مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: تقويم المعاصرين ( الحلقة الرابعة عشر )

تقويم المعاصرين ( الحلقة الرابعة عشر )



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :



فهذه حلقة جديدة من حلقات تقويم المعاصرين وتتعلق بالأخطاء في مسائل الصحابة وإنا لله وإنا إليه راجعون

الخطأ الأول : عد ذي الخويصرة صحابياً !

وهذا قال به عبيد الجابري ثم قسم الصحابة إلى طبقتين وهو الذي أقام الدنيا وما أقعدها على الحجوري في مسائل الصحابة

وقال به غيره غير أنهم أجوبتهم عندي شفهية وبالإسناد وليست موثقة

وهذا رد لي قديم في هذه المسألة :" فإن تعريف الصحابي ( من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على ذلك وإن تخللت ذلك ردة )


وقد ظن بعض الناس أن ذا الخويصرة التميمي رأس الخوارج كان صحابياً لأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم


وهذا الظن ليس بصحيح لأنه محكوم بنفاقه وإليك الأدلة على ذلك


قال البخاري في صحيحه 6933 : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذِي الْخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِيُّ فَقَالَ اعْدِلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ قَالَ دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ يُنْظَرُ فِي قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ فِي نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ فِي رِصَافِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ فِي نَضِيِّهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ إِحْدَى يَدَيْهِ أَوْ قَالَ ثَدْيَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ قَالَ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَشْهَدُ سَمِعْتُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيًّا قَتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ جِيءَ بِالرَّجُلِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي نَعَتَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَنَزَلَتْ فِيهِ { وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ }


وقوله تعالى : ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ) إنما نزل في أهل النفاق


قال ابن كثير في تفسيره (4/164) :" يقول تعالى: { وَمِنْهمْ } أي ومن المنافقين { مَنْ يَلْمِزُكَ } أي: يعيب عليك { فِي } قَسْم { الصَّدَقَاتِ } إذا فرقتها، ويتهمك في ذلك، وهم المتهمون المأبونون، وهم مع هذا لا ينكرون للدين، وإنما ينكرون لحظ أنفسهم؛ ولهذا إن { أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } أي: يغضبون لأنفسهم.

قال ابن جُرَيْج: أخبرني داود بن أبي عاصم قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بصدقة، فقسمها هاهنا وهاهنا حتى ذهبت. قال: ووراءه رجل من الأنصار فقال: ما هذا بالعدل؟ فنزلت هذه الآية.

وقال قتادة في قوله: { وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ } يقول: ومنهم من يطعن عليك في الصدقات. وذُكر لنا أن رجلا من [أهل] البادية حديثَ عهد بأعرابية، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم ذهبا وفضة، فقال: يا محمد، والله لئن كان الله أمرك أن تعدل، ما عدلت. فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "ويلك فمن ذا يعدل عليك بعدي". ثم قال نبي الله: "احذروا هذا وأشباهه، فإن في أمتي أشباه هذا، يقرءون القرآن لا يجاوز تَرَاقيَهم، فإذا خرجوا فاقتلوهم، ثم إذا خرجوا فاقتلوهم ثم إذا خرجوا فاقتلوهم". وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "والذي نفسي بيده ما أعطيكم شيئا ولا أمنعكموه، إنما أنا خازن".

وهذا الذي ذكره قتادة شبيه بما رواه الشيخان من حديث الزهري، عن أبي سلمة عن أبي سعيد في قصة ذي الخُوَيصرة -واسمه حُرْقوص -لما اعترض على النبي صلى الله عليه وسلم حين قسم غنائم حنين، فقال له: اعدل، فإنك لم تعدل. فقال: "لقد خِبتُ وخسرتُ إن لم أكن أعدل". ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رآه مقفيا إنه يخرج من ضِئْضِئ هذا قوم يحقرُ أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يمرقون من الدين مُرُوق السهم من الرَّمِيَّة، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإنهم شر قتلى تحت أديم السماء" وذكر بقية الحديث"


قال شيخ الإسلام في الصارم المسلول ص357 :" من ثبت نفاقه وزندقته أن يستتاب كالمرتد فإن تاب وإلا قتل ولم يبلغنا أنه استتاب واحدا بعينه منهم فعلم أن الكفر والردة لم تثبت على واحد بعينه ثبوتا يوجب أن يقتل كالمرتد ولهذا كان يقبل علانيتهم ونكل سرائرهم إلى الله فإذا كانت هذه حال من ظهر نفاقه بغير البينة الشرعية فكيف حال من لم يظهر نفاقه؟ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: "إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم" لما استؤذن في قتل ذي الخويصرة "


فمثل به شيخ الإسلام على من ظهر نفاقه بغير بينة شرعية توجب قتله ، وقد ادعى بعض أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم عذره بجهله وهذا سبب عدم قتله وهذا بعيد من وجوه


الأول : أنه لو كان معذوراً لما نزلت فيه الآية


الثاني : لو كان معذوراً لما كان رأس الخوارج فيما بعد


الثالث : أنه لم يذكر عنه رجوع أو استغفار بعد أن بين له النبي صلى الله عليه وسلم


وقال شيخ الإسلام في الصارم المسلول :" فمن كان يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم جائر في قسمه يقول إنه يفعلها بأمر الله فهو مكذب له ومن زعم أن يجور في حكم أو قسمة فقد زعم أنه جائر وأن إتباعه لا يجب وهو مناقض لما تضمنته الرسالة من أمانته ووجوب طاعته"


وقد صرح ابن حزم جليا بتكفيره


قال ابن حزم في الفصل (1/412) :" وأيضاً فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم عظيم إنكاره على ذي الخويصرة لعنه الله ولعن أمثاله إذ قال الكافر اعدل يا محمد إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله ف قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحك من يعدل إذا أنا لم أعدل"

قال ابن حجر في الإصابة (1/337) :" ذو الخويصرة التميمي - ذكره بن الأثير في الصحابة مستدركاً على من قبله ولم يورد في ترجمته سوى ما أخرجه البخاري من حديث أبي سعيد قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقسم ذات يوم قسماً فقال ذو الخويصرة - رجل من بني تميم: يا رسول الله اعدل فقال: " ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل " ؟ الحديث.

وأخرجه من طريق تفسير الثعلبي ثم من طريق تفسير عبد الرزاق كذلك ولكن قال فيه: إذ جاءه ذو الخويصرة التميمي وهو حرقوص بن زهير فذكره.

قلت: ووقع في موضع آخر في البخاري فقال: عبد الله بن ذي الخويصرة وعندي في ذكره في الصحابة وقفة وقد تقدم في الحاء المهملة."

فأفاد أنه لم يسبق أحد ابن الأثير إلى ذكره في الصحابة ، وقال ابن حجر ( عندي في ذكره في الصحابة وقفة)


وللفائدة ليس كل من يذكره ابن حجر في الإصابة صحبته ثابتة بل هو قسم كل حرف إلى ثلاثة أقسام ومن ذكرهم في القسم الثالث فهم الذين لا تصح صحبتهم وقد ذكر ذا الخويصرة في القسم الثالث


وقال مسلم في صحيحه 2413- [142-1063] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجِعْرَانَةِ مُنْصَرَفَهُ مِنْ حُنَيْنٍ ، وَفِي ثَوْبِ بِلاَلٍ فِضَّةٌ ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبِضُ مِنْهَا ، يُعْطِي النَّاسَ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، اعْدِلْ ، قَالَ : وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ ؟ لَقَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : دَعْنِي ، يَا رَسُولَ اللهِ ، فَأَقْتُلَ هَذَا الْمُنَافِقَ ، فَقَالَ : مَعَاذَ اللهِ ، أَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنِّي أَقْتُلُ أَصْحَابِي ، إِنَّ هَذَا وَأَصْحَابَهُ يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ ، لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ ، يَمْرُقُونَ مِنْهُ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ.


فعمر حكم عليه بأنه منافق والنبي صلى الله عليه وسلم إنما درأ قتله ولم ينكر وصفه بالنفاق ، وحتى لو كان هذا المرء غير ذي الخويصرة فإن كلمتهما واحدة


وقد ذكر الإمام أحمد رواية مصرحة بأن ذا الخويصرة هو الذي وصفه عمر بن الخطاب بالنفاق


قال الامام أحمد رحمه الله (7038): ثنا يعقوب ثنا أبي عن بن إسحاق حدثني أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن مقسم أبي القاسم مولى عبد الله بن الحرث بن نوفل صلى الله عليه وسلم قال خرجت أنا وتليد بن كلاب الليثي حتى أتينا عبد الله بن عمرو بن العاصي وهو يطوف بالبيت معلقا نعليه بيده فقلنا له هل حضرت رسول الله صلى الله عليه و سلم حين يكلمه التميمي يوم حنين قال نعم أقبل رجل من بني تميم يقال له ذو الخويصرة فوقف على رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو يعطي الناس قال يا محمد قد رأيت ما صنعت في هذا اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم أجل فكيف رأيت قال لم أرك عدلت قال فغضب رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم قال ويحك ان لم يكن العدل عندي فعند من يكون فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله ألا نقتله قال لا دعوه فإنه سيكون له شيعة يتعمقون في الدين حتى يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرمية ينظر في النصل فلا يوجد شيء ثم في القدح فلا يوجد شيء ثم في الفوق فلا يوجد شيء سبق الفرث والدم))


وقد حسن  الوادعي هذه الرواية في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين


هذا ما استطعت جمعه في المسألة والله الهادي للصواب "

الخطأ الثاني : نفي الصحبة عن النجاشي

وهذا مبني على الوقوف الحرفي على تعريف الصحابي وهو تعريف أغلبي وإلا رجل صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم لا شك أنه صحابي ولهذا عده السلف صحابياً فإن صلاة النبي عليه أبلغ من مجرد اللقيا

ولهذا ذكر  النسائي فضل النجاشي في فضائل الصحابة

وقد ذكره ابن حجر في الإصابة

وأقدم من وقفت عليه ينفي الصحبة عن النجاشي علي ملا قاري وهو متأخر لا يعتد به

وما أصاب أحد من المعاصرين في هذه المسألة إلا يحيى الحجوري وهو من أوسعهم علماً على ما عنده

الخطأ الثالث : تقليد الذهبي وابن عبد البر وغيرهم في ذكر بعض الصحابة مع قتلة عثمان

قال خليفة بن خياط في تاريخه حَدَّثَنَا عَبْد الْأَعْلَى بْن الْهَيْثَم قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ قلت لِلْحسنِ أَكَانَ فِيمَن قتل عُثْمَان أحد من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار قَالَ لَا كَانُوا أعلاجا من أهل مصر حَدَّثَنِي يحيى عَن إِسْمَاعِيل عَن قيس قَالَ سَمِعت سعيد بْن زيد بْن عَمْرو بن نفَيْل
يَقُول لَو أَن أحدا ارْفض مِمَّا فعل بعثمان لَكَانَ محقوقا

وهذه الرواية على ضعفها خير ما عامة ما يذكر في الباب

وقال ابن تيمية- رحمه الله: ولا أحد من السابقين الأولين دخل في قتل عثمان، رضي الله عنه. (منهاج السنة 8/313)

وقد وقع من عدد من الباحثين ذكر بعض الصحابة في قتلة عثمان لأنه لا يعلم أنهم صحابة كعمرو بن الحمق وغيره

وقد وقع في هذا الرضواني ومحب الدين الخطيب ومحمد حسان وغيرهم


قال الرضواني في كفاية الطالبين ص101 : "ومن دعاته -يعني عبد الله بن سبأ- الذين ساهموا في نشر دعوته رجل يسمى الغافقي بن حرب ، ، وعبد الرحمن بن عديس البلوي ، كنانة بن بشر وسودان بن حمران وعبد الله بن زيد بن ورقاء ، وعمرو بن الحمق الخزاعي وغيرهم الغوغاء والمنافقين"، انتهى مختصراً.


عمرو بن الحمق صحابي وقد خرج الإمام أحمد أحاديث عنه في المسند ، كذلك عبد بن حميد وعامة من صنف في المسند

 ولا يصح أنه من قتلة عثمان بل ذلك من أكاذيب السبئية الأخباث وإليك تفصيل ذلك

 قال الطبري في تاريخه (4/197) : قال هشام بن محمد عن أبى مخنف وحدثني المجالد بن سعيد عن الشعبى وزكرياء بن أبى زائدة عن أبى اسحاق أن حجرا لما قفى به من عند زياد نادى بأعلى صوته اللهم إن على بيعتى لا أقيلها ولا أستقيلها سماع الله والناس وكان عليه برنس في غداة باردة فحبس عشر ليال وزياد ليس له عمل إلا طلب رؤساء أصحاب حجر فخرج عمرو بن الحمقى ورفاعة بن شداد حتى نزلا المدائن ثم ارتحلا حتى أتيا أرض الموصل فأتيا جبلا فكمنا فيه وبلغ عامل ذلك الرستاق أن رجلين قد كمنا في جانب الجبل فاستنكر شأنهما وهو رجل من همدان يقال له عبد الله بن أبى بلتعة فسار إليها في الخيل نحو الجبل ومعه أهل البلد فلما انتهى اليهما خرجا فأما عمرو بن الحمق فكان مريضا وكان بطنه قد سقى فلم يكن عنده امتناع وأما رفاعة بن شداد وكان شابا قويا فوثب على فرس له جواد فقال له أقاتل عنك قال وما ينفعني أن تقاتل انج بنفسك إن استطعت فحمل عليهم فأفرجوا له فخرج تنفر به فرسه وخرجت الخيل في طلبه وكان راميا فأخذ لا يلحقه فارس إلا رماه فجرحه أو عقره فانصرفوا عنه وأخذ عمرو بن الحمق فسألوه من أنت فقال من إن تركتموه كان أسلم لكم وإن قتلتموه كان أضر لكم فسألوه فأبى أن يخبرهم فبعث به ابن أبى بلتعة إلى عامل الموصل وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان الثقفى فلما رأى عمرو بن الحمق عرفه وكتب إلى معاوية بخبره فكتب إليه معاوية انه زعم أنه طعن عثمان بن عفان تسع طعنات بمشاقص كانت معه وإنا لا نريد أن نعتدي عليه فاطعنه تسع طعنات كما طعن عثمان فأخرج فطعن تسع طعنات فمات في الاولى منهن أو الثانية (قال أبو مخنف) وحدثني المجالد عن الشعبى وزكرياء بن أبى زائدة عن ابن اسحاق قال وجه زياد في طلب أصحاب حجر فأخذوا يهربون منه ويأخذ من قدر عليه منهم فبعث إلى قبيصة بن ضبيعة بن حرملة العبسى صاحب الشرطة وهو شداد بن الهيثم فدعا قبيصة في قومه وأخذ سيفه فأتاه ربعى بن حراش بن جحش العبسى ورجال من قومه ليسوا بالكثير فأراد أن يقاتل فقال صاحب الشرطة أنت آمن على دمك ومالك فلم تقتل نفسك فقال له أصحابه قد أو منت فعلام تقتل"


هشام بن محمد الكلبي رافضي متروك ، وأبو مخنف لوط بن يحيى رافضي كذاب كما نص على ذلك الرضواني نفسه

 قال ابن حجر في الإصابة :" وذكر الطبري عن أبي مخنف أنه كان من أعوان حجر بن عدي فلما قبض زياد على حجر بن عدي وأرسله مع أصحابه إلى الشام هرب عمرو بن الحمق"؛ أبو مخنف كذاب.


وقال الطبري في تاريخه (3/424) : قال محمد ابن عمر حدثني عبدالرحمن بن أبي الزناد عن عبدالرحمن بن الحارث قال الذي قتله كنانة بن بشر بن عتاب التجيبي وكانت امرأة منظور بن سيار الفزاري تقول خرجنا إلى الحج وما علمنا لعثمان بقتل حتى إذا كنا بالعرج سمعنا رجلا يتغنى تحت الليل ألا إن خير الناس بعد ثلاثة * قتيل التجيبي الذي جاء من مصر قال وأما عمرو بن الحمق فوثب على عثمان فجلس على صدره وبه رمق فطعنه، تسع طعنات قال عمرو فأما ثلاث منهن فاني طعنتهن إياه الله وأما ست فاني طعنتهن إياه لما كان في صدري عليه" محمد بن عمر الواقدي كذاب.


وقال ابن شبة في تاريخ المدينة (4/ 1223) : حدثنا علي، عن عيسى بن يزيد، عن صالح بن كيسان قال: دخل عليه محمد بن أبي بكر بشريان (3) كان معه فضربه في حشائه حتى وقعت في أوداجه فخر، وضرب كنانة بن بشر جبهته بعمود، وضربه أسودان بن حمران بالسيف، وقعد عمرو بن الحمق

 في سنده عيسى بن يزيد بن بكر كذاب يضع الحديث.


قال الذهبي في تاريخ الإسلام (1/447) : "وقال الواقدي: حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز، عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد، أن محمد بن أبي بكر تسور من دار عمرو بن حزم على عثمان، ومعه كنانة بن بشر، وسودان، وعمرو بن الحمق، فوجدوه عند نائلة يقرأ في المصحف، فتقدمهم محمد، فأخذ بلحيته وقال: يا نعثل قد أخزاك الله، فقال: لست بنعثل ولكنني عبد الله، وأمير المؤمنين، فقال محمد: ما أغنى عنك معاوية وفلان وفلان، قال: يا بن أخي دع لحيتي،، فما كان أبوك ليقبض على ما قبضت، فقال: ما يراد بك أشد من قبضتي، وطعن جنبه بمشقص، ورفع كنانة مشاقص فوجأ بها في أذن عثمان، فمضت حتى دخلت في حلقه، ثم علاه بالسيف، قال عبد الرحمن بن عبد العزيز: فسمعت ابن أبي عون يقول: ضرب كنانة بن بشر جبينه بعمو حديد، وضربه سودان المرادي فقتله، ووثب عليه عمرو بن الحمق، وبه رمق، وطعنه تسع طعنات وقال: ثلاث لله، وست لما في نفسي عليه؛ وعن المغيرة قال: حصروه اثنين وعشرين يوماً، ثم أحرقوا الباب، فخرج من في الدار"؛ الواقدي كذاب.


فهذه الروايات التي فيها أنه كان ممن ألب على عثمان وعاون على قتله كلها من روايات الكذابين

وقد أحسن الإمام البخاري في التاريخ الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل والمزي في تهذيب الكمال وابن حبان في الثقات حيث لم يذكروا لهذا الاتهام أثراً ويبدو أنه لم يصح عندهم؛ بخلاف ابن سعد ، الذي اغتر بأكاذيب شيخه الواقدي وقلده غيره من المؤرخين.


وإني لأعجب من بعض متأخري المؤرخين ممن إذا ترجم لبعض أهل الرأي ، تجلد في كتم ما قيل فيهم من الثلب وإن كان صحيحاً ، حتى إذا ترجم لبعض الصحابة أطلق لسانه فيهم بما مرجعه أكاذيب الرافضة.


قال الخطيب في الجامع لآداب الراوي وأخلاق السامع : "وليجتنب المحدث رواية ما شجر بين الصحابة ويمسك عن ذكر الحوادث التي كانت منهم ويعم جميعهم بالصلاة عليهم والاستغفار لهم"، وكذلك عبد الرحمن بن عديس البلوي صحابي أيضاً، قيل أنه من أصحاب الشجرة ، ومع ذلك كان في قتلة عثمان رضي الله عنه ، وعند البحث والتحقيق وجدت مدار الخبر الذي يذكرون فيه أنه قتل عثمان على ابن لهيعة والواقدي وسيف التميمي.


قال أبو نعيم في معرفة الصحابة 4669 - حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا حَرْمَلَةُ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، ثنا عَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِي الْحُصَيْنِ الْحِجْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُدَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «سَيَخْرُجُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي يُقْتَلُونَ بِجَبَلِ الْخَلِيلِ» قَالَ: فَلَمَّا كَانَتِ الْفِتْنَةُ كَانَ ابْنُ عُدَيْسٍ مِمَّنْ أَخَذَهُ مُعَاوِيَةُ فِي الرَّهْنِ، فَسَجَنَهُمْ بِفِلَسْطِينَ، فَهَرَبُوا مِنَ السِّجْنِ، فَاتُّبِعُوا حَتَّى أُدْرِكُوا، فَأَدْرَكَ فَارِسٌ مِنْهُمُ ابْنَ عُدَيْسٍ، فَقَالَ ابْنُ عُدَيْسٍ: وَيْحَكَ، اتَّقِ اللهَ فِي دَمِي، فَإِنِّي مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، فَقَالَ: الشَّجَرُ كَالْجَبَلِ كَثِيرٌ، فَقَتَلَهُ

 ابن لهيعة ضعفه بعض الأئمة مطلقاً.


قال إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد في سؤالاته عن ابن معين : سمعت يحيى بن معين يسأل عن رشدين بن سعد ، قال : ليس بشىء ، و ابن لهيعة أمثل من رشدين ، و قد كتبت حديث ابن لهيعة قلت ليحيى بن معين : ابن لهيعة و رشدين سواء ؟ قال : لا ، ابن لهيعة أحب إلى من رشدين ، رشدين ليس بشىء ثم قال لى يحيى بن معين : قال أهل مصر: ما احترق لابن لهيعة كتاب قط ، و ما زال ابن وهب يكتب عنه حتى مات، ولهذا اختار أبو حاتم وأبو زرعة أن حديثه ضعيف مطلقاً إلى أن حديث المتأخرين أشد ضعفاً، قال ابن أبي حاتم في الجرح و التعديل: نا عبد الرحمن قال سألت ابي وابا زرعة عن ابن لهيعة والافريقى ايهما احب اليكما فقالا: جميعا ضعيفان، بين الافريقى وابن لهيعة كثير، اما ابن لهيعة فأمره مضطرب، يكتب حديثه على الاعتبار.


قلت لأبي: إذا كان من يروى عن ابن لهيعة مثل ابن المبارك وابن وهب يحتج به ؟ قال: لا.


نا عبد الرحمن قال سئل أبو زرعة عن ابن لهيعة سماع القدماء منه ؟ فقال: آخره واوله سواء الا ان ابن المبارك وابن وهب كانا يتتبعان اصوله فيكتبان منه، وهؤلاء الباقون كانوا يأخذون من الشيخ -قال محقق الطبعة: وقع في الاصلين والظاهر (النسخ)- وكان ابن لهيعة لا يضبط، وليس ممن يحتج بحديثه؛ وهذا اختيار الذهبي.


قال الذهبي: ولم يكن على سعة علمه بالمتقن حدث عنه ابن المبارك وابن وهب وأبو عبد الرحمن المقرئ وطائفة قبل أن يكثر الوهم في حديثه وقبل احتراق كتبه فحديث هؤلاء عنه أقوى وبعضهم يصححه ولا يرتقي إلى هذا؛ قد ضعفه غير واحد من أهل العلم قبل احتراق كتبه و بعده مثل:يحيى بن معين و عمرو بن علي الفلاس و سعيد بن أبي مريم.


وكلام ابن معين في أن ابن وهب كان يكتب عن ابن لهيعة حتى مات ، وكلام أبي حاتم وأبي زرعة جرحٌ مفسر لا يمكن دفعه ، يقدم على تعديل نمن سواهما ، وقد اختار  مقبل الوادعي هذا المذهب في ابن لهيعة؛ وقد اضطرب ابن لهيعة في الخبر.


قال البيهقي في دلائل النبوة وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، أَخَذَ ابْنَ عُدَيْسٍ فِي زَمَنِ أَهْلِ مِصْرَ فَجَعَلَهُ فِي بَعْلَبَكَّ فَهَرَبَ مِنْهُ فَطَلَبَهُ سُفْيَانُ بْنُ مُجِيبٍ فَأَدْرَكَهُ رَجُلٌ رَامٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَأَشَارَ إِلَيْهِ بِنُشَّابَةٍ , فَقَالَ ابْنُ عُدَيْسٍ: أَنْشُدُكَ اللهُ فِي دَمِي , فَإِنِّي مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. فَقَالَ: إِنَّ الشَّجَرَ كَثِيرٌ فِي الْجَبَلِ أَوْ قَالَ: الْجَلِيلِ , فَقَتَلَهُ. قَالَ ابْنُ لَهِيعَةُ قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُدَيْسٍ الْبَلَوِيِّ سَارٍ بِأَهْلِ مِصْرَ إِلَى عُثْمَانَ فَقَتَلُوهُ.


وقال البغوي في معجم الصحابة 1944- حدثني محمد بن إسحاق نا أبو الأسود نا ابن لهيعة عن يزيد عن ابن شماسة: أن رجلا حدثت عبد الرحمن بن عديس قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه. [ ... عن النضر بن عبد الجبار ... ]، وقد روى عمرو بن الحارث دون ذكر قصة مقتل عبد الرحمن.


قال البغوي في معجم الصحابة 1943- حدثنا أحمد بن منصور نا نعيم بن حماد نا ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن عديس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يخرج ناس يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية يقتلون بجبل لبنان أو الجليل [أو بالجليل أو بحبل] لبنان.


وقال ابن شبة في تاريخ المدينة (4/1155) : * حدثنا هارون بن عمر قال، حدثنا أسد بن موسى، عن أبي لهيعة قال، حدثنا يزيد بن أبي حبيب قال: كان الركب الذين ساروا إلى عثمان رضي اله عنه فقتلوه من أهل مصر ستمائة رجل، وكان عليهم عبد الرحمن بن عديس البلوي، وكان ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة؛ وهذا مرسل وابن لهيعة ضعيف.


وقال ابن أبي شيبة في المصنف 32718- حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ , قَالَ : حدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ , قَالَ : حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا ثَوْرٍ الْفَهْمِيَّ يَقُولُ : قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ عُدَيْسٍ الْبَلَوِيُّ وَكَانَ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ , ثُمَّ ذَكَرَ عُثْمَانَ , فَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ : فَدَخَلْتُ عَلَى عُثْمَانَ وَهُوَ مَحْصُورٌ , فَقُلْتُ : إنَّ فُلاَنًا ذَكَرَ كَذَا وَكَذَا , فَقَالَ عُثْمَان : وَمِنْ أَيْنَ وَقَدِ اخْتَبَأْتُ عِنْدَ اللهِ عَشْرًا : إنِّي لَرَابِعُ الإسْلاَمِ , وَقَدْ زَوَّجَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ابْنَتَهُ , ثُمَّ ابْنَتَهُ , وَقَدْ بَايَعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِي هَذِهِ الْيُمْنَى فَمَا مَسِسْتُ بِهَا ذَكَرِي , وَلاَ تَغَنَّيْتُ , وَلاَ تَمَنَّيْت , وَلاَ شَرِبْت خَمْرًا فِي جَاهِلِيَّةٍ , وَلاَ إسْلاَمٍ , وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : مَنْ يَشْتَرِي هَذِهِ الزَّنقَةَ , وَيَزِيدُهَا فِي الْمَسْجِدِ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ , فَاشْتَرَيْتهَا وَزِدْتهَا فِي الْمَسْجِدِ.


وهذا أيضاً فيه ابن لهيعة ، وقد أورده البزار في مسنده المعلل ولا أحسب إلا أنه استنكره ، وقد اعتم ابن حجر في شرح البخاري على هذه الرواية في شرح بعض الأحاديث فما أحسن، وقد ذكر ابن عدي أن ابن لهيعة فيه تشيع شديد ، ويبدو أنه لهذا كان يتجوز بالتحديث بهذا الخبر وكان مداره عليه.


وقال الطبري في تاريخه (2/474) : كتب إليّ السريّ، عن شعيب عن سيف، عن محمد وطلحة وأبي حارثة وأبي عثمان، قالوا: لما كان في شوال سنة خمس وثلاثين خرج أهل مصر في أربع رفاق على أربعة أمراء؛ المقلّل يقول: ستمائة، والمكثّر يقول: ألف. على الرّفاق عبد الرحمن بن عديس البلويّ؛ وسيف بن عمر التميمي كذاب خبيث.


وقال البيهقي في دلائل النبوة (6/494) :" وَبَلَغَنِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ أَنَّهُ قَالَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْبَلَوِيُّ هُوَ رَأْسِ الْفِتْنَةِ، لَا يَحِلُّ أَنْ يُحَدَّثَ عَنْهُ بِشَيْءٍ، هذا بلاغ لا يصح لذا ما كان ينبغي للذهبي إيراده في التاريخ.


وقال أبو نعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة (4/1854) :" عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُدَيْسٍ الْبَلَوِيُّ كَانَ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، قُتِلَ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ بِجَبَلِ الْخَلِيلِ، قِيلَ: إِنَّهُ كَانَ فِيمَنْ سَارَ [ص:1853] إِلَى عُثْمَانَ"؛ قوله (قيل) يدل على تشككه في ثبوت الخبر.


وقال ابن سعد في الطبقات 2975- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ أُمِّ الرَّبِيعِ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ ، عَنْ أَبِيهَا (ح) قَالَ : وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مَحْمُودٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ (ح) قَالَ : وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ ، وَدَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ : أَنَّ الْمِصْرِيِّينَ لَمَّا أَقْبَلُوا مِنْ مِصْرَ يُرِيدُونَ عُثْمَانَ وَنَزَلُوا بِذِي خَشَبٍ ، دَعَا عُثْمَانُ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ فَقَالَ : اذْهَبْ إِلَيْهِمْ ، فَارْدُدْهُمْ عَنِّي ، وَأَعْطِهِمُ الرِّضَى ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي فَاعِلٌ بِالأُمُورِ الَّتِي طَلَبُوا ، وَنَازِعٌ عَنْ كَذَا ، بِالأُمُورِ الَّتِي تَكَلَّمُوا فِيهَا ، فَرَكِبَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ إِلَيْهِمْ إِلَى ذِي خَشَبٍ . قَالَ جَابِرٌ : وَأَرْسَلَ مَعَهُ عُثْمَانُ خَمْسِينَ رَاكِبًا مِنَ الأَنْصَارِ أَنَا فِيهِمْ ، وَكَانَ رُؤَسَاؤُهُمْ أَرْبَعَةً : عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عُدَيْسٍ الْبَلَوِيَّ , وَسَوْدَانَ بْنَ حُمْرَانَ الْمُرَادِيَّ , وَابْنَ الْبَيَّاعِ , وَعَمْرَو بْنَ الْحَمِقِ الْخُزَاعِيَّ لَقَدْ كَانَ الاِسْمُ غَلَبَ حَتَّى يُقَالَ : جَيْشُ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ , فَأَتَاهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ : إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ كَذَا وَيَقُولُ كَذَا وَأَخْبَرَهُمْ بِقَوْلِهِ , فَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ حَتَّى رَجَعُوا ، فَلَمَّا كَانُوا بِالْبُوَيْبِ رَأَوْا جَمَلاَّ عَلَيْهِ مِيسَمُ الصَّدَقَةِ فَأَخَذُوهُ , فَإِذَا غُلاَمٌ لِعُثْمَانَ فَأَخَذُوا مَتَاعَهُ فَفَتَّشُوهُ فَوَجَدُوا فِيهِ قَصَبَةً مِنْ رَصَاصٍ ، فِيهَا كِتَابٌ فِي جَوْفِ الإِدَاوَةِ فِي الْمَاءِ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدِ أَنِ افْعَلْ بِفُلاَنٍ كَذَا وَبِفُلاَنٍ كَذَا مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ شَرَعُوا فِي عُثْمَانَ ، فَرَجَعَ الْقَوْمُ ثَانِيَةً حَتَّى نَزَلُوا بِذِي خُشُبٍ فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فَقَالَ : اخْرُجْ فَارْدُدْهُمْ عَنِّي ، فَقَالَ : لاَ أَفْعَلُ ، قَالَ : فَقَدِمُوا فَحَصَرُوا عُثْمَانَ

 محمد بن عمر الواقدي كذاب.


وقال أيضاً 2999- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْقَارِئِ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَخْزُومِيِّ قَالَ : كَانَ الْمِصْرِيُّونَ الَّذِينَ حَصَرُوا عُثْمَانَ سِتَّمِائَةٍ ، رَأْسُهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُدَيْسٍ الْبَلَوِيُّ ، وَكِنَانَةُ بْنُ بِشْرِ بْنِ عَتَّابٍ الْكِنْدِيُّ , وَعَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ الْخُزَاعِيُّ ، وَالَّذِينَ قَدِمُوا مِنَ الْكُوفَةِ مِئَتَيْنِ , رَأْسُهُمْ مَالِكٌ الأَشْتَرُ النَّخَعِيُّ , وَالَّذِينَ قَدِمُوا مِنَ الْبَصْرَةِ مِئَةُ رَجُلٍ رَأْسُهُمْ حَكِيمُ بْنُ جَبَلَةَ الْعَبْدِيُّ ، وَكَانُوا يَدًا وَاحِدَةً فِي الشَّرِّ ، وَكَانَ حُثَالَةٌ مِنَ النَّاسِ قَدْ ضَوَوْا إِلَيْهِمْ قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَأَمَانَاتُهُمْ , مَفْتُونُونَ , وَكَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الَّذِينَ خَذَلُوهُ كَرِهُوا الْفِتْنَةَ ، وَظَنُّوا أَنَّ الأَمْرَ لاَ يَبْلُغُ قَتْلَهُ ، فَنَدِمُوا عَلَى مَا صَنَعُوا فِي أَمْرِهِ ، وَلَعَمْرِي لَوْ قَامُوا أَوْ قَامَ بَعْضُهُمْ فَحَثَا فِي وجُوهِهِمُ التُّرَابَ لاَنْصَرَفُوا خَاسِرِينَ.


محمد بن عمر الواقدي كذاب ، وللواقدي أخبار أخرى في أمر مقتل عثمان وفيها ذكر عبد الرحمن بن عديس جمعها الطبري في تاريخه


وما أحسن ترجمة عبد الرحمن بن عديس في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم حيث قال : "1182- عَبد الرَّحمن بن عديس البلوي.

لَه صُحبةٌ.

رَوَى عَنه: أَبو ثور الفهمي، وأَبو الحصين الحجري، واسمه الهيثم بن شفى، وتبيع الحجري.

روى عَبد الرَّحمن بن شماسة، عن رجل، عنه.

حَدَّثنا عَبد الرَّحمن، سَمِعتُ أَبي يقول بعض ذلك، وبعضُهُ مِن قِبَلي".


فلم يذكر ذلك الأمر إما لأنه لا يصح عنده ، وهذا قريب عندي وإما أنه رأى أن يصون لسانه عن الصحابة، وقد تجوز كثيرٌ من المؤرخين بل وأئمة الحديث على ذكر تلك الواقعة مع عدم ورودها من سند يعتمد عليه ، ولو أصلنا للتساهل في الأخبار التاريخية فلا ينبغي التساهل في مثل هذا


فقد قال الإمام أحمد في مسنده 14778 - حَدَّثَنَا حُجَيْنٌ، وَيُونُسُ، قَالَا: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ".


وقال أحمد في مسنده 24566 - حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَقْبَلَتْ إِحْدَانَا عَلَى الْأُخْرَى، فَكَانَ مِنْ آخِرِ كَلَامٍ كَلَّمَهُ، أَنْ ضَرَبَ مَنْكِبَهُ ، وَقَالَ: " يَا عُثْمَانُ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عَسَى أَنْ يُلْبِسَكَ قَمِيصًا، فَإِنْ أَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ عَلَى خَلْعِهِ، فَلَا تَخْلَعْهُ حَتَّى تَلْقَانِي، يَا عُثْمَانُ، إِنَّ اللهَ عَسَى أَنْ يُلْبِسَكَ قَمِيصًا، فَإِنْ أَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ عَلَى خَلْعِهِ، فَلَا تَخْلَعْهُ حَتَّى تَلْقَانِي " ثَلَاثًا، فَقُلْتُ لَهَا: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَيْنَ كَانَ هَذَا عَنْكِ ؟ قَالَتْ: نَسِيتُهُ، وَاللهِ فَمَا ذَكَرْتُهُ . قَالَ: فَأَخْبَرْتُهُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، فَلَمْ يَرْضَ بِالَّذِي أَخْبَرْتُهُ حَتَّى كَتَبَ إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ اكْتُبِي إِلَيَّ بِهِ، فَكَتَبَتْ إِلَيْهِ بِهِ كِتَابًا، فكيف يكون رأس هؤلاء المنافقين رجلاً بايع تحت الشجرة ؟! علماً بأن الخبر الوارد بأنه ممن بايع تحت الشجرة أيضاً مداره على ابن لهيعة.


وبهذا تعلم سوء صنيع الرضواني في زعمه أن هذين الصحابيين من المنافقين أو الغوغاء

وأما محمد بن أبي بكر فليس صحابياً والروايات في استمرار مشاركته في التأليب على عثمان متضاربة

وقد كان ابنه القاسم الفقيه يدعو ( اللهم اغفر لأبي خطيئته في عثمان ) وقد مات ميتة نرجو أن تكون كفارة له

الخطأ الرابع : نسبة معاوية إلى سبي المسلمات

وهذه وقع فيها حمود التويجري في إتحاف الجماعة والتويجري هو أمثل المعاصرين وأشدهم تمسكاً بالسنة وهذه الكبوة منه وقعت لكونه يجمع كلام المؤرخين في بعض الملاحم دون تدقيق

قال ابن عبد البر في الاستيعاب (1/161) : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن محمد بن علي، قال حدثنا أبي، قال: حدثنا عبد الله ابن يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَلامَةَ، أَبُو سَلامَةَ. عَنْ أَبِي الرَّبَابِ وَصَاحِبٌ لَهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا ذر رضى الله عنه [يدعو و] يتعوّذ فِي صَلاةٍ صَلاهَا أَطَالَ قِيَامَهَا وَرُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا قال:

فَسَأَلْنَاهُ، مِمَّ تَعَوَّذْتَ؟ وَفِيمَ دَعَوْتَ؟ فَقَالَ: تَعَوَّذْتُ باللَّه من يوم البلاء وَيَوْمِ الْعَوْرَةِ. فَقُلْنَا: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: أَمَّا يوم البلاء فَتَلْتَقِي فِتْيَانٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.

وَأَمَّا يَوْمُ الْعَوْرَةِ فَإِنَّ نِسَاءً مِنَ الْمُسْلِمَاتِ لَيُسْبَيْنَ، فَيُكْشَفُ عَنْ سُوقِهِنَّ فَأَيَّتُهُنَّ كَانَتْ أَعْظَمَ سَاقًا اشُتْرِيَتْ عَلَى عِظَمِ سَاقِهَا. فَدَعَوْتُ اللَّهَ أَلا يُدْرِكَنِي هَذَا الزَّمَانُ، وَلَعَلَّكُمَا تُدْرِكَانَهُ. قَالَ: فقتل عثمان، ثُمَّ أَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ بُسْرَ بْنَ أَرْطَاةَ إِلَى الْيَمَنِ، فَسَبَى نِسَاءَ مُسْلِمَاتٍ، فَأُقِمْنَ فِي السُّوقِ.


قد رأيت بعض أهل العلم المعاصرين  يذكر هذا الخبر ولم يعلق عليه فآسفني ذلك جداً فالخبر باطل


موسى بن عبيد الربذي متروك وشيخه وشيخ شيخه لا يعرفان فهذا خبر باطل نزه الله أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم عن هذا الصنيع


وابن عبد البر على عادته في عدم التنزه عن ذكر ما روي في ثلب الصحابة والتحامل على معاوية وذويه ، فلا ينبغي الاقتداء به


وبسر بن أرطأة مختلف في صحبته والله المستعان

ولا ينبغي النصح بكتاب ابن عبد البر أبداً دون بيان ما فيه بل لا يقرأه إلا المتمكن وكتاب ابن حجر خير من كتابه

الخطأ الخامس : إيراد قصة (  ما انقضى عنا يوم الجمل حتى تريدين أَن تأتينا بيوم البغلة)

وهذه وقعت للألباني وقد أوردها في سياق مستفز وضحك

قال ابن عساكر في تاريخ دمشق (32/ 241) : أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين وأبو القاسم إسماعيل بن احمد وأبو الدر ياقوت بن عبد الله قالوا أنا أبو محمد الصريفيني ح وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور قالا أنا أبو طاهر المخلص نا احمد بن سليمان نا الزبير بن بكار حدثني عبد الله بن كثير بن جعفر قال اقتتل غلمان عبد الله بن العباس وغلمان عائشة فأخبرت عائشة بذلك فخرجت في هودج على بغلة لها فلقيها ابن أبي عتيق فقال أي أمي جعلني الله فداك أين تريدين قالت بلغني أن غلماني وغلمان ابن عباس اقتتلوا فركبت لأصلح بينهم فقال يعتق ما يملك أن لم ترجعي فقالت يا بني ما حملك وقال ابن النقور ما الذي حملك على هذا قال ما انقضى منا يوم الجمل حتى تريدين أن تأتينا بيوم البغلة .

هذه القصة باطلة سنداً ومتناً

فعبد الله بن كثير بن جعفر من أوساط الآخذين عن تبع الأتباع فبينه وبين عائشة مفاوز تنقطع فيها أعناق المطي فالخبر معضل

وهو نفسه متكلم فيه

وقال الذهبي في الميزان :" 4520 - عبد الله بن كثير بن جعفر [ق] .
عن أبيه، عن جده، عن بلال - مرفوعاً: رمضان بالمدينة خير من ألف رمضان فيما سواها، والجمعة كذلك.
لا يدري من ذا.
وهذا باطل، والإسناد مظلم.
تفرد به عنه عبد الله بن أيوب المخزومي، لم يحسن ضياء الدين بإخراجه في المختارة.
وقيل: هو عبد الله بن كثير بن جعفر بن أبي كثير الراوي عن كثير بن عبد الله بن عوف المزني.
فلعله سقط اسم شيخه كثير، وبقى عن أبيه"

وهذا الخبر يتضمن انتقاصاً لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، والواجب سلامة الصدور والألسنة تجاه أمهات المؤمنين والصحابة أجمعين

ولا تغتر بذكر بعض المعاصرين لها فالحق أحق أن يتبع ، وهذا المعاصر هو الألباني
الخطأ السادس : انتقاص أمهات المؤمنين ككل

فلا يخفى ما يقوله المستشرقون وأذنابهم في النبي صلى الله عليه وسلم ، مما يثقل على المؤمن ذكره

 غير أن بعض من يتصدى للرد على شبهاتهم يكون فيه انهزامية شديدة يسلم خلالها بأمور ما ينبغي التسليم بها


فمن ذلك ما يذكره بعض الناس عند الدفاع عن مسألة تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم

 فيقول : ( أن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كن كلهن عجائز ! إلا قليلاً )

 أو يقول ( ان النبي صلى الله عليه وسلم تزوجهن من أجل أن أزواجهن ماتوا في الغزوات جبراً لخواطرهن )

 أو يقول ( أنه تزوجهن تألفاً لأقوامهن )


وهذه العبارات مع كونها لم تؤثر عن السلف ( فيما أعلم ) فيها مكابرة للنصوص وفي بعضها إن لم يكن كلها إساءة لأمهات المؤمنين


فإنك إذا قلت في امرأة ( ليس فيها ما رغب زوجها في نكاحها إلا مواساتها أو تأليف قومها ) كان في ئلك تجريد لها من كل كمال يرغب فضلاء الرجال بعفيفات النساء ، كالتقوى والوضاءة وطيب المعشر وحسن المنطق وغيرها من الصفات التي حازتها أمهات المؤمنين أو حزن معظمها


وهذه العلل المذكورة من زواج النبي صلى الله عليه وسلم بأمهات المؤمنين إن سلمنا صحتها فلا ينفي وجود علل أخرى ألهم الله عز وجل نبيه أن يتزوج أولئك النسوة من أجلها


فحسن عائشة رضي الله عنها غير خاف مع ما لها من الفضائل العظيمة الأخرى ، وقد ذكرت طرفاً منها في مقال ( سلامة صدر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها )


قال الخلال في السنة 752: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ , قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ , عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ , عَنْ عِيسَى جَارٍ لِمَسْرُوقٍ قَالَ : قَالَ مَسْرُوقٌ : لَوْلاَ بَعْضُ الأَمْرِ لأَقَمْتُ عَلَى عَائِشَةَ الْمَنَاحَةَ . قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ : قَالَ أَبِي _ يعني أحمد ابن حنبل _ : وَكَانَتْ عَائِشَةُ يُقَالَ إِنَّهَا شَقْرَاءُ بَيْضَاءُ , رَحِمَهَا اللَّهُ.


قال أحمد في مسنده 26365 : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ:

 لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَايَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَقَعَتْ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ فِي السَّهْمِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الشَّمَّاسِ - أَوْ لِابْنِ عَمٍّ لَهُ - وَكَاتَبَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا، وَكَانَتْ امْرَأَةً حُلْوَةً مُلَاحَةً لَا يَرَاهَا أَحَدٌ إِلَّا أَخَذَتْ بِنَفْسِهِ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْتَعِينُهُ فِي كِتَابَتِهَا

 قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُهَا عَلَى بَابِ حُجْرَتِي فَكَرِهْتُهَا، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَرَى مِنْهَا مَا رَأَيْتُ، فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ سَيِّدِ قَوْمِهِ، وَقَدْ أَصَابَنِي مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ، فَوَقَعْتُ فِي السَّهْمِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الشَّمَّاسِ - أَوْ لِابْنِ عَمٍّ لَهُ - فَكَاتَبْتُهُ عَلَى نَفْسِي، فَجِئْتُكَ أَسْتَعِينُكَ عَلَى كِتَابَتِي. قَالَ:  فَهَلْ لَكِ فِي خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ؟  .

 قَالَتْ: وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَقْضِي كِتَابَتَكِ وَأَتَزَوَّجُكِ» قَالَتْ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ:  قَدْ فَعَلْتُ  . قَالَتْ: وَخَرَجَ الْخَبَرُ إِلَى النَّاسِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ، فَقَالَ النَّاسُ: أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلُوا مَا بِأَيْدِيهِمْ، قَالَتْ: فَلَقَدْ أَعْتَقَ بِتَزْوِيجِهِ إِيَّاهَا مِائَةَ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَمَا أَعْلَمُ امْرَأَةً كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً عَلَى قَوْمِهَا مِنْهَا


فانظر كيف وصفت عائشة جويرية بأنها كانت ( حلوة ملاحة ) أي حسنة المنظر حسنة المنطق وذكرت أن ذلك سبب زواج النبي صلى الله عليه وسلم بها


وقد اتفق عقلاء بني آدم على أن الرجل الفاضل هو الذي إذا رأى امرأة عفيفة وأعجبته سعى في نكاحها فيما أحل الله له


ولا يذم إلا من يميل للفاجرات ، أو من كان به عنة أو برود أو ما قاربهما


ولا ينافي هذا الزهد في الدنيا ، فإن المرء مهما كان زاهداً فلا بد له أن يأخذ من الدنيا ما يتبلغ به

 وهذا يقال في آحاد الصالحين


وأما خير الخلق فزيادة على ذلك هو لا ينطق عن الهوى ، ولا يفعل عن الهوى بل كل ذلك لله عز وجل فيه الحكم البالغة ، ولكن لا يبلغن بأحد اجتهاده في تعيين الحكمة إلى التكلم بانتقاص أمهات المؤمنين أو مكابرة النصوص الصحيحة


وما أحسن ما قال القاضي عياض في الشفاء (1/87) :" والضرب الثاني ما يتفق التمدح بكثرته والفخر بوفوره كالنكاح والجاه.

أما النكاح فمتفق فيه شرعا وعادة فإنه دليل الكمال وصحة الذكورية ولم يزل التفاخر بكثرته عادة معروفة والتمادح به سيرة ماضية، وأما في الشرع فسنة مأثورة، وقد قال ابن عباس: أفضل هذه الأمة أكثرها نساء، مشيرا إليه صلى الله عليه وسلم وقد قال صلى الله عليه وسلم (تناكحوا تناسلوا فإنى مباه بكم الأمم) ونهى عن التبتل مع ما فيه من قمع الشهوة وغض البصر اللذين نبه عليهما صلى الله عليه وسلم بقوله (من كان ذا طول فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج) حتى لم يره العلماء مما يقدح في الزهد، قال سهل ابن عبد الله: قد حببن إلى سيد المرسلين فكيف يزهد فيهن ؟ ونحوه لابن عيينة، وقد كان زهاد الصحابة رضى الله عنهم كثيري الزوجات والسراري كثيري النكاح، وحكى في ذلك عن على والحسن وابن عمر وغيرهم غير شئ، وقد كره غير واحد أن يلقى الله عزبا. "



وقال البخاري في صحيحه 2235 : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:

 قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحِصْنَ ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا وَكَانَتْ عَرُوسًا فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ. وذكر الحديث


فتأمل قوله ( ذكر له جمال صفية )


وقالت عائشة في زينب بن جحش (وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي) يعني في الحسن


وهذا لا يعني أن هذه هي العلة الوحيدة في زواج النبي صلى الله عليه وسلم من أمهات المؤمنين بل كلهن ذكر عنهن التقوى والورع


فزينب بنت جحش تورعت عن القول في عائشة مع أنها ضرتها وقالت عائشة عنها ( عصمها الله بالورع )


مع ما في قوله تعالى ( فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أدعيائهم إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا ) فهذه حكمة من الحكم


وقالت عائشة في زينب بن جحش :" وَلَمْ أَرَ امْرَأَةً خَيْرًا مِنْهَا، وَأَكْثَرَ صَدَقَةً، وَأَوْصَلَ لِلرَّحِمِ، وَأَبْذَلَ لِنَفْسِهَا فِي كُلِّ شَيْءٍ يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ زَيْنَبَ، مَا عَدَا سَوْرَةً مِنْ غَرْبٍ حَدٍّ كَانَ فِيهَا، تُوشِكُ مِنْهَا الْفِيئَةَ" رواه أحمد بسند صحيح


وأما ميمونة بنت الحارث فقال الحارث ابن أبي أسامة في مسنده كما في بغية الباحث 455 : حَدَّثَنَا كَثِيرٌ، ثنا جَعْفَرٌ، ثنا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ الْأَصَمِّ قَالَ: تَلَقَّيْتُ عَائِشَةَ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ وَطَلْحَةُ وَهُوَ ابْنُ أُخْتِهَا وَقَدْ كُنَّا وَقَعْنَا فِي حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ فَأَصَبْنَا مِنْهُ فَبَلَغَهَا ذَلِكَ فَأَقْبَلَتْ عَلَى ابْنِ أُخْتِهَا تَلُومُهُ وَتَعْذِلُهُ ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَيَّ فَوَعَظَتْنِي مَوْعِظَةً بَلِيغَةً , ثُمَّ قَالَتْ: «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ سَاقَكَ حَتَّى جَعَلَكَ فِي بَيْتِ نَبِيِّهِ، ذَهَبَتْ وَاللَّهِ مَيْمُونَةُ وَرُمِيَ بِرَسَنِكَ عَلَى غَارِبِكَ , أَمَا إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ أَتْقَانَا لِلَّهِ، وَأَوْصَلِنَا لِلرَّحِم.


وأما أم سلمة فكانت مضرب مثلٍ في رجاحة العقل ، وحسن المنطق والصبر على البلاء


قال مسلم في صحيحه 3 - (918) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ، وَابْنُ حُجْرٍ، جَمِيعًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ ابْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنِي سَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ ابْنَ سَفِينَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:

 مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللهُ: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}، اللهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَخْلَفَ اللهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا "، قَالَتْ: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ

 قُلْتُ: أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ؟

 أَوَّلُ بَيْتٍ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ إِنِّي قُلْتُهَا، فَأَخْلَفَ اللهُ لِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: أَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ يَخْطُبُنِي لَهُ

 فَقُلْتُ: إِنَّ لِي بِنْتًا وَأَنَا غَيُورٌ، فَقَالَ: أَمَّا ابْنَتُهَا فَنَدْعُو اللهَ أَنْ يُغْنِيَهَا عَنْهَا، وَأَدْعُو اللهَ أَنْ يَذْهَبَ بِالْغَيْرَةِ.


وأما زينب بنت خزيمة فكانت تسمى أم المساكين من كثرة ما تتصدق وقد ماتت وهي في الثلاثين من عمرها فلم تكن ( عجوزاً ) كما في بعض المناهج الدراسية


وأما سودة بنت زمعة فتلك الخيّرة التي بلغ من تقواها أن تنازلت عن ليلتها لأم المؤمنين عائشة على أن يستبقيها النبي صلى الله عليه وسلم حرصاً على رضاه ، وعلى بقائها في كنفه


وأما حفصة بنت عمر فحدث ولا حرج فتلك الصوامة القوامة ابنة أبيها


وأما أم حبيبة ففي كونها من المهاجرات الأول خلافا ، وكانت تقية عظيمة الابتهال


قال مسلم في صحيحه 33 - (2663) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، وَحَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ - وَاللَّفْظُ لِحَجَّاجٍ، قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا وقَالَ حَجَّاجٌ: حَدَّثَنَا - عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْيَشْكُرِيِّ، عَنْ مَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ:

 اللهُمَّ مَتِّعْنِي بِزَوْجِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِأَبِي أَبِي سُفْيَانَ، وَبِأَخِي مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

إِنَّكِ سَأَلْتِ اللهَ لِآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ، وَآثَارٍ مَوْطُوءَةٍ، وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ، لَا يُعَجِّلُ شَيْئًا مِنْهَا قَبْلَ حِلِّهِ، وَلَا يُؤَخِّرُ مِنْهَا شَيْئًا بَعْدَ حِلِّهِ، وَلَوْ سَأَلْتِ اللهَ أَنْ يُعَافِيَكِ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ، وَعَذَابٍ فِي الْقَبْرِ لَكَانَ خَيْرًا لَكِ

 قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ الْقِرَدَةُ وَالْخَنَازِيرُ، هِيَ مِمَّا مُسِخَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُهْلِكْ قَوْمًا، أَوْ يُعَذِّبْ قَوْمًا، فَيَجْعَلَ لَهُمْ نَسْلًا، وَإِنَّ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ»


وما من واحدة من أمهات المؤمنين إلا ولها من الفضائل ما يصلح أن يكون تعليلاً لزواج النبي صلى عليه وسلم منها ، وهو أقوى أثراً ونظراً مما يذكره بعض المعاصرين مما قدمت ذكره


قال الله تعالى (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا)


فقدم في الذكر في صفة النساء اللواتي سيتزوجهن النبي صلى الله عليه وسلم ما يتعلق بالتقوى من التوبة والقنوت والعبادة وأخر ذكر الصفات الخلقية ككونها ثيباً أو بكراً


وقوله ( يبدله ) نسب فيه الفعل لنفسه عز وجل مما يدل على أنه سبحانه يصطفي لنبيه زوجاته


قال أحمد في مسنده 3600 : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:  إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ، فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ، فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ، يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ، فَمَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا، فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ»


أقول : فإذا كان الله عز وجل اختار له أصحابه ، أفلا يكون اختار له زوجاته

وهذا التعليل في تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو أنهن مع ما فيهن من صفات رغبت النبي صلى الله عليه وسلم في نكاحهن فإن الله عز وجل أراد تكريمهن بهذه الرتبة المنيفة ، هذا التعليل خيرٌ من عامة ما يذكر الناس في هذا الباب من التعليلات


ولو أراد الله عز وجل أن يكرم خير خلقه بالزواج من ألف امرأة ، فلا يسأل سبحانه عما يفعل وهم يسألون


وما ذكره البعض من أن سبب كثرة زوجات النبي صلى الله عليه وسلم هو حفظ السنة ، فهذا فيه بعد لأن عدداً من أمهات المؤمنين قليلات الرواية جداً ، بل بعضهن لا رواية لها البتة


وقد ذكر بعض أهل العلم في طوافه صلى الله عليه وسلم عليهن وهن تسعة في يوم واحد ، دليلاً من دلائل النبوة ، لأنه صلى الله عليه وسلم مع ما ذكر من قلة طعامه وتقلله ، فإن قدرته هذه على الجماع من آيات الله عز وجل فيه


قال البخاري في صحيحه 5374 : حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَعَامٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى قُبِضَ


وقال أيضاً 5416 : حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنْ طَعَامِ الْبُرِّ ثَلَاثَ لَيَالٍ تِبَاعًا حَتَّى قُبِضَ.


والخلاصة أنه ما ينبغي الكلام في أمهات المؤمنين بما فيه انتقاص لهن ، او ليس عليه دليل من أجل إرضاء أولئك الكلاب

 فعامتهم من اليهود والنصارى عندهم فيما يسمونه بالكتاب المقدس في سفر الأيام الإصحاح الثاني فقرة 18_ 21 أن رحبعام بن سليمان النبي وكان نبياً تمتع بستين سرية وتزوج ثمانية عشر امرأة .


وهناك نصوص أخرى في تعدد الزوجات والسراري عندهم بسطتها في مقال مستقل بعنوان (تعدد الزوجات والسراري في الكتاب المقدس عند النصارى )

بل هم ينسبون أنبياء الله عز وجل الذين يعتقدون نبوتهم كيهوذا ولوط وداود إلى الزنا والعياذ بالله ؟


فهذا أهون في الرد عليهم من تقحم ذاك الطريق الوعر

الخطأ السابع : نفي خؤولة المؤمنين عن معاوية

وهذه وقع فيها أحمد الحازمي وعلي الرملي وغيرهم

وهذا ردي على أحمد الحازمي فك الله أسره وأقر أعين أهله به في هذه المسألة

جاء في موقع الشيخ أحمد الحازمي في الفوائد المستخلصة من درسه على لمعة الاعتقاد الدرس السابع عشر والأخير :" قوله: "ومعاوية خال المؤمنين" ، والصحيح أنه لا يسمى خال المؤمنين "


أقول : لقد كان الإمام أحمد يبدع من ينكر أن معاوية خال المؤمنين


قال الخلال في السنة 657- أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَطَرٍ , وَزَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى , أَنَّ أَبَا طَالِبٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ : أَقُولُ : مُعَاوِيَةُ خَالُ الْمُؤْمِنِينَ ؟ وَابْنُ عُمَرَ خَالُ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ : نَعَمْ , مُعَاوِيَةُ أَخُو أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ , زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَحِمَهُمَا , وَابْنُ عُمَرَ أَخُو حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَحِمَهُمَا , قُلْتُ : أَقُولُ : مُعَاوِيَةُ خَالُ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ : نَعَمْ.


658- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ , قَالَ : سَمِعْتُ هَارُونَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ , يَقُولُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ : جَاءَنِي كِتَابٌ مِنَ الرَّقَّةِ أَنَّ قَوْمًا قَالُوا : لاَ نَقُولُ : مُعَاوِيَةُ خَالُ الْمُؤْمِنِينَ , فَغَضِبَ وَقَالَ : مَا اعْتِرَاضُهُمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ , يُجْفَوْنَ حَتَّى يَتُوبُوا.


وهذا صحيح إلى الإمام أحمد وما اعترض عليه أحد في عصره وهو إمام أهل السنة آنذاك فصار الأمر بمنزلة الإجماع


فأرجو من أحمد الحازمي أن يراجع نفسه في هذا الموطن


ثم إنه ينبغي عليه أن يعنى بمثل كتاب السنة للخلال والسنة لعبد الله بن أحمد والشريعة للآجري والإبانة لابن بطة بدلاً من الإغراق في كتب علوم الآلة ، وكتب المنطق الذي لا يحتاج إليه ذكي ولا ينتفع به بليد


فقد نظرت في شروحه في باب العقيدة فلم أجد كتاباً مسنداً واحداً وانظر النتيجة والله المستعان


الخطأ الثامن : إقرار البواطيل التي في ترجمة عيينة بن حصن الفزاري دون تعليق

فهذا بحث في الصحابي عيينة بن حصن الفزاري -رضي الله عنه- ويتركز هذا البحث في عدة نقاط:

أولها : دعوى أنه من قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم (بئس أخو العشيرة).


الثانية : دعوى أنه نزل فيه قوله تعالى ( ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا ).


الثالثة : دعوى أنه ارتد بعد النبي صلى الله عليه وسلم ولحق بطلحة بن خويلد الأسدي.


الرابعة : في أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه ( هذا الأحمق المطاع ).


الخامسة : في دعوى أنه أشار على أهل الطائف أن يبقوا على كفرهم ويقاتلوا النبي صلى الله عليه وسلم.


وقد تبين لي بعد البحث أن هذه كلها لا تثبت.


قال إسحاق في مسنده 725 - أخبرنا سفيان ، عن ابن المنكدر ، أنه سمع عروة بن الزبير يحدث عن عائشة ، قالت استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ائذنوا له فبئس ابن العشيرة أو بئس أخو العشيرة فلما دخل ألان له القول قالت عائشة فقلت : يا رسول الله قلت ما قلت فلما دخل ألنت له القول فقال يا عائشة : « إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من ودعه الناس اتقاء شره » أخبرنا عبد الرزاق ، نا معمر ، عن ابن المنكدر ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة ، قالت استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثله وقال من تركه الناس اتقاء شره أو فحشه . قال معمر وبلغني أن الرجل كان عيينة بن حصن أخبرنا جرير ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن عائشة ، نحوه وقال إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة الذين يكرمون اتقاء شرهم.


بلاغ معمر في أنه عيينة بن حصن لا يصح بل هو معضل.


وقال ابن حجر في شرح البخاري (17/ 180) :" قَالَ اِبْن بَطَّال هُوَ عُيَيْنَة بْن حِصْن بْن حُذَيْفَة بْن بَدْر الْفَزَارِيُّ ، وَكَانَ يُقَال لَهُ الْأَحْمَق الْمُطَاع ، وَرَجَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِقْبَالِهِ عَلَيْهِ تَأَلُّفه لِيُسْلِم قَوْمه لِأَنَّهُ كَانَ رَئِيسهمْ ، وَكَذَا فَسَّرَهُ بِهِ عِيَاض ثُمَّ الْقُرْطُبِيّ وَالنَّوَوِيّ جَازِمِينَ بِذَلِكَ ، وَنَقَلَهُ اِبْن التِّين عَنْ الدَّاوُدِيِّ لَكِنْ اِحْتِمَالًا لَا جَزْمًا ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ عَبْد الْغَنِيّ بْن سَعِيد فِي " الْمُبْهَمَات " مِنْ طَرِيق عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم عَنْ مَالِك أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَائِشَة " اِسْتَأْذَنَ عُيَيْنَة بْن حِصْن عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : بِئْسَ اِبْن الْعَشِيرَة " الْحَدِيث ، وَأَخْرَجَهُ اِبْن بَشْكُوَال فِي " الْمُبْهَمَات " مِنْ طَرِيق الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير أَنَّ عُيَيْنَةَ اِسْتَأْذَنَ فَذَكَرَهُ مُرْسَلًا ، وَأَخْرَجَ عَبْد الْغَنِيّ أَيْضًا مِنْ طَرِيق أَبِي عَامِر الْخَرَّاز عَنْ أَبِي يَزِيد الْمَدَنِيّ عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : " جَاءَ مَخْرَمَةُ بْن نَوْفَل يَسْتَأْذِن ، فَلَمَّا سَمِعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْته قَالَ : بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَة " الْحَدِيث وَهَكَذَا وَقَعَ لَنَا فِي أَوَاخِر الْجُزْء الْأَوَّل مِنْ " فَوَائِد أَبِي إِسْحَاق الْهَاشِمِيّ " وَأَخْرَجَهُ الْخَطِيب ، فَيُحْمَل عَلَى التَّعَدُّد . وَقَدْ حَكَى الْمُنْذِر فِي مُخْتَصَره الْقَوْلَيْنِ فَقَالَ : هُوَ عُيَيْنَة ، وَقِيلَ مَخْرَمَةُ . وَأَمَّا شَيْخنَا اِبْن الْمُلَقِّن فَاقْتَصَرَ عَلَى أَنَّهُ مَخْرَمَةُ وَذَكَرَ أَنَّهُ نَقَلَهُ مِنْ حَاشِيَة بِخَطِّ الدِّمْيَاطِيّ فَقَصَّرَ ، لَكِنَّهُ حَكَى بَعْد ذَلِكَ عَنْ اِبْن التِّين أَنَّهُ جَوَّزَ أَنَّهُ عُيَيْنَة قَالَ : وَصَرَّحَ بِهِ اِبْن بَطَّال".


أما رواية عبد الغني في المبهمات فلا يعلم سندها إلى مالك وهي بلاغ معضل ، ومثل هذا يقال في رواية يحيى بن أبي كثير فهي أيضاً معضلة فلا تتقوى هذه الروايات لاحتمال عودها إلى مخرج واحد ، ثم أنها عارضت روايات أخرى.


والخلاصة أن ما بناه القاضي عياض والقرطبي من قصور على هذه الواهيات شبه لا شيء ، وفرعوه أيضاً على خبر ردة عيينة وسيأتيك أنه ضعيفٌ جداً.


قال الطبراني في الكبير 3693 - حدثنا عبيد بن غنام ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ( ح ) وحدثنا أحمد بن عمرو القطراني ثنا يوسف بن موسى القطان قالا ثنا أحمد بن الفضل ثنا أسباط بن نصر عن السدي عن أبي سعد الأزدي عن أبي الكنود : عن خباب بن الأرت في قوله عز وجل: ﴿وَلَا تَطْرُ‌دِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَ‌بَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِ‌يدُونَ وَجْهَهُ﴾[الأنعام: ٥٢]، قال : جاء يعني النبي صلى الله عليه و سلم الأقرع بن حابس التميمي و عيينة بن حصن الفزاري فوجدوا النبي صلى الله عليه و سلم قاعدا مع بلال و عمار بن ياسر و صهيب و خباب بن الأرت رضي الله عنهم في أناس من الضعفاء من المؤمنين فلما رأوهم حوله حقروهم فأتوه فخلوا به فقالوا : إنا نحب أن تجعل لنا منك مجلسا تعرف به العرب فضلنا فإن وفود العرب تأتيك فنستحبي أن ترانا العرب قعودا مع هؤلاء العبيد أو إذا نحن جئناك فأقمهم عنا وإذا نحن فرغنا فأقعدهم إن شئت فقال : نعم فقالوا : فاكتب لنا عليك كتابا فدعا بالصحيفة ليكتب لهم ودعا عليا ليكتب فلما أراد ذلك ونحن قعود في ناحية إذ نزل جبريل عليه السلام ﴿وَلَا تَطْرُ‌دِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَ‌بَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾[الأنعام: ٥٢] الآية، ثم ذكر الأقرع بن حابس وصاحبه قال :﴿وَكَذَٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لِّيَقُولُوا أَهَـٰؤُلَاءِ مَنَّ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّـهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِ‌ينَ﴾[الأنعام: ٥٣] ثم ذكره فقال : ﴿وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَ‌بُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّ‌حْمَةَ﴾[الأنعام: ٥٤] فرمى رسول الله صلى الله عليه و سلم بالصحيفة فدعانا فأتيناه وهو يقول : سلام عليكم فدنونا منه حتى وضعنا ركبنا على ركبته وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يجلس معنا فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا فأنزل الله عز و جل ﴿وَاصْبِرْ‌ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَ‌بَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِ‌يدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِ‌يدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾[الكهف: ٢٨]، يقول : لا تجالس الأشراف ﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِ‌نَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُ‌هُ فُرُ‌طًا﴾[الكهف: ٢٨]، أما الذي أغفل قلبه فهو عيينة و الأقرع بن حابس وأما فرطا فهلاكا ثم ضرب مثل رجلين ومثل الحياة الدنيا قال : فكنا بعد ذلك نقعد مع النبي صلى الله عليه و سلم فإذا بلغنا الساعة التي كان يقوم فيها قمنا وتركناه حتى يقوم وإلا صبر حتى تقوم


أسباط بن نصر صدوق كثير الخطأ وهذا المتن فيه نكارة إذ أن الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن ، إنما أسلما والنبي صلى الله عليه وسلم في المدينة وقول الله تعالى (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ) في سورة الكهف وهي مكية أي قبل إسلام هذين الرجلين


وقد أورد البزار هذا الخبر في مسنده المعلل ثم قال : "وَهَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا الْكَلامِ لاَ نَعْلَمُ رَوَاهُ إِلاَّ خَبَّابٌ وَلاَ نَعْلَمُ لَهُ طَرِيقًا عَنْ خَبَّابٍ إِلاَّ هَذَا الطَّرِيقَ"، وهذا استنكار فيما يبدو.


وقال عبد الرزاق في تفسيره 797 - عَنْ مَعْمَرٍ , عَنِ الْكَلْبِيِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾[الأنعام: 52]، قَالَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنْ سَرَّكَ أَنْ نَتَّبِعَكَ فَاطْرُدْ عَنْكَ فُلَانًا وَفُلَانًا , فَإِنَّهُ قَدْ آذَانِي رِيحُهُمْ , يَعْنِي بِلَالًا , وَسَلْمَانَ , وَصُهَيْبًا , وَنَاسًا مِنْ ضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾[الأنعام: 52].


الكلبي كذاب.


وقال الواحدي في أسباب النزول حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ إِمْلَاءً فِي "دَارِ السُّنَّةِ" يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي شُهُورِ سَنَةِ عَشْرٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدَوَيْهِ الْحِيرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مِسْرَحٍ الْحَرَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ الْحَرَّانِيُّ، عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ، عَنْ عَمِّهِ ابْنِ مَشْجَعَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الْجُهَنِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، قَالَ: جَاءَ الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ وَالْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ وَذَوُوهُمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَوْ جَلَسْتَ فِي صَدْرِ الْمَجْلِسِ وَنَحَّيْتَ عَنَّا هَؤُلَاءِ وَأَرْوَاحَ جِبَابِهِمْ - يَعْنُونَ سَلْمَانَ وَأَبَا ذَرٍّ وَفُقَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَتْ عَلَيْهِمْ جِبَابُ الصُّوفِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ غَيْرُهَا - جَلَسْنَا إِلَيْكَ وَحَادَثْنَاكَ وَأَخَذْنَا عَنْكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَ‌بِّكَ ۖ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا * وَاصْبِرْ‌ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَ‌بَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِ‌يدُونَ وَجْهَهُ ۖ﴾[ألكهف:27-28]،حَتَّى بَلَغَ ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا﴾[ألكهف:29] يَتَهَدَّدُهُمْ بِالنَّارِ، فَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلْتَمِسُهُمْ حَتَّى إِذَا أَصَابَهُمْ فِي مُؤَخَّرِ.


أقول : سليمان بن عطاء ضعيف جداً قال أبو زرعة :" منكر الحديث " وقال البخاري في حديثه مناكير.


وقال ابن حبان :" شيخ يروى عن مسلمة بن عبد الله الجهنى ، عن عمه أبى مشجعة بن ربعى أشياء موضوعة لا تشبه حديث الثقات .

قلت : لا أدرى التخليط فيها منه أو من مسلمة ".


وقد جاء نحواً من هذا الخبر في تفسير مقاتل بن سليمان وهو كذاب.


وقال الطبري في تفسيره (18/8) : حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرت أن عيينة بن حصن قال للنبيّ صلى الله عليه وسلم قبل أن يسلم: لقد آذاني ريح سلمان الفارسي، فاجعل لنا مجلسا منك لا يجامعوننا فيه، واجعل لهم مجلسا لا نجامعهم فيه، فنزلت الآية.


وهذا معضل وابن جريج إذا ( أخبرت ) يأتي بالمناكير.



وقال الدارقطني في سننه 3 - نا أبو بكر النيسابوري نا محمد بن يحيى النيسابوري نا أبو غسان مالك بن إسماعيل نا عبد السلام بن حرب عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال :كان البدل في الجاهلية أن يقول الرجل للرجل تنزل عن امرأتك وأنزل لك عن امرأتي وأزيدك قال فأنزل الله تعالى ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن قال فدخل عيينة بن حصن الفزاري على رسول الله صلى الله عليه و سلم وعنده عائشة فدخل بغير إذن فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم يا عيينة فأين الاستئذان فقال يا رسول الله ما استأذنت على رجل من مضر منذ أدركت قال من هذه الحميرا التي إلى جنبك قال رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه عائشة أم المؤمنين قال أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق فقال يا عيينة إن الله حرم ذلك قال فلما أن خرج قالت عائشة يا رسول الله من هذا قال أحمق مطاع وإنه على ما ترين لسيد قومه


إسحاق متروك.


وقال الطبراني في الأوسط 5325 - حدثنا محمد بن الحسين الأنماطي قال : نا عبد الله بن الرومي قال : نا عمر بن يونس اليمامي قال : نا هلال بن الجهم قال : نا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا سركم أن تنظروا إلى الرجل الضفيط المطاع في قومه ، فانظروا إلى هذا » يعني : عيينة بن حصن « لم يرو هذا الحديث عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة إلا هلال بن الجهم ، تفرد به : عمر بن يونس »


هلال بن الجهم قال الذهبي في الميزان :" لا يعرف " وهو مجهول عين وانفراد مجهول عين عن إسحاق عن أنس يقرب من أن يكون منكراً.


وقال  ابن حجر في الإصابة (2/ 324) :" قال إبراهيم النخعي: جاء عيينة بن حصن إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده عائشة فقال: من هذه وذلك قبل أن ينزل الحجاب فقال: " هذه عائشة " فقال: ألا أنزل لك عن أم البنين فغضبت عائشة وقالت: من هذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " هذا الأحمق المطاع " يعني في قومه رواه سعيد بن منصور عن أبي معاوية عن الأعمش عنه مرسلا ورجاله ثقات".


وقد بين الذهبي نكارة هذا الخبر في سير أعلام النبلاء (3/ 447) فقال :" وأبو الحَسَنِ المَدَائِنِيُّ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: دَخَلَ عُيَيْنَةُ بنُ حِصْنٍ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعِنْدَهُ عَائِشَةُ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ الحِجَابُ فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ الحُمَيْرَاءُ يَا رَسُوْلَ اللهِ? قَالَ: "هَذِهِ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ" قَالَ: أَفَلاَ أَنْزِلُ لَكَ، عَنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ? قَالَ: "لاَ" فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ: مَنْ هَذَا يَا رَسُوْلَ اللهِ قَالَ: "هَذَا الأَحْمَقُ المُطَاعُ فِي قَوْمِهِ".


هَذَا حَدِيْثٌ مُرْسَلٌ وَيَزِيْدُ مَتْرُوكٌ وَمَا أَسْلَمَ عُيَيْنَةُ إلَّا بَعْدَ نُزُولِ الحِجَابِ. وَقَدْ قِيْلَ: إِنَّ كُلَّ حَدِيْثٍ فِيْهِ: يَا حُمَيْرَاءُ لَمْ يَصِحَّ".


قال الطبري في تاريخه (2/ 262) : حدثنا عبيدالله بن سعد قال أخبرني عمي قال أخبرني سيف وحدثني السري قال حدثنا شعيب عن سيف عن طلحة بن الأعلم عن حبيب بن ربيعة الأسدي عن عمارة بن فلان الأسدي قال ارتد طليحة في حياة رسول الله صلى الله عليه و سلم فادعى النبوة فوجه النبي صلى الله عليه و سلم ضرار بن الأزور إلى عماله على بني أسد في ذلك وأمرهم بالقيام في ذلك على كل من ارتد فأشجوا طليحة وأخافوه ونزل المسلمون بواردات ونزل المشركون بسميراء فما زال المسلمون في نماء والمشركون في نقصان حتى هم ضرار بالمسير إلى طليحة فلم يبق أحد إلا أخذه سلما إلا ضربة كان ضربها بالجراز فنبا عنه فشاعت في الناس فأتى المسلمون وهم على ذلك بخبر موت نبيهم صلى الله عليه و سلم وقال ناس من الناس لتلك الضربة إن السلاح لا يحيك في طليحة فما أمسى المسلمون من ذلك اليوم حتى عرفوا النقصان وارفض الناس إلى طليحة واستطار أمره وأقبل ذو الخمارين عوف الجذمي حتى نزل بإزائنا وأرسل إليه ثمامة بن أوس بن لأم الطائي إن معي من جديلة خمسمائة فإن دهمكم أمر فنحن بالقردودة والأنسر دوين الرمل وأرسل إليه مهلهل بن زيد إن معي حد الغوث فإن دهمكم أمر فنحن بالأكناف بحيال فيد وإنما تحدبت طيء على ذي الخمارين عوف أنه كان بين أسد وغطفان وطيء حلف في الجاهلية فلما كان قبل مبعث النبي صلى الله عليه و سلم اجتمعت غطفان وأسد على طيء فأزاحوها عن دارها في الجاهلية غوثها وجديلتها فكره ذلك عوف فقطع ما بينه وبين غطفان وتتابع الحيان على الجلاء وأرسل عوف إلى الحيين من طيء فأعاد حلفهم وقام بنصرتهم فرجعوا إلى دورهم واشتد ذلك على غطفان فلما مات رسول الله صلى الله عليه و سلم قام عيينة بن حصن في غطفان فقال ما أعرف حدود غطفان منذ انقطع ما بيننا وبين بني أسد وإني لمجدد الحلف الذي كان بيننا في القديم ومتابع طليحة والله لأن نتبع نبيا من الحليفين أحب إلينا من أن نتبع نبيا من قريش وقد مات محمد وبقي طليحة فطابقوه على رأيه ففعل وفعلوا فلما اجتمعت غطفان على المطابقة لطليحة هرب ضرار وقضاعي وسنان ومن كان قام بشيء من أمر النبي صلى الله عليه و سلم في بني أسد إلى أبي بكر وارفض من كان معهم فأخبروا ابا بكر الخبر.


في سنده سيف بن عمر التميمي كذاب متهم بالزندقة وقد روى سيف أخباراً أخرى في ردة عيينة اكتفيت بهذا منها.


وقال البيهقي في سننه 16728 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، بِبَغْدَادَ , أَنْبَأَ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، ثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِي مَنِيعٍ، ثَنَا جَدِّي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: لَمَّا اسْتَخْلَفَ اللهُ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , وَارْتَدَّ مَنِ ارْتَدَّ مِنَ الْعَرَبِ عَنِ الْإِسْلَامِ , خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ غَازِيًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ نَقْعًا مِنْ نَحْوِ الْبَقِيعِ خَافَ عَلَى الْمَدِينَةِ فَرَجَعَ , وَأَمَّرَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ سَيْفَ اللهِ , وَنَدَبَ مَعَهُ النَّاسَ , وَأَمَرَهُ أَنْ يَسِيرَ فِي ضَاحِيَةِ مُضَرَ فَيُقَاتِلَ مَنِ ارْتَدَّ مِنْهُمْ عَنِ الْإِسْلَامِ , ثُمَّ يَسِيرَ إِلَى الْيَمَامَةِ فَيُقَاتِلَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ , فَسَارَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَقَاتَلَ طُلَيْحَةَ الْكَذَّابَ الْأَسَدِيَّ فَهَزَمَهُ اللهُ , وَكَانَ قَدِ اتَّبَعَهُ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ يَعْنِي الْفَزَارِيَّ , فَلَمَّا رَأَى طُلَيْحَةُ كَثْرَةَ انْهِزَامِ أَصْحَابِهِ قَالَ: وَيْلَكُمْ مَا يَهْزِمُكُمْ؟ قَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: وَأَنَا أُحَدِّثُكَ مَا يَهْزِمُنَا , إِنَّهُ لَيْسَ مِنَّا رَجُلٌ إِلَّا وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَمُوتَ صَاحِبُهُ قَبْلَهُ , وَإِنَّا لَنَلْقَى قَوْمًا كُلُّهُمْ يُحِبُّ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ , وَكَانَ طُلَيْحَةُ شَدِيدَ الْبَأْسِ فِي الْقِتَالِ , فَقَتَلَ طُلَيْحَةُ يَوْمَئِذٍ عُكَّاشَةَ بْنَ مِحْصَنٍ وَابْنَ أَقْرَمَ , فَلَمَّا غَلَبَ الْحَقُّ طُلَيْحَةَ تَرَجَّلَ , ثُمَّ أَسْلَمَ [ص:305] وَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ , فَرَكِبَ يَسِيرُ فِي النَّاسِ آمِنًّا حَتَّى مَرَّ بِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِالْمَدِينَةِ , ثُمَّ نَفَذَ إِلَى مَكَّةَ فَقَضَى عُمْرَتَهُ , وَمَضَى خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ قِبَلَ الْيَمَامَةِ حَتَّى دَنَا مِنْ حَيٍّ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فِيهِمْ مَالِكُ بْنُ نُوَيْرَةَ , وَكَانَ قَدْ صَدَّقَ قَوْمُهُ , فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْسَكَ الصَّدَقَةَ , فَبَعَثَ إِلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ سَرِيَّةً , فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي قَتْلِ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ قَالَ: وَمَضَى خَالِدٌ قِبَلَ الْيَمَامَةِ حَتَّى قَاتَلَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ , فَاسْتَشْهَدَ اللهُ مِنْ أَصْحَابِ خَالِدٍ أُنَاسًا كَثِيرًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ , وَهَزَمَ اللهُ مُسَيْلِمَةَ وَمَنْ مَعَهُ , وَقَتَلَ مُسَيْلِمَةَ يَوْمَئِذٍ مَوْلًى مِنْ مَوَالِي قُرَيْشٍ.


وهذا مرسل ومراسيل الزهري من أوهى المراسيل ومراسيله في السيرة يحتملونها غير أن هذا باب تشديد


وقال الطبري في تاريخه (2/362) : حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق قال لما فرغ خالد من أمر بني عامر وبيعتهم على ما بايعهم عليه أوثق عيينة بن حصن وقرة بن هبيرة فبعث بهما إلى أبي بكر فلما قدما عليه قال له قرة يا خليفة رسول الله إني قد كنت مسلما ولي من ذلك على إسلامي عند عمرو بن العاص شهادة قد مر بي فأكرمته وقربته ومنعته قال فدعا أبو بكر عمرو بن العاص فقال ما تعلم من أمر هذا فقص عليه الخبر حتى انتهى إلى ما قال له من أمر الصدقة قال له قرة حسبك رحمك الله قال لا والله حتى أبلغ له كل ما قلت فبلغ له فتجاوز عنه أبو بكر وحقن دمه.

حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة قال حدثني محمد بن إسحاق عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة قال أخبرني من نظر إلى عيينة بن حصن مجموعة يداه إلى عنقه بحبل ينخسه غلمان المدينة بالجريد يقولون أي عدو الله أكفرت بعد إيمانك فيقول والله ما كنت آمنت.


محمد بن حميد الرازي متهم بالكذب وقد حقق ذلك أخونا حمود الكثيري في بحث مستقل.


وقال ابن سعد في الطبقات 245 - أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثنا موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن أبيه ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن عائشة قالت : دخل عيينة بن حصن على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا عنده ، فقال عيينة : من هذه الحميراء يا محمد ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « هذه عائشة بنت أبي بكر » ، فقال : ألا أنزل لك عن أحسن الناس ، عن ابنة جمرة فتنكحها ؟ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا » قالت : فلما خرج قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : من هذا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « هذا الحمق المطاع » قالوا : وكان عيينة قد ارتد حين ارتدت العرب ، ولحق بطليحة بن خويلد حين تنبأ ، فآمن به وصدقه على ما ادعى من النبوة ، فلما هزم طليحة وهرب أخذ خالد بن الوليد عيينة بن حصن ، فبعث به إلى أبي بكر الصديق في وثاق فقدم به المدينة ، قال ابن عباس : فنظرت إلى عيينة مجموعة يداه إلى عنقه بحبل ينخسه غلمان المدينة بالجريد ، ويضربونه ، ويقولون : أي عدو الله ، كفرت بالله بعد إيمانك ، فيقول : والله ما كنت آمنت . ووقف عليه عبد الله بن مسعود فقال : خبت وخسرت ، إنك لموضع في الباطل قديما ، فقال عيينة : أقصر أيها الرجل ، فلولا ما أنا فيه لم تكلمني بما تكلمني به ، فانصرف عنه ابن مسعود ، فلما كلمه أبو بكر رجع إلى الإسلام فقبل منه وعفا عنه وكتب له أمانا.


محمد بن عمر الواقدي كذاب.


وقال أبو نعيم في دلائل النبوة 460 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ الْحَرَّانِيُّ قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ: ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَاصَرُوا ثَقِيفًا أَنْ يَقْطَعَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَمْسَ نَخَلَاتٍ مِنْ دُومِهِمْ فَأَتَاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا عَفَاءٌ لَمْ تُؤْكَلْ ثِمَارُهَا. فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَقْطَعُوا مَا أُكِلَتْ ثَمَرَتُهُ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ. قَالَ: وَأَقْبَلَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ائْذَنْ لِي أَنْ أُكَلِّمَهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ لَعَلَّ اللَّهَ يَهْدِيهُمْ. فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ عَلَيْهِمُ الْحِصْنَ فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتُمْ تُمْسِكُوا بِمَكَانِكُمُ، وَاللَّهِ لَنَحْنُ أَذَلُّ مِنَ الْعَبِيدِ، وَأُقْسِمُ بِاللَّهِ، لَئِنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثٌ لَتَمْلِكَنَّ الْعَرَبُ عِزًّا وَمَنَعَةً، فَتَمَسَّكُوا بِحِصْنِكُمْ، وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُعْطُوا بِأَيْدِيكُمْ، وَلَا يَتَكَابَرَنَّ عَلَيْكُمْ قَطْعُ هَذِهِ الشَّجَرِ. ثُمَّ رَجَعَ عُيَيْنَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَاذَا قُلْتَ لَهُمْ يَا عُيَيْنَةُ؟ قَالَ: قُلْتُ لَهُمْ وَأَمَرْتُهُمْ بِالْإِسْلَامِ وَدَعْوَتَهُمْ إِلَيْهِ وَحَذَّرْتُهُمُ النَّارَ وَدَلَلْتُهُمْ عَلَى الْجَنَّةِ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَذَبْتَ بَلْ قُلْتَ لَهُمْ كَذَا وَكَذَا فَقَصَّ عَلَيْهِ حَدِيثَهُ فَقَالَ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ.


ابن لهيعة ضعيف وكان يلقن وهذا مرسل.


وقال ابن سعد في الطبقات 244 - أخبرنا علي بن محمد القرشي ، عن علي بن سليم ، عن الزبير بن خبيب قال : « أقبل عيينة بن حصن إلى المدينة قبل إسلامه ، فتلقاه ركب خارجين من المدينة ، فقال : أخبروني عن هذا الرجل ، قالوا : الناس فيه ثلاثة ، رجل أسلم فهو معه يقاتل قريشا والعرب ، ورجل لم يسلم فهو يقاتله ، فبينهم التذابح ، ورجل يظهر له الإسلام ويظهر لقريش أنه معهم ، قال : ما يسمى هؤلاء القوم ، قالوا : يسمون المنافقين ، قال : ما في ما وصفتم أحزم من هؤلاء ، اشهدوا أني منهم » . قال : وشهد عيينة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف ، فقال : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ائذن لي حتى آتي حصن الطائف فأكلمهم . فأذن له ، فجاءهم ، فقال : أدنو منكم وأنا آمن ؟ ، قالوا : نعم . وعرفه أبو محجن فقال : أدنوه . قال : فدنا فدخل عليهم الحصن ، فقال : فداكم أبي وأمي ، لقد سرني ما رأيت منكم ، والله إن في العرب أحد غيركم ، وما لاقى محمد مثلكم قط ، ولقد مل المقام ، فاثبتوا في حصنكم ، فإن حصنكم حصين وسلاحكم كثير ، ونبلكم حاضرة ، وطعامكم كثير ، وماءكم واتن ، لا تخافون قطعه . فلما خرج قالت ثقيف لأبي محجن : فإنا كرهنا دخوله علينا وخشينا أن يخبر محمدا بخلل إن رآه منا ، أو في حصننا . فقال أبو محجن : أنا كنت أعرف به ، ليس منا أحد أشد على محمد منه وإن كان معه « . فلما رجع عيينة إلى النبي قال له : » ما قلت لهم ؟ « قال : قلت : ادخلوا في الإسلام ، فوالله لا يبرح محمد عقر داركم حتى تنزلوا فخذوا لأنفسكم أمانا ، قد نزل بساحة أهل الحصون قبلكم : قينقاع والنضير وقريظة وخيبر ، أهل الحلقة والعدة والأطام . فخذلتهم ما استطعت ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت ، حتى إذا فرغ من حديثه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : » كذبت ، قلت لهم كذا وكذا ، للذي قال « ، قال : فقال عيينة : أستغفر الله ، فقال عمر : يا رسول الله ، دعني أقدمه فأضرب عنقه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : » لا يتحدث الناس أني أقتل أصحابي « ، ويقال : إن أبا بكر أغلظ له يومئذ وقال له : ويحك يا عيينة ، إنما أنت أبدا موضع في الباطل ، كم لنا منك من يوم : يوم الخندق ، ويوم بني قريظة ، والنضير ، وخيبر ، تجلبت وتقاتلنا بسيفك ، ثم أسلمت ، زعمت ، فتحرض علينا عدونا . فقال : أستغفر الله يا أبا بكر وأتوب إليه ولا أعود أبدا . فلما أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر فأذن الناس بالرحيل ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : » إنا قافلون إن شاء الله « ، فلما استقل الناس لوجههم نادى سعيد بن عبيد بن أسيد بن عمرو بن علاج الثقفي ، فقال : ألا إن الحي مقيم ، قال : ويقول عيينة بن حصن : أجل والله مجد كرام . فقال له عمرو بن العاص : قاتلك الله ، تمدح قوما مشركين بالامتناع من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جئت تنصره ؟ ، فقال : إني والله ما جئت معكم أقاتل ثقيفا ، ولكني أردت إن افتتح محمد الطائف ، أصبت جارية من ثقيف فأتطيها ، لعلها تلد لي غلاما ، فإن ثقيفا قوم مناكير ، فأخبر عمرو بن العاص النبي صلى الله عليه وسلم بمقالته ، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم وقال :» هذا الحمق المطاع «ولما قدم وفد هوازن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم السبي ، كان عيينة قد أخذ رأسا منهم ، نظر إلى عجوز كبيرة فقال : هذه أم الحي ، لعلهم أن يغلوا بفدائها ، وعسى أن يكون لها في الحي نسب ، فجاء ابنها إلى عيينة فقال : هل لك في مائة من الإبل ؟ قال : لا . فرجع عنه فتركه ساعة ، وجعلت العجوز تقول لابنها : ما أربك في بعد مائة ناقة ؟ اتركه ، فما أسرع ما يتركني بغير فداء . فلما سمعها عيينة قال : ما رأيت كاليوم خدعة ، والله ما أنا من هذه العجوز إلا في غرور ، لا جرم والله لأباعدن أثرك مني . قال : ثم مر به ابنها ، فقال عيينة : هل لك فيما دعوتني إليه . فقال : لا أزيدك على خمسين . فقال عيينة : لا أفعل ، ثم لبث ساعة فمر به وهو معرض عنه ، فقال له عيينة : هل لك في الذي بذلت لي ؟ قال له الفتى : لا أزيدك على خمس وعشرين فريضة . قال عيينة : والله لا أفعل ، فلما تخوف عيينة أن يتفرق الناس ويرتحلوا قال : هل لك إلى ما دعوتني إليه ؟ قال الفتى : هل لك في عشر فرائض ؟ قال : لا أفعل . فلما رحل الناس ناداه عيينة : هل لك إلى ما دعوتني إليه إن شئت ؟ قال الفتى : أرسلها وأحمدك . قال : لا والله ما لي حاجة بحمدك . فأقبل عيينة على نفسه لائما لها يقول : ما رأيت كاليوم امرءا أنكد ، قال الفتى : أنت صنعت هذا بنفسك ، عمدت إلى عجوز كبيرة ، والله ما ثديها بناهد ، ولا بطنها بوالد ، ، ولا فوها ببارد ، ولا صاحبها بواجد ، فأخذتها من بين من ترى ؟ . فقال له عيينة : خذها ، لا بارك الله لك فيها . قال : يقول الفتى : يا عيينة ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كسا السبي فأخطأها من بينهم الكسوة ، فهل أنت كاسيها ثوبا ؟ قال : لا والله ، ما لها ذاك عندي . قال : لا تفعل . فما فارقه حتى أخذ منه شمل ثوب ، ثم ولى الفتى وهو يقول : إنك لغير بصير بالفرص . وشكا عيينة إلى الأقرع ما لقي ، فقال له الأقرع : إنك والله ما أخذتها بكرا غريرة ، ولا نصفا وثيرة ، ولا عجوزا ميلة ، عمدت إلى أحوج شيخ في هوازن فسبيت امرأته . قال عيينة : هو ذاك . قال : وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم عيينة بن حصن من غنائم حنين مائة من الإبل . وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية في خمسين رجلا من العرب ليس فيهم مهاجري ولا أنصاري إلى بني تميم ، فوجدهم قد عدلوا من السقيا يؤمون أرض بني سليم في صحراء قد حلوا وسرحوا مواشيهم ، والبيوت خلوف ليس فيها أحد إلا الناس ، فلما رأوا الجمع ولوا ، فأغار عليهم وأخذ منهم أحد عشر رجلا وإحدى عشرة امرأة وثلاثين صبيا ، فجلبهم إلى المدينة ، فأمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحبسوا في دار رملة بنت الحارث ، فقدم فيهم عشرة من رؤسائهم وفدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنزل الله فيهم القرآن إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسرى والسبي ، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم للوفد بجوائز.


علي بن محمد مجهول والخبر مرسل فالزبير من صغار التابعين.


والخلاصة أن هذه الأخبار لا تثبت وأن الرجل ثبتت صحبته وأنه ممن تألفهم النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينبغي الحط عليه بالروايات الواهية ، بل لو صحت رواية في ثلبه لاقتضت المصلحة كتمها خصوصاً في أزمنة الفتن هذه ، وإني لأعجب كيف احمرت أنوف لبعض أهل الرأي والمرجئة ، وتولد عن ذلك الدعوة إلى التصرف في كتب السلف ، حتى صار من يقول بقول السلف في مرجيء يرى السيف إمام في الرأي متهماً في دينه ، ولا نرى نصف هذه الحمية على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فانظر في ترجمة الوليد بن عقبة وعبد الرحمن بن عديس ومعاوية وعيينة في عدد من الكتب ترى مصداق ما قلت لك والله المستعان.

الخطأ التاسع : ذكر روايات مكذوبة فيها انتقاص خالد بن الوليد

وهذه وقع فيها محمد سعيد رسلان كفى الله المسلمين شر لسانه

فمن أعظم ما يقع فيه الرجل من الخطل أن يقع في جناب صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وقد استمعت لمقطع للمدعو محمد سعيد رسلان يذكر فيه قصة عزل عمر بن الخطاب لخالد بن الوليد


وملخص هذه القصة أن عمر أرسل لأبي عبيدة أن إذا جاءك كتابي فاعزل خالداً واعقله بعمامته واسأله المال الذي أجاز به فلان أمن ماله أم من مال الله فإن قال من ماله فقد أسرف وإن قال من مال الله فقد سرق ، وأعان بلال أبا عبيدة على هذا ، ثم ذهب خالد إلى عمر وسوي الأمر بينهما


وقد زاد محمد سعيد رسلان زيادات مكذوبة في القصة


منها أن خالداً لما خطب بعماله بعد العزل وقع في عمر ، وأن بعض عماله عرضوا عليه منابذة عمر بالسيف ، وزاد من عنده أن خالداً أعطى الأموال للشعراء وكأن خالداً عبد الملك بن مروان أو هارون الرشيد !


والقصة في أصلها بدون زيادات رسلان مكذوبة


قال الطبري في تاريخه (2/167) : (كتب إلي السري) عن شعيب عن سيف عن أبي المجالد وأبي عثمان والربيع وأبي حارثة قالوا ولما قفل خالد وبلغ الناس

ما أصابت تلك الطائفة انتجعه رجال فانتجع خالدا من أهل الآفاق فكان الاشعث بن قيس ممن انتجع خالدا بقنسرين فأجازه بعشرة آلاف وكان عمر لا يخفى عليه شئ في عمله كتب إليه من العراق بخروج من خرج ومن الشأم بجائزة من أجيز فيها فدعا البريد وكتب معه إلى أبي عبيدة أن يقيم خالدا أو يعقله بعمامته وينزع عنه قلنسوته حتى يعلمه ؟ من أين اجازة الاشعث أمن ماله أم من إصابة أصابها فإن زعم أنها من إصابة أصابها فقد أقر بخيانة وإن زعم أنها من ماله فقد أسرف واعزله على كل حال واضمم إليك عمله فكتب أبو عبيدة إلى خالد فقدم عليه ثم جمع الناس وجلس لهم على المنبر فقام البريد فقال يا خالد أمن مالك أجزت بعشرة آلاف أم من إصابة فلم يجبه حتى أكثر عليه وأبو عبيدة ساكت لا يقول شيئا فقام بلال إليه فقال إن أمير المؤمنين أمر فيك بكذا وكذا ثم تناول قلنسوته فعقله بعمامته وقال ما تقول أمن مالك أم من اصابة قال لا بل من مالي فأطلقه وأعاد قلنسوته ثم عممه بيده ثم قال نسمع ونطيع لولاتنا ونفخم ونخدم موالينا

قالوا وأقام خالد متحيرا لا يدري أمعزول أم غير معزول وجعل أبو عبيدة لا يخبره حتى إذا طال على عمر أن يقدم ظن الذي قد كان فكتب إليه بالاقبال فأتى خالد أبا عبيدة فقال رحمك الله ما أدت إلى ما صنعت كتمتني أمرا كنت أحب أن أعلمه قبل اليوم فقال أبو عبيدة إني والله ما كنت لاروعك ما وجدت لذلك بدا وقد علمت أن ذلك يروعك قال فرجع خالد إلى قنسرين فخطب أهل عمله وودعهم وتحمل ثم أقبل إلى حمص فخطبهم وودعهم ثم خرج نحو المدينة حتى قدم على عمر فشكاه وقال لقد شكوتك إلى المسلمين وبالله إنك في أمري غير مجمل يا عمر فقال عمر من أين هذا الثرى قال من الانفال والسهمان ما زاد على الستين ألفا فلك فقوم عمر عروضه فخرجت إليه عشرون ألفا فأدخلها بيت المال ثم قال يا خالد والله إنك علي لكريم وإنك إلي لحبيب ولن تعاتبني بعد اليوم على شئ


وهذا السند فيه سيف بن عمر كذاب معروف


وشعيب بن إبراهيم الراوي عنه قال فيه ابن عدي :" وَشُعَيْبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ هَذَا لَهُ أَحَادِيثُ وَأَخْبَارٌ، وَهو ليس بذلك المعروف ومقدار ما يروي من الحديث وَالأَخْبَارِ لَيْسَتْ بِالْكَثِيرَةِ وَفِيهِ بَعْضُ النَّكِرَةِ لأَنَّ فِي أَخْبَارِهِ وَأَحَادِيثِهِ مَا فِيهِ تَحَامُلٌ عَلَى السَّلَفِ"


وهذا الخبر فيه تحامل على السلف كما ترى وشيوخ سيف مجاهيل

وأما عزل عمر لخالد فأمر معروف مشهور في السير وإنما الكلام على هذا السياق الباطل المنكر


وما أدري ما فائدة الدكتوراة في الحديث إذا كان يشيع بين الناس مثل هذه القصة 

الخطأ العاشر : عدم التفريق بين مقام الإلزام ومقام التقرير في الكلام على الصحابة

وهذا جعل بعض الناس ينسب لبعض العلماء الطعن في علي بن أبي طالب

وهذا كنا لا نجده إلا في مواقع الرافضة والصوفية حتى رأيت عماد فراج من فرط حقده يقلدهم في أمر ابن تيمية

فهناك سياقات إلزامية

فحين يقول الرافضي أن عثمان تركه الناس يقتل وأجمعوا على قتله لأنه كان جائراً

يرد عليه السني ويقول مثل هذا قد يقال في علي والحسين بل عثمان اجتمع عليه الناس منذ بدأ الأمر ورضوه ما لم يرضوا علياً

ثم يطنب في الكلام في نقض كلام الرافضي

فيأتي بعض الناس ويبتر الكلام ويصور الشيخ على أنه يطعن في علي

والواقع أن الشيخ يرى علياً مبشراً بالجنة وخلافته لا ينكرها أهل السنة وأنه الأصو في حروبه وأنه أفضل من بقي على وجه الأرض في عصره

وهذه طريقة في الإلزام استخدمها عمر بن عبد العزيز

قال أبو زرعة الدمشقي في تاريخه وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ قال: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: كُنْتُ أُفَضِّلُ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا فَقَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ رَجُلٌ أَسْرَعَ فِي كَذَا، أَوْ رَجُلٌ أَسْرَعَ فِي الْمَالِ؟ قَالَ: فَرَجَعْتُ، وَقُلْتُ: لا أعود.

يعني أسرع في الدماء ولا علي أسرع في الدماء ولا عثمان أسرع في المال ولكن هو سياق إلزامي فإن أتيت بطعون من طعن على عثمان بالمال جئناك بطعون من طعن على علي في الدماء وظهر لك في فضل عثمان على علي وما أجبت به من الطعن على علي يجاب به من باب أولى في الطعن على عثمان

هذه الطريقة التي نكس بها ابن تيمية رايات الرافضة قروناً وأذلهم بها جاء من ينتصر لهم ويقلدهم ويطعن فيه وهو عماد فراج وإنا لله وإنا إليه راجعون

الخطأ الحادي عشر : حصر الطعن في الصحابة في الرافضة والخوارج والمعتزلة

والواقع أن الأشعرية يطعنون في الصحابة كما نبه على ذلك ابن تيمية رحمه الله

قال ابن تيمية في التسعينية (2/694) وهو يخاطب الجهمية الأشعرية :" ومن المعلوم بالاضطرار أن السلف الذين أجمع على إمامتهم في الدين ذموهم على ذلك ، فأنتم ذامون للسلف الذين أجمع المسلمون على إمامتهم وأنتم عند السلف وأئمة الدين مذمومون وأنتم بذلك من جنس الرافضة والخوارج ونحوهم ممن يقدح في سلف الأمة وأئمتها ، وهذا حق فإن قول هؤلاء من فروع قول الجهمية ، وقول الجهمية فيه من التنقص والسب والطعن على السلف والأئمة ، وعلى السنة ما ليس في قول الخوارج والروافض ، فإن الخوارج يعظمون القرآن ويوجبون اتباعه ، وإن لم يتبعوا السنن المخالفة لظاهر القرآن ، وهم يقدحون في علي وعثمان ومن تولاهما وإن لم يقدحوا في أبي بكر وعمر .
أما الجهمية فإنها لا توجب ، بل لا تجوز اتباع القرآن في باب صفات الله ، كما يصرحون به كالرازي "

أقول : في هذا النص عدة فوائد نفيسة

الأولى : أن الأشاعرة يخالفون السلف في باب الصحابة خلافاً لمن ادعى أنهم وافقوا السلفيين في ذلك ، فإنهم طعنوا في عقيدة السلف وزعموا أنهم لم يتكلموا بالتوحيد بما فيه شفاء ونور وهداية

الثانية : أنهم طعنوا بالسلف أعظم من طعن الرافضة الأوائل الذين طعنوا في بعض الصحابة ، فإن الأشاعرة زعموا أن الصحابة لا يعرفون التوحيد

والرافضي اسم جامع لكل من شتم الصحابة ولو صحابياً واحداً

 وقد صرح العز بن عبد السلام أن عامة الصحابة كانوا على التجسيم وكذا عرض ابن الجوزي

قال ابن الجوزي في صيد الخاطر ص116 : "من أضر الأشياء على العوام كلام المتأولين والنفاة للصفات والإضافات. فإن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالغوا في الإثبات، ليتقرر في أنفس العوام وجود الخالق، فإن النفوس تأنس بالإثبات، فإذا سمع العامي ما يوجب النفي، طرد عن قلبه الإثبات، فكان أعظم ضرر عليه، وكان هذا المنزه من العلماء -على زعمه- مقاومًا لإثبات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالمحو، وشارعًا في إبطال ما يفتون به.

وبيان هذا: أن الله تعالى أخبر باستوائه على العرش، فأنست النفوس إلى إثبات الإله ووجوده:
قال تعالى: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ﴾ . وقال تعالى: ﴿يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ . وقال: ﴿وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ﴾
 وأخبر أنه ينزل إلى السماء الدنيا.
وقال: "قلوب العباد بين أصبعين"
 وقال: "كتب التوراة بيده". "وكتب كتابًا فهو عنده فوق العرش". إلى غير ذلك مما يطول ذكره.
فإذا امتلأ العامي والصبي من الإثبات، وكاد يأنس من الأوصاف بما يفهمه الحس، قيل له: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾فمحا من قلبه ما نقشه الخيال، وتبقى ألفاظ الإثبات متمكنة.
 ولهذا أقر الشرع مثل هذا، فسمع مُنْشِدًا يقول: "وفوق العرش رب العالمينا" فضحك.

وقال له آخر: أو يضحك ربنا؟ فقال: "نعم". وقال: "أنه على عرشه هكذا"، كل هذا ليقرر الإثبات في النفوس!

وأكثر الخلق لا يعرفون الإثبات إلا على ما يعلمون من الشاهد، فيقنع منهم بذلك، إلى أن يفهموا التنزيه.
 ولهذا صحح إسلام من انفتل بالسجود.
 فأما إذا ابتدئ بالعامي الفارغ من فهم الإثبات، فقلنا: ليس في السماء! ولا على العرش! ولا يوصف بيد! وكلامه صفة قائمة بذاته، وليس عندنا منه شيء! ولا يتصور نزوله: انمحى من قلبه تعظيم المصحف، ولم يتوضع في سره إثبات إله. وهذه جناية عظيمة على الأنبياء، توجب نقض ما تعبوا في بيانه، ولا يجوز لعالم أن يأتي إلى عقيدة عامي قد أنس بالإثبات فيهوشها، فإنه يفسده، ويصعب صلاحه.

فأما العالم، فإنا قد أمناه؛ لأنه لا يخفى عليه استحالة تجدد صفة الله تعالى، وأنه لا يجوز أن يكون استوى كما يعلم، ولا يجوز أن يكون محمولًا، ولا أن يوصف بملاصقة ومس، ولا أن ينتقل، ولا يخفى عليه أن المراد بتقليب القلوب بين إصبعين الإعلام بالتحكم في القلوب، فإن ما يديره الإنسان بين إصبعين هو متحكم فيه إلى الغاية، ولا يحتاج إلى تأويل من قال: الإصبع الأثر الحسن، فالقلوب بين أثرين من آثار الربوبية، وهما: الإقامة، والإزاغة. ولا إلى تأويل من قال: يداه: نعمتاه؛ لأنه إذا فهم أن المقصود الإثبات، وقد حدثنا بما نعقل، وضربت لنا الأمثال بما نعلم، وقد ثبت عندنا بالأصل المقطوع به أنه لا يجوز عليه ما يعرفه الحس، علمنا المقصود بذكر ذلك".

فتأمل كيف يصرح أن هناك عقيدتان ، عقيدة للعوام ( الجمهور ) وعقيدة ( للعلماء ) ، فالعالم عنده لا يخفى عليه ( استحالة تجدد صفة الله عز وجل ) ( يعني استحالة الصفات الفعلية ) واستحالة أن يكون على شيء أو أن يمس شيء خلافاً لظواهر النصوص !

وأما العوام فنقرهم على ( المستحيل ) لأنهم لا يفهمون إلا الإثبات ! وابن الجوزي قد ناقض نفسه فصنف كتاباً أسماه ( دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه ) صرح فيه بتأويل الصفات ، والكتاب يقرؤه العامي والعالم !

ونحو من كلام ابن الجوزي قال العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام( 1/202 ) : "وكل ذلك مما لا يمكن تصويب للمجتهدين فيه بل الحق مع واحد منهم , والباقون مخطئون خطأ معفوا عنه لمشقة الخروج منه والانفكاك عنه , ولا سيما قول معتقد الجهة فإن اعتقاد موجود ليس بمتحرك ولا ساكن ولا منفصل عن العالم ولا متصل به , ولا داخل فيه ولا خارج عنه لا يهتدي إليه أحد بأصل الخلقة في العادة , ولا يهتدي إليه أحد إلا بعد الوقوف على أدلة صعبة المدرك عسرة الفهم فلأجل هذه المشقة عفا الله عنها في حق العامي ولذلك كان صلى الله عليه وسلم لا يلزم أحدا ممن أسلم على البحث عن ذلك بل كان يقرهم على ما يعلم أنه لا انفكاك لهم عنه , وما زال الخلفاء الراشدون والعلماء المهتدون يقرون على ذلك مع علمهم بأن العامة لم يقفوا على الحق فيه ولم يهتدوا إليه ،وأجروا عليهم أحكام الإسلام من جواز المناكحات والتوارث والصلاة عليهم إذا ماتوا وتغسيلهم وتكفينهم وحملهم ودفنهم في مقابر المسلمين , ولولا أن الله قد سامحهم بذلك وعفا عنه لعسر الانفصال منه ولما أجريت عليهم أحكام المسلمين بإجماع المسلمين , ومن زعم أن الإله يحل في شيء من أجساد الناس أو غيرهم فهو كافر لأن الشرع إنما عفا عن المجسمة لغلبة التجسم على الناس فإنهم لا يفهمون موجودا في غير جهة بخلاف الحلول فإنه لا يعم الابتلاء به ولا يخطر على قلب عاقل ولا يعفى عنه".

فهنا العز بن عبد السلام يصرح أن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون كانوا يقرون الناس على التجسيم ، ويا ليت شعري ألا يسعك ما وسعهم فلا تتكلم بتعطيلك البتة.

والعجيب أنه لم يؤثرلا كلمة واحدة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن علماء الصحابة في نصرة مذهب المعطلة ، وهم يعترفون بذلك ولا شك أن الناس في زمنهم لم يكونوا كلهم أعراب ، بل كان الغالب على الناس رجاحة العقل وسداده ومع ذلك تركوا الناس ولم يذكروا التعطيل، مما يدل على بطلانه ، وإذا كان الناس في زمن السلف لم تستوعب عقولهم -على زعم العز- عقيدة التنزيه فهل يستوعبها الناس اليوم !

وللقرطبي ( صاحب المفهم وليس صاحب التفسير ) كلام نحواً من كلام العز وابن الجوزي
 قال ابن حجر في شرح البخاري (20/ 491) :" وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : أَصْل وَضْع الشَّخْص يَعْنِي فِي اللُّغَة لِجِرْمِ الْإِنْسَان وَجِسْمه ، يُقَال شَخْص فُلَان وَجُثْمَانه ، وَاسْتُعْمِلَ فِي كُلّ شَيْء ظَاهِر ، يُقَال شَخَصَ الشَّيْء إِذَا ظَهَرَ ، وَهَذَا الْمَعْنَى مُحَال عَلَى اللَّه تَعَالَى فَوَجَبَ تَأْوِيله ، فَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا مُرْتَفِع ، وَقِيلَ لَا شَيْء ، وَهُوَ أَشْبَهُ مِنْ الْأَوَّل ، وَأَوْضَحُ مِنْهُ لَا مَوْجُود أَوْ لَا أَحَد وَهُوَ أَحْسَنهَا ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى ؛ وَكَأَنَّ لَفْظ الشَّخْص أُطْلِقَ مُبَالَغَة فِي إِثْبَات إِيمَان مَنْ يَتَعَذَّر عَلَى فَهْمه مَوْجُود لَا يُشْبِه شَيْئًا مِنْ الْمَوْجُودَات ، لِئَلَّا يُفْضِي بِهِ ذَلِكَ إِلَى النَّفْي وَالتَّعْطِيل ، وَهُوَ نَحْو قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْجَارِيَةِ " أَيْنَ اللَّه ؟ قَالَتْ فِي السَّمَاء " فَحَكَمَ بِإِيمَانِهَا مَخَافَة أَنْ تَقَع فِي التَّعْطِيل لِقُصُورِ فَهْمهَا عَمَّا يَنْبَغِي لَهُ مِنْ تَنْزِيهه مِمَّا يَقْتَضِي التَّشْبِيه ، تَعَالَى اللَّه عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا".

سبحان الله ! ، النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( مؤمنة ) وهو يقول ( قاصرة الفهم عن التنزيه ) ، ويزعم أن النبي أقرها على التشبيه مخافة أن تقع في التعطيل ، فنسب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإقرار على الباطل ! بل الإقرار على الكفر والله المستعان ، والعجيب أن ابن حجر ينقل هذا الكلام ولا يتعقبه، مع أنه قد قرر في آخر شرح البهاري أنه لا يجوز استخدام الإشارة الدالة على تحقيق الإثبات أمام العامة لئلا يقعوا في التشبيه.

وابن حجر طعن في الجارية ووصفها بأنها لا تفهم التوحيد والتجسيم

قال ابن حجر في شرح البخاري (20/444) :"  وَلَوْ قَالَ مَنْ يُنْسَب إِلَى التَّجْسِيم مِنْ الْيَهُود لَا إِلَه إِلَّا الَّذِي فِي السَّمَاء لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا كَذَلِكَ ، إِلَّا إِنْ كَانَ عَامِّيًّا لَا يَفْقَهُ مَعْنَى التَّجْسِيم فَيُكْتَفَى مِنْهُ بِذَلِكَ كَمَا فِي قِصَّة الْجَارِيَة الَّتِي سَأَلَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْتِ مُؤْمِنَة ، قَالَتْ نَعَمْ ، قَالَ فَأَيْنَ اللَّه ؟ قَالَتْ فِي السَّمَاء ، فَقَالَ أَعْتِقهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَة ، وَهُوَ حَدِيث صَحِيح أَخْرَجَهُ مُسْلِم"

فأين الحمية على العقيدة وعلى الصحابة ؟



فإن قلت : ما الإشارة الحسية الدالة على الإثبات التي أنكرها الأشعرية الجهمية  ؟

قلت لك : قال أبو داود في سننه 4728 - حدثنا علي بن نصر ومحمد بن يونس النسائي المعنى قالا أخبرنا عبد الله بن يزيد المقرىء ثنا حرملة يعني ابن عمران حدثني أبو يونس سليم بن جبير مولى أبي هريرة قال: سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الآية ﴿إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها﴾ إلى قوله تعالى ﴿سميعا بصيرا﴾، قال رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه قال أبو هريرة رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرؤها ويضع إصبعيه قال ابن يونس قال المقري يعني إن الله سميع بصير يعني أن لله سمعا وبصرا
قال أبو داود وهذا رد على الجهمية.

فإشارة النبي صلى الله عليه وسلم إلى عينيه عند قوله بصيراً ، وإلى أذنيه عند قوله سميعاً يدل على تحقيق الصفة ولا يدل على التشبيه فإن مما استقر في نفوس الناس أن صفة الخالق غير صفة المخلوق.

هذه الإشارة الحسية مع فعل النبي صلى الله عليه وسلم لها منع منها الحافظ ، وهنا يقف الأشعري في حيرة (هل نقر الناس على التشبيه أم لا نقرهم الكلام متضارب)

وما أحسن ما نقله ابن تيمية عن ابن عقيل

قال ابن تيمية في درء التعارض (8/48) :" وسأل رجل ابن عقيل فقال له هل ترى لي أن أقرأ الكلام فإني أحسن من نفسي بذكاء فقال له إن الدين النصيحة فأنت الآن على ما بك مسلم سليم وإن لم تنظر في الجزء يعني الجوهر الفرد وتعرف الطفرة يعني طفرة النظام ولم تخطر ببالك الأحوال ولا عرفت الخلاء والملاء والجوهر والعرض وهل يبقى العرض زمانين وهل القدرة مع الفعل أو قبله وهل الصفات زوائد على الذات وهل الاسم المسمى أو غيره وهل الروح جسم أو عرض فإني أقطع أن الصحابة ماتوا وما عرفوا ذلك ولا تذاكروه فإن رضيت أن تكون مثلهم بإيمان ليس فيه معرفة هذا فكن وإن رأيت طريقة المتكلمين اليوم أجود من طريقة أبي بكر وعمر والجماعة فبئس الاعتقاد والرأي"


وهنا لفتة هامة : إذا قلت بأن نفاة العلو معذورين مع إخلاصهم وطلبهم للحق وسعة علمهم فهم ( الحافظ ) و ( الإمام ) ، فقد اتهمت النصوص بالقصور عن حاجة الخلق ، فإذا كان العالم المخلص تبلغه النصوص فلا تهديه في مسائل معلومة من الدين بالضرورة وأدنى شبهة كلامية تبدد دلالات النصوص القطعية ، وليس هذا في عالم أو عالمين زعموا ،  فهذا طعن في النصوص وإحسان للظن بالمخلوق !

فتأمل هذا !

وتأمل كيف نقل ابن تيمية نقل إجماع أئمة الدين على ذم الأشعرية الجهمية ، فمن أثنى عليهم فليس من أئمة الدين فضلاً عمن اعتقد اعتقادهم وإلا كان الحكم بإمامة الأشعرية نقض لكلام ابن تيمية

وحتى أهل الرأي يطعنون في الصحابة

قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (2/518) :" قَالَ الحَافِظُ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا المَعْمَرِ المُبَارَكَ بنَ أَحْمَدَ، سَمِعْتُ أَبَا القَاسِمِ يُوْسُفَ بنَ عَلِيٍّ الزَّنْجَانِيَّ الفَقِيْهَ، سَمِعْتُ الفَقِيْهَ أَبَا إِسْحَاقَ الفَيْرُوْزَابَادِيَّ، سَمِعْتُ القَاضِي أَبَا الطَّيِّبِ يَقُوْلُ:

كُنَّا فِي مَجْلِسِ النَّظَرِ بِجَامِعِ المَنْصُوْرِ، فَجَاءَ شَابٌّ خُرَاسَانِيٌّ، فَسَأَلَ عَنْ مَسْأَلَةِ المُصَرَّاةِ ، فَطَالَبَ بِالدَّلِيْلِ، حَتَّى اسْتَدَلَّ بِحَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الوَارِدِ فِيْهَا، فَقَالَ - وَكَانَ حَنَفِيّاً -: أَبُو هُرَيْرَةَ غَيْرُ مَقْبُوْلِ الحَدِيْثِ (1) .

فَمَا اسْتَتَمَّ كَلاَمَهُ حَتَّى سَقَطَ عَلَيْهِ حَيَّةٌ عَظِيْمَةٌ مِنْ سَقْفِ الجَامِعِ، فَوَثَبَ النَّاسُ مِنْ أَجْلِهَا، وَهَرَبَ الشَّابُّ مِنْهَا وَهِيَ تَتْبَعُهُ.

فَقِيْلَ لَهُ: تُبْ تُبْ.

فَقَالَ: تُبْتُ.

فَغَابَتِ الحَيَّةُ، فَلَمْ يُرَ لَهَا أَثَرٌ.

إِسْنَادُهَا أَئِمَّةٌ"


وهذه الجسارة من أهل الرأي على أبي هريرة تفوه بها متقدموهم


قال ابن القيم في مختصر الصواعق المرسلة ص607 :" وطائفة حادية عشر : ردوه _ يعني خبر الواحد _ إذا كان الراوي له من الصحابة غير فقيه بزعمهم وقبلوه إذا كان فقيهاً ، وبمثل هذا ردوا رواية أبي هريرة إذا خالفت آراءهم ، قالوا لم يكن فقيهاً ، وقد أفتى في زمن عمر بن الخطاب وأقره على الفتوى ، واستعمله نائباً على البحرين وغيرها ، ومن تلاميذه عبد الله بن عباس وغيره من الصحابة ، وسعيد بن المسيب وغيره من التابعين


قال البخاري : روى العلم عنه ثمان مائة ما بين صاحب وتابع ، وكان من أعلم الصحابة وأحفظهم له ، وكان قارئاً للقرآن ، وكان عربياً والعربية طبعه ، وكان الصحابة يرجعون إلى روايته ويعملون بها ، نعم كان فقهه نوعاً آخر غير الخواطر والآراء


قال الشافعي : ناظرت محمداً _ يعني الشيباني _ في مسألة المصراة فذكرت الحديث ، فقال هذا خبر رواه أبو هريرة ، وكان الذي جاء به شراً مما فر منه أو كما قال "


يريد الشافعي أن طعنه في أبي هريرة شر من مخالفته للسنة في تلك المسألة ، وقد غضب ابن حزم غضباً شديداً على أهل الرأي من أجل طعنهم في أبي هريرة


قال ابن حزم في المحلى (8/178) :" وروينا من طريق أبى عبيد أنه ناظر في هذه المسألة محمد بن الحسن فلم يجد عنده أكثر من ان قال: هذا من حديث أبى هريرة قال على: نعم هو والله من حديث أبى هريرة البر الصادق لامن حديث مثل محمد ابن الحسن الذى قيل لعبد الله بن المبارك: من أفقه أبو يوسف.

أو محمد بن الحسن؟ فقال: قل: أيهما أكذب "



كذا ابن حزم في المحلى حيث قال (8/ 372) :" وأما احتجاج أبى حنيفة بحديث المصراة فطامة من طوام الدهر وهو أول مخالف له وزار عليه وطاعن فيه مخالف كل ما فيه، فمرة يجعله ذو التورع منهم منسوخا بتحريم الربا وكذبوا في ذلك ما للربا ههنا مدخل، ومرة يجعلونه كذبا ويعرضون بأبى هريرة والله تعالى يجزيهم بذلك في الدنيا والآخرة وهم أهل الكذب لا الفاضل البر أبو هريرة رضى الله عنه وعن جميع الصحابة وكب الطاعن على أحد منهم لوجهه ومنخريه ثم لا يستحيون من أن يحتجوا به فيما ليس فيه منه شيء "


وفي المجموع من أقوال حماد الأنصاري لابنه عبد الأول 19- قال الوالد: "الأحناف غضاب على أبي هريرة رضي الله عنه؛ لأنّ أكثرَ ما رواه يردُّ عليهم ولله الحمد".

قلت: يعني: أنّ الأحاديث التي رواها تردُّ على أكثر آرائهم التي تخالف الأحاديث.


وفيه أيضاً قوله 274 - سمعته يقول: "إن الأحناف يقولون: إن أبا هريرة رضي الله عنه: ليس بفقيه وهذه المقالة سبب قولهم لها هو أن أبا هريرة رضي الله عنه صاحب حديث كثير والحديث الذي يرويه يقضى على كثير من آرائهم"


ولئن يعيش المرء أصم أبكم خيرٌ له من أن يتناول أولئك الأخيار بحرف ، ثبتنا الله عز وجل على السنة بمنه وكرمه

وحتى ابن حزم له وقيعة عجيبة في أبي الطفيل

فمما ورد في ترجمة الصحابي أبي الطفيل عامر بن واثلة أنه كان حامل راية الكذاب المختار بن أبي الثقفي وقد تكلم في توجيه هذا الأمر عدد من أهل العلم


قال ابن القيم في تهذيب السنن :" وَقَدْ أَعَلَّ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ حَزْمٍ حَدِيث خُزَيْمَةَ هَذَا ، بِأَنْ قَالَ : رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيُّ ، صَاحِب رَايَة الْكَافِر الْمُخْتَار ، لَا يُعْتَمَد عَلَى رِوَايَته .

وَهَذَا تَعْلِيل فِي غَايَة الْفَسَاد ، فَإِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيَّ قَدْ وَثَّقَهُ الْأَئِمَّة : أَحْمَدُ وَيَحْيَى وَصَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثه وَلَا يَعْلَم أَحَد مِنْ أَئِمَّة الْحَدِيث طَعْن فِيهِ . وَأَمَّا كَوْنه صَاحِب رَايَة الْمُخْتَار ، فَإِنَّ الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيَّ ، إِنَّمَا أَظْهَرَ الْخُرُوج لِأَخْذِهِ بِثَأْرِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا ، وَالِانْتِصَار لَهُ مِنْ قَتَلَته ، وَقَدْ طَعَنَ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ حَزْمٍ فِي أَبِي الطُّفَيْلِ ، وَرَدَّ رِوَايَته بِكَوْنِهِ كَانَ صَاحِب رَايَة الْمُخْتَارِ أَيْضًا ، مَعَ أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ كَانَ مِنْ الصَّحَابَة ، وَلَكِنْ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ مَا فِي نَفْس الْمُخْتَارِ وَمَا يُسِرّهُ ، فَرَدَّ رِوَايَة الصَّاحِب وَالتَّابِع الثِّقَة بِذَلِكَ بَاطِل"


قال ابن حجر في شرح البخاري (1/412) :" أساء أبو محمد بن حزم فضعف أحاديث أبي الطفيل وقال كان صاحب راية المختار الكذاب وأبو الطفيل صحابي لا شك فيه ولا يؤثر فيه قول أحد ولا سيما بالعصبية والهوى"


وأقدم من وقفت عليه تكلم في هذا الأمر ابن قتيبة


قال ابن قتيبة في المعارف :" أسماء الغالية من الرافضة

أبو الطفيل صاحب راية المختار، وكان آخر من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم موتاً. وأبو عبد الله الجدلي. وزرارة بن أعين. وجابر الجعفي.

الشيعة: الحرث الأعور. وصعصعة بن صوحان. والأصبغ بن نباتة. وعطية العوفي. وطاوس. والأعمش. وأبو إسحاق السبيعي. وأبو صادق. وسلمة بن كهيل. والحكم بن عتيبة. وسالم بن أبي الجعد. وإبراهيم النخعي. وحبة بن جوين. وحبيب بن أبي ثابت. ومنصور بن المعتمر. وسفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج. وفطر بن خليفة. والحسن بن صالح بن حي. وشريك. وأبو إسرائيل الملائي. ومحمد بن فضيل. ووكيع. وحميد الرواسي. وزيد بن الحباب. والفضل بن دكين. والمسعود الأصغر. وعبيد الله بن موسى. وجرير بن عبد الحميد. وعبد الله بن داود. وهشيم. وسليمان التيمي. وعوف الأعرابي. وجعفر الضبيعي. ويحيى بن سعيد القطان. وابن لهيعة. وهشام بن عمار. والمغيرة صاحب إبراهيم. ومعروف بن خربوذ. وعبد الرزاق. ومعمر. وعلي بن الجعد"


ذكره شعبة ويحيى القطان والحكم بن عتيبة وجرير بن عبد الحميد وهشام بن عمار  ومعمر بن راشد في الشيعة غلط أوقعه فيه أنه ما كان من أهل الشأن وما أعلم أحداً تابعه على هذا ، وكل من صنف في الرجال ما نسب هؤلاء إلى التشيع


وقد قال الذهبي في السير (13/ 296) في ابن قتيبة :" وَالرَّجُلُ لَيْسَ بِصَاحِبِ حَدِيْثٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ المَشْهُوْرِيْنَ، عِنْدَهُ فُنُوْنٌ جَمَّةٌ، وَعُلُوْمٌ مُهِمَّةٌ"


فمثله لا يعتمد عليه فيما انفرد به


قال الذهبي في السير (3/ 469) :" وقيل: إن أبا الطفيل كان حامل راية المختار لما ظهر بالعراق"


قد أحسن الذهبي بتصديره هذا بقوله ( قيل ) ، إذ أنني على تتابعهم على ذكره ما وجدت له إسناداً ، ولم يذكر أمر حمله لراية المختار لا البخاري في التاريخ ولابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولا ابن سعد في الطبقات


وقد ذكر ابن قتيبة في تأويل مختلف أن أهل البدع طعنوا في هذا الصحابي وفي قبول أهل الحديث لمروياته بسبب هذا الخبر ، والذي يظهر أن هذا الخبر لا يثبت ولو ثبت فعلى ما وجه ابن القيم

الخطأ الثاني عشر : دعوى أن البخاري لم يخرج لأبي الطفيل بسبب تشيعه !

وهذه ذكرها ابن رجب في شرح العلل ولم يعقب عليها ولم يعقب عليها المحققون

قال ابن رجب في شرح علل الترمذي ص364:  وسئل ابن الأخرم: "لمَ ترك البخاري حديث  أبي الطفيل ؟  قال:  لأنه كان يفرط في التشيع "


 ما قاله ابن الأخرم هذا مرفوض تماماً فإن أبا الطفيل كان صحابياً ولا يجوز نعت الصحابي بالبدعة.

 وقد كتبت مقالاً بعنوان [ الدفاع عن الصحابي الجليل أبي الطفيل ]، بينت فيه غلط ما ينسب إليه من الرفض أو التشيع.


وقد خرج البخاري لعبيد الله بن موسى مع ما ذكروا من تشيعه لأنه كان صدوقاً ، فكيف يترك صحابياً لهذا الداعي !


وإنما لم يخرج البخاري لأبي الطفيل لأنه كان صحابياً صغيراً وعامة رواياته عن علي

وما روي عنه من المرفوع ليس على شرط البخاري

 وقد خرج له البخاري له خبراً موقوفاً فلا يقال أنه لم يخرج له.


قال البخاري [  127 ]:

 وَقَالَ عَلِيٌّ حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ عَلِيٍّ بِذَلِكَ

 وإليك أحاديثه المرفوعة وسبب عدم تخريج البخاري لها:


(1) قال أحمد في مسنده 23792 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُمَيْعٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَخَذَ الْعَقَبَةَ، فَلَا يَأْخُذْهَا أَحَدٌ، فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُودُهُ حُذَيْفَةُ وَيَسُوقُ بِهِ عَمَّارٌ إِذْ أَقْبَلَ رَهْطٌ مُتَلَثِّمُونَ عَلَى الرَّوَاحِلِ، غَشَوْا عَمَّارًا وَهُوَ يَسُوقُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَقْبَلَ عَمَّارٌ يَضْرِبُ وُجُوهَ الرَّوَاحِلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحُذَيْفَةَ: «قَدْ، قَدْ» حَتَّى هَبَطَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا هَبَطَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ وَرَجَعَ عَمَّارٌ، فَقَالَ: «يَا عَمَّارُ، هَلْ عَرَفْتَ الْقَوْمَ؟» فَقَالَ: قَدْ عَرَفْتُ عَامَّةَ الرَّوَاحِلِ وَالْقَوْمُ مُتَلَثِّمُونَ قَالَ: «هَلْ تَدْرِي مَا أَرَادُوا؟» قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «أَرَادُوا أَنْ يَنْفِرُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَطْرَحُوهُ» قَالَ: فَسَأَلَ عَمَّارٌ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ، كَمْ تَعْلَمُ كَانَ أَصْحَابُ الْعَقَبَةِ فَقَالَ: أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ فِيهِمْ فَقَدْ كَانُوا خَمْسَةَ عَشَرَ، فَعَذَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةً قَالُوا: وَاللَّهِ مَا سَمِعْنَا مُنَادِيَ رَسُولِ اللَّهِ، وَمَا عَلِمْنَا مَا أَرَادَ الْقَوْمُ، فَقَالَ عَمَّارٌ: أَشْهَدُ أَنَّ الِاثْنَيْ عَشَرَ الْبَاقِينَ حَرْبٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ قَالَ الْوَلِيدُ: وَذَكَرَ أَبُو الطُّفَيْلِ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلنَّاسِ: وَذُكِرَ لَهُ: أَنَّ فِي الْمَاءِ قِلَّةً فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَادِيًا فَنَادَى: «أَنْ لَا يَرِدَ الْمَاءَ أَحَدٌ قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ فَوَرَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ رَهْطًا قَدْ وَرَدُوهُ قَبْلَهُ، فَلَعَنَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ».


الوليد بن عبد الله بن جميع قال الحاكم ( لو لم يخرج له مسلم لكان أولى ) وقد اجتنبه البخاري وهو مختلف فيه وقال الحافظ (صدوق يهم).


(2) قال عبد الله بن أحمد 23793 - حَدَّثَنِي أَبِي مِنْ، كِتَابِهِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا رَبَاحُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الطُّفَيْلِ، فَوَجَدْتُهُ طَيِّبَ النَّفْسِ، فَقُلْتُ: لَأَغْتَنِمَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا الطُّفَيْلِ، النَّفَرُ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ بَيْنِهِمْ، مَنْ هُمْ؟ فَهَمَّ أَنْ يُخْبِرَنِي بِهِمْ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ: مَهْ يَا أَبَا الطُّفَيْلِ، أَمَا بَلَغَكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، فَأَيُّمَا عَبْدٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ دَعَوْتُ عَلَيْهِ بِدَعْوَةٍ، فَاجْعَلْهَا لَهُ زَكَاةً وَرَحْمَةً».


عبد الله بن عثمان بن خثيم مختلف فيه ، ولم يحتج به البخاري وقد ضعفه ابن معين في رواية وكذلك أبو حاتم وعدله غيرهم فهذا سبب اجتناب البخاري لهذا الخبر.


(3) قال أحمد في مسنده 23794 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: لَمَّا بُنِيَ الْبَيْتُ كَانَ النَّاسُ يَنْقُلُونَ الْحِجَارَةَ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْقُلُ مَعَهُمْ، فَأَخَذَ الثَّوْبَ فَوَضَعَهُ عَلَى عَاتِقِهِ، فَنُودِيَ: لَا تَكْشِفْ عَوْرَتَكَ، «فَأَلْقَى الْحَجَرَ وَلَبِسَ ثَوْبَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».


هذا فيه عبد الله بن عثمان بن خثيم وقد تقدم الكلام عليه.


(4) قال أحمد في مسنده 23795 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُبَيْدٍ الرَّاسِبِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الطُّفَيْلِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا نُبُوَّةَ بَعْدِي إِلَّا الْمُبَشِّرَاتِ» ، قَالَ: قِيلَ: وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟، قَالَ: «الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ» أَوْ قَالَ: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ».


عثمان بن عبيد الراسبي ليس من رجال البخاري بل ليس من رجال الستة وقد عدله ابن معين ، وقد ذكر البخاري الخبر في التاريخ يقول فيه أبو الطفيل (بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم) فاستغنى البخاري بالأخبار المتصلة عن هذا وإن كان إرسال الصحابي لا يضر.


(5) قال أحمد في مسنده 23796 - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ عِمْرَانَ الْمَازِنِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الطُّفَيْلِ، وَسُئِلَ: هَلْ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: فَهَلْ كَلَّمْتَهُ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي رَأَيْتُهُ انْطَلَقَ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا، وَمَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَأُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ

حَتَّى أَتَى دَارَ قَوْرَاءَ

فَقَالَ: افْتَحُوا هَذَا الْبَابَ فَفُتِحَ وَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَخَلْتُ مَعَهُ، فَإِذَا قَطِيفَةٌ فِي وَسَطِ الْبَيْتِ.

 فَقَالَ:  ارْفَعُوا هَذِهِ الْقَطِيفَةَ  فَرَفَعُوا الْقَطِيفَةَ، فَإِذَا غُلَامٌ أَعْوَرُ تَحْتَ الْقَطِيفَةِ

فَقَالَ:  قُمْ يَا غُلَامُ  ، فَقَامَ الْغُلَامُ، فَقَالَ:  يَا غُلَامُ، أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ الْغُلَامُ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟، قَالَ:  أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟  قَالَ الْغُلَامُ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟

 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا  مَرَّتَيْنِ.


مهدي بن عمران تكلم فيه البخاري في التاريخ الكبير فلا جرم ألا يخرج حديثه.


(6) قال أحمد في مسنده 23797 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا الْجُرَيْرِيُّ، قَالَ: كُنْتُ أَطُوفُ مَعَ أَبِي الطُّفَيْلِ، فَقَالَ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرِي قَالَ: قُلْتُ: وَرَأَيْتَهُ؟

 قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: كَيْفَ كَانَ صِفَتُهُ؟ قَالَ:  كَانَ أَبْيَضَ مَلِيحًا مُقْصِدًا .


الجريري اختلط ويزيد روى عنه بعد الاختلاط وقد خرجه مسلم من عدة طرق عن الجريري وليس الخبر في أصل من أصول الأحكام وإنما هو في الشمائل.


(7) قال أحمد في مسنده 23798 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا مَعْرُوفٌ الْمَكِّيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الطُّفَيْلِ عَامِرَ بْنَ وَاثِلَةَ، قَالَ:  رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا غُلَامٌ شَابٌّ، يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بِمِحْجَنِهِ


معروف المكي مختلف فيه وإنما خرج البخاري له عن أبي الطفيل خبراً موقوفاً.


(8) وقال أحمد في مسنده 23799 - حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُمَيْعٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو الطُّفَيْلِ:  أَدْرَكْتُ ثَمَانِ سِنِينَ مِنْ حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوُلِدْتُ عَامَ أُحُدٍ .


هذا خبر في التاريخ ، والوليد تقدم الكلام عليه وترك البخاري الاحتجاج به.


(9) قال أحمد في مسنده 23800 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، وَذَكَرَ بِنَاءَ الْكَعْبَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ: فَهَدَمَتْهَا قُرَيْشٌ وَجَعَلُوا يَبْنُونَهَا بِحِجَارَةِ الْوَادِي تَحْمِلُهَا قُرَيْشٌ عَلَى رِقَابِهَا، فَرَفَعُوهَا فِي السَّمَاءِ عِشْرِينَ ذِرَاعًا، " فَبَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْمِلُ حِجَارَةً مِنْ أَجْيَادٍ وَعَلَيْهِ نَمِرَةٌ، فَضَاقَتْ عَلَيْهِ النَّمِرَةُ، فَذَهَبَ يَضَعُ النَّمِرَةَ عَلَى عَاتِقِهِ فَتُرَى عَوْرَتُهُ مِنْ صِغَرِ النَّمِرَةِ، فَنُودِيَ: يَا مُحَمَّدُ، خَمِّرْ عَوْرَتَكَ فَلَمْ يُرَ عُرْيَانًا بَعْدَ ذَلِكَ".


ابن خثيم تقدم الكلام على عدم احتجاج البخاري به.


(10) قال أحمد في مسنده 23801 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنِّي أَنْزِعُ أَرْضًا، وَرَدَتْ عَلَيَّ وَغَنَمٌ سُودٌ، وَغَنَمٌ عُفْرٌ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ وَفِيهِمَا ضَعْفٌ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَنَزَعَ فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا فَمَلَأَ الْحَوْضَ وَأَرْوَى الْوَارِدَةَ، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا أَحْسَنَ نَزْعًا مِنْ عُمَرَ، فَأَوَّلْتُ أَنَّ السُّودَ الْعَرَبُ وَأَنَّ الْعُفْرَ الْعَجَمُ .


علي بن زيد ضعيف.


(11) قال أحمد في مسنده 23802 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الطُّفَيْلِ، يُحَدِّثُ:  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَلَ مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ .


عبيد الله لم يحتج به البخاري ولا أحد من أصحاب الكتب الستة وإنما خرج له البخاري تعليقاً.


(12) قال أحمد في مسنده 23803 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ مُظَفَّرُ بْنُ مُدْرِكٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ: أَنَّ رَجُلًا مَرَّ عَلَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، فَرَدُّوا عَلَيْهِ السَّلَامَ، فَلَمَّا جَاوَزَهُمْ قَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْغِضُ هَذَا فِي اللَّهِ، فَقَالَ أَهْلُ الْمَجْلِسِ: بِئْسَ وَاللَّهِ مَا قُلْتَ، أَمَا وَاللَّهِ لَنُنَبِّئَنَّهُ، قُمْ يَا فُلَانُ، رَجُلًا مِنْهُمْ، فَأَخْبِرْهُ، قَالَ: فَأَدْرَكَهُ رَسُولُهُمْ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ، فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَرَرْتُ بِمَجْلِسٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِيهِمْ فُلَانٌ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِمْ فَرَدُّوا السَّلَامَ، فَلَمَّا جَاوَزْتُهُمْ أَدْرَكَنِي رَجُلٌ مِنْهُمْ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فُلَانًا قَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْغِضُ هَذَا الرَّجُلَ فِي اللَّهِ، فَادْعُهُ فَسَلْهُ عَلَامَ يُبْغِضُنِي؟ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَمَّا أَخْبَرَهُ الرَّجُلُ، فَاعْتَرَفَ بِذَلِكَ وَقَالَ: قَدْ قُلْتُ لَهُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَلِمَ تُبْغِضُهُ؟» قَالَ: أَنَا جَارُهُ وَأَنَا بِهِ خَابِرٌ، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُهُ يُصَلِّي صَلَاةً قَطُّ إِلَّا هَذِهِ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ الَّتِي يُصَلِّيهَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، قَالَ الرَّجُلُ: سَلْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَلْ رَآنِي قَطُّ أَخَّرْتُهَا عَنْ وَقْتِهَا، أَوْ أَسَأْتُ الْوُضُوءَ لَهَا، أَوْ أَسَأْتُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فِيهَا؟، فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: لَا ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُهُ يَصُومُ قَطُّ إِلَّا هَذَا الشَّهْرَ الَّذِي يَصُومُهُ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ؟، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ رَآنِي قَطُّ أَفْطَرْتُ فِيهِ، أَوْ انْتَقَصْتُ مِنْ حَقِّهِ شَيْئًا؟، فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لَا، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُهُ يُعْطِي سَائِلًا قَطُّ، وَلَا رَأَيْتُهُ يُنْفِقُ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا فِي شَيْءٍ مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ، إِلَّا هَذِهِ الصَّدَقَةَ الَّتِي يُؤَدِّيهَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، قَالَ: فَسَلْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ كَتَمْتُ مِنَ الزَّكَاةِ شَيْئًا قَطُّ، أَوْ مَاكَسْتُ فِيهَا طَالِبَهَا؟ قَالَ: فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُمْ إِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ خَيْرٌ مِنْكَ».


23804 - حَدَّثَنَاهُ يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلًا فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى قَوْمٍ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا الطُّفَيْلِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بَلَغَنِي أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ حِفْظِهِ فَقَالَ: عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ حَدَّثَ بِهِ ابْنُهُ يَعْقُوبُ، عَنْ أَبِيهِ، فَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا الطُّفَيْلِ فَأَحْسِبُهُ وَهِمَ وَالصَّحِيحُ رِوَايَةُ يَعْقُوبَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.


هذا معلول بالارسال كما ترى.


(13) قال أحمد في مسنده 23805 - حَدَّثَنَا يُونُسُ، وَعَفَّانُ قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ: أَنَّ رَجُلًا وُلِدَ لَهُ غُلَامٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَأَخَذَ بِبَشَرَةِ جَبْهَتِهِ وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ» قَالَ: فَنَبَتَتْ شَعَرَةٌ فِي جَبْهَتِهِ كَهَيْئَةِ الْقَوْسِ، وَشَبَّ الْغُلَامُ، فَلَمَّا كَانَ زَمَنُ الْخَوَارِجِ أَحَبَّهُمْ، فَسَقَطَتِ الشَّعَرَةُ عَنْ جَبْهَتِهِ، فَأَخَذَهُ أَبُوهُ فَقَيَّدَهُ وَحَبَسَهُ، مَخَافَةَ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمْ، قَالَ: فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَوَعَظْنَاهُ، وَقُلْنَا لَهُ فِيمَا نَقُولُ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ بَرَكَةَ دَعْوَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ وَقَعَتْ عَنْ جَبْهَتِكَ؟ فَمَا زِلْنَا بِهِ حَتَّى رَجَعَ عَنْ رَأْيِهِمْ، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ الشَّعَرَةَ بَعْدُ فِي جَبْهَتِهِ وَتَابَ.


علي بن زيد ضعيف.


(14) قال أحمد في مسنده 23806 - حَدَّثَنَا يَعْمَرُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مُبَارَكٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الطُّفَيْلِ، يَقُولُ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَلَ ثَلَاثًا مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ».


عبيد الله تقدم الكلام عليه.


(15) قال مسلم في صحيحه 1577- [52-706] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرٍ ، عَنْ مُعَاذٍ ، قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ ، فَكَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا.


وهذا تركه البخاري لأنه لم يحتج بشيء من أحاديث أبي الزبير.


(16) قال مسلم في صحيحه 3033- [239-1265] وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الأَبْجَرِ ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ ، قَالَ : قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ : أُرَانِي قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَصِفْهُ لِي ، قَالَ قُلْتُ : رَأَيْتُهُ عِنْدَ الْمَرْوَةِ عَلَى نَاقَةٍ ، وَقَدْ كَثُرَ النَّاسُ عَلَيْهِ قَالَ : فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : ذَاكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِنَّهُمْ كَانُوا لاَ يُدَعُّونَ عَنْهُ وَلاَ يُكْهَرُونَ.


ابن الأبجر لم يخرج له البخاري شيئاً.


(17) 5167- [44-...] حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَيَّانَ ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ ، قَالَ : قُلْنَا لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، أَخْبِرْنَا بِشَيْءٍ أَسَرَّهُ إِلَيْكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : مَا أَسَرَّ إِلَيَّ شَيْئًا كَتَمَهُ النَّاسَ ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ : لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ الْمَنَارَ.


منصور لم يحتج به البخاري غير أنه قد تابعه القاسم بن أبي بزة على هذا الخبر ، وهذا مما يستدرك على البخاري حقاً والله أعلم.


(18) وقال مسلم في صحيحه 7389- [40-...] حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ ، عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غُرْفَةٍ وَنَحْنُ أَسْفَلَ مِنْهُ ، فَاطَّلَعَ إِلَيْنَا ، فَقَالَ : مَا تَذْكُرُونَ ؟ قُلْنَا : السَّاعَةَ ، قَالَ : إِنَّ السَّاعَةَ لاَ تَكُونُ حَتَّى تَكُونَ عَشْرُ آيَاتٍ : خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ ، وَخَسْفٌ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَالدُّخَانُ وَالدَّجَّالُ ، وَدَابَّةُ الأَرْضِ ، وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ ، وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قُعْرَةِ عَدَنٍ تَرْحَلُ النَّاسَ.


7390- قَالَ شُعْبَةُ : وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ ، عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ ، مِثْلَ ذَلِكَ ، لاَ يَذْكُرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وقَالَ أَحَدُهُمَا فِي الْعَاشِرَةِ : نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وقَالَ الآخَرُ : وَرِيحٌ تُلْقِي النَّاسَ فِي الْبَحْرِ.


وهذا رواه عبد العزيز بن رفيع عن أبي الطفيل موقوفاً فلعل سبب عدم إخراج البخاري له هذا الاختلاف


(19) قال أبو داود في سننه 4283 - حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا الفضل بن دكين ثنا فطر عن القاسم بن أبي بزة عن أبي الطفيل عن علي رضي الله تعالى عنه : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملؤها عدلا كما ملئت جورا".


وهذا اجتنبه مسلم أيضاً وذكره ابن الجوزي في العلل المتناهية ، وفي بعض الروايات شك فطر في رفعه فقال (أراه عن النبي صلى الله عليه وسلم).


ثم إن البخاري لم يحتج بفطر وإنما روى له حديثاً واحد مقروناً كما ذكر ابن حجر  في هدي الساري.


فهذا جملة ما لأبي الطفيل عامر بن واثلة من الأحاديث ، وقد تبين لك عذر البخاري في عدم تخريج عامة ما ذكر من الأخبار


 وأنبه أيضاً أن بعض أخباره لها أصول عنده من وجه آخر


 وبهذا يتبين لك عدم صواب ما قاله ابن الأخرم.

الخطأ الثالث عشر : الطعن في عثمان بكلام المؤرخين

وهذا وقع فيه أبو بكر الجزائري

قال « أبو بكر الجزائري » في كتابه العلم والعلماء ص175 وهو يتكلم عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه-:

 "وسار في الناس ست سنوات سيرة حميدة حمدها كل المسلمين ، حتى فضل عن عمر للينه، وشدة عمر رضي الله عنهما وأرضاهما ، ثم تغلبت عليه عاطفة القرابة فكان يولي أمور المسلمين بني أمية، ويترك غيرهم فأثار ذلك سخط الناس عليه، وهذه طبيعة الحياة الدنيا ، وقد كان أسخط عليه عبد الله بن مسعود وأبا ذر وبعضاً من الصحابة "، إلى آخر كلامه السيء.


فهنا « أبو بكر الجزائري » تجرأ جرأة غير محمودة على عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وحاكى في ذلك الروافض والخوارج مردداً أكاذيبهم ، التي تذرعوا بها إلى جريمتهم النكراء.


قال حرب الكرماني في عقيدته: "فمن ذكر أحدًا من أصحاب محمد عليه السلام بسوء أو طعن عليه بعيب أو تبرأ من أحد منهم، أو سبهم، أو عرض بسبهم وشتمهم فهو رافضي مخالف خبيث ضال".


وقال الخلال في السنة 799- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ , قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ , يَقُولُ : إِنَّ قَوْمًا يَكْتُبُونَ هَذِهِ الأَحَادِيثَ الرَّدِيئَةَ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَدْ حَكَوْا عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتُ : أَنَا لاَ أُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ حَدِيثٍ يَكْتُبُ هَذِهِ الأَحَادِيثَ يَعْرِفُهَا

 فَغَضِبَ وَأَنْكَرَهُ إِنْكَارًا شَدِيدًا , وَقَالَ : بَاطِلٌ , مَعَاذَ اللَّهِ , أَنَا لاَ أُنْكِرُ هَذَا , لَوْ كَانَ هَذَا فِي أَفْنَاءِ النَّاسِ لأَنْكَرْتُهُ , كَيْفَ فِي أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَالَ : أَنَا لَمُ أَكْتُبْ هَذِهِ الأَحَادِيثَ

 قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ : فَمَنْ عَرَفْتَهُ يَكْتُبُ هَذِهِ الأَحَادِيثَ الرَّدِيئَةَ وَيَجْمَعُهَا أَيُهْجَرُ ؟ قَالَ : نَعَمْ , يَسْتَأْهِلُ صَاحِبُ هَذِهِ الأَحَادِيثِ الرَّدِيئَةِ الرَّجْمَ , وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : جَاءَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ , فَقُلْتُ لَهُ : تُحَدِّثُ بِهَذِهِ الأَحَادِيثِ ؟ فَجَعَلَ يَقُولُ : قَدْ حَدَّثَ بِهَا فُلاَنٌ , وَحَدَّثَ بِهَا فُلاَنٌ , وَأَنَا أَرْفُقُ بِهِ , وَهُوَ يَحْتَجُّ , فَرَأَيْتُهُ بَعْدُ فَأَعْرَضْتُ عَنْهُ وَلَمْ أُكَلِّمْهُ.


وعقيدة أهل السنة في معروفة في هذا الباب أنه لا يجوز ذكر مساويء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وما ذكره « أبو بكر الجزائري » عن عثمان كذب لا يثبت وإنما هو من تهويل أهل البدع.



قال شيخ الإسلام في منهاج السنة (4/144): "وقد كان في بني أمية قوم صالحون ماتوا قبل الفتنة

وكان بنو أمية أكثر القبائل عمالا للنبي صلى الله عليه و سلم فإنه لما فتح مكة استعمل عليها عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية واستعمل خالد بن سعيد بن العاص بن أمية وأخويه أبان بن سعيد وسعيد بن سعيد على أعمال أخر

واستعمل أبا سفيان بن حرب بن أمية على نجران أو ابنه يزيد ومات وهو عليها وصاهر نبي الله صلى الله عليه و سلم ببناته الثلاثة لبني أمية

فزوج أكبر بناته زينب بأبي العاص بن الربيع بن أمية بن عبد شمس وحمد صهره لما أراد علي أن يتزوج ببنت أبي جهل فذكر صهرا له من بني أمية بن عبد شمس فأثنى عليه في مصاهرته وقال حدثني فصدقني ووعدني فوفى لي وزوج ابنتيه لعثمان بن عفان واحدة بعد واحدة وقال لو كانت عندنا ثالثة لزوجناها عثمان".


وقال شيخ الإسلام في منهاج السنة (6/184): "ومن العجب أن الشيعة ينكرون على عثمان ما يدعون أن عليا كان أبلغ فيه من عثمان فيقولون إن عثمان ولى أقاربه من بني أمية ومعلوم أن عليا ولى أقاربه من قبل أبيه وأمه كعبد الله وعبيد الله ابنى العباس فولى عبيد الله بن عباس على اليمن وولى على مكة والطائف قثم ابن العباس

وأما المدينة فقيل إنه ولى عليها سهل بن حنيف وقيل ثمامة بن العباس وأما البصرة فولى عليها عبد الله بن عباس وولى على مصر ربيبه محمد بن أبي بكر الذي رباه في حجره".


وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم قتلة عثمان بالمنافقين مما يدل على أنه لم يكن عندهم أدنى شبهة فيما فعلوه.


قال أحمد في مسنده 24566 : حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:

أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَقْبَلَتْ إِحْدَانَا عَلَى الْأُخْرَى، فَكَانَ مِنْ آخِرِ كَلَامٍ كَلَّمَهُ، أَنْ ضَرَبَ مَنْكِبَهُ، وَقَالَ: «يَا عُثْمَانُ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَسَى أَنْ يُلْبِسَكَ قَمِيصًا، فَإِنْ أَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ عَلَى خَلْعِهِ، فَلَا تَخْلَعْهُ حَتَّى تَلْقَانِي، يَا عُثْمَانُ، إِنَّ اللَّهَ عَسَى أَنْ يُلْبِسَكَ قَمِيصًا، فَإِنْ أَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ عَلَى خَلْعِهِ، فَلَا تَخْلَعْهُ حَتَّى تَلْقَانِي» ثَلَاثًا، فَقُلْتُ لَهَا: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَيْنَ كَانَ هَذَا عَنْكِ؟ قَالَتْ: نَسِيتُهُ، وَاللَّهِ فَمَا ذَكَرْتُهُ. قَالَ: فَأَخْبَرْتُهُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، فَلَمْ يَرْضَ بِالَّذِي أَخْبَرْتُهُ حَتَّى كَتَبَ إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ اكْتُبِي إِلَيَّ بِهِ، فَكَتَبَتْ إِلَيْهِ بِهِ كِتَابًا.


قال ابن أبي شيبة في المصنف 32710: حَدَّثَنَا عَفَّانُ , قَالَ : حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , عَنْ سَالِمٍ , قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ : لَقَدْ عِبْتُمْ عَلَى عُثْمَانَ أَشْيَاءَ لَوْ أَنَّ عُمَرَ فَعَلَهَا مَا عِبْتُمُوهَا.


وهذا إسناد صحيح

الخطأ الرابع عشر : الطعن في أبي ذر بكلام المؤرخين

وهذا وقع فيه إحسان إلهي ظهير

قال أحمد أمين في كتابه فجر الإسلام ص110 وهو يتكلم عن ابن سبأ :" وهو الذي حرك أبا ذر لدعوة الاشتراكية "


وقد كان لي مندوحة عن التعليق على هذا الكلام لولا أنه قد ورد في كتاب الشيعة والتشيع عقائد وتاريخ للكاتب المعروف إحسان إلهي ظهير ولم يعلق عليه بشيء


والشيخ إحسان _ يغفر الله له _ له حمية شديدة على الدين ظاهرة من تآليفه على عرج في مواطن معلومة يعلمها من طالع هذه الكتب على أنها مرجع قوي في الرد على الرافضة بل وكل فرقة كتب كالبابية والبهائية والاسماعيلية والبريلوية


وكلام أحمد أمين هذا باطل وقد اعتمد فيه رواية مكذوبة أساء فهمها أيضاً


قال الطبري في تاريخه (4/283) : كَتَبَ إِلَيَّ بِهَا السَّرِيُّ، يَذْكُرُ أَنَّ شُعَيْبًا حَدَّثَهُ عَنْ سَيْف، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ يَزِيدَ الْفَقْعَسِيِّ، قَالَ: لَمَّا وَرَدَ ابْنُ السَّوْدَاءِ الشَّامَ لَقِيَ أَبَا ذَرٍّ، فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ، أَلا تَعْجَبُ إِلَى مُعَاوِيَةَ، يَقُولُ: الْمَالُ مَالُ اللَّهِ! أَلا إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ لِلَّهِ كأنه يريد ان يحتجنه دُونَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَمْحُوَ اسْمَ الْمُسْلِمِينَ فَأَتَاهُ أَبُو ذَرٍّ، فَقَالَ: مَا يَدْعُوكَ إِلَى أَنْ تُسَمِّيَ مَالَ الْمُسْلِمِينَ مَالَ اللَّهِ! قَالَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا أَبَا ذَرٍّ، أَلَسْنَا عِبَادَ اللَّهِ، وَالْمَالُ مَالُهُ، وَالْخَلْقُ خَلْقُهُ، وَالأَمْرُ أَمْرُهُ! قَالَ: فَلا تَقُلْهُ، قَالَ: فَإِنِّي لا أَقُولُ: إِنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ، وَلَكِنْ سَأَقُولُ: مَالُ الْمُسْلِمِينَ.

قَالَ: وَأَتَى ابْنُ السَّوْدَاءِ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ أَظُنُّكَ وَاللَّهِ يَهُودِيًّا! فَأَتَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَتَعَلَقَّ بِهِ، فَأَتَى بِهِ مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ: هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي بَعَثَ عَلَيْكَ أَبَا ذَرٍّ، وَقَامَ أَبُو ذَرٍّ بِالشَّامِ وَجَعَلَ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الأَغْنِيَاءِ، وَاسُوا الْفُقَرَاءَ بَشِّرِ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ بمكاو من نار تكوى بها جباهم وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ فَمَا زَالَ حَتَّى وَلِعَ الْفُقَرَاءُ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَأَوْجَبُوهُ عَلَى الأَغْنِيَاءِ، وَحَتَّى شَكَا الأَغْنِيَاءُ مَا يَلْقَوْنَ مِنَ النَّاسِ.

فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عُثْمَانَ: أَنَّ أَبَا ذَرٍّ قَدْ أَعْضَلَ بِي، وَقَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ كَيْتَ وَكَيْتَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ: أَنَّ الْفِتْنَةَ قَدْ أَخْرَجَتْ خطمها وعينيها، فَلَمْ يَبْقَ إِلا أَنْ تَثِبَ، فَلا تَنْكَأ الْقَرْحَ، وَجَهِّزْ أَبَا ذَرٍّ إِلَيَّ، وَابْعَثْ مَعَهُ دَلِيلا وَزَوِّدْهُ، وَارْفُقْ بِهِ، وَكَفْكَفِ النَّاسَ وَنَفْسَكَ ما استطعت، فإنما تُمْسَكُ مَا اسْتَمْسَكْتَ فَبَعَثَ بِأَبِي ذَرٍّ وَمَعَهُ دَلِيلٌ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَرَأَى الْمَجَالِسَ فِي أَصْلِ سَلْعٍ، قَالَ: بَشِّرْ أَهْلَ الْمَدِينَةِ بِغَارَةٍ شَعْوَاءَ وَحَرْبٍ مِذْكَارٍ.

وَدَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا لأَهْلِ الشَّامِ يَشْكُونَ ذَرَبَكَ! فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ لا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: مَالُ اللَّهِ، وَلا يَنْبَغِي لِلأَغْنِيَاءِ أَنْ يَقْتَنُوا مَالا.

فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ، عَلَيَّ أَنْ أَقْضِيَ مَا عَلَيَّ، وَآخُذَ مَا عَلَى الرَّعِيَّةِ، وَلا أُجْبِرُهُمْ عَلَى الزُّهْدِ، وَأَنْ أَدْعُوهُمْ إِلَى الاجْتِهَادِ وَالاقْتِصَادِ.


وهذه الرواية على أن متنها لا شيء فيه سوى ما ينسب لأبي ذر في سندها سيف التميمي الكذاب وتلميذه شعيب المتروك


وفيها أن ابن سبأ إنما حاول الإيقاع بين معاوية وأبي ذر في اتهام معاوية بأنه يريد الاستئثار فنزل معاوية لرغبة أبي ذر وسمى المال مال المسلمين


والفرية في كلام أحمد أمين في تسميته ما دعى إليه أبو ذر بالاشتراكية وشتان بينها وبين الاشتراكية


فأبو ذر يرى أن الرجل الغني لا يجوز له أن يكنز الذهب والفضة ولو أدى الزكاة ويرى في المال حقاً سوى الزكاة


ومن خالفه من الصحابة رأى أن ما أدي زكاته فليس بكنز وهذا هو الصواب


وأبو ذر لا يدخل في هذا بقية الأصناف الزكوية كالرزوع والثمار وبهيمة الأنعام


ولا يدخل في هذا من باب أولى الأصناف غير الزكوية كالرقيق والخيل


وإنما يخص بذلك الذهب والفضة في حال كثرتها كثرة عظيمة فأين هذا من الاشتراكية التي تجبر الأغنياء على مقاسمة الفقراء عامة أموالهم وتجبرهم على البقاء تحت سقف معين لا يرقونه أبداً


والاشتراكية في آخر مراحلها تنتهي إلى الشيوعية والإباحية


فكيف يحاكم السلف في القرن الأول لمثل هذه المصطلحات والأفكار الحادثة


ثم إن مذهب أبي ذر لا يوجد حتى في الرواية المكذوبة أن ابن سبأ لقنه له


ثم بعد كتابتي لما سبق رأيت كلام سوء لإحسان إلهي ظهير يصف فيه أبا ذر بالسذاجة


قال إحسان في كتابه الشيعة والتشيع ص126 بعد نقله كلامه لابن خلدون :" أولاً : أن أبا ذر رضي الله عنه لشدة ورعه وزهده وسذاجته انطلى عليه أكاذيب عبد الله بن سبأ "


أقول : بل أنت انطلت عليك أكاذيب سيف بن عمر التميمي وتلميذه الدجال وأحمد أمين وقد عقدت فصلاً في الكذابين من أهل التشيع وغيرهم فما انتفعت به تمام الانتفاع 

الخطأ الخامس عشر : التهوين من شأن مسألة التفضيل

بل دعوى أن الصحابة ما كانوا يفاضلون فيما بين بعضهم البعض ولا يشتغلون بهذا ولعبد الرحمن المعلمي رسالة خبيثة في هذا الباب أظهرها المحققون لتراثه هداهم الله

وهذا رد لي على نظيره :" وأما قول بعض السفهاء أنه لا يترتب عليها حتى الوصف بالتشيع فهذا سفه ومخالفة لاتفاق أئمة الجرح والتعديل


قال الخلال في السنة 530 - وَأَخْبَرَنِي زُهَيْرُ بْنُ صَالِحِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: سُئِلَ أَبِي وَأَنَا أَسْمَعُ، عَنْ مَنْ يُقَدِّمُ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ مُبْتَدِعٌ؟ قَالَ: «هَذَا أَهْلٌ أَنْ يُبَدَّعَ، أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِّمُوا عُثْمَانَ»


وقال الخلال أيضاً 531 - وَأَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ عِيسَى، أَنَّ حَنْبَلًا حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَسُئِلَ عَنْ مَنْ يُقَدِّمُ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ هُوَ عِنْدَكَ مُبْتَدِعٌ؟ قَالَ: «هَذَا أَهْلٌ أَنْ يُبَدَّعَ، أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِّمُوا عُثْمَانَ بِالتَّفْضِيلِ» ، وَقَالَ حَنْبَلٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ: مَنْ قَالَ: عَلِيٌّ، وَعُثْمَانُ، قَالَ: هَؤُلَاءِ أَحْسَنُ حَالًا مِنْ غَيْرِهِمْ، ثُمَّ ذَكَرَ عِدَّةً مِنْ شُيُوخِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَقَالَ: هَؤُلَاءِ أَحْسَنُ حَالًا مِنَ الرَّوَافِضِ ، ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ أُولَئِكَ، يَعْنِي الَّذِينَ قَدَّمُوا عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ، قَدْ خَالَفُوا مَنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. مَنْ قَالَ: عَلِيٌّ ثُمَّ عُثْمَانُ، وَأَنَا أَذْهَبُ إِلَى أَنَّ عُثْمَانَ، ثُمَّ عَلِيٌّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ "


وقال الخلال أيضاً قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا صَالِحٌ، أَنَّ أَبَاهُ قَالَ: «أَهْلٌ أَنْ يُبَدَّعَ، أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِّمُوا عُثْمَانَ»


فتأمل أنه جعل علة التبديع مخالفة اتفاق الصحابة لا اتفاق ما استقر عليه هو وأصحابه لاحقاً واتفاق الصحابة موجود منذ كانوا على وجه الأرض فتعطيل التبديع بهذه المسألة حتى القرن الثالث قول عجاب


وقال الخلال في السنة 563 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: ذَكَرْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَعْضِ الْكُوفِيِّينَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي التَّفْضِيلِ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ، فَعَجِبَ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ، قُلْتُ: إِنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ يَذْهَبُونَ إِلَى هَذَا، فَقَالَ: " لَيْسَ يَقُولُ هَذَا أَحَدٌ إِلَّا مَزْكُومٌ، وَاحْتَجَّ بِمَنْ فَضَّلَ عُثْمَانَ عَلَى عَلِيٍّ فَذَكَرَ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَقَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: 3 «أَمَّرْنَا خَيْرَ مَنْ بَقِيَ، وَلَمْ نَأْلُ» وَذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ، وَقَوْلَ عَائِشَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ فِي قِصَّةِ عُثْمَانَ: «أَنَّهَا فَضَّلْتُهُ عَلَى عَلِيٍّ»


وقال الخلال في السنة 562 - ثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي الْحَارِثِ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ الدَّوْرَقِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْبَيْتُونِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ الْحَارِثِ، رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ: قُلْتُ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ: إِنَّ قَوْمًا يَقُولُونَ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعَلِيٌّ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى مَنْ قَالَ ذَا»


أبو بكر بن عياش من أقران سفيان الثوري ويشنع في هذه المسألة مع أنه كوفي


وقد جمع الخلال بين روايات التبديع والروايات الأخرى بقوله :" 535 - قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ: لَا نَرَى فِي هَذَا الْبَابِ مَعَ تَوَقُّفِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ يَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ: مُبْتَدِعٌ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَرَ بَأْسًا لَوْ قَالَ لَهُ: مُبْتَدِعٌ"


وهذا ما أخفاه الفجرة الذين يقولون بأن هذه المسألة لا تبديع فيها ولا وصف بالتشيع فأحمد نفسه لا يقول هذا ولكنه لا ينكر على من قاله


وقال أبو زرعة الدمشقي في تاريخه  وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ قال: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: كُنْتُ أُفَضِّلُ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا فَقَالَ لِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ رَجُلٌ أَسْرَعَ فِي كَذَا، أَوْ رَجُلٌ أَسْرَعَ فِي الْمَالِ؟ قَالَ: فَرَجَعْتُ، وَقُلْتُ: لا أعود.


فهذا عمر يناصح في هذه المسألة ويستتيب ويقيم الأدلة


وأصل الاشكال عند المعترض أنه في هذا لا يفرق بين الفعل والفاعل فالفعل لا يخلو من أن يكون سنة أو بدعة أو مشكلاً ، فلا يكون القول نفسه سنة في زمن وبدعة في آخر بل هو بدعة في كل زمن  خصوصاً إذا انعقد إجماع الصحابة على شيء غير أن الشأن في القائل نفسه هل ثبت عنده إجماع الصحابة أم لم يثبت ؟ فإن خالفه على جهة التأول أو الغموض مع خفائه عليه احتمل له إن كان على الحال التي نصف ، ولا سبيل إلى معرفة أنه لم يبلغه إلا إذا وردت روايات أنه بلغه ودفعه كما علم عن أبي حنيفة وأما العكس فمعرفته متعذرة لذا يستدل لذلك بأحوال الرجل العامة ولهذا نقول هذا الكلام في هذه المسألة ولا نقوله في مسألة التفضيل بين أبي بكر وعلي فهذه واضحة بينة لم يتأول فيها أحد ممن يعتد به"

وقد قال سفيان الثوري فيمن يفضل علياً على الشيخين أنه أزرى على المهاجرين والأنصار وأخشى ألا يرفع له عمل

وقول المعلمي أن الصحابة لم يشتغلوا باطل فهذا صنيع ابن عمر حين ذكر تفضيل المهاجرين والأنصار لأبي بكر وعمر وعثمان

قال الإمام أحمد في فضائل الصحابة [484]:
قثنا هَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، وَالْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، قَالَا: نا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: ضَرَبَ عَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ هَذَا الْمِنْبَرَ فَقَالَ:
خَطَبَنَا عَلِيٌّ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَذَكَرَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَذْكُرَهُ.

ثُمَّ قَالَ: أَلَا إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ أُنَاسًا يُفَضِّلُونِي عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
وَلَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ فِي ذَلِكَ لَعَاقَبْتُ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْعُقُوبَةَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ.
فَمَنْ قَالَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ مُفْتَرٍ، عَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُفْتَرِي.
إِنَّ خَيْرَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، وَإِنَّا أَحْدَثْنَا بَعْدَهُمْ أَحْدَاثًا يَقْضِي اللَّهُ فِيهَا مَا أَحَبَّ.
ثُمَّ قَالَ: أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْمًا مَا، وَأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْمًا مَا.
أقول: وقد ضعف إسناده محقق فضائل الصحابة بأبي معشر نجيح, وأبو معشر ليس هو نجيح بل هو زياد بن كليب وهو ثقة.


وتواتر عن علي تفضيل أبي بكر وعمر على نفسه

وَقَال أبو الأزهر أحمد بن الأزهر النيسابوري: سمعت عبد الرزاق يقول: أفضل الشيخين بتفضيل علي إياهما على نفسه، ولو لم يفضلهما لم أفضلهما، كفى بي آزرا أن أحب عليا ثم أخالف قوله

ولو تحججنا بالخلاف لإسقاط فضل أبي بكر وعمر على علي فلنتحجج بالخلاف لإسقاط خلافة علي أيضاً !

وقال حرب في مسائله حدثنا أحمد بن سعيد قال: حدثنا الطنافسي قال: ثنا أبي قال: أدركت الناس وإنما يختلفون في علي وعثمان فأما أبو بكر وعمر فليس فيهما اختلاف

وهذا رجل كوفي وهذا إجماع الكوفيين حيث موطن التشيع فالأوائل ما كانوا على غير تفضيل أبي بكر وعمر

ومذهب المعلمي هذا هو مذهب ابن عبد البر

والمعلمي على أنه نكس رايات الكوثري في التنكيل على لطف زائد في العبارة إلا أن رسالته هذه غاية في السوء والشره يدفع بعض المحققين إلى تحقيقها

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي