مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: بيان كذب الكتاب المنسوب لعمر بن الخطاب في أمر القدر ...

بيان كذب الكتاب المنسوب لعمر بن الخطاب في أمر القدر ...



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

قال عبد الرحمن بن مندة في الرد على من أنكر يقول الم حرف لينفي الألف والام والميم عن كلام الله عز وجل 35- وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ أَخْبَرَنَا الطَّبَرَانِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غَيَّاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ كَتَبَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِنَّ قِبَلَنَا هَهُنَا أَقْوَامٌ يَتَكَلَّمُونَ فِي الْقَدَرِ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إلى عبد الله بْنِ قَيْسٍ الْأَشْعَرِيِّ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَبْرَمَ أَمْرَهُ وَأَنْفَذَ حُكْمَهُ وَقَدَّرَ مَشِيئَتَهُ وَأَخَذَ بِالْحُجَّةِ عَلَى خَلْقِهِ فِيمَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنْ طَاعَتِهِ وَنَهاهُمْ عَنْهُ مِنْ مَعْصِيتِهِ فَإِذَا أَحَبَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَبْدًا نَصَرَهُ وَإِذَا أَبْغَضَهُ خَذَلَهُ جَعَلنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ مِنْ عِبَادِهِ الْمَنْصُورِينَ الْعَامِلِينَ بِطَاعَتِهِ فَإِذَا وَصَلَ كِتَابِي هَذَا إِلَيْكَ فَادْعُهُمْ وَأَوْعِزْ إِلَيْهُمْ وَانْهَهُمْ عَنِ الْمُعَاوَدَةِ بِالْخَوْضِ فِي أَمرٍ قَدْ أَحْكَمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَفَرَغَ مِنْهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ اجْرِ فَجَرَى الْقَلَمُ بِمَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَقَدْ فَرَغَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ السَّعَادَةِ وَالشَّقَاءِ عَلَى عِبَادِهِ فَانْهَهُمْ عَنِ الْخَوْضِ فِيمَا كَانُوا يَخُوضُونَ فِيهِ مِنْ أَمْرٍ قَدْ فَرَغَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ.
وَمُرْهُمْ بِالِاشْتِغَالِ بِتِلَاوَةِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَكْتُبُ لِمَنْ تَلَا الْقُرْآنَ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ (الم) وَلَكِنْ يَكْتُبُ لَهُ بِالْأَلِفِ عَشْرًا وَبِاللَّامِ عَشْرًا وَبِالْمِيمِ عَشْرًا، فَالِاشْتِغَالُ بِهَذَا الَّذِي بَيَّنَ اللَّهُ فَضْلَهُ أَنْفَعُ لَهُمْ وَأَعْوَدُ عَلَيْهِمْ فِي دُنْيَاهُمْ وَآخِرَتِهِمْ مِنَ الْخَوْضِ فِي أَمْرٍ قَدْ فَرَغَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْهُ وَأَحْكَمَهُ.

أقول : هذا الكتاب رأيت بعض إخواننا يقويه نظراً للإسناد من بعد الطبراني

والواقع أن هذا الكتاب مختلق موضوع

فشيخ ابن مندة متهم

قال الذهبي في الميزان :" 8136 - محمد بن محمد بن سليمان المعدانى (3) .
عن الطبراني بخبر موضوع.
اتهم به.
وعنه عبد الرحمن بن مندة، فروى بجهل عن الطبراني بإسناد [الصحاح] (4) إلى أنس - مرفوعاً: ما من أحد من أمتى رزقه الله ولدا فسماه محمدا وعلمه تبارك إلا حشر على ناقة خطامها من اللؤلؤ، على رأسه تاج من نور.
قال ابن الجوزي: لا أتهم به إلا محمد بن أبي نصر محمد بن سليمان المعدانى."

أقول : وأنا أتهمه بوضع هذا الكتاب ففيه نكارة إسنادية واضحة

وهي قوله (عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غَيَّاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ) وحفص بن غياث لا يروي عن عاصم بن بهدلة أبداً وليس له عنه رواية في الكتب ولا يذكر في تلاميذ عاصم ولا يذكر عاصم في شيوخه

ثم إن هذا المتن لو كان محفوظاص عن عمر لما أهملته كتب العقيدة كلها إذ لا ذكر له إلا في كتاب ابن مندة هذا

وخصوصاً قوله ( إن أول ما خلق الله القلم ) فلو كان محفوظاً عن عمر ما ترك الناس رواية عمر واحتجوا على الجهمية والقدرية بخبر ابن عباس

وأما قوله (أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ (الم) وَلَكِنْ يَكْتُبُ لَهُ بِالْأَلِفِ عَشْرًا وَبِاللَّامِ عَشْرًا وَبِالْمِيمِ عَشْرًا) لو كان محفوظاً عن عمر لما تركه الناس واعتمدوا خبر ابن مسعود الذي اختلف في رفعه ووقفه

ثم إن الجدل في القدر ما كان ظاهراً في زمن عمر وأول ما ظهر في أواخر زمن الصحابة في البصرة لا الكوفة التي كان عليها أبو موسى

قال ابن الجوزي في الموضوعات :"  أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِم عبد الرحمن بن أَبى عبد الله بْنُ مَنْدَهْ قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمَعْدَانِيُّ قَالَ حَدثنَا سُلَيْمَان ابْن أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّبَرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ أُمَّتِي رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَدًا ذَكَرًا فَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا وَعَلَّمَهُ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ إِلا حَشَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى نَاقَةٍ مِنْ نُوقِ الْجَنَّةِ مُدَبَّجَةِ الْجَنْبَيْنِ خِطَامُهَا مِنَ اللُّؤْلُؤِ الرَّطَبِ عَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ مِنْ نُورٍ، وَإِكْلِيلٌ مِنْ نُورٍ، تَتَبَخْتَرُ بِهِ فِي الْجَنَّةِ ".
هَذَا حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ وَكُلُّ رِجَالِهِ ثقاة وَلا أَتَّهِمُ بِهِ إِلا الْمَعْدَانِيَّ."

والأمر كما قال ابن الجوزي كلهم ثقات إلا المعداني فهو يضع بصفاقة ، ويكفي لبيان كذبه عدم وجود الخبرين في كتب الطبراني خصوصاً معجمه الكبير الذي جمع فيه كل شيء


هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي