مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: إما وحي ونظر أو طاغوتية وتيه

إما وحي ونظر أو طاغوتية وتيه



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

قال الزجاج في معاني القرآن :" (وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ).
هذا احتجاج عليهم. بَيَّن اللَّه عزَّ وجلَّ بِهِ فِرْيَتَهمْ وَكذِبَهمْ فيما ادَّعَوْه مِنْ
أن مَا فِي بُطونِ الأنْعَامِ حلال للذكور ومحرم على الإناث وما حرمُوا مِنْ سائر
ما وَصَفْنَا، فقيل لهم آلذَّكرَيْنِ حرَّمَ فإن كان حرمَ من الغنَمَ ذُكُورَهَا فكل
ذُكُورِها حرام، وإِن كان حرَّم الأنثيين فكل الإناثِ حَرَام، وإن كان حرمَ ما
اشتملت عليه أرحام الأنثيين فقد حرم الأوْلاَدَ، وكلُّهَا أوْلاَدٌ فَكُلُّها حَرَام.
وكذلك الاحتجاج في قوله: (وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ).
فقيل لهم (نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ)."

معنى كلامه أن المشركين شرعوا ديناً فيه تفاصيل لا يدل عليها النظر ولا بد لها من نبوة حتى يستدل بها على هذا التفصيل وهم ينكرون النبوة ولا يسندون إلى نبي فكانوا مفترين متناقضين

ومن المعلوم أن الوحي هو العاصم للناس من الخلاف إذ لو ترك كل لعقله ونظره لاضطرب الناس واختلفوا وأما مع الوحي فالخلاف أقل ولو صدق الناس في اعتصامهم بالوحي لذهب كل خلاف ذي بال وبقيت أمور لا بد للناس منها من الخلاف لعدم بلوغ الوحي لكلهم أو لتفاوتهم في الأفهام

والناس منذ أدبروا عن الوحي صاروا يؤلهون البشر والدساتير وأضفوا عليها صبغة الوحي فهربوا من الالتزام بما فيه سعادة الدنيا والآخرة إلى التمسك بآراء بعض البشر والتي لو ضمنت بعض سعادة دنيوية فقطعاً لا سعادة أخروية بها مع الإعراض عن الوحي

ونظير ما فعله المشركون ما يفعله الكفار والزنادقة اليوم خصوصاً ما تسمى الأمم المتحدة والتي تريد أن تنصف نفسها صنماً يعبد فتفرض على الناس ما يأخذون من أديانهم وما يتركون وباسم الحرية يحاربون كل دين ومع دعواهم احترام الأديان إلا أنهم يفرضون على الناس فرضاً عدم العمل بها فيما يخص الحرية الجنسية مثلاً

وكثير من مواثيقهم لا يدل عليها نظر ولا تستند إلى وحي فهي ككفر المشركين الأوائل

فمثلاً تحديد سن الزواج بثمانية عشر عاماً لا يدل عليه النظر إذ لا فرق بين الثامنة عشر والسابعة عشر نظرياً

واخترعوا اصطلاحاً أسموه القاصر فإن قصدوا قاصرة العقل فهذا يتفاوت فيه الناس ولا فارق ظاهر بين السابعة عشر والثامنة عشر ، وإن أرادوا القصور الجسدي فطبيعة النساء لا تعضد ما يقولون

ثم إن الزواج أمر متعلق بالأديان فهو عقد يفصل العلاقة الشرعية عن العلاقة المحرمة فكيف سمحوا لأنفسهم بالتعدي على ما تتخصص به الأديان ويرتبط بالأديان فأمر النكاح كالصلاة والصيام مرجعه إلى الأديان في عرف كل البشر ولو لم يكن ذاك لكان لا فرق بين الزنا والزواج

والضابط الذي اتفق عليه الفقهاء في أن البناء بالزوجة أو ما يسميه العامة اليوم ( الدخلة ) لا يكون إلا ببلوغها ومقدرتها على الجماع ضابط يدل عليه النظر وفيه مراعاة بينة للفروق بين النساء وتفاوتهن بالنمو الجسدي

ومع تحريم الزواج قبل سن الثامنة عشر ينصون على أن الزنا حرية شخصية يفعلها المرء متى كان قادراً عليها وراغباً بها !

فالزواج محرم والسفاح مباح ! إن هذه إلا قوانين من يريد الفساد

وبسبب العلاقات العابرة بلغت معدلات الإجهاض عندهم شيئاً عظيماً

ونظير هذا ما اعتاده الغربيون من تقبل أن تكون المرأة ذات خدن ولكن يشينون المسافحة التي تزني مع كل رجل يريدها ( المسافحة )

والواقع أن ذات الخدن قد تغاضب خدنها اليوم وترافق غيره غداً فتشارك المسافحة باجتماع مياه الرجال في رحمها فلا معنى لذم هذا وتقبل ذاك

وبسبب هذه العلاقات العابرة وإغرائهم للنساء بالخروج للعمل صارت المرأة تكدح وتكدح ولا تحصل الكثير خصوصاً إذا كان لها أبناء وأيسر طريق لتحصيل المال الوفير البغاء والمتاجرة بالجسد فتتجه كثيرات لمثل هذا ويسمون هذا حرية والواقع أنهن ما صرن إلى هذا إلا بنوع ضغط وهذا لا يبرر الفاحشة ولكن هو بيان لخسة القوم وكيف أنهم يضغطون على المرأة وغيرها ليفعلوا ما يريدون ثم يقولون فعل هذا بإرادته !

ثم هم يحاربون السبي وأين السبي من البغاء ففي السبي الرجل لا يطأ المرأة إلا بعد استبرائها ويحوزها عن غيره والولد يلحق به وتلزمه نفقته ويتوارثان وهذا كله يفارق معنى الزنا وما فيه من اختلاط أنساب زيادة على ما في الإسلام من أحكام أم الولد وأحكام العتق

ونظير هذا التخبط رفضهم أن يتكلم في التخصصات غير أهلها ثم هم يجعلون اختيار الحاكم أو المجالس الطاغوتية التي يسمونها بالتشريعية للدهماء وممثليهم يحاكمون الوزراء في تخصصاتهم

والعامي له أن يطالب بالعدل لا أن يكون حاكماً ووعيه قاصر فكما أنكم ترون المرأة مهما كان عقلها وثقافتها وقوتها الجسدية تحت الثامنة عشر ولو بشهر ليست أهلا للزواج فنحن نرى كثيراً من الشعوب ليست أهلاً لئن تكون في القرار في منزلة أهل الحل والعقد ووعيهم الذي يكونه الإعلام الذي أصلاً تمتلكه قوى الشر العلمانية ليس أهلا للثقة

وهذا باب يطول شرحه ففي دولة الإسلام يكون القاضي والفقيه وصاحب التخصص في تخصصه أعلى قولاً من غيره والنص حاكم على الجميع

وهذا ديدن للقوم يأتون بدين جديد وشريعة جديدة ويفرضونها على الناس باسم المواثيق الدولية والتي تكون دول الكفر القوية هي القاهرة فيها لكل من سواها وهم يحددون للناس رغماً عن أنوفهم ما ينبغي أن يعملوا به من أديانهم الأصلية وما ينبغي أن يتركوه !
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي