مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: الرد على من ادعى أن تبعاً كان نبيا ؟

الرد على من ادعى أن تبعاً كان نبيا ؟



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فقد قدر الله عز وجل أن أفتح صفحة صالح آل الشيخ في تويتر ولا أدري هل هو من يقوم عليها أم بعض طلبته ووجدت فيها قوله (قال تعالى: "وقوم تبع كل كذب الرسل"

الصواب أن تبع كان رسولاً من أهل اليمن)

وإنني لأعجب من مثل هذا الكلام فهذا القول الذي صححه ليس قولاً لأحد

قال أبو داود في سننه 4674 - حدَّثنا محمدُ بنُ المتوكِلِ العسقلانيُّ ومخلدُ بنُ خالدٍ الشَّعيرىُّ -المعنى- قالا: حدَّثنا عبدُ الرزّاق، أخبرنا معمرٌ، عن ابن أبي ذئبٍ، عن سعيد ابن أبي سعيدٍ عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما أدرِي تبَّعٌ ألَعينٌ هو أم لا، وما أدري أعُزَيزٌ نبىٌّ هو أم لا"

وهذا الخبر معلول بالإرسال كما شرحه الدارقطني في العلل وهو ظاهر في نفي نبوة تبع بل البحث هل هو لعين أم لا فحسب ولا يكون هذا البحث في نبي

قال أحمد في مسنده 22880 - حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عَمْرُو بْنُ جَابِرٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَسُبُّوا تُبَّعًا؛ فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ أَسْلَمَ»

وهذا فيه ابن لهيعة وقد اعتضد بمرسل عطاء غير أن مراسيل عطاء من أوهى المراسيل ولكن الخبر على ضعفه خير من الرأي ثم إنه ظاهره أنه مسلم فحسب

وقال عبد الرزاق في تفسيره 2819 - عَنْ مَعْمَرٍ , عَنْ قَتَادَةَ , فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَوْمُ تُبَّعٍ} [الدخان: 37] , أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ تُبَّعٌ رَجُلًا صَالِحًا» وَقَالَ كَعْبٌ: ذَمَّ اللَّهُ قَوْمَهُ وَلَمْ يَذُمَّهُ

قتادة لم يسمع عائشة ولا كعبا ولكنه عالم بالتفسير

وقال عبد الرزاق في تفسيره 2821 - أرنا بَكَّارٌ , قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبًا , يَقُولُ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَنْ سَبِّ تُبَّعٍ» قُلْنَا: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَمَا كَانَ تُبَّعٌ؟ قَالَ: كَانَ صَابِئًا , قُلْنَا: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ , وَمَا الصَّابِئُ , قَالَ: عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ , كَانَ إِبْرَاهِيمُ يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ صَلَاةً , وَلَمْ تَكُنْ لَهُ شَرِيعَةٌ

وقال أيضاً 2820 - نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قال أرنا مَعْمَرٌ , وَأَخْبَرَنِيهِ خُصَيْفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ , قَالَ: «إِنَّ تُبَّعًا كَسَا الْبَيْتَ , وَنَهَى سَعِيدٌ عَنْ سَبِّهِ»

وقال عبد الرزاق في تفسيره 2596 - عَنْ إِسْرَائِيلُ , عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ: أَرْبَعُ آيَاتٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَمْ أَدْرِ مَا هُنَّ حَتَّى سَأَلْتُ عَنْهُنَّ كَعْبَ الْأَحْبَارِ: قَوْمُ تُبَّعٍ فِي الْقُرْآنِ وَلَمْ يُذْكَرْ تُبَّعٌ , قَالَ: إِنَّ تُبَّعًا كَانَ مَلِكًا وَكَانَ قَوْمُهُ كُهَّانًا , وَكَانَ فِي قَوْمِهِ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَكَانَ الْكُهَّانُ يَبْغُونَ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ , وَيَقْتُلُونَ تَابِعَتَهُمْ , فَقَالَ أَصْحَابُ الْكِتَابِ لِتُبَّعٍ: إِنَّهُمْ يَكْذِبُونَ عَلَيْنَا , قَالَ: فَإِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَقَرِّبُوا قُرْبَانًا فَأَيُّكُمْ كَانَ أَفْضَلَ أَكَلَتِ النَّارُ قُرْبَانَهُ , قَالَ: فَقَرَّبَ أَهْلُ الْكِتَابِ وَالْكُهَّانُ , فَنَزَلَتْ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَأَكَلَتْ قُرْبَانَ أَهْلِ الْكِتَابِ , قَالَ: فَتَبِعَهُمْ تُبَّعٌ فَأَسْلَمَ , فَلِهَذَا ذَكَرَ اللَّهُ قَوْمَهُ فِي الْقُرْآنِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ , وَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ} [ص: 34] قَالَ: «شَيْطَانٌ أَخَذَ خَاتَمَ سُلَيْمَانَ الَّذِي فِيهِ مُلْكُهُ فَقَذَفَ بِهِ فِي الْبَحْرِ فَوَقَعَ فِي بَطْنِ سَمَكَةٍ , فَانْطَلَقَ سُلَيْمَانُ يَطُوفُ إِذْ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ بِتِلْكَ السَّمَكَةِ , فَاشْتَرَاهَا فَأَكَلَهَا , فَإِذَا فِيهَا خَاتَمُهُ فَرَجَعَ إِلَيْهِ مُلْكُهُ»

وقال الطبري في تفسيره حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، {أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ} [الدخان: 37] «ذُكِرَ لَنَا أَنَّ تُبَّعًا كَانَ رَجُلًا مِنْ حِمْيَرَ، سَارَ بِالْجُيُوشِ حَتَّى حَيْرِ الْحِيرَةَ، ثُمَّ أَتَى سَمَرْقَنْدَ فَهَدَمَهَا وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ كَانَ إِذَا كَتَبَ كَتَبَ بِاسْمِ الَّذِي تَسَمَّى وَمَلَكَ بَرًّا وَبَحْرًا وَصَحًا وَرِيحًا» وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ كَعْبًا كَانَ يَقُولُ: نُعِتَ نَعْتُ الرَّجُلِ الصَّالِحِ ذَمَّ اللَّهُ قَوْمَهُ وَلَمْ يَذُمَّهُ وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: لَا تَسُبُّوا تُبَّعًا، فَإِنَّهُ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا"

وقال الطبري في تفسيره  حَدَّثَنَا بِهِ مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ، عَنْ تُبَّعٍ، مَا كَانَ؟ فَقَالَ: " إِنَّ تُبَّعًا كَانَ رَجُلًا مِنَ الْعَرَبِ، وَإِنَّهُ ظَهَرَ عَلَى النَّاسِ، فَاخْتَارَ فِتْيَةً مِنَ الْأَخْيَارِ فَاسْتَبْطَنَهُمْ وَاسْتَدْخَلَهُمْ، حَتَّى أَخَذَ مِنْهُمْ وَبَايَعَهُمْ، وَإِنَّ قَوْمَهُ اسْتَكْبَرُوا ذَلِكَ وَقَالُوا: قَدْ تَرَكَ دِينَكُمْ، وَبَايَعَ الْفِتْيَةَ؛ فَلَمَّا فَشَا ذَلِكَ قَالَ لِلْفِتْيَةِ، فَقَالَ الْفِتْيَةُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ النَّارُ تُحْرِقُ الْكَاذِبَ، وَيَنْجُو مِنْهَا الصَّادِقُ، فَفَعَلُوا، فَعَلَّقَ الْفِتْيَةُ مَصَاحِفَهُمْ فِي أَعْنَاقِهِمْ، ثُمَّ غَدَوْا إِلَى النَّارِ، فَلَمَّا ذَهَبُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا، سَفَعَتِ النَّارُ فِي وجُوهِهِمْ، فَنَكَصُوا عَنْهَا، فَقَالَ لَهُمْ تُبَّعٌ: لَتَدْخُلُنَّهَا؛ فَلَمَّا دَخَلُوهَا أُفْرِجَتْ عَنْهُمْ حَتَّى قَطَعُوهَا، وَإِنَّهُ قَالَ لِقَوْمِهِ ادْخُلُوهَا؛ فَلَمَّا ذَهَبُوا يَدْخُلُونَهَا سَفَعَتِ النَّارُ وجُوهَهُمْ، فَنَكَصُوا عَنْهَا، فَقَالَ لَهُمْ تُبَّعٌ: لَتَدْخُلُنَّهَا، فَلَمَّا [ص:417] دَخَلُوهَا أُفْرِجَتْ عَنْهُمْ، حَتَّى إِذَا تَوَسَّطُوا أَحَاطَتْ بِهِمْ، فَأَحْرَقَتْهُمْ، فَأَسْلَمَ تُبَّعٌ، وَكَانَ تُبَّعٌ رَجُلًا صَالِحًا "

وقال أيضاً حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّ شُعَيْبَ بْنَ زُرْعَةَ الْمَعَافِرِيَّ، حَدَّثَهُ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنَّ حِمْيَرَ تَزْعُمُ أَنْ تُبَّعًا مِنْهُمْ، فَقَالَ: «نَعَمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، وَإِنَّهُ فِي الْعَرَبِ كَالْأَنْفِ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ وَقَدْ كَانَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ مَلِكًا»

وقال البغوي في تفسيره :" وَذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ عَنِ الرَّقَاشِيِّ  قَالَ: كَانَ أَبُو كَرِبٍ أَسْعَدُ الْحِمْيَرِيُّ مِنَ التَّبَابِعَةِ آمِنَ بِالنَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ بِسَبْعِمِائَةِ سَنَةٍ.
وَذُكِرَ [لَنَا] [2] أَنَّ كَعْبًا كَانَ يَقُولُ: ذَمَّ اللَّهُ قَوْمَهُ وَلَمْ يَذُمَّهُ.
وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: لَا تَسُبُّوا تُبَّعًا فَإِنَّهُ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُوَ الَّذِي كَسَا الْبَيْتَ"

فهذا مجموع ما للسلف في الباب ولم يقل أحد من العالمين أنه نبي وإنما ادعى ذلك القرطبي على ابن عباس والوارد عنه خلافه ولا يصح عن ابن عباس بإسناد ولا يروى حتى أنه قال عنه نبي والقرطبي نفسه نسب لعائشة وغيرها أنه ليس بنبي وهذا على الأقل مروي بإسناد وإن كان فيه انقطاع


وقال ابن كثير في تفسيره :" ثُمَّ أَوْرَدَ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ سَبِّهِ وَلَعْنَتِهِ، كَمَا سَيَأْتِي. وَكَأَنَّهُ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ-كَانَ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ وَتَابَعَ دِينَ الْكَلِيمِ  عَلَى يَدَيْ مَنْ كَانَ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ عَلَى الْحَقِّ قَبْلَ بَعْثَةِ الْمَسِيحِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَحَجَّ الْبَيْتَ فِي زَمَنِ الجُرهُميين، وَكَسَاهُ الْمُلَاءَ وَالْوَصَائِلَ مِنَ الْحَرِيرِ وَالْحِبَرِ وَنَحَرَ عِنْدَهُ سِتَّةَ آلَافِ بَدَنَةٍ وَعَظَّمَهُ وَأَكْرَمَهُ. ثُمَّ عَادَ إِلَى الْيَمَنِ وَقَدْ سَاقَ قِصَّتَهُ بِطُولِهَا الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ، مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ مُطَوَّلَةٍ  مَبْسُوطَةٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَكَعْبِ الْأَحْبَارِ. وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَإِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ أَيْضًا، وَهُوَ أَثْبَتُ وَأَكْبُرُ وَأَعْلَمُ. وَكَذَا رَوَى قِصَّتَهُ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّه، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِيهَا. وَقَدِ اخْتَلَطَ عَلَى الْحَافِظِ ابْنِ عَسَاكِرَ فِي بَعْضِ السِّيَاقَاتِ تَرْجَمَةُ تُبَّع هَذَا بِتَرْجَمَةِ آخَرَ مُتَأَخِّرٍ عَنْهُ بِدَهْرٍ طَوِيلٍ، فَإِنَّ تُبَّعًا هَذَا الْمُشَارَ إِلَيْهِ فِي الْقُرْآنِ أَسْلَمَ قَوْمُهُ عَلَى يَدَيْهِ، ثُمَّ لَمَّا مَاتَ  عَادُوا بَعْدَهُ إِلَى عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَالنِّيرَانِ، فَعَاقَبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا ذَكَرَهُ فِي سُورَةِ سَبَأٍ"


فبعد هذا على أي أساس يجزم بنبوته ؟


هذا يلحق بسلسلة تقويم المعاصرين
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي