الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما
بعد :
فهذا مقال مختصر للأخ أبي سعيد الرادسي
يشرح فيه شيئاً مما قاله ابن تيمية عن المتكلمين في التدمرية من أنهم يقرمطون في
السمعيات ويسفسطون في العقليات
وإليك ما كتب
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك
يوم الدين , وصلى الله وسلم وبارك على نبيه محمد الصادق الأمين , وعلى آله وأصحابه
ومن اتبع هديهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين , أما بعد :
فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
في بيان تلبيس الجهمية (7/75-78) بعد ذكره لأحاديث كثيرة في رؤية الله قبل دخول
الجنة وتجليه لعباده في عرصات القيامة : "والكلام على ما ذكره من وجوه أحدها
أن من تأمل سياق هذه الأحاديث وما اتفقت عليه من المعاني وسياقها وما فيها من
الإخبار بأن الله يأمر كل من عبد غيره أن يتبع معبوده فيمثله له أنه إذا تميَّز
الموحدون من غيرهم امتحنهم هل يعبدون غير الإله الذي رأوه أولاً فلما تثبَّتهم
بالقول الثابت تجلَّى لهم في الصورة التي يعرفون فيسجدون له ولما رفعوا رؤوسهم من
السجود وجدوه قد تحول في الصورة التي رأوه فيها أول مرة ثم إنهم يتبعونه بعد ذلك
حتى يمروا على الصراط علم بالاضطرار أن الذي يأتيهم في هذه الصورة هو رب العالمين
نفسه لا ملك من الملائكة ولا مجرد بعض آياته ومن صرف مثل هذه الأحاديث وهذه
الألفاظ الصريحة المنصوصة إلى مَلك من الملائكة أو مجيء شيء من عذاب الله أو إحسان
الله فإنه مع جحده لما يعلم بالاضطرار من هذه الألفاظ قد فتح من باب القرمطة
وتحريف الكلم عن مواضعه ما لا يمكن سدُّه إذ لا يمكن بيان المخبر عنه بأعظم من هذا
البيان التَّام فمن جعل هذا محتملاً لم يمكن قط أن يخبر أحدٌ أحدًا بشيء من
الألفاظ المبينة لمراده قطعًا وهذا كله من أعظم السفسطة وجحد الحسيَّات والضروريات
التي لا يستحقُّ جاحدها مناظرة ولهذا كان السلف ينهون عن مجادلة أمثال هؤلاء
السوفسطائية القرامطة" اهــ
هذا كلام نفيس من ابن تيمية رحمه الله في
الحكم على من أول حديث إتيان الله يوم القيامة إلى المؤمنين -بعد أن ذهبت كل أمة
تعبد غير الله تتبع معبودها- في صورة غير التي يعرفون ثم تجليه سبحانه إليهم في
الصورة التي يعرفون , بأنه سوفسطائي قرمطي يكابر ما يعلم بالإضطرار من معاني هذه
الألفاظ وأنه جاحد للحسيات والضروريات وأنه لا يستحق مناظرة
فلننظر إذا من الذي أول الحديث على اتيان
ملك من ملائكة الله جل وعلا
قال ابن حجر في شرح البخاري (11/450) :
"وَأَمَّا نِسْبَةُ الْإِتْيَانِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَقِيلَ هُوَ
عِبَارَةٌ عَنْ رُؤْيَتِهِمْ إِيَّاهُ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ كُلَّ مَنْ غَابَ
عَنْ غَيْرِهِ لَا يُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ إِلَّا بِالْمَجِيءِ إِلَيْهِ فَعَبَّرَ
عَنِ الرُّؤْيَةِ بِالْإِتْيَانِ مَجَازًا وَقِيلَ الْإِتْيَانُ فِعْلٌ مِنْ
أَفْعَالِ اللَّهِ تَعَالَى يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ مَعَ تَنْزِيهِهِ سُبْحَانَهُ
وَتَعَالَى عَنْ سِمَاتِ الْحُدُوثِ وَقِيلَ فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ يَأْتِيهِمْ
بَعْضُ مَلَائِكَةِ اللَّهِ وَرَجَّحَهُ عِيَاضٌ قَالَ وَلَعَلَّ هَذَا الْمَلَكَ
جَاءَهُمْ فِي صُورَةٍ أَنْكَرُوهَا لَمَّا رَأَوْا فِيهَا مِنْ سِمَةِ الْحُدُوثِ
الظَّاهِرَةِ عَلَى الْمَلَكِ لِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ قَالَ وَيَحْتَمِلُ وَجْهًا
رَابِعًا وَهُوَ أَنَّ الْمَعْنَى يَأْتِيهِمُ اللَّهُ بِصُورَةٍ أَيْ بِصِفَةٍ
تَظْهَرُ لَهُمْ مِنَ الصُّوَرِ الْمَخْلُوقَةِ الَّتِي لَا تُشْبِهُ صِفَةَ
الْإِلَهِ لِيَخْتَبِرَهُمْ بِذَلِكَ فَإِذَا قَالَ لَهُمْ هَذَا الْمَلَكُ أَنَا
رَبُّكُمْ وَرَأَوْا عَلَيْهِ مِنْ عَلَامَةِ الْمَخْلُوقِينَ مَا يَعْلَمُونَ
بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ رَبَّهُمُ اسْتَعَاذُوا مِنْهُ لِذَلِكَ انْتَهَى وَقَدْ
وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا
فَيَطَّلِعُ عَلَيْهِمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَهُوَ يُقَوِّي الِاحْتِمَالَ
الْأَوَّلَ قَالَ وَأَمَّا قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي
صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَهَا فَالْمُرَادُ بِذَلِكَ الصِّفَةُ وَالْمَعْنَى
فَيَتَجَلَّى اللَّهُ لَهُمْ بِالصِّفَةِ الَّتِي يَعْلَمُونَهُ بِهَا وَإِنَّمَا
عَرَفُوهُ بِالصِّفَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَقَدَّمَتْ لَهُمْ رُؤْيَتُهُ
لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ حِينَئِذٍ شَيْئًا لَا يُشْبِهُ الْمَخْلُوقِينَ وَقَدْ
عَلِمُوا أَنَّهُ لَا يُشْبِهُ شَيْئًا مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ
رَبُّهُمْ فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا وَعَبَّرَ عَنِ الصِّفَةِ بِالصُّورَةِ
لِمُجَانَسَةِ الْكَلَامِ لِتَقَدُّمِ ذِكْرِ الصُّورَةِ" اهــ
وقال النووي في شرح مسلم (3/19-20) :
"(فيأتيهم الله فِي صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ
أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى
يَأْتِيَنَا رَبُّنَا فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ
فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ أَنْتَ
رَبُّنَا فَيَتَّبِعُونَهُ) اعْلَمْ أَنَّ لِأَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَحَادِيثِ
الصِّفَاتِ وَآيَاتِ الصِّفَاتِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مَذْهَبُ مُعْظَمِ
السَّلَفِ أَوْ كُلِّهِمْ أَنَّهُ لَا يُتَكَلَّمُ فِي مَعْنَاهَا بَلْ يَقُولُونَ
يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نُؤْمِنَ بِهَا وَنَعْتَقِدَ لَهَا مَعْنًى يَلِيقُ
بِجَلَالِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَظَمَتِهِ مَعَ اعْتِقَادِنَا الْجَازِمِ أَنَّ
اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَأَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنِ التَّجَسُّمِ
وَالِانْتِقَالِ وَالتَّحَيُّزِ فِي جِهَةٍ وَعَنْ سَائِرِ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِ
وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ مَذْهَبُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَاخْتَارَهُ
جَمَاعَةٌ مِنْ مُحَقِّقِيهِمْ وَهُوَ أَسْلَمُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي وَهُوَ
مَذْهَبُ مُعْظَمِ الْمُتَكَلِّمِينَ أنها تتأول على مايليق بِهَا عَلَى حَسَبِ
مَوَاقِعهَا وَإِنَّمَا يَسُوغُ تَأْوِيلُهَا لِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ بِأَنْ
يَكُونَ عَارِفًا بِلِسَانِ الْعَرَبِ وَقَوَاعِدِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ ذَا
رِيَاضَةٍ فِي الْعِلْمِ فَعَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ يُقَالُ فِي قوله صلى الله
عليه وسلم فيأتيهم الله أَنَّ الْإِتْيَانَ عِبَارَةٌ عَنْ رُؤْيَتِهِمْ إِيَّاهُ
لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ مَنْ غَابَ عَنْ غَيْرِهِ لَا يمكنه رؤيته الا بالاتيان
فعبر بالاتيان والمجئ هُنَا عَنِ الرُّؤْيَةِ مَجَازًا وَقِيلَ الْإِتْيَانُ
فِعْلٌ مِنْ أَفْعَالِ اللَّهِ تَعَالَى سَمَّاهُ إِتْيَانًا وَقِيلَ المراد
بيأتيهم اللَّهُ أَيْ يَأْتِيهِمْ بَعْضُ مَلَائِكَةِ اللَّهِ قَالَ الْقَاضِي
عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا الْوَجْهُ أَشْبَهُ عِنْدِي بِالْحَدِيثِ قَالَ
وَيَكُونُ هَذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَهُمْ فِي الصُّورَةِ الَّتِي أَنْكَرُوهَا
مِنْ سِمَاتِ الْحَدَثِ الظَّاهِرَةِ عَلَى الْمَلَكِ وَالْمَخْلُوقِ قَالَ أَوْ
يَكُونُ مَعْنَاهُ يَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِي صُورَةٍ أَيْ يَأْتِيهِمْ بِصُورَةٍ
وَيُظْهِرُ لَهُمْ مِنْ صُوَرِ مَلَائِكَتِهِ وَمَخْلُوقَاتِهِ الَّتِي لَا
تُشْبِهُ صِفَاتِ الْإِلَهِ لِيَخْتَبِرَهُمْ وَهَذَا آخِرُ امْتِحَانِ
الْمُؤْمِنِينَ فَإِذَا قَالَ لَهُمْ هَذَا الْمَلَكُ أَوْ هَذِهِ الصُّورَةُ
أَنَا رَبُّكُمْ رَأَوْا عَلَيْهِ مِنْ عَلَامَاتِ الْمَخْلُوقِ مَا يُنْكِرُونَهُ
وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَيْسَ رَبَّهُمْ وَيَسْتَعِيذُونَ بِاللَّهِ مِنْهُ
وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيَأْتِيَهِمُ اللَّهُ فِي
صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ) فَالْمُرَادُ بِالصُّورَةِ هُنَا الصِّفَةُ
وَمَعْنَاهُ فَيَتَجَلَّى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَهُمْ عَلَى الصِّفَةِ
الَّتِي يَعْلَمُونَهَا وَيَعْرِفُونَهُ بِهَا وَإِنَّمَا عَرَفُوهُ بِصِفَتِهِ
وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَقَدَّمَتْ لَهُمْ رُؤْيَةٌ لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِأَنَّهُمْ
يَرَوْنَهُ لَا يُشْبِهُ شَيْئًا مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ وَقَدْ عَلِمُوا أَنَّهُ لَا
يُشْبِهُ شَيْئًا مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَبُّهُمْ
فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالصُّورَةِ عَنِ الصِّفَةِ
لِمُشَابَهَتِهَا إِيَّاهَا وَلِمُجَانَسَةِ الْكَلَامِ فَإِنَّهُ تَقَدَّمَ
ذِكْرُ الصُّورَةِ" اهــ
وهذا نص عياض في شرحه على مسلم (1/354) :
"قال القاضي : وقيل : إن الإتيان هنا فعل من فعل اللّه ، سماه إتيانا وصف
نفسه به ، قيل : ويحتمل أن يكون الإتيان المعهود فيما بيننا ، جعله تعالى لغيره من
ملائكتهِ فأضافه إلى نفسه كما يقول القائل : قطع الأمير اللص ، وهو لم يَلِ ذلك
بنفسه إنما أقر به ، وهذا أشبه الوجوه عندي بالحديث مع ما يأتي بعده ، ويكون هذا
الملك هو الذى جاءهم في الصورة التي أنكروها من سماتِ الحدث الظاهرة على الملك
والمخلوق ، أو يكون : (يأتيهم اللّه في صورة) ، أي يأتيهم بصورةٍ ويظهرها لهم من
صور ملائكته أو مخلوقاته التي لا تشبه صفات الإله والخالق ، ليمتحنهم ويختبر صحة
إيمانهم ، وهذه اخر امتحان المؤمن (1) ليميز اللّه الخبيث من الطيب ، وليثبت اللّه
الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفى الاَخرة كما ضمن لهم في كتابه (2)
، / هذا قال لهم هذا الملك أو هذه الصورة التي عرضها عليهم : أنا ربكم ، رأوا عليه
من دليل الحدَثِ وسيما الخلقة ما ينكرونه ويعلمون انه ليس بربهم ، ويستعيذون
باللّه منه ، كما جاء في الحديث : (ويقولون هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا ، فإذا جاء
ربنا عرفناه) (3) ، وكما جاء في حديث اخر : (وكيف تعرفونه ؟ قالوا : إنه لا شبيه
له)" اهــ
فهذا الرجل الذي لا يذكر إلا بالإمامة
والترحم يقول بقول القرامطة السوفسطائيين ويكابر الحسيات وما يعلم من معاني ذلك
الحديث بالاضطرار , وينقل كلامه ابن حجر والنووي على أنه أحد الوجوه التي يحتملها
الحديث بلا أدنى نكير ويضيفان إليه أقوالا أخرى –كلها تدور في فلك التجهم والقرمطة-
وكأن الأمر اختلاف تنوع أو اختلاف تضاد يسير
وتأمل قول شيخ الإسلام "فمن جعل هذا
محتملاً ..." وما بعده وكيف ينطبق على النووي وابن حجر الذين ذكرا احتمالات
لألفاظ الحديث كلها تجهم وقرمطة
ومعلوم ما في كلام النووي من الكذب القذر
الوقح على سلف الأمة إذ نسب إليهم التفويض وأن مذهبهم أسلم فقط فلا حاجة لنقضه
ولاحظ أخي القارئ أن كلام ابن حجر هو
تقريبا عين كلام النووي لم يغير فيه إلا شيئا يسيرا وأيضا كلام النووي عن الاتيان
هو عين كلام عياض لتعلم أنهم مجرد بهائم مقلدة لمن يعظمونه من كبراء الجهمية
وتفسير النووي وابن حجر للصورة بالصفة
والمعنى ليس له معنى على مذهبهم فهم على مذهب متأخري الأشعرية الذي أصله لهم
الجويني , كبيرهم الذي علمهم التجهم , من ادعاء اثبات سبع صفات وتحريف أو تفويض
البقية والقرمطة فيها , فمن كان إلهه ليس له من الصفات إلا الخلق والحياة وسمع
وبصر قديمان لا يتعلقان بمشيئة وبحوادث تحدث كل لحظة , ومتكلم بكلام نفسي ليس له
حرف ولا صوت ولا يسمع –وهو في حقيقته علم- وعلم وقدرة لا تتعلق بالمستحيلات , فأنى
للمؤمنين أن يعرفوه إذا أتاهم بصورته التي يعرفون , والإتيان عندكم عبارة عن رؤية
المؤمنين ربهم , فماذا سيرون ؟ خلقا وحياة وسمعا وبصرا وعلما وقدرة ؟؟ وهل هذه
الصفات ترى أصلا ؟ وكيف سيسمعون قوله تعالى لهم " أَنَا رَبُّكُمْ" وكلامه
تعالى عندهم ليس بحرف ولا صوت ولا يمكن سماعه وهو شيء في نفسه تعالى ؟؟ لا يقول
هذا إلا جهمي قرمطي أحمق أخرق يكابر الواضحات
قال ابن الأثير في النهاية (3/58-59) :
"الصُّورَة تَرِدُ فِي كلامِ الْعَرَبِ عَلَى ظاهرِها , وَعَلَى مَعْنَى
حَقِيقَةِ الشَّيْءِ وَهَيْئَتِهِ، وَعَلَى مَعْنَى صفَته."
فلم لا يحملون الصورة في هذا الخبر على
ظاهرها وهو الوجه , أو على حقيقة الشيء وهيئته وهو أعم ؟ لأنهم جهمية لا يثبتون
لله من صفات ذاته كالوجه والعينين والكلام بالحرف والصوت واليدين والقدمين -التي
بها يعرف المؤمنون الموحدون ربهم- شيئا والعياذ بالله
وقول النووي ونقله ابن حجر بحرفه كأنه
كلامه " فَيَتَجَلَّى اللَّهُ لَهُمْ بِالصِّفَةِ الَّتِي يَعْلَمُونَهُ
بِهَا وَإِنَّمَا عَرَفُوهُ بِالصِّفَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَقَدَّمَتْ لَهُمْ
رُؤْيَتُهُ لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ حِينَئِذٍ شَيْئًا لَا يُشْبِهُ الْمَخْلُوقِينَ
وَقَدْ عَلِمُوا أَنَّهُ لَا يُشْبِهُ شَيْئًا مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ" كلام
متهافت جدا , فإن العدم أيضا لا يشبه المخلوقين بل لا يشبه شيئا , فتعليل معرفة
المؤمنين ربهم برؤيتهم شيئا لا يشبه المخلوقين بدون التنصيص على رؤيتهم ربهم
بصفاته التي تعرف إليهم بها في كتابه وسنة رسوله كالعينين واليدين والقدمين والنور
تعليل غبي , إذ يدخل فيه العدم أيضا , والمؤمنون
لم يعلموا أن ربهم لا يشبه مخلوقاته فقط بل علموا أن له الأسماء الحسنى والصفات
العلى التي لا تشابه صفات المخلوقين وبها يعرفونه يومئذ , وعلى ما يعتقدونه في رب
العزة والجلال من الصفات السبع التي يستحيل أن ترى يصبح كلامهم هذا لا معنى له
وليس إلا قرمطة وسفسطة يخفون بها كفرهم وتجهمهم ويموهون بها ويمخرقون على الأغبياء
والسذج والله الموعد
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم