مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: باب في بعض من لم تأخذه في الله لومة لائم ...

باب في بعض من لم تأخذه في الله لومة لائم ...



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


فهذا جمع لأناس قالوا كلمة حق أمام سلطان جائر ، وكنت قد فصلت في مسألة الكلام على السلاطين في مقالاتي تقويم المعاصرين وأنا هنا لا أتكلم عن أناس حركهم تجاه بعض الأمراء الدنيا ، إنما أتكلم عن أناس حركهم الحمية على الدين وقالوا كلمة الحق عند السلطان الجائر

قال مسلم في صحيحه 39 - (864) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ أُمِّ الْحَكَمِ يَخْطُبُ قَاعِدًا، فَقَالَ: " انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْخَبِيثِ يَخْطُبُ قَاعِدًا، وَقَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11] "

فهذا الصحابي الجليل كعب بن عجرة يصف أميراً بالخبث لأجل بدعة عملية ، لأجل أنه استبدل القيام بالجلوس ولأن ذلك يحصل أمام الناس فيتخذونه قدوة غضب من ذلك

فكيف لو رأى من استبدل الاستغاثة بالله بالاستغاثة بالمخلوقين ؟

واستبدل الدعاء للميت والاستغفار له بدعائه وطلب استغفاره ؟

واستبدل تكفير الكافرين بتسميتهم الآخر ؟

واستبدل الأحكام الشرعية بزبالات عقول الكفار المسماة بالقوانين الوضعية ؟

واستبدل بناء المساجد وهدم أوثان الشرك ببناء معابد للهندوس ؟

واستبدل أمر نساء المسلمين بالستر بالحرب على النقاب وترك الدعارة والخلاعة واللباس بل واللباس الكاشف ؟

واستبدل صيانة نساء المسلمين وقرارهن في بيوتهن بإرسالهن مبتعثات إلى بلاد الكفار التي تنتشر فيها الخلاعة حتى سمعنا ما يبكي مما يدنس الأسماع وتزكم لرائحته الأنوف ، وفي بريطانيا استجبن لإرهاب المنقبة فتركن اللباس الشرعي ( خوفاً بدعواهن ) فأين العناد الذي كنا نراه أمام الهيئة فلا بارك الله فيهن ولا في أهاليهن ولا في قضاة جهنم الذين وقعوا على إرسالهن لحى السوء التي ما نبتت على خير ولا على تقوى ؟

ومن استبدل إذلال أهل البدع والبراءة ممن يسب أمهات المؤمنين بتسميتهم إخوة وطن والحكم لهم بالشهادة وإذلال أخوة العقيدة ؟

ومن استبدل طلب الهداية من الكتاب والسنة بطلبها من زبالات عقول الفلاسفة والمتكلمين وتسمية ذلك توحيداً ؟

والمقام في هذا يطول وقد يستغرق ولسنا هنا لهذا القصد

وقال مسلم في صحيحه  53 - (874) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ، قَالَ: رَأَى بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ رَافِعًا يَدَيْهِ، فَقَالَ: «قَبَّحَ اللهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَقُولَ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الْمُسَبِّحَةِ».

فهذا الصحابي الجليل يطلق اللفظ الغليظ على أمير بدل سنة فحسب فكيف بمن بدل شرع الله بما يناقضه من أهواء الناس في العقيدة أو الشريعة أو السياسة

وقال عبد الرزاق في المصنف 3226 - عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ: إِنَّ عُبَيْدَةَ لَآخِذٌ بِيَدِي إِذْ سَمِعَ صَوْتَ الْمُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ بَعْدَمَا سَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ عُبَيْدَةُ: «مَا لَهُ قَاتَلَهُ اللَّهُ نَعَّارٌ بِالْبِدَعِ»

عبيدة السلماني تابعي مخضرم من كبار علماء التابعين يقول هذه الكلمة في مصعب بن الزبير لما أحدث حدثاً في هيئته عن قوله للأذكار ، ولا أدري ما سيقول أصحاب البدعة الحسنة في هذا وفي المثالين السابقين ؟

فكيف بالبلاء الذي نراه اليوم

قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (13/172) :" قَالَ جَعْفَرٌ المُسْتَغْفِرِي: كَانَ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ النَّضْرِيّ قَاضِي مَرْو وَنَسَف صُلْبَ المَذْهَب، فَدَخَلَ صَاحِبُ غَزْنَة سُبُكْتِكِيْن بَلْخَ، وَدَعَا إِلَى مُنَاظرَة الكَرَّامِيَّة، وَكَانَ النَّضْرِيُّ يَوْمَئِذٍ قَاضِياً ببَلْخ، فَقَالَ سُبُكْتِكِيْن: مَا تقولُوْنَ فِي هَؤُلاَءِ الزُّهَّاد الأَوْلِيَاء؟ فَقَالَ النَّضْرِيُّ: هَؤُلاَءِ عِنْدنَا كَفَرَة. قَالَ: مَا تقولُوْنَ فِيَّ؟ قَالَ: إِنْ كُنْتَ تَعْتَقِدُ مَذْهَبَهُم، فَقولُنَا فِيْكَ كَذَلِكَ. فَوَثَبَ، وَجَعَلَ يضربُهُم بِالدّبوس حتى أَدمَاهُم، وَشجَّ النَّضْرِيَّ، وَقيَّدهُم وَسَجَنَهُم، ثُمَّ أَطلقهُم خوفَ الملاَمَة"

الله أكبر ما هاب السلطان سُبُكْتِكِيْن وصرح بتكفير الكرامية أمامه وبتكفيره هو إن كان على مذهبهم

وقال ابن حجر في شرحه على صحيح البخاري (7/436) :" فَأَخْرَجَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ فِي مُسْنَدِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلْوَانِيِّ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ حَدثنَا عَمِّي قَالَ دَخَلَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ يَا سُلَيْمَانُ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مَنْ هُوَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ قَالَ كَذَبْتَ هُوَ عَلِيٌّ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُ فَدخل الزُّهْرِيّ فَقَالَ يَا بن شهَاب من الَّذِي تولى كبره قَالَ بن أُبَيٍّ قَالَ كَذَبْتَ هُوَ عَلِيٌّ فَقَالَ أَنَا أكذب لَا أبالك وَاللَّهِ لَوْ نَادَى مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنَّ اللَّهَ أَحَلَّ الْكَذِبَ مَا كَذَبْتُ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ وَسَعِيدٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَعَلْقَمَةُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فَذَكَرَ لَهُ قِصَّةً مَعَ هِشَامٍ فِي آخِرِهَا نَحْنُ هَيَّجْنَا الشَّيْخَ"

فتأمل قول الزهري للخليفة ( لا أبا لك ) لما أغضبه وتكلم في علي بما لا يصلح

وجاء في طبقات الحنابلة :" وقال أَبُو بَكْرِ بْنُ جَابِرٍ خادم أبي دَاوُد كنت مع أبي دَاوُد ببغداد فصلينا المغرب إذ قرع الباب ففتحته فإذا خادم يقول هذا الأمير أَبُو أَحْمَد الموفق يستأذن فدخلت إلى أبي دامد فأخبرته بمكانه فأذن له فدخل وقعد ثم أقبل عليه أَبُو دَاوُد فقال: ما جاء بالأمير فِي مثل هذا الوقت فقال: خلال ثلاث فقال: وما هي قَالَ: تنتقل إلى البصرة فتتخذها وطنًا ليرحل إليك طلبة العلم من أقطار الأرض فتعمر بك فإنها قد خربت وانقطع عنها الناس لما جرى من محنة الزنج فقال: هذه واحدة هات الثانية قَالَ: وتروى لأولادي كتاب السنن فقال: نعم هات الثالثة قَالَ: وتفرد لهم مجلسا للرواية فإن أولاد الخلفاء لا يقعدون مع العامة فقال: أما هذه فلا سبيل إليها لأن الناس شريفهم ووضيعهم فِي العلم سواء.
قَالَ ابن جَابِر وكانوا يحضرون بعد ذلك ويقعدون فِي كم حيري ويضرب بينهم وبين الناس ستر فيسمعون مع العامة"

وهذا موقف جليل من أبي داود

وجاء في ترجمة أبي الفضل الجيلي من ذيل طبقات الحنابلة :" وسئل عنه الشيخ موفق الدين المقدسي؟ فقال: كان حافظا ثقة يقرأ الحديث قِرَاءَةً حسنة مبينة صحيحة بصوت رفيع إمام في السنة. وكان شاهدا معدلا. بلغني أنه دعي إلى الشهادة للخليفة بما لا يجوز، فامتنع من الشهادة، وطرح الطيلسان، وقال: ما لكم عندنا إلا هذا"

وقال ابن أبي حاتم في آداب الشافعي ومناقبه أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عُثْمَانَ الْخُوَارِزْمِيُّ نَزِيلُ مَكَّةَ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّيْنَوَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: " إِنِّي لَحَاضِرٌ مَجْلِسَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ، وَفِيهِ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ زَيْدٍ وَالِي الْمَدِينَةِ، فَأَتَى الْغِفَارِيُّونَ، فَشَكَوْا إِلَيْهِ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْحَسَنِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، سَلْ فِيهِمُ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّهُمْ أَهْلُ تَحَكُّمٍ فِي أَعْرَاضِ الْمُسْلِمِينَ، كَثِيرُو الأَذَى لَهُمْ.
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَدْ سَمِعْتُمْ، فَقَالُوا: سَلْهُ عَنِ الْحَسَنِ، فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِيهِ؟ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّهُ يَحْكُمُ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَيَتَّبِعُ هَوَاهُ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: فَجَمَعْتُ ثِيَابِي وَالسَّيَّافُ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ أَبِي جَعْفَرٍ؛ مَخَافَةَ أَنْ يَأْمُرَ بِهِ فَيُقْتَلَ، فَيُصِيبَ دَمُهُ ثَوْبِي، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَدْ سَمِعْتَ يَا حَسَنُ مَا قَالَهُ، فَقَالَ: سَلْهُ عَنْ نَفْسِكَ.
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ لابْنِ أَبِي ذِئْبٍ: فَمَا تَقُولُ فِيَّ؟ قَالَ: أَوَ يُعْفِينِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَتُخْبِرَنِّي، فَأَلْيَنَهُ وَوَهَّنَهُ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ أَخَذْتَ هَذَا الْمَالَ مِنْ غَيْرِ حَقِّهِ، وَجَعَلْتَهُ فِي غَيْرِ أَهْلِهِ، فَجَاءَ أَبُو جَعْفَرٍ مِنْ مَوْضِعِهِ، حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ فِي قَفَاهُ، قَالَ مُحَمَّدٌ: فَجَمَعْتُ ثِيَابِي؛ مَخَافَةَ أَنْ يَأْمُرَ بِهِ، فَيُصِيبَ دَمُهُ ثَوْبِي، ثُمَّ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ، لَوْلا أَنَا لأَخَذَتْ أَبْنَاءُ فَارِسَ وَالرُّومِ وَالتُّرْكِ وَالدَّيْلَمِ، بِهَذَا الْمَكَانِ مِنْكَ، فَقَالَ: قَدْ وَلِيَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَأَخَذَا بِالْحَقِّ، وَقَسَّمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَأَخَذَا بِأَقْفَاءِ فَارِسَ وَالرُّومِ، وَأَصْغَرَا آنَافَهُمُ، فَخَلَّى أَبُو جَعْفَرٍ قَفَاهُ، وَأَطْلَقَ سَبِيلَهُ، وَقَالَ: وَاللَّهِ، لَوْلا أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ، لَقَتَلْتُكَ، فَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ لأَبِي جَعْفَرٍ: أَنَا وَاللَّهِ أَنْصَحُ لَكَ مِنَ الْمَهْدِيِّ، يَعْنِي ابْنَهُ.

وقال يعقوب بن شيبة في مسنده " ثَنَا مُحَمَّدٌ , قَالَ: ثَنَا جَدِّي , قَالَ: ثَنَا أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ بْنُ الْفَارِسِيِّ، قَالَ ثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ، يَقُولُ: لَمَّا فَرَغَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ [ص:73] عَلِيٍّ مِنْ قَتْلِ بَنِي أُمَيَّةَ، بَعَثَ إِلَيَّ، وَكَانَ قَتَلَ يَوْمَئِذٍ نَيِّفًا وَسَبْعِينَ بِالْكَافِرِ كُوبَاتٍ إِلَّا رَجُلًا وَاحِدًا فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَقَامَ أُولَئِكَ الْجُنْدَ بِالسُّيُوفِ وَالْعُمُدِ، قَالَ: فَدَخَلْتُ فَسَلَّمْتُ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ، فَقَعَدْتُ فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي دِمَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ؟ فَحِدْتُ، قَالَ: قَدْ عَلِمْتَ مِنْ حَيْثُ حِدَتَ أَجِبْ إِلَيَّ مَا سَأَلْتُكَ، قَالَ: وَمَا لَقِيتُ مُفَوَّهًا مِثْلَهُ قَطُّ، قَالَ: فَحِدْتُ أَيْضًا، فَقُلْتُ: كَانَ لَهُمْ عَلَيْكَ عَهْدٌ، وَإِنْ كَانَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَفِيَ لَهُمْ بِالْعَهْدِ الَّذِي جَعَلْتَهُ، قَالَ: فَقَالَ لِي: مَا جَعَلَنِي وَإِيَّاهُمْ وَلَا عَهْدَ لَهُمْ عَلَيَّ، مَا تَقُولُ فِي دِمَائِهِمْ؟ قُلْتُ: هِيَ عَلَيْكَ حَرَامٌ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَحِلُّ قَتْلُ مُسْلِمٍ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: الدَّمِ بِالدَّمِ، وَالثَّيِّبِ الزَّانِي، وَالْمُرْتَدِّ عَنِ الْإِسْلَامِ "، فَقَالَ لِي: وَلِمَ وَيْلَكَ؟ قَالَ: أَوَلَيْسَتِ الْخِلَافَةُ وَصِيَّةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَاتَلَ عَلَيْهَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِصِفِّينَ؟ قُلْتُ لَوْ كَانَتِ الْخِلَافَةُ وَصِيَّةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَضِيَ عَلِيٌّ بِالْحَكَمَيْنِ، قَالَ: فَنَكَّسَ وَنَكَّسْتُ انْتَظَرَ قَالَ: فَأَطَلْتُ ثُمَّ قُلْتُ: الْبَوْلُ، قَالَ: فَأَشَارَ بِيَدِهِ هَكَذَا: أَيْ اذْهَبْ، قَالَ: فَقُمْتُ فَجَعَلْتُ لَا أَخْطُو خُطْوَةً إِلَّا ظَنَنْتُ أَنْ رَأْسِيَ يَقَعُ عِنْدَهَا

فتأمل ثبات الأوزاعي أمام هذا السفاح

وجاء في البداية والنهاية لابن كثير :" وَكَانَ يَوْمَ قَازَانَ فِي جُمْلَةِ من كان مع الشيخ تقي الدين بن تَيْمِيَّةَ لَمَّا تَكَلَّمَ مَعَ قَازَانَ، فَحَكَى عَنْ كَلَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ تَقِيِّ الدِّينِ لِقَازَانَ وَشَجَاعَتِهِ وجرأته عليه، وأنه قال لترجمانه قل للقان: أَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ مُسْلِمٌ وَمَعَكَ مُؤَذِّنُونَ وَقَاضٍ وإمام وشيخ على ما بلغنا فغزوتنا وبلغت بلادنا على ماذا؟ وأبوك وجدك هلاكو كَانَا كَافِرَيْنِ وَمَا غَزَوَا بِلَادَ الْإِسْلَامِ، بَلْ عاهدوا قومنا، وَأَنْتَ عَاهَدْتَ فَغَدَرْتَ وَقُلْتَ فَمَا وَفَّيْتَ.
قَالَ: وَجَرَتْ لَهُ مَعَ قَازَانَ وَقُطْلُوشَاهْ وَبُولَايْ أُمُورٌ وَنُوَبٌ، قَامَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِيهَا كُلِّهَا لِلَّهِ، وقال الحق ولم يخش إلا الله عزوجل.
قال وقرب إلى الجماعة طعاماً فَأَكَلُوا مِنْهُ إِلَّا ابْنَ تَيْمِيَّةَ فَقِيلَ لَهُ أَلَا تَأْكُلُ؟ فَقَالَ: كَيْفَ آكُلُ مِنْ طَعَامِكُمْ وَكُلُّهُ مِمَّا نَهَبْتُمْ مِنْ أَغْنَامِ النَّاسِ وَطَبَخْتُمُوهُ بِمَا قَطَعْتُمْ مِنْ أَشْجَارِ النَّاسِ، قَالَ: ثُمَّ إِنَّ قَازَانَ طَلَبَ مِنْهُ الدُّعَاءَ فَقَالَ فِي دعائه " اللهم إن كان هذا عبدك مَحْمُودٌ إِنَّمَا يُقَاتِلُ لِتَكُونَ كَلِمَتُكَ هِيَ الْعُلْيَا وَلِيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لَكَ فَانْصُرْهُ وَأَيِّدْهُ وَمَلِّكْهُ الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ، وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا قَامَ رِيَاءً وَسُمْعَةً وَطَلَبًا لِلدُّنْيَا وَلِتَكُونَ كَلِمَتُهُ هِيَ الْعُلْيَا وليذل الإسلام وأهله فأخذ له وزلزله ودمره وأقطع دبره " قَالَ: وَقَازَانُ يُؤَمِّنُ عَلَى دُعَائِهِ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ.
قَالَ: فَجَعَلْنَا
نَجْمَعُ ثِيَابَنَا خَوْفًا مِنْ أَنْ تَتَلَوَّثَ بِدَمِهِ إِذَا أَمَرَ بِقَتْلِهِ.
قَالَ: فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ قَالَ لَهُ قَاضِي الْقُضَاةِ نجم الدين بن صَصْرَى وَغَيْرُهُ: كِدْتَ أَنْ تُهْلِكَنَا وَتُهْلِكَ نَفْسَكَ، وَاللَّهِ لَا نَصْحَبُكَ مِنْ هُنَا، فَقَالَ: وَأَنَا وَاللَّهِ لَا أَصْحَبُكُمْ"

وهذا شجاعة عظيمة من ابن تيمية فقازان هذا سفاح

وجاء في كتاب مشاهير علماء نجد للبسام في ترجمة سليمان بن عبد الله صاحب تيسير العزيز الحميد :" وكان _ رحمه الله _ مع ما ذكرنا عنه من الفضل والعلم، شديد الغيرة على حرمات الإسلام والدين، أمارا بالمعروف نهاءا عن المنكر، لا تأخذه في الله لومة لائم، وقد أكرمه الله تعالى بالشهادة سنة ألف ومائتين وثلاث وثلاثين من الهجرة، وذلك عندما وشى به بعض المنافقين، إلي إبراهيم بن محمد علي باشا، عندما إ ستولى على مدينة الدرعية سنة ألف ومائتين وثلاث وثلاثين، فأحضره إبراهيم باشا، وتكلم عليه وأنبه تأنيا شديدا، وأحضر آلات اللهو والمنكر1 بين يديه إغاظة له، ثم أخرجه إلي المقبرة وأمر الجند أن يطلقوا عليه رصاص بنادقهم دفعة واحدة، فأطلقوه عليه فمزق جسمه وفاضت 2 روحه إلي ربه تشكو الظلم، فنعوذ بالله من هذه الوحشية، والقسوة المجردة عن الإنسانية والرحمة.
ونسأل الله أن يتغمد ذلك الشيخ الصابر المجاهد بالرحمة والغفران، وأن يجعله مع الصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا وصلي الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم"
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي