الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :
قال حسن البنا في كتابه المرأة المسلمة ص11
:" يرى الإسلام في الاختلاط بين المرأة والرجل خطراً محققاً ولهذا فإن
المجتمع الإسلامي مجتمع انفرادي لا مشترك "
إلى أن قال وهو يعدد مفاسد الاختلاط :"
نقول لكم أن ما يعقب لذة الاجتماع وحلاوة الأنس مع ضياع الأعراض وخبث الطوايا
وفساد النفوس وتهدم البيوت وشقاء الأسر وبلاء الجريمة وما يستلزمه هذا الاختلاط من
طراوة في الأخلاق ولين في الرجولة لا يقف عند حد الرقة بل هو يتجاوز إلى حد
الخنوثة والرخاوة كل ذلك ملموس لا يماري فيه إلا مكابر
كل هذه الآثار السيئة التي تترتب على
الاختلاط تربو ألف مرة على ما ينتظر من الفوائد "
وهذا كلام حسن فإن حصول بعض الفائدة من
الأمر لا يدل على حله عند العقلاء فالخمر والميسر فيهما منافع فإذا طغت المفسدة
حرم الأمر قطعاً
إلى أن قال بعد أن ساق أدلة كثيرة على
حرمة الاختلاط :" وليس بعد هذا البيان بيان ومنه يعلم أن ما نحن فيه ليس من
الإسلام في شيء ، فهذا الاختلاط الفاشي بيننا في المدارس والجامعات والمعاهد
والمحافل العامة وهذا الخروج إلى الملاهي والمطاعم والحدائق وهذا التبذل والتبرج
الذي وصل إلى حد التهتك والخلاعة كل هذه بضاعة أجنبية لا تمت إلى الإسلام بصلة
يقول كثير من الناس : إن الإسلام لم يحرم
على المرأة مزاولة الأعمال العامة وليس هناك من النصوص ما يفيد هذا فأتوني بنص
يحرم ذلك ، ومثل هؤلاء مثل من يقول أن ضرب الوالدين جائز لأن النهي عنه في الآية
أن يقال لهما ( أف ) ولا نص في الضرب .
إن الإسلام يحرم على المرأة أن تكشف بدنها
وأن تخلو بغيرها وأن تخالط سواها ويحبب إليها الصلاة في بيتها ويعتبر النظر سهماً
من سهام إبليس وينكر عليها أن تحمل قوساً متشبهة بالرجال أفيقال بعد هذا أن
الإسلام لا ينص على حرمة الأعمال العامة " انتهى بتصرف يسير
فهلا اعتبر الإخوان بكلام إمامهم حسن
البنا ونحن نراهم اليوم يفتحون قنوات ويوظفون فيها النساء ويخرجن متزينات على
الشاشة وقد قطين شعورهن وهذا منتهى الأمر عندهن
ومن قبل ذلك رأينا مظاهراتهم وما فيها من
اختلاط شديد
وبعض الناس يظن أنك إذا انتقدت الإخوان
فأنت تؤيد الطرف العلماني المقابل وهذا غلط ، فالذي لا يعي أن خروج شخص كل يوم
يشكك في الثوابت أو يطعن في الدين أو يدعو للرذيلة بشكل ممنهج في الإعلام ، الذي
لا يعي أن هذا عمل وراءه القوى السياسية الكبرى في البلاد والتي تريد الإطاحة
بالإخوان عن طريق الإطاحة بكل ثابت من الثوابت الإيمان به قد يجعل العامي يتعاطف
مع الإخوان وهذه من أقذر الحروب السياسية التي مرت علي فيما عشت وفيما قرأت، على أن الإخوان أنفسهم تنازلوا عن كثير من الثوابت مداهنة للسفلة
ولكن هذا لا يبرر أن يسكت على الضلال
المبين والانحلال الظاهر
وهذا الذي قاله البنا لا أقول لك أن قول
جميع علماء المذاهب على مدى أربعة عشر قرناً ولا أقول لك أن قول جميع أهل الملل
المنتسبين للإسلام كالرافضة والزيدية والإباضية والجهمية وغيرهم بل أقول لك أنه
قول كل أهل الأديان والبشر يسيرون عليه في معظم أحوالهم
وقد دعاهم إلى هذا قطعيات فطرية يرونها
ويعجبني قول ذلك الألماني لعمر فروخ ( الرجل العربي سعيد فنحن إذا تزوج الرجل
انتقل من سعة إلى ضيق ( يعني من زنا مفتوح إلى التقيد بإمرأة ) والعربي إذا تزوج
فإنه يقبل على عالم لأول مرة يدخله )
والمكابر فقط من ينكر ما يوجد في الأوساط
الاختلاطية من رذيلة وتشوف لها ، والمكابر فقط من ينكر أن الزنا المنتشر الآن في
بلاد الكفر حتى لا ينكره أحد كان بدايته الاختلاط ، والمكابر فقط من ينكر أنك إذا
جمعت بين الجنسين كان شغلهما ببعضهما ببعض أعظم أو يوازي شغلهما بالعمل ، والمكابر
فقط من ينكر أن المرأة غير العفيفة بإمكانها أن تحصل ببيع نفسها ما لا يقدر أن
يحصله كثيرون بشهاداتهم وعملهم ذكوراً
وإناثاً ، والمكابر فقط من ينكر الإفراط الشهواني الحاصل في هذا العصر والذي لو
كان الاختلاط جائزاً لكان منعه في هذا الزمان متعيناً لحال الناس
فاليوم البشر يهلكون أنفسهم بالخمور
والتدخين والإباحية المفرطة
هذه الأمور مع يقين الكثير بضررها بل أنها
أخطر من الحروب يقبلون عليها إقبالاً عظيماً ويهلكون أنفسهم
كل ذلك اتباع للشهوات حتى انهزم بعض الناس
وصار يحاول أن يجيز بعض ذرائع الفواحش
وصدق من قال أصل الدين إيثار الحق على
أهواء الخلق وطاغوت كل امريء نفسه وهواه
ولا يثبت الإسلام إلا على قدم التسليم
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم