مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: اعتراف مكي بن أبي طالب أن تحريفات الجهمية تنقض العربية ...

اعتراف مكي بن أبي طالب أن تحريفات الجهمية تنقض العربية ...



أما بعد :
 
قال مكي بن أبي طالب القيسي في تفسيره الهداية :" قال مالك  رحمه الله:  في هذا دليل على أن ثم قوماً لا يحجبون عن الله وينظرون إليه/.
وبه استدل الشافعي على النظر إلى الله  عز وجل  يوم القيامة. وقد قدره منكرو النظر إلى الله على معنى أنهم عن كرامة ربهم لمحجوبون. وهذا لا يجوز عند أحد من النحويين، ولو جاز هذا لجاز: " جاءني زيد "، تريد غلام زيد أو كرامة زيد.
وفي جواز هذا نقض كلام العرب كله. ولا يجوز إخراج الكلام عن ظاهره إلا لضرورة تدعو إلى ذلك مع امتناع جوازه على ظاهره. فإذا امتنعك جواز الكلام على ظاهره، جاز الإضمار الذي يسوغ معه جواز الكلام. ولا ضرورة تدعو إلى أضمارٍ هنا على مذهب أهل السنة"

هنا اعترف بأن ادعاء الإضمار بما يخالف الظاهر يقتضي نقض كلام العرب كله وهو نفسه بتأثر ببدعة الأشعرية الكلابية الجهمية ويحرف نصوص الاستواء والنزول والمجيء بنحو مما أنكر هنا فسبحان الذي أنطقه بالحق

ودعواهم أن الله يمتنع عليه هذه الصفات يجاب عليه بنحو مما أجابوا به المعتزلة في دعوى امتناع الرؤية

على أن مكياً في تفسير قوله تعالى ( أءمنتم من في السماء ) فسره بما يثبت العلو مع أنه ينفي الاستواء طوال التفسير

قال الثعلبي في تفسيره وهو يتكلم عن العلو :" وأعلم أنّ الآيات والأخبار الصحاح في هذا الباب كثيرة وكلّها إلى العلو مشيرة، ولا يدفعها إلّا ملحد جاحد أو جاهل معاند، والمراد بها- والله أعلم- توقيره وتعظيمه وتنزيهه عن السفل والتحت، ووصفه بالعلو والعظمة"

ثم ذكر احترازات جهمية كلابية لأنه متأثر بطريقتهم في الإثبات والذي يهمنا اعترافه بتواتر نصوص العلو في القرآن والسنة ويستحيل أن يكون هذا المتواتر منافياً للعقل الصحيح دون أي إشارة لتأويله وعدم اعتراض أحد من أهل الملل لا أهل الكتاب ولا أهل الأوثان على هذا مع تشوفهم للاعتراض على أهل الإسلام بل كلهم معترف بهذا ، بل الصحابة على كمال عقولهم ما استشكل أحد منهم نصاً من نصوص العلو

وقال الماوردي في تفسيره :" {أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شيء بصير} {أأمِنتُم مَنْ في السماءِ} فيه وجهان: أحدهما: أنهم الملائكة , قاله ابن بحر. الثاني: يعني أنه اللَّه تعالى , قاله ابن عباس"

فهذا الماوردي على اعتزاله ما وجد عن أحد من السلف تحريف آية العلو وإنما عزاه لعمرو بن بحر الجاحظ ولو وجد غيره لذكره واعترف مرغماً بإثبات الصحابي ابن عباس للعلو

وقال ابن تيمية كما في الفتاوى :" وَقَدْ طَالَعْت التَّفَاسِيرَ الْمَنْقُولَةَ عَنْ الصَّحَابَةِ وَمَا رَوَوْهُ مِنْ الْحَدِيثِ وَوَقَفْت مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْكُتُبِ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ تَفْسِيرٍ فَلَمْ أَجِدْ - إلَى سَاعَتِي هَذِهِ - عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ تَأَوَّلَ شَيْئًا مِنْ آيَاتِ الصِّفَاتِ أَوْ أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ بِخِلَافِ مُقْتَضَاهَا الْمَفْهُومِ الْمَعْرُوفِ؛ بَلْ عَنْهُمْ مِنْ تَقْرِيرِ ذَلِكَ وَتَثْبِيتِهِ وَبَيَانِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ مَا يُخَالِفُ كَلَامَ الْمُتَأَوِّلِينَ مَا لَا يُحْصِيهِ إلَّا اللَّهُ" ثم ناقش بعض ما يظنونه تأويلاً وليس كذلك

ولهذا ليعلم أن من أقبح البدع وأكفرها وأبعد أهلها عن العذر بدعة نفي العلو وتحريف النصوص الواردة في الباب ، ومن كان هذا حاله _ يعني ينفي العلو _ كان أولى أهل البدع بنصوص التحذير والتحقير والهجر والبغض في الله عز وجل واعتبار نشره لهذه العقيدة من أقبح المساويء التي تأكل كل حسنة فكيف إذا انضم إلى ذلك بدعاً كثيرة من تجهم وإرجاء وجبر وقبوريات كما هو حال كثير من الأشاعرة الذين يمدحون بالإمامة ويدعى زوراً أنهم خدموا الإسلام وأن الطعن فيهم من علامات البدعة لأنهم شرحوا بعض كتب الحديث وإنما هذه سوأة لهم إذا ملأوا شروحهم بالتشويش على أحاديث العقيدة ونشروا تحريفات بشر المريسي مع بدع أخرى كثيرة غليظة ، والعجيب أن الناس يجهلون الكثير من أعيان السلف ويعرفون هؤلاء والله المستعان
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي