه قال : لما أخذت قريش في بناء الكعبة فانتهوا إلى وضع الحجر الأسود
تنازعت فيه الأرباع من تلك القبائل وتحاسدت أيهم يلي رفعه حتى ألم أن يكون بينهم فيه
أمر شديد فصار من أمرهم أن يحكموا أول رجل يدخل عليهم الباب من نحوهم وتعاقدوا بالله
رب البيت أن يولوه إياه من كان فخرج عليهم نبي الله صلى الله عليه وسلم من ذلك الباب
أمرا اختصه الله عز وجل به وهو يومئذ يدعى الأمين فقالت القبائل من قريش : هذا الأمين
ابن عبد المطلب وهو بيننا وقد رضينا به فلما انتهى إليهم قال لهم : « ما أمركم هذا
؟ قالوا : يا ابن عبد المطلب نازعنا في هذا الحجر وتحاسدنا فجعلناه إلى أول من يدخل
علينا من هذا الباب فكنت أول داخل فافعل فيه أمرا تصلح قومك فأخذ رسول الله صلى الله
عليه وسلم ثوبا فبسطه ثم أخذ الحجر فوضعه فيه ثم أمر تلك القبائل فأخذوا بجوانب الثوب
فرفعوه على إصلاح منهم وجماعة حتى انتهى إلى موضع الحجر فأخذه رسول الله صلى الله عليه
وسلم فوضعه بيده وولاه الله عز وجل ذلك قبل مبعثه بسبع سنين »
وفي
دلائل النبوة للطبراني _ كما ذكره قوام السنة الأصبهاني في دلائله _ وَحَدَّثَنَا أَبُو
الزَّنْبَاعِ رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ ثَنَا يُوسُفُ بْنُ عدي الْكُوفِي ثَنَا أَبُو
فالأحوص عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَرْعَرَةَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا فَرَغَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ بِنَاءِ
الْبَيْتِ فَمَرَّ عَلَيْهِ الدَّهْرُ انْهَدَمَ فَبَنَتْهُ الْعَمَالِقَةُ ثُمَّ مَرَّ
عَلَيْهِ الدَّهْرُ فَانْهَدَمَ فَبَنَتْهُ قُرَيْشٌ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ شَابٌ فَلَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَرْفَعُوا الْحَجَرَ
اخْتَصَمُوا فِيهِ فَقَالُوا يَحْكُمُ بَيْنَنَا أَوَّلُ رَجُلٍ يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ
السِّكَّةِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَ مَنْ
خَرَجَ عَلَيْهِمْ فَقَضَى بَيْنَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي مَرْطٍ ثُمَّ يَرْفَعَهُ
جَمِيعُ الْقَبَائِلِ كُلُّهَا ثُمَّ وَضَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي مَكَانَهُ
وَفِي
رِوَايَة عبد الله بْنِ السَّائِبِ أَنَّ قُرَيْشًا اخْتَلَفُوا فِي الْحَجَرِ حَيْثُ
أَرَادُوا أَنْ يَضَعُوهُ حَتَّى كَادَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ بِالسُّيُوفِ
فَقَالُوا اجْعَلُوا أَوَّلَ رَجُلٍ يَدْخُلُ مِنَ الْبَابِ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانُوا يُسَمُّونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْأَمِينَ
فَقَالُوا قَدْ جَاءَ الْأَمِينُ فَقَالُوا يَا مُحَمَّدُ قَدْ رَضِينَا بِكَ فَدَعَا
بِثَوْبٍ فَبَسَطَهُ ثُمَّ وَضَعَ الْحَجَرَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ لِيَأْخُذْ رَجُلٌ مِنْ
كُلِّ بَطْنٍ مِنْكُمْ بِنَاحِيَةٍ مِنَ الثَّوْبِ فيرفعوه وَأخذ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَضَعَهُ
وَفِي
رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ لَمَّا أَخَذَتْ قُرَيْشٌ فِي بِنَاءِ الْكَعْبَةِ
وَانْتُهِيَ إِلَى مَوْضِعِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ تَنَازَعَتْ فِيهِ الْأَرْبَاعُ
مِنْ تِلْكَ الْقَبَائِلِ وَتَحَاسَدَتْ أَيُّهُمْ يَلِي رَفْعَهُ حَتَّى أَلَمَّ أَنْ
يَكُونَ بَيْنَهُمْ فِيهِ أَمْرٌ شَدِيدُ فَصَارَ مِنْ أَمْرِهِمْ أَنْ يُحَكِّمُوا
أَوَّلَ رَجُلٍ يَدْخُلُ عَلَيْهِمُ الْبَابَ مِنْ نَحْوِهِمْ وَتَعَاقَدُوا بِاللَّهِ
رَبِّ الْبَيْتِ لَيُوَلُّونَهُ إِيَّاهُ مَنْ كَانَ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ نَبِيُّ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ أَمْرٌ اخْتَصَّهُ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ يُدْعَى الْأَمِينَ فَقَالَتِ الْقَبَائِلُ مِنْ قُرَيْشٍ
هَذَا الْأَمِينُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ هُوَ بَيْنَنَا قَدْ رَضِينَا بِهِ فَلَمَّا
انْتَهَى إِلَيْهِمْ قَالَ لَهُمْ مَا أَمْرُكُمْ قَالُوا يَا ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ
تَنَازَعْنَا فِي هَذَا الْحَجَرِ وَتَحَاسَدْنَا فَجَعَلْنَاهُ إِلَى أَوَّلِ مَنْ
يَدْخُلُ عَلَيْنَا مِنْ هَذَا الْبَابِ فَكُنْتَ أَوَّلَ دَاخِلٍ فَافْعَلْ فِيهِ
أَمْرًا يُصْلِحُ قَوْمَكَ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ثَوْبًا فَبَسَطَهُ ثُمَّ أَخَذَ الْحَجَرَ فَوَضَعَهُ فِيهِ ثُمَّ أَمَرَ تِلْكَ الْقَبَائِلَ
فَأَخَذُوا بِجَانِبِ الثَّوْبِ فَرَفَعُوهُ عَلَى اصْطِلَاحٍ مِنْهُمْ وَجَمَاعَةٍ
حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى مَوْضِعِ الْحَجَرِ فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَهُ بِيَدِهِ وَوَلَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ قَبْلَ
مَبْعَثِهِ بِسَبْعِ سِنِينَ
وهذه
روايات متعاضدة لا معارض لها
وصدق
النبي صلى الله عليه وسلم بقي مؤكداً بعد نزول الوحي فكل الوعود التي في القرآن وقعت
قال
تعالى : (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ
الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ
فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً)
ووقع
هذا
وقال
تعالى : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ
عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33))
وكان
هذا فزال الشرك في جزيرة العرب وزال الطواغيت المشركون
وقال
تعالى : (الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ
غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ
بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4))
وكان
هذا
وقال
تعالى : (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي
بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ
أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ
عَذاباً أَلِيماً)
وكان
هذا
وقال
تعالى : (وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ
وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ
صِراطاً مُسْتَقِيماً (20))
وكان
هذا
وقال
تعالى : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ
يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ
لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ
عَلِيمٌ (54))
وكان
هذا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم
ونزلت
آيات كثيرة في حكاية الأحوال الباطنة للمنافقين فما استطاع أحد منهم دفعها ولا دعوى
أن فلاناً أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أو فلان
وقال
تعالى : (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ
فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ
دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً
يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ
هُمُ الْفاسِقُونَ)
وقد
وقع هذا في حال النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين
وقال
تعالى : ( سيغلب الجمع ويولون الدبر )
وقد
كان
وقال
تعالى : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ
جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ
اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا)
وهذه
آية رآها الصحابة بأعينهم حين أرسل الله الريح على الأحزاب وأكفأهم عن المدينة
وهذه
كآية انشقاق القمر التي شكك بها الأحمق بحجة أن أبا بكر وعمر لم يروياها وهذا مضحك
فهي حادثة مشهورة متواترة مذكورة في القرآن فلا حاجة لئن يرويها الناس مع شهرتها في
القرآن وكون عامة الصحابة شهدوها وأبو بكر وعمر من أقدم الصحابة وفاة
وقال
تعالى : (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ
السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ
عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (11))
ونزول
النعاس عليهم في تلك الحال الشديدة كان من آيات الله عز وجل التي رآها الصحابة جميعاً
وفي
القرآن أن النبي صلى الله عليه وسلم مذكور في التوراة والانجيل وهذه كانت فرصة للقوم
ليكذبوه ولكن كانت الآية أن يشهد عبد الله بن سلام وكعب الأحبار وسلمان الفارسي وغيرهم
بما في التوراة والانجيل من ذكر صفته ولم يزل هناك بقية من علماء اليهود والنصارى يسلمون
ويشهدون بهذا على مر العصور
قال
الله تعالى : (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ
(197))
وإسلام
الأنصار أحد أعظم أسبابه مجاورتهم لليهود وذكر اليهود لهم أنه أظل زمن نبي
وهذا
مسجل في القرآن (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا
جاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ (89))
فما
أنكر اليهود هذا الاستفتاح ولا أنكره الأنصار الذين كانت بينهم حروب عظيمة تآلفوا على
الإسلام بعدما رأوا هذه الآية العظيمة
وهذا
الكافر يؤمن بنبوة بولس الذي عاش يعذب أصحاب المسيح ثم ادعى التوبة ثم نسخ الكثير من
شرائع المسيح وانتقده برنابا تلميذ المسيح في إنجيله !
ثم
يأتي يشكك بالمتواترات بهجر من القول
هذا وصل اللهم على محمد
وعلى آله وصحبه وسلم