أما
بعد :
قال
المزي في تهذيب الكمال :" قال أبو بكر بن خلاد الباهلى ، عن معتمر بن سليمان ،
عن أبيه : كان بالكوفة كذابان أحدهما الكلبى .
و
قال عمرو بن الحصين ، عن معتمر بن سليمان ، عن ليث بن أبى سليم : بالكوفة كذابان :
الكلبى و السدى ، يعنى محمد بن مروان .
و
قال عباس الدورى ، عن يحيى بن معين : ليس بشىء .
و
قال معاوية بن صالح ، عن يحيى بن معين : ضعيف .
و
قال أبو موسى محمد بن المثنى : ما سمعت يحيى و لا عبد الرحمن يحدثان عن سفيان عن الكلبى
.
و
قال البخارى : تركه يحيى بن سعيد و ابن مهدى .
و
قال عباس الدورى ، عن يحيى بن يعلى المحاربى : قيل لزائدة : ثلاثة لا تروى عنهم : ابن
أبى ليلى ، و جابر الجعفى ، و الكلبى .
قال
: أما ابن أبى ليلى فبينى و بين آل ابن أبى ليلى حسن فلست أذكره ، و أما جابر الجعفى
فكان والله كذابا يؤمن بالرجعة ، و أما الكلبى فكنت أختلف إليه فسمعته يقول يوما :
مرضت مرضة فنسيت ما كنت أحفظ فأتيت آل محمد فتفلوا فى فى فحفظت ما كنت نسيت . فقلت
: والله لا أروى عنك شيئا ، فتركته .
و
قال الأصمعى ، عن أبى عوانة : سمعت الكلبى يتكلم بشىء من تكلم به كفر .
و
قال مرة : لو تكلم به ثانية كفر ، فسألته عنه فجحده .
و
قال عبد الواحد بن غياث ، عن ابن مهدى : جلس إلينا أبو جزء على باب أبى عمرو ابن العلاء
فقال : أشهد أن الكلبى كافر .
قال
: فحدثت بذلك يزيد بن زريع فقال : سمعته يقول : أشهد أنه كافر . قال : فماذا زعم ؟
قال : سمعته يقول : كان جبريل يوحى إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقام النبى صلى الله
عليه وسلم لحاجة و جلس على فأوحى إلى على . قال يزيد : أنا لم أسمعه يقول هذا ، و لكنى
رأيته يضرب على صدره و يقول : أنا سبأى أنا سبأى ! ! قال أبو جعفر العقيلى : هم صنف
من الرافضة أصحاب عبد الله بن سبأ .
و
قال واصل بن عبد الأعلى : حدثنا محمد بن فضيل عن مغيرة ، عن إبراهيم أنه قال لمحمد
بن السائب : ما دمت على هذا الرأى لا تقربنا ، و كان مرجئا .
و
قال زيد بن الحباب : سمعت سفيان الثورى يقول : عجبا لمن يروى عن الكلبى .
قال
عبد الرحمن بن أبى حاتم : فذكرته لأبى ، و قلت : إن الثورى قد روى عنه . قال : كان
لا يقصد الراوية عنه و يحكى حكاية تعجبا فيعلقه من حضره ، و يجعلونه رواية عنه .
و
قال وكيع : كان سفيان لا يعجبه هؤلاء الذين يفسرون السورة من أولها إلى آخرها مثل الكلبى
.
و
قال على بن مسهر ، عن أبى جناب الكلبى : حلف أبو صالح أنى لم أقرأ على الكلبى من التفسير
شيئا .
و
قال أبو عاصم النبيل : زعم لى سفيان الثورى ، قال : قال لنا الكلبى : ما حدثت عن أبى
صالح عن ابن عباس فهو كذب ، فلا ترووه .
و
قال الأصمعى ، عن قرة بن خالد : كانوا يرون أن الكلبى يزرف ، يعنى يكذب .
و
قال أحمد بن سنان القطان الواسطى ، عن يزيد بن هارون : كبر الكلبى و غلب النسيان ،
فجاء إلى الحجام و قبض على لحيته ، فأراد أن يقول : خذ من ها هنا يعنى ما جاوز القبضة
، فقال : خذ ما دون القبضة ! .
و
قال أبو حاتم : الناس مجمعون على ترك حديثه ، لا يشتغل به ، هو ذاهب الحديث . و قال
النسائى : ليس بثقة و لا يكتب حديثه .
و
قال أبو أحمد بن عدى : و للكلبى غير ما ذكرت من الحديث ، أحاديث صالحة و خاصة عن أبى
صالح ، و هو معروف بالتفسير ، و ليس لأحد تفسير أطول منه ، و لا أشبع منه ، و بعده
مقاتل بن سليمان ، إلا أن الكلبى يفضل على مقاتل لما قيل فى مقاتل من المذاهب الرديئة
.
و
حدث عن الكلبى الثورى و شعبة فإن كانا حدثا عنه بالشىء اليسير غير المسند .
و
حدث عنه ابن عيينة ، و حماد بن سلمة ، و هشيم ، و غيرهم من ثقات الناس و رضوه فى التفسير
. و أما الحديث ، خاصة إذا روى عن أبى صالح ، عن ابن عباس ، ففيه مناكير و لشهرته فيما
بين الضعفاء يكتب حديثه ! ."
الكلبي
رافضي متهم بالكذب فهو سبئي
وهو
مشهور بالتفسير وأود ذكر فوائد تتعلق به
قام
أحد الرافضة بجمع رجال الشيعة في كتب السنة واكتفى بنقل كلمة ابن عدي التي هي تساهل
صارخ وتخالف كلام المتقدمين ، وكتم الرافضي النصوص الأخرى
وعندي
فائدة تتعلق بمعتقده فالرجل وإن كان نسب للسبئية لقوله بالرجعة فالذي يبدو أنه كان
يعترف بفضائل أبي بكر وعمر وعثمان
قال
الثعلبي في تفسيره :" قال الكلبيّ في قوله الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ الآية: نزلت في عثمان بن عفّان (رضي الله عنه) وعبد الرحمن بن
عوف، أمّا عبد الرحمن فإنّه جاء إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأربعة آلاف درهم
صدقة فقال: كانت عندي ثمانية آلاف فأمسكت منها لنفسي وعيالي أربعة آلاف، وأربعة آلاف
أقرضتها ربّي عزّ وجل"
ونقل
هذا التفسير عن الكلبي كثيرون منهم السمرقندي والبغوي ومكي بن أبي طالب وغيرهم
وقال
الثعلبي في تفسيره :" وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: نزلت هذه الآية في
عبد الله بن أبيّ محتجا به، وذلك أنهم خرجوا ذات يوم فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله
صلّى الله عليه وسلّم فقال: عبد الله بن أبيّ لأصحابه: أنظروا كيف أدرأ هؤلاء السّفهاء
عنكم. فذهب وأخذ بيد أبي بكر فقال: مرحبا بالصّدّيق سيّد بني تيم وشيخ الإسلام وثاني
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الغار، والباذل نفسه وماله له. ثمّ أخذ بيد عمر
فقال: مرحبا بسيّد بني عدي بن كعب الفاروق القوي في دين الله الباذل نفسه وماله لرسول
الله، ثمّ أخذ بيد علي فقال: مرحبا بابن عم رسول الله وختنه سيّد بني هاشم ما خلا رسول
الله صلّى الله عليه وسلّم فقال علي: كف لله واتق الله ولا تنافق، فإنّ المنافقين شر
خليقة الله، فقال له عبد الله: مهلا أبا الحسن إليّ تقول هذا، والله إنّ إيماننا كإيمانكم
وتصدّيقنا كتصديقكم ثمّ افترقوا، فقال عبد الله لأصحابه: كيف رأيتموني فعلت، فإذا رأيتموهم
فافعلوا كما فعلت. فأثنوا عليه خيرا، وقالوا: لا نزال معك ما عشت، فرجع المسلمون إلى
النبي صلّى الله عليه وسلّم وأخبروه بذلك، فأنزل الله وَإِذا لَقُوا أي رأوا، يعني
المنافقين عبد الله بن أبي وأصحابه"
وهذا
أثر عظيم وقد ترك ذكر عثمان هنا
وما
اشتهر بين الناس أن الكلبي احتملوه في التفسير فيه نظر فالطبري في تفسيره يجتنبه متعمداً
وإنما يذكره نادراً متابعة وتفسيره عن أبي صالح عن ابن عباس الأصل عنده اجتنابه
وكذا
عبد الرزاق فالغالب يذكر التفسير كلامه وأما ما يسنده الكلبي عن ابن عباس فلا يذكره
إلا نادراً متابعة ولم أره في تفسيره إلا مرة وغيرهم وتجوز في ذكره مكثراً ابن المنذر
وأما
ابن أبي حاتم فاجتنبه بالكلية
قال
الطبري في تفسيره :" يَقُولُ: إِنْ كُنْتُمْ مُصَدِّقِينَ بُوعِدِ اللَّهِ وَوَعِيدِهِ
وَحَلَالِهِ وَحَرَامِهِ. وَهَذَا قَوْلٌ رُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ غَيْرِ مُرْتَضَى عِنْدَ أَهْلِ النَّقْلِ"
ولا
أحسبه إلا تفسير الكلبي
وليعلم
أن حفيد علي بن أبي طالب الحسن بن محمد بن الحنفية لما رأى اختلاف الناس في علي وعثمان
وإكثارهم كتب كتاباً معروفاً يحث الناس على التوقف في أمرهما والتمسك بالمتفق عليه
وهما أبو بكر وعمر وقد ندم على هذا الكتاب فيما يروى ولكن محل الشاهد تنصيصه على اتفاق
الناس على أبي بكر وعمر
قال
العدني في الإيمان 80 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أيْمَنَ، قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ،
يَأْمُرَ: " أَنْ أَقْرَأَ هَذَا الْكِتَابَ عَلَى النَّاسِ: أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّا
نُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَنَحُثُّكُمْ عَلَى أَمْرِهِ، ونَرْضَى لَكُمْ طَاعَتَهُ،
ونَسْخَطُ لَكُمْ مَعْصِيَتَهُ، وَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِعِلْمِهِ فَأَحْكَمَهُ،
وَفَصَّلَهُ وأَعَزَّهُ، وحَفِظَهُ أَنْ يَأتِيَهُ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ
وَمِنْ خَلْفِهِ، وضَرَبَ [ص:146] أمْثَالَهُ، وَبَيَّنَ عِبَرَهُ، وَجَعَلَهُ فُرْقَانًا
مِنَ الشَّرِ، ونُورًا مِنَ الظُّلْمَةِ، وَبَصَرًا مِنَ الْعَمَى، وهُدًى مِنَ الضَّلَالَةِ،
ثُمَّ تَمَّتِ النِعْمَةُ، وأُكْمِلَتِ الْعِبَادَةُ، وَحُفِظَتِ الْوَصِيَّةُ، وَجَرَتِ
السُّنَّةُ وَمَضَتِ الْمَوْعِظَةُ، واعْتَقَدَ الْمِيثَاقُ، واسْتُوجِبَتِ الطَّاعَةُ،
فَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ، وَالْعُرْوَةُ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا،
بِهَا سَبَقَ الْأَوَّلُونَ، وَبِهَا أَدْرَكَ الْآخِرُونَ، كِتَابًا تَوَلَّى حُكْمَهُ،
وارْتَضَاهُ لِنَفْسِهِ، وافْتَرَضَهُ عَلَى عِبَادِهِ، مَنْ حَفِظَهُ بَلَّغَهُ مَا
سِوَاهُ، ومَنْ ضَيَّعَهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ غَيْرُهُ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ اللَّهَ
تَبَارَكَ وتَعَالَى أَنْزَلَ عَلَى مُحَمَّدٍ النُّبُوَّةَ، وابْتَعَثَهُ بِالرِّسَالَةِ،
رَحْمَةً لِلنَّاسِ كَافَّةً، وَالنَّاسُ حِينَئِذٍ فِي ظُلْمَةِ الْجَاهِلِيَّةِ وضَالَّتِهَا،
يَعْبُدُونَ أوْثَانَهَا، وَيَسْتَقْسِمُونَ بَأَزْلَامِهَا، عَنْهَا يَأْتَمِرُونَ
أمْرَهُمْ، وَبِهَا يُحِلُّونَ حَلَالَهُمْ، وَيُحَرِّمُونَ حَرَامَهُمْ، دِينُهُمْ
بِدْعَةٌ، وَدَعْوَتُهُمْ فِرْيَةٌ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْحَقِ مُحَمَّدًا
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَحْمَةً مِنْهُ لَكُمْ ومِنَّةً مَنَّ بِهَا عَلَيْكُمْ،
وبَشَّرَكُمْ وأَنْذَرَكُمْ ذِكْرَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ، وَقَصَّ
فِي الْكِتَابِ قِصَّةَ أمْرِهِمْ، كَيْفَ نَصَحَتْ لَهُمْ رَسُلُهُمْ، وكَيْفَ كَذَّبُوهُمْ
وتَوَلَّوْا عَنْهُمْ، وكَيْفَ كَانَتْ عُقُوبَةُ اللَّهِ إيَّاهُمْ، فَوَعَظَكُمُ
اللَّهُ بِنَكَالِ مَنْ قَبْلَكُمْ، وأمَرَكُمْ أَنْ تَقْتَدُوا بِصَالِحِ فِعَالِهِمْ،
فَبَلَّغَ مُحَمَّدٌ الرِّسَالَةَ، وَنَصَحَ الْأُمَّةَ، وَعَمِلَ بِالطَّاعَةِ، وجَاهَدَ
الْعَدُوَّ، فَأعَزَّ اللَّهُ بِهِ أمْرَهُ، وأظْهَرَ بِهِ نُورَهُ، وتَمَّتْ بِهِ
كَلِمَتُهُ، وانْتَجَبَ لَهُ أقْوَامًا عَرِفُوا حقَّ اللَّهِ، واعْتَرَفُوا بِهِ،
وبَذَلُوا لَهُ دِمَاءَهُمْ وأمْوَالَهُمْ، فِيهِمْ مَنْ هَجَرَ دَارَهُ وعَشِيرَتَهُ
إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ومِنْهُمْ آوَى ونَصَرَ فآسَوْا بِأَنْفُسِهِمْ وَآسَوْا
بِهِ. وَلَمْ يرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ، فأيَّدَ اللَّهُ بِهِمُ الدِّينَ،
ودَمَغَ الْحَقُّ [ص:147] الْبَاطِلَ، وأُبْطِلَتْ دَعْوَةُ الطَّوَاغِيتِ، وَكُسِرَتِ
الْأَزْلَامُ، وتُرِكَتْ عِبَادَةُ الْأَوْثَانِ، وَأُجِيبَ دَاعِيَ اللَّهِ وظَهَرَ
دِينُ اللَّهِ، وَعَرَفَ النَّاسُ أَمْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، واعْتَرَفُوا بِقَضَاءِ
اللَّهِ، وَشَهِدُوا بِالْحَقِّ، وَقَالُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ
اللَّهِ، وأدَّوْا فَرَائِضَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وأَعْقَبَ اللَّهِ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنِ اسْتَجَابَ لَهُ أجْرًا ونَصْرًا وَوَعْدًا
وَسُلْطَانًا، وَمَكَّنَ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى، وأَبْدَلَهُمْ مِنْ بَعْدِ
خَوفِهِمْ أمْنًا، فَلَمَّا أحْكَمَ اللَّهِ النَّهْيَ عَنْ مَعْصِيَتِهِ، وَخَلُصَتِ
الدَّعْوَةُ، وايْتَطَى الْإِسْلَامُ لِأَهْلِهِ، شَرَّعَ الدِّينَ شَرَائِعَهُ، وفَرَضَ
فَرَائِضَهُ، وأعْلَمَ الدِّينَ عَلَامَةً يَعْلَمُهَا أَهْلُ الْإِسْلَامِ، وَحَدَّ
الْحُدُودَ وَحَرَّمَ الْمَشَاعِرَ وَعَلَّمَ الْمَنَاسِكَ، وَمَضَتِ السُّنَّةُ، واسْتَتَابَ
الْمُذْنِبَ، ودَعَا إِلَى الْهِجْرَةِ، وَفَتَحَ بَابَ التَّوْبَةِ، حُجَّةً لَهُ
ونَصِيحَةً لِعِبَادِهِ، فَالْإِسْلَامُ عِنْدَ أَهْلِهِ عَظِيمٌ شَأْنُهُ، مَعْرُوفٌ
سَبِيلُهُ، لِحُقُوقِهِ مُتَفَقِّدُونَ، ولَهُ مُتَعاهِدُونَ، يَعْرِفُونَهُ ويُعْرَفُونَ
بِهِ، بِالِاجْتِهَادِ بِالنِّيَّةِ، وَالِاقْتِصَادِ بِالسُّنَّةِ، لَا يَبْطُرُهُمْ
عَنْهُ رَخَاءٌ مِنَ الدُّنْيَا أصَابَهُمْ، وَلَا يُضَيِّعُونَهُ لِشِدَّةِ بَلَاءٍ
نَزَلَ بِهِمْ، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ جَاءَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ، أَيْقَنَتْ نُفُوسُهُمْ،
واطْمَأَنَّتْ بِهِ قُلُوبُهُمْ، يَسِيرُونَ مِنْهُ عَلَى أعْلَامِ نَبِيِّهِ، وَسُبِلٍ
واضِحَةٍ. حُكْمٌ فَرَغَ اللَّهُ مِنْهُ، لَا تَلْتَبِسُ بِهِ الْأهْوَاءُ، وَلَا تَزِيغُ
بِهِ الْقُلُوبُ، عَهِدَ عَهْدَهُ اللَّهُ إِلَى عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ
الْأُمَّةُ كَبَعْضِ الْأُمَمِ الَّتِي مَضَتْ قَبْلَهَا جَاءَهَا نَذِيرٌ مِنْهَا،
ودَعَاها بِمَا يُحْيِيهَا، وَنَصَحَ لَهَا، وَجَهَدَ وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ مِنَ
الْحَقِّ، فاسْتَجَابَ لَهُ مُسْتَجِيبُونَ، وكَذَّبَ بِهِ مُكَذِّبُونَ، فَقَاتَلَ
مَنْ كَذَّبَهُ بِمَنِ اسْتَجَابَ لَهُ. حَتَّى أحَلَّ حَلَالَ اللَّهِ، وَحَرَّمَ
حَرَامَهُ، وَعَمِلَ بِطَاعَتِهِ، ثُمَّ نَزَلَ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ مَوْعُودُ اللَّهِ،
الَّذِي وَعَدَ مِنْ وُقُوعِ الْفِتْنَةِ، يُفَارِقُ رِجالٌ عَلَيْهِ رِجالًا، وَيُوالِي
[ص:148] رِجالٌ عَلَيْهِ رِجالًا. فَمَنْ أرَادَ أَنْ يُسَائِلَنَا عَنْ أَمْرِنَا
وَرَأْيِنَا فَإِنَّا قَوْمٌ اللَّهُ رَبُّنَا، وَالْإِسْلَامُ دِينُنَا، وَالْقُرْآنُ
إِمَامُنَا، وَمُحَمَّدٌ نَبِيُّنا، إِلَيْهِ نَسْنُدُ، ونُضِيفُ أَمْرَنَا إِلَى اللَّهِ
ورَسُولِهِ، ونَرْضَى مِنْ أَئِمَّتِنَا بِأَبِي بَكْرٍ وعُمَرَ، ونَرْضَى أَنْ يُطَاعَا
ونَسْخَطُ أَنْ يُعْصَيَا، ونُعَادِي لَهُمَا مَنْ عادَاهُمَا، ونُرْجِي مِنْهُمْ أَهْلَ
الْفُرْقَةِ الْأُوَلَ. ونُجَاهِدُ فِي أَبِي بَكْرٍ وعُمَرَ الْوِلَايَةَ، فَإِنَّ
أَبَا بَكْرٍ وعُمَرَ لمْ تَقْتَتِلْ فيهِمَا الْأُمَّةُ، وَلَمْ تَخْتَلِفْ فيهِمَا،
وَلَمْ يُشَكَّ فِي أَمْرِهِمَا، وَإِنَّمَا الْإِرْجَاءُ مِمَّنْ عَابَ الرِّجَالَ،
وَلَمْ يَشْهَدْهُ، ثُمَّ عَابَ عَلَيْنَا الْإِرْجَاءَ مِنَ الْأُمَّةِ وقَالَ مَتَى
كَانَ الْإِرْجَاءُ. كَانَ عَلَى عَهْدِ مُوسَى نَبِيِّ اللَّهِ، إِذْ قَالَ لَهُ فِرْعَونُ
{مَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى} طَهَ: قَالَ مُوسَى وَهُوَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ:
حَتَّى قَالَ: {عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى}
[طه: 52] طَهَ:. فَلَمْ يُعَنَّفْ بِمِثْلِ حُجَّةِ مُوسَى، وَمِمَّنْ نُعَادِي فِيهِمْ،
شَبِيبَةٌ مُتَمَنِّيَةٌ ظَهَرُوا بِكِتَابِ اللَّهِ، وأعْلَنُوا الْفِرْيَةَ عَلَى
بَنِي أُمَيَّةَ، وعَلَى اللَّهِ، لَا يُفَارِقُونَ النَّاسَ بِبَصَرٍ نَافِذٍ، وَلَا
عَقْلٍ بَالِغٍ فِي الْإِسْلَامِ، يَنْقُمُونَ الْمَعْصِيَةَ عَلَى مَنْ عَمِلَهَا،
ويَعْمَلُونَ بِهَا. إِذَا ظَهَرُوا بِهَا يَنْصُرونَ فِتْنَتَها وَمَا يَعْرِفُونَ
الْمَخْرَجَ مِنْهَا، اتَّخَذُوا أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ الْعَرَبِ إِمَامًا، وقَلَّدُوهُمْ
دِينَهُمْ، يَتْلُونَ عَلَى حُبِّهِمْ ويُفَارِقُونَ عَلَى بُغْضِهِمْ، جُفَاةٌ عَلَى
الْقُرْآنِ، أتْبَاعُ الْكُهَّانِ، يَرْجُونَ دَوْلَةً تَكُونُ فِي بَعْثٍ يَكُونُ
قَبْلَ السَّاعَةِ، أوْ قَبْلَ قِيَامِ السَّاعَةِ، حَرَّفُوا كِتَابَ اللَّهِ، وارْتَشَوْا
فِي الْحُكْمِ، وسَعَوْا فِي الْأَرْضِ فَسَادًا، وَاللَّهِ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ،
وفَتَحُوا أَبْوَابًا كَانَ اللَّهُ سَدَّهَا، وسَدُّوا أَبْوابًا كَانَ اللَّهُ فَتَحَهَا،
وَمِنْ خُصُومَةِ هَذِهِ الشَّبِيبَةِ الَّتِي أَدْرَكْنَا، أَنْ يَقُولُوا: هُدِينَا
بِوَحْيٍ ضَلَّ عَنْهُ النَّاسُ، وَعِلْمٍ خَفِيَ، ويَزْعُمُونَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ
كَتَمَ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْقُرْآنِ. وَلَوْ كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ كاتِمًا شَيْئًا
مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ، لَكَتَمَ شَأْنَ امْرَأَةِ زَيْدٍ {إِذْ تَقُولُ لِلَّذِي
أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 37] الْأَحْزَابُ: وَقَوْلَهُ {لِمَ تُحَرِّمْ
مَا أحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] التَّحْرِيمُ وَقَوْلَهُ {لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنَ
إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} [الإسراء: 74] الْإِسْرَاءُ: فَهَذَا أَمْرُنَا ورَأْيُنَا،
وَنَدْعُو إِلَى اللَّهِ مَنْ أَجَابَنَا، ونُجِيبُ إِلَيْهِ مَنْ دَعَانَا، لَا نَأْلُو
فِيهِ عَنْ طَاعَةِ رَبِّنَا، وأدَاءِ الْحَقِّ الَّذِي [ص:149] عَلَيْنَا، ونُذَكِّرُ
بِهِ قَوْمَنَا وَمَنْ سَأَلَنَا مِنْ أَئِمَّتِنَا، فَيَسْتَحِلُّونَ بَعْدَهُ دِمَاءَنَا،
أوْ يُعْرِضُوا دِمَاءَهُمْ لَنَا. فَالنَّاسُ مَجْمُوعُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ فِي مَوْطِنِ
صِدْقٍ، ويَوْمَ يَكُونُ الْحَقُّ للَّهِ، ويَبْرَأُ فِيهِ الْبَائِعُ مِنَ الْمَبْيُوعِ،
وَيَدْعُو الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بِالثُّبُورِ، فادَّخِرُوا مِنْ صَالِحِ الْحُجَجِ
عِنْدَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ مَنْ لَا يَكُونُ يَظْفَرُ بِحُجَّتِهِ فِي الدُّنْيَا،
لَمْ يَظْفَرْ بِهَا فِي الْآخِرَةِ، كِتَابٌ كَتَبْتُهُ نَصِيحَةً لِمَنْ قَبْلَهُ،
وَحُجَّةً عَلَى مَنْ تَرَكَهُ، وَالسَّلَامُ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ للَّهِ
رَبِّ الْعَالَمِينَ "
وقد
غلط في أمر عثمان وعلي ولكن الشاهد ما ذكره من الاتفاق على أبي بكر وعمر
وقال
حرب الكرماني في مسائله حدثنا أحمد بن سعيد قال: حدثنا الطنافسي قال: ثنا أبي قال:
أدركت الناس وإنما يختلفون في علي وعثمان فأما أبو بكر وعمر فليس فيهما اختلاف.
وهنا
وقفة : تواتر عن علي بن أبي طالب تفضيله لأبي بكر وعمر على نفسه بل تهديده من يفضله
عليهما
قال
الإمام أحمد في فضائل الصحابة [484]:
قثنا
هَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، وَالْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، قَالَا: نا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ
قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ
النَّخَعِيِّ قَالَ: ضَرَبَ عَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ هَذَا الْمِنْبَرَ فَقَالَ:
خَطَبَنَا
عَلِيٌّ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَذَكَرَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ
يَذْكُرَهُ.
ثُمَّ
قَالَ: أَلَا إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ أُنَاسًا يُفَضِّلُونِي عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
وَلَوْ
كُنْتُ تَقَدَّمْتُ فِي ذَلِكَ لَعَاقَبْتُ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْعُقُوبَةَ قَبْلَ
التَّقَدُّمِ.
فَمَنْ
قَالَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ مُفْتَرٍ، عَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُفْتَرِي.
إِنَّ
خَيْرَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ،
ثُمَّ عُمَرُ، وَإِنَّا أَحْدَثْنَا بَعْدَهُمْ أَحْدَاثًا يَقْضِي اللَّهُ فِيهَا
مَا أَحَبَّ.
ثُمَّ
قَالَ: أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْمًا مَا،
وَأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْمًا مَا.
أقول:
وقد ضعف إسناده محقق فضائل الصحابة بأبي معشر نجيح, وأبو معشر ليس هو نجيح بل هو زياد
بن كليب وهو ثقة.
وقد
روى تفضيل علي لأبي بكر وعمر على نفسه كل من ولده محمد بن الحنفية وأبو جحيفة وعبد
خير ووهب السوائي وعلي بن ربيعة الوالبي وعلقمة وعبد الله بن سلمة المرادي ومسعدة بن
الأعور البجلي
وروى
عنه الحارث الأعور حديث أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة
فهل
الإنصاف أن يترك هذا المتواتر الذي ملأ الكتب ويحتج برواية منكرة وهي رواية ( أنا الصديق
الأكبر ) الذي يحتج بها عدنان إبراهيم وأضرابه والتقريب قد يكون مطروحا مع من يخالفك في التفضيل في عثمان وعلي ولكن من يكفر عامة الصحابة ويجعل سب أفضلهم ديناً ويطعن في زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ويكذب السنة الغراء ويفسر القرآن تفسيرا باطنياً محاولة التقريب معه سفه في العقل ، ومن لم تصف نفسه على الصحابة الذين زكاهم من فوق سبع سماوات متى تزكو نفسه عليك وهل لك من الفضل ما للصحابة إنما ينافقونكم ليتمكنوا من رقابكم
هذا وصل اللهم على محمد
وعلى آله وصحبه وسلم