مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: وصية عظيمة : لَا تَدَعْ طَلَبَ الْعِلْمِ لِلْعَمَلِ , وَلَا تَدَعِ الْعَمَلَ لِطَلَبِ الْعِلْمِ.

وصية عظيمة : لَا تَدَعْ طَلَبَ الْعِلْمِ لِلْعَمَلِ , وَلَا تَدَعِ الْعَمَلَ لِطَلَبِ الْعِلْمِ.



أما بعد :
 

قال أبو نعيم في الحلية (7/12) : حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ [يزيد ]( في المطبوع عبد الله والصواب ما أثبته )، حَدَّثَنَا الْمُسَيَّبُ بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْمُبَارَكِ، يَقُولُ: سُئِلَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: " طَلَبُ الْعِلْمِ أَحَبُّ إِلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ أَوِ الْعَمَلُ؟ فَقَالَ: «إِنَّمَا يُرَادُ الْعِلْمُ لِلْعَمَلِ , لَا تَدَعْ طَلَبَ الْعِلْمِ لِلْعَمَلِ , وَلَا تَدَعِ الْعَمَلَ لِطَلَبِ الْعِلْمِ»

وهذه وصية عظيمة من إمام جمع بين العلم والعمل فإن المرء إذا عمل بغير علم ابتدع وإذا تعلم بدون عمل كان مكثراً للحجج على نفسه

قال الطبري في تهذيب الآثار (3/ 149) :" وذلك أن من طلب العلم لبعض هذه الوجوه ، فلم يطلبه لما أمر الله بالطلب له ، وذلك أن الله تعالى ذكره ، إنما أمر بطلب العلم للعمل به ، والقيام بالواجب عليه فيما علمه منه ، ووهب له من معرفته ، أو لتعليم جاهل وإرشاد ضال ، لا لمباهاة العلماء ، أو مماراة السفهاء ، وصرف وجوه الناس به إليه . وذلك أن هذه وجوه ليس في شيء منها له رضى ، ولا هو مما أقر به ولا ندب إليه ، بل زجر عنه ونهى ، فحظ طالبه منه التقدم على معصية الله ، والمتقدم على معصية الله النار أولى به ، إن لم يعف الله جل ثناؤه عنه بفضله . ويدخل في معناه جميع أعمال العباد المطلقة والمأمور بها ، من المطاعم ، والمشارب ، والملابس ، والمراكب ، والمناكح ، والمنطق ، والصمت ، والمشي ، والجلوس ، والقيام ، والاضطباع ، وغير ذلك من سائر الأعمال المباح للعباد عملها ، والمأمور به منها حتى يكون العبد مثابا عليها من حال عمله إياها ، مريدا بها العمل على الوجه الذي يكون لله تعالى في العمل بها على ذلك الوجه رضى ، أو يكون مستحقا منه بها العقوبة على عمله إياها مريدا بها عملها على الوجه الذي له فيه السخط والكراهة ، وذلك كالطاعم من الطعام الزيادة على ما أقام رمقه ، وأمن معه على نفسه العطب ، فإن زيادته ما زاد على ذلك ، إن قصد بها طلب القوة على قراءة القرآن ، أو على القيام للنوافل والفرائض من الصلاة ، أو لجهاد أعداء الله من المشركين ، وما أشبه ذلك من الأعمال فإن ذلك من فعله ذلك يستحق به من ثواب الله الجزيل ، ومن كرامته الجسيم ، وإن كان أي زيادة ما ازداد على ذلك طلبا للقوة على حمل مال لمسلم قد سرقه إياه ، أو على قتل رجل ممن حرم الله قتله أو على سلبه ، أو تسوره حائطا على امرأة عليه حرام الفجور بها ، وما أشبه ذلك من الأعمال التي يسخطها الله ولا يرضاها ، فإن ذلك من فعله كذلك مستحق به من عذاب الله العظيم ، ومن عذابه الأليم ، إلا أن يعفو جل ثناؤه تفضلا منه عليه ، وكذلك سائر الأعمال التي ذكرنا ، والعلة التي بينا"

قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (14/ 525) :" قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ :سَمِعَ الكَثِيْرَ مِنْ قُتَيْبَةَ بنِ سَعِيْدٍ.
وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ الرَّازِيَّ بِنَسَا أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُوْلُ _ يعني أبي عثمان الحيري : ذَهَابُ الإِسْلاَمِ مِنْ أَرْبَعَةٍ لاَ يَعْملُوْنَ بِمَا يَعْلَمُوْنَ، وَيَعْمَلُوْنَ بِمَا لاَ يَعْلَمُوْنَ، وَلاَ يَتَعَلَّمُوْنَ مَا لاَ يَعلَمُوْنَ، وَيَمنَعُوْنَ النَّاسَ مِنَ العِلْمِ.
قُلْتُ: هَذِهِ نُعُوتُ رُؤُوْسِ العَرَبِ وَالتُّركِ وَخَلْقٍ مِنْ جَهَلَةِ العَامَّةِ، فَلَو عَمِلُوا بِيَسِيْرِ مَا عَرَفُوا، لأَفلَحُوا، وَلَوْ وَقَفُوا عَنِ العَمَلِ بِالبِدَعِ، لَوُفِّقُوا، وَلَوْ فَتَّشُوا عَنْ دِيْنِهِم وَسَأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ - لاَ أَهْلَ الحِيَلِ وَالمَكْرِ - لَسَعِدُوا، بَلْ يُعرِضُونَ عَنِ التَّعَلُّمِ تِيْهاً وَكَسَلاً، فَوَاحِدَةٌ مِن هَذِهِ الخِلاَلِ مُرْدِيَةٌ، فَكَيْفَ بِهَا إِذَا اجْتَمَعَتْ؟!
فَمَا ظَنُّكَ إِذَا انْضَمَّ إِلَيْهَا كِبْرٌ، وَفُجُورٌ، وَإِجرَامٌ، وَتَجَهْرُمٌ عَلَى اللهِ؟! نَسْأَلُ اللهَ العَافِيَةَ"

فكيف لو أدرك الذهبي عصرنا وما آل إليه حالنا

وقال عبد الله بن حميد كما في الدرر السنية (15/ 570) :" ورحم الله ابن القيم حيث قال: الزنادقة قوم أظهروا الإسلام ومتابعة الرسل، وأبطنوا الكفر ومعاداة الله ورسله؛ وهؤلاء هم المنافقون، وهم في الدرك الأسفل من النار.
وذكر رحمه الله من صفاتهم ما ينطبق على غالب أهل هذا الزمان، فراجعه في كتابه "طريق الهجرتين، وباب السعادتين"
في الطبقة الخامسة عشر، يتبين لك أحوال الناس، وما أخلوا به وضيعوه، من تعاليم دينهم، وسنّة نبيهم.
وهلاك الأكثرين بانغماسهم في الشهوات المحرمة، وموالاتهم لأعداء الله ورسوله، وتركهم الصلاة التي هي عمود الإسلام، والذين يصلون منهم يؤخرونها عن أوقاتها.
وتأمل ذلك تجده عامًّا في القرى والأمصار والبوادي، إلا بقايا ممن رسخت في التوحيد عقائدهم، واستنار


ت بالعلم قلوبهم وبصائرهم، وعن الشر يحذرون، وبالأدلة يرشدون، وعلى الأذى في الله يصبرون"

فما عسانا نقول والله المستعان
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي