الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فهذه وقفت على محاضرة مفرغة في 53 صفحة وورد للباحث عبد العزيز بن مرزوق
الطريفي في أسانيد التفسير ، فوجدتها على صغرها مليئة بالأوهام ، وموضوعاها حساس ويجذب
طلبة العلم لذا كان لهذه المحاضرة رواجٌ كبير
وليعلم أن المرء إذا كتب للمبتدئين يبنغي أن تكون عبارته أبعد ما تكون
عن الإجمال والإيهام فضلاً عن الغلط الواضح ، فإن المبتدئين يتلقون ما يلقى إليهم بالقبول
ويجعلونه أصلاً يبنون عليه ، ويحاكمون إليه كل ما يسمعونه بعد ذلك
وكثير ممن يكتب في تأصيل بعض المسائل العلمية ، يقع منه ما لا يسع السكوت
عليه لعموم البلوى بغلطه لأنه إنما خاطب المبتدئين
الموضع الأول : قال الطريفي في ص3 :" ومِن أقل المروياتُ في الأبواب
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم المرويات في باب التفسير، وأكثرها معلولٌ، يقول الإمام
أحمد رحمه الله : " ثلاثةٌ ليس لهَا إِسْنِاد: التفسير والملاحم والمغازي
" .
وقد جاء في رواية عنه : " ثلاثةٌ لا أصل لها ..".
ومرادُه بذلك: أن الضعيف أكثرُ مِن الصحيح، والصحيحُ عنه مقارنة بما جاء
في هذا الباب من المرفوع والموقوف لا يكاد يُذكر، وإنما هو عشرات المواضع فقط"
انتهى كلام الطريفي
قلت : عبارة أحمد ليس هذا لفظها بل هو قال ( ثلاثة كتب ليس لها أصول )
، والتغيير في لفظها أشكل في تفسيرها
قال الخطيب في الجامع لآداب الراوي وأخلاق السامع 1502 - أنا أبو سعد الماليني
، أنا عبد الله بن عدي الحافظ ، قال : سمعت محمد بن سعيد الحراني ، يقول : سمعت عبد
الملك الميموني ، يقول : سمعت أحمد بن حنبل ، يقول :
ثلاثة كتب ليس لها أصول : المغازي
و الملاحم والتفسير
وهذا الكلام محمول على وجه وهو
أن المراد به كتب مخصوصة في هذه المعاني الثلاثة غير معتمد عليها ولا موثوق بصحتها
لسوء أحوال مصنفيها وعدم عدالة ناقليها وزيادات القصاص فيها .
فأما كتب الملاحم فجميعها بهذه
الصفة وليس يصح في ذكر الملاحم المرتقبة والفتن المنتظرة غير أحاديث يسيرة اتصلت أسانيدها
إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من وجوه مرضية وطرق واضحة جلية . انتهى كلام الخطيب
فأحمد إنما قال ( ثلاثة كتب ) وليس ( ثلاثة ) فعنى كتباً معينة كما شرح
الخطيب
الموضع الثاني : قال في ص 17 :" يقول الحافظ ابن حجر في حفص بن سليمان:
"متروك الحديث، وهو إمام في القراءات".
وكذلك نافع بن أبي نُعيم المدني، وعيسى بن ميناء المدني المعروف بقالون،
وهو أحد الرواة عن نافع، روايته ضعيفة" انتهى كلام الطريفي
قلت : نافع بن أبي نعيم الراجح أنه حسن الحديث إذ أن الإمام أحمد وحده
ضعفه والبقية وثقوه
وَقَال عَباس الدُّورِيُّ ، عَنْ يحيى بْن مَعِين: ثقة.
وَقَال النَّسَائي: ليس به بأس.
وذكره ابنُ حِبَّان في كتاب الثقات
وقال ابن عدي :" لم أر فِي أحاديثه شيئا منكرا، وأرجو إنه لا بأس
بِهِ"
وَقَال أَبُو حاتم: صدوق صالح الحديث. (الجرح والتعديل: 8 / الترجمة
2089) . وَقَال ابن حجر في " التهذيب": قال ابن سعد: كان ثبتا وَقَال الساجي:
صدوق اختلف فيه أحمد ويحيى فقال أحمد: منكر الحديث، وَقَال يحيى: ثقة.
فهذا ما ينبغي أن يذكر مع حفص بن سليمان المتروك في سياقة واحدة
وكذلك عيسى بن ميناء ذكره ابن البرقي في كتاب تمييز ثقات المحدثين ووثقه
وذكره ابن حبان في ثقاته
وإنما ضعفه الذهبي بكلمة أحمد
بن صالح المصري :" تكتبون عن كل أحد " لما ذكروه له ، وأخشى أن تكون هذه
الكلمة عن أحمد بن صالح لا تثبت فقد روى عنه أحمد ابن رشدين الكثير من الأقوال في الجرح
والتعديل وأحمد هذا متروك ، وقد فصل الكلام على روايته عن أحمد أخي عبد الله بن سليمان
التميمي في مقال مستقل
الموضع الثالث : قال في ص 19 :" فالسُّديُّ أو الكلبيُّ واهي الحديث
جدًا، إلا أنه من أئمة التفسير"
إسماعيل بن عبد الرحمن السدي ليس ضعيفاً جداً في الحديث ، ولا يسوغ ذكره
مع الكلبي المتفق على تكذيبه
فالسدي عدله القطان وابن مهدي وأحمد ابن حنبل ، وإنما تكلم فيه ابن معين
ولم يضعفه جداً ، وعدله النسائي وضعفه أبو حاتم وأبو زرعة تضعيفاً ليس بشديد ، ووثقه
العجلي وابن حبان واحتج به مسلم
وأما من كذبه فلا يمكن أن يخفى على كل هؤلاء أئمة تكذيبه ويظهر للجوزجاني
وحده ، وقد يحمل على الكذب في الرأي فجزمه أن السدي ضعيف الحديث جداً فيه نظر شديد
وأما محمد بن مروان السدي فلا يقال عنه أنه إمام في التفسير
وأما محمد بن مروان السدي فلا يقال عنه أنه إمام في التفسير
الموضع الرابع : قال الطريفي في ص20 :" فمجاهد بن جبر مروياته بالآلاف
في التفسير، ولديه من الأقوال ما هو شاذ، ولديه من الأقوال ما لم يُوَافَق عليه، ومع
ذلك فقوله هو المعتمد، وقد أخرج ابن جرير الطبري عن أبي بكر الحنفي قال : سمعت سفيان
الثوري يقول : اذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبُك" أي تمسَّك به ويكفيك، وقال قتادة:
"أعلَمُ من بقي بالتفسير مجاهد". لذلك اعتمد العلماء على تفسيره، كالشافعي
والبخاري وغيرهم كثير، ولم يردَّه أحدٌ من أهل العلم، لا متقدم ولا متأخر، وقد أخذ
عنه جمع غفير من أصحابه: عكرمة مولى ابن عباس، والفُضيل بن عمرو، وقتادة بن دعامة السَّدوسي،
وعطاء ابن أبي رباح، وعمرو بن دينار، ومحمد بن مسلم، وعمرو بن عبد الله بن عبيد، وأيوب
بن كيسان، وفِطْرُ بن خليفة، وعبد الله بن عوْن البصري، وغيرهم"
أقول : هذا موطن فيه بعض نظر
فقتادة لم يسمع مجاهداً مع ثنائه عليه قال العلائي في جامع التحصيل
:" قال البرديجي سمع قتادة من سعيد بن المسيب ولا يصح له سماع من أبي سلمة بن
عبد الرحمن ويحدث عن سعيد بن جبير ويدخل بينه وبين سعيد عروة قال ولم يسمع من الشعبي
يحدث عن عروة عن الشعبي ولا من عروة بن الزبير وقد روى عنه حديثين ولم يسمع من مجاهد
وقد روى عنه وربما أدخل بينه وبين مجاهد قتادة أبا الخليل"
وعكرمة قرين مجاهد فلا يذكر في أصحابه ولو أخذ منه على سبيل أخذ الأقران
بعضهم عن بعض
وعمرو بن عبد الله بن عبيد هو أبو إسحاق السبيعي فلو ذكره باسمه المعروف
عند أهل الحديث لكان أولى ، وكذلك أيوب بن كيسان هو أيوب بن أبي تميمة السختياني فلو
ذكره باسمه المعروف عند أهل الحديث لكان أولى
الموضع الخامس : قال الطريفي في ص22 :" وأكثر تفسيره _ يعني ابن عباس
_ احتجاج بلغة العرب، وأقوال الفصحاء من الشعراء وغيرهم، بخلاف ابن مسعود؛ فهو يعتني
بالقراءات وأسباب النزول" .
أقول : هذه محض دعوى ، وأزعم أنها ليست صحيحة فهذا إن وجد في تفسير ابن
عباس فليس هو ( أكثر تفسيره )
الموضع السادس : قال الطريفي في ص 23 :" ومجاهد بن جبر قد عرض التفسير
على عبد الله بن عباس عرضًا واسعًا، وكرَّره عليه مرارًا،يقول الفضل بن ميمون: قال
لي مجاهد بن جبر: " عرضت التفسير على عبد الله بن عباس ثلاثين مرة أُوقفه عند
كل آية "، ولذلك قد استفرغ علمه تفسير القرآن، وكان علمُه جُلُّه فيه"
إنما هي ثلاث مرات فقط وليست ثلاثين مرة
قال ابن أبي شيبة في المصنف 30918- حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، قَالَ
: حدَّثَنَا محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح ، عَن مُجَاهِدٍ ، قَالَ : عَرَضْت الْقُرْآنَ
عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ فَاتِحَتِهِ إِلَى خَاتِمَتِهِ ثَلاثَ عَرْضَاتٍ أَقفهُ
عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ.
30917- حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، عَن شِبْلٍ ، عَنِ ابْنِ
أَبِي نَجِيحٍ ، عَن مُجَاهِدٍ ، قَالَ : عَرَضْت الْقُرْآنَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ
ثَلاثَ عَرْضَاتٍ.
وأما رواية الفضل بن ميمون ففي الجرح والتعديل (8/ 319) : حَدثنا أَبي،
حَدثنا الأَنصاري، حدثني الفضل بن ميمون أَبو الليث، قال: سَمِعتُ مجاهدا يقول: عرضت
القرآن عَلى ابن عباس ثلاثين مرة.
والفضل بن ميمون منكر الحديث ، ثم إنه لم يقل ( أوقفه عند كل آية ) ، فلو
صحت يكون المعنى أنه عرض ثلاثين عرضة ، في ثلاثة منها فقط كان يوقفه عند كل آية
الموضع السابع : قال الطريفي في 27 :" رواية سعيد بن جبير: وكان مكِّيِّاً
مقدَّماً، فهذا علي بن المديني يقدمه على سائر أصحاب عبد الله بن عباس، وهو أكثر الرواة
عنه رواية، وأكثرُ التابعين من المكيين عناية بالإسرائيليات، وجل ما جاء عن ابن عباس
من الإسرائيليات من طريقه، وقد أكثر من حكاية الغيبيات من أخبار السابقين والقيامة
عن عبد الله بن عباس."
الجزم بأن تلك الأخبار الغيبية إسرائيليات يحتاج إلى دليل ، وليس كل خبر
غيبي تكلم فيه صحابي قلتم هذا (إسرائيلية ) لاحتمال أن يكون مما أخذه عن غيره من الصحابة
أو عن النبي صلى الله عليه وسلم
ثم إننا مأمورون بعدم تصديق بني إسرائيل أو تكذيبهم ، فكيف يروي الصحابي
ما لا يجوز تصديقه جازماً به
قال شيخ الإسلام في مقدمة التفسير :" ولأن نقل الصحابة عن أهل الكتاب
أقل من نقل التابعين، ومع جزم الصاحب فيما يقوله، فكيف يقال : إنه أخذه عن أهل الكتاب
وقد نهوا عن تصديقهم "
ثم كيف ينسب للصحابي أنه تكلم في الله وملائكته ورسله بما لا يجوز اعتقاده
ثم يبث ذلك بين الناس دون أدنى تنبيه ، هذا في الحقيقة نسبةٌ للصحابة أنهم ضللوا الأمة
قال القاضي أبو يعلى في إبطال التأويلات (1/222) :" فإن قيل: فقد
قيل إن عبدالله بن عمرو وسقين يوم اليرموك، وكان فيها من كتب الأوائل مثل دانيال وغيره،
فكانوا يقولون له إذا حدثهم: حَدَّثَنَا ما سمعت من رسول الله،صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، ولا تحدثنا من وسقيك يوم اليرموك،فيحتمل أن يكون هَذَا القول من جملة تِلْكَ
الكتب فلا يجب قبوله، وكذلك كان وهب بن منبه يَقُول: إنما ضل من ضل بالتأويل، ويرون
فِي كتب دانيال أنهلما علا إلى السماء السابعة فانتهوا إلى العرش رأى شخصا ذا وفرة
فتأول أهل التشبيه عَلَى أن ذَلِكَ ربهم وإنما ذَلِكَ إبراهيم قيل: هَذَا غلط لوجوه:
أحدهما أنه لا يجوز أن يظن به ذَلِكَ لأن فيه إلباس فِي شرعنا، وهو أنه يروي لهم ما
يظنوه شرعا لنا، ويكون شرعا لغيرنا، ويجب أن ننزه الصحابة عن ذَلِكَ"
وما ذكره القاضي أبو يعلى هو المتعين ، ثم إن ابن عباس له خصوصية فقد ذكر
أنه لم يأخذ عن كعب الأحبار إلا أربع آيات ، ومفهوم ذلك أن بقية القرآن أخذه عن عمر
بن الخطاب وزيد بن ثابت وابن مسعود وغيرهم
قال عبد الرزاق في تفسيره 2596 - عَنْ إِسْرَائِيلُ , عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ
, عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ: أَرْبَعُ آيَاتٍ فِي
كِتَابِ اللَّهِ لَمْ أَدْرِ مَا هُنَّ حَتَّى سَأَلْتُ عَنْهُنَّ كَعْبَ الْأَحْبَارِ:
قَوْمُ تُبَّعٍ فِي الْقُرْآنِ وَلَمْ يُذْكَرْ تُبَّعٌ , قَالَ: إِنَّ تُبَّعًا كَانَ
مَلِكًا وَكَانَ قَوْمُهُ كُهَّانًا , وَكَانَ فِي قَوْمِهِ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
فَكَانَ الْكُهَّانُ يَبْغُونَ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ , وَيَقْتُلُونَ تَابِعَتَهُمْ
, فَقَالَ أَصْحَابُ الْكِتَابِ لِتُبَّعٍ: إِنَّهُمْ يَكْذِبُونَ عَلَيْنَا , قَالَ:
فَإِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَقَرِّبُوا قُرْبَانًا فَأَيُّكُمْ كَانَ أَفْضَلَ أَكَلَتِ
النَّارُ قُرْبَانَهُ , قَالَ: فَقَرَّبَ أَهْلُ الْكِتَابِ وَالْكُهَّانُ , فَنَزَلَتْ
نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَأَكَلَتْ قُرْبَانَ أَهْلِ الْكِتَابِ , قَالَ: فَتَبِعَهُمْ
تُبَّعٌ فَأَسْلَمَ , فَلِهَذَا ذَكَرَ اللَّهُ قَوْمَهُ فِي الْقُرْآنِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ
, وَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ
أَنَابَ} قَالَ: «شَيْطَانٌ أَخَذَ خَاتَمَ سُلَيْمَانَ الَّذِي فِيهِ مُلْكُهُ فَقَذَفَ
بِهِ فِي الْبَحْرِ فَوَقَعَ فِي بَطْنِ سَمَكَةٍ , فَانْطَلَقَ سُلَيْمَانُ يَطُوفُ
إِذْ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ بِتِلْكَ السَّمَكَةِ , فَاشْتَرَاهَا فَأَكَلَهَا , فَإِذَا
فِيهَا خَاتَمُهُ فَرَجَعَ إِلَيْهِ مُلْكُهُ »
أقول : ظاهر هذا أن ابن عباس لم يتعلم من كعب إلا هذه الأمور الأربعة ،
وأما بقية الآيات فكان عنده علمٌ من قبل كعب الأحبار فتنبه لهذا فإنه مهم ، ولم يذكر
الآيتين الباقتين
وقد جاءت في خبر عكرمة
قال ابن أبي شيبة في المصنف 35253- حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ،
عَنْ زَائِدَةَ ، عَنْ مَيْسَرَةَ الأَشْجَعِيِّ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
، قَالَ : سَأَلْتُ كَعْبًا : مَا سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى ؟ فَقَالَ : سِدْرَةٌ يَنْتَهِي
إِلَيْهَا عِلْمُ الْمَلاَئِكَةِ ، وَعِنْدَهَا يَجِدُونَ أَمْرَ اللهِ لاَ يُجَاوِزُهَا
عِلْمُهُمْ ، وَسَأَلْتُهُ عَنْ جَنَّةِ الْمَأْوَى ؟ فَقَالَ : جَنَّةٌ فِيهَا طَيْرٌ
خُضْرٌ ، تَرْتَقِي فِيهَا أَرْوَاحُ الشُّهَدَاءِ.
وقال أيضاً 32544- حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ، عَنْ زَائِدَةَ
، عَنْ مَيْسَرَةَ الأَشْجَعِيِّ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ
: سَأَلْتُ كَعْبًا عَنْ رَفْعِ إدْرِيسَ مَكَانًا عَلِيًّا ؟ وذكر خبراً .
وهذه نقطة يغفل عنها كثيرٌ ممن يبحث في هذه المسألة ، تراه يجزم بأن هذا
الخبر إسرائيلية دون أدنى دليل على ذلك ، ثم ينزل عليها كلام أهل العلم في الإسرائيليات
، ويقال له اثبت العرش ثم انقش
أثبت أن هذه إسرائيلية ثم تكلم
وليعلم أنني لم أجد أحداً في القرون الثلاثة الأولى بل الأربعة الأولى
يرد أثراً عن أحد من الصحابة بحجة أنه إسرائيلية بل بالعكس كثيرُ مما يزعم المتأخرون
أنه إسرائيلية يذكره المتقدمون مقرين له آخذين به
الموضع الثامن : قال الطريفي في ص31 :" قال أبو حاتم: " علي
ابن أبي طلحة عن ابن عباس مرسلٌ؛ سمعه من مجاهد، والقاسم بن محمد، وراشد بن سعد، ومحمد
بن زيد "
أقول : سبحان الله ظاهر هذا النقل أن ابن أبي طلحة سمع التفسير عن ابن
عباس مجاهد والقاسم وراشد ومحمد بن زيد
غير أن النقل الذي نقله محرف والله المستعان
قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل :" 1031- عَلي بن أَبي طلحة أَبو
الحسن، واسم أَبي طلحة سالم، مولى آل عباس بن عَبد المطلب.
قدم على أبي العباس أمير المؤمنين، كان بالشام.
رَوَى عَن ابن عباس، مرسل.
ورَوَى عَن: القاسم بن محمد، ومجاهد، وراشد بن سعد، ومُحمد بن زيد"
فهذا النقل الصواب ولا يفيد أن علي بن أبي طلحة سمع تفسير ابن عباس من
مجاهد
الموضع التاسع : قال الطريفي في ص34 :" والعلماء يروون عن المبتدعة
إذا كانوا من أهل الثقة والديانة والضبط؛ لأن البدعة لا تجعل الإنسان يكذب في الحديث
إذا كان ثقةً، فإن كذب فليس بثقةٍ، فإذا عُرِفَ أنه من الثقات، وممن يُؤخذ منهم الحديث،
فإنه يُقبل، وقد يوجد من أهل البدع من هو أضبط في الرواية والتحرِّي والصدق من أهل
السنة والجماعة، كالخوارج؛ فالخوارج يَروْن أن من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم
كفر. ومن يعتقد أن من كذب على النبي ? يكفر هو أقرب للاحتياط ممن لا يرى أن الراوي
يَكْفُر بذلك ! "
أقول : نسبة هذا لكل العلماء غلط فإن عامة العلماء لا يروون عن المبتدع
الداعية
فقال الخطيب في الكفاية(1/160) أخبرنا أبو بكر احمد بن عمر بن أحمد الدلال
قال ثنا جعفر بن محمد بن نصير الخلدي املاء قال ثنا عبد الله بن الصقر السكري قال ثنا
إبراهيم بن المنذر قال ثنا معن ومحمد بن صدقة أحدهما أو كلاهما قال سمعت مالك بن أنس
يقول :"لا يؤخذ العلم من أربعة ويؤخذ ممن سوى ذلك لا يؤخذ من رجل صاحب هوى يدعو
الناس الى هواه ولا من سفيه معلن بالسفه وإن كان من أروى الناس ولا من رجل يكذب في
أحاديث الناس وان كنت لا تتهمه ان يكذب على رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا من رجل
له فضل وصلاح وعبادة لا يعرف ما يحدث "
قلت : تأمل نهي الإمام مالك عن الكتابة عن المبتدع الداعية مطلقاً سواءً
كان ثقةً أو غير ثقة سواءً كان فقيهاً أو غير فقيه
قال ابن حجر في هدي الساري ص358 :" مال أبو الفتح القشيري إلى تفصيل
آخر فيه فقال إن وافقه غيره فلا يلتفت إليه هو اخماد لبدعته واطفاء لناره وأن لم يوافقه
أحد ولم يوجد ذلك الحديث الا عنده مع ما وصفنا من صدقه وتحرزه عن الكذب واشتهاره بالدين
وعدم تعلق ذلك الحديث ببدعته فينبغي أن تقدم مصلحة تحصيل ذلك الحديث ونشر تلك السنة
على مصلحة اهانته وإطفاء بدعته والله أعلم "
قلت : هذا تفصيل جيد
قال ابن حبان في الثقات :" شداد بن حكيم البلخي أبو عثمان يروى عن
زفر بن الهذيل روى عنه البلخيون وكان مرجئا مستقيم الحديث إذا روى عن الثقات غير أنى
أحب مجانبة حديثه لتعصبه في الارجاء وبغضه من انتحل السنن أو طلبها "
قلت : انظر كيف مال ابن حبان إلى ترك الرواية عنه مع استقامة حديثه حرصاً
على إخماد ذكره لما كان يكن لأهل الحديث من عداوةٍ وبغض ، والسنن التي يبغضها هذا المرجيء
هي المتعلقة بمخالفة مذهبه كما هو شأن في عامة أهل البدع
فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول :" الأرواح جنودٌ مجندة ما تعارف
منها ائتلف وما تناكر منها اختلف "
وجاء في ترجمة شبابة بن سوار من تهذيب التهذيب :" قال أحمد بن حنبل
تركته لم اكتب عنه للإرجاء قيل له يا أبا عبد الله وأبو معاوية قال شبابة كان داعية
"
قلت : شبابة هذا ثقة راوية أحاديث شعبة وقد تركه الإمام أحمد إخماداً لذكره
وجاء في ترجمة الحسن بن صالح بن حي في الضعفاء الكبير و تهذيب التهذيب
:" أن زائدة بن قدامة كان يستتيب من يذهب للحسن بن صالح "
قلت : والحسن بن صالح بن حي كان ثقةً ثبتاً فقيهاً يقارن بسفيان في الفقه
والورع ، ولكنه كان يرى السيف وليس في مبتدعة عصرنا من يحتاج إليه مثل هذا الرجل
قال العقيلي في ترجمة حماد بن أبي سليمان من الضعفاء الكبير (1/303)
:" حدثنا محمد بن مسلم بن وارة قال سمعت عبيد الله بن موسى يقول سمعت سفيان يقول
ما كنا نأتي حمادإلا خفية من أصحابنا وقال شريك ترونى لم أدرك حمادا كنت أختلف إلى
الضحاك أربعة أشهر وكنت أدعه خوفا من أصحابنا وقال إسرائيل لم يكن يمنعني منه إلا فرقا
من أبى إسحاق "
قلت : فانظر كيف أنهم لم يكتفوا بالتحذير من حماد بن أبي سليمان بل شنعوا
على من يأتي عنده حتى استخفى بعض من كان يأتيه
وقال العقيلي (4/444) :" حدثنا عبد الله بن أحمد قال سألت أبي عن
أسد بن عمرو وأبو يوسف فقال أصحاب أبي حنيفة لا ينبغي أن يروى عنهم "
قلت : فهذا ترك الرواية عنهم مع كونهم صدوقين
وقال شيخ الإسلام كما في الفتاوى (28/205) :" وهذا حقيقة قول من قال
من السلف والأئمة ان الدعاة الى البدع لا تقبل شهادتهم ولا يصلى خلفهم ولا يؤخذ عنهم
العلم ولا يناكحون فهذه عقوبة لهم حتى ينتهوا ولهذا يفرقون بين الداعية وغير الداعية
لأن الداعية اظهر المنكرات فاستحق العقوبة بخلاف الكاتم "
قلت : هؤلاء الدعاة قد يكونون فقهاء ومحدثين ويردون على أهل الكفر وأهل
البدع _ غيرهم _ ، ومع ذلك جاء نهي فقهاء السلف عن مجالستهم وأخذ العلم عنهم
وقال أيضاً (10/376) :" وعلى هذا فما امر به آخر اهل السنة من ان
داعية اهل البدع يهجر فلا يستشهد ولا يروى عنه ولا يستفتى ولا يصلى خلفه قد يكون من
هذا الباب فان هجرة تعزير له وعقوبة له جزاء لمنع الناس من ذلك الذنب الذي هو بدعة
او غيرها وانكان فى نفس الامر تائبا او معذورا "
الموضع العاشر : قال الطريفي في ص34 :" والغلوُّ في البدع لم يوجد
في عصر التابعين، فالتابعون الرواة لا يوجد فيهم سَبَئية ولا رافضة، وإنما هو تشيع
يسير بتقديم علي بن أبي طالب على عثمان بن عفان رضي الله عنهما، وهذا غاية ما يوصفون
به من التشيع "
هذا فيه نظر ، فإن فيه حصر التشيع في زمن التابعين في تقديم علي على عثمان
، وليس الأمر كذلك
فهذا مالك بن الحارث الأشتر له رواية وهو رجل سوء كان ممن ألب على عثمان
هذا السدي نقل عنه أنه كان يشتم أبا بكر وعمر
وكذا كميل بن زياد وصفوه بالرفض وهو تابعي
ومحمد بن السائب كان يقول أنا سبئي
والأعمش قال نهونا عن السبئية ولا شك أن ذلك في زمن التابعين
ومحمد بن السائب كان يقول أنا سبئي
والأعمش قال نهونا عن السبئية ولا شك أن ذلك في زمن التابعين
قال الخلال في السنة 778- أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكَحَّالُ
, أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : الرَّافِضِيُّ الَّذِي يَشْتِمُ.
وقال الخلال في السنة 781- أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى , قَالَ
: حَدَّثَنَا أَبُو طَالِبٍ , أَنَّهُ قَالَ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ : الرَّجُلُ يَشْتِمُ
عُثْمَانَ ؟ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ رَجُلاً تَكَلَّمَ فِيهِ , فَقَالَ : هَذِهِ زَنْدَقَةٌ.
782- أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , قَالَ
: سَأَلْتُ أَبِي عَنٍ رَجُلٍ شَتَمَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : مَا أُرَاهُ عَلَى الإِسْلاَمِ.
فكل من شتم عند العامة من السلف هو الرافضي ، غير أنني لا أعرف أحداً من
الرواة الثقات كفر الشيخين فضلاً عن تكفير عامة الصحابة ، أو قذف أمهات المؤمنين ،
أنبه على هذا لئلا يظنن أحد أن الروافض الذين تجوز البعض في الرواية عنهم كالروافض
اليوم
الموضع الحادي عشر : قال الطريفي في ص37 :" والسُّدي أكثر التابعين
بإطلاق حكاية للإسرائيليات، بل فاق الإخباريين عن بني إسرائيل؛ ككعب الأحبار ووهب بن
منبه وأمثالهم.
وله اجتهاداتٌ ونظرٌ، وهو غير حجة فيما ينفرد فيه من دعاوى النسخ، فهو
جسر في هذا الباب جداً"
أما دعوى أنه أكثر التابعين إسرائيليات فهذه مجازفة وقحة ، مبنية على ما
انقدح في أذهان بعض المتأخرين من اعتبار كل غيبي إسرائيلي إذا لم يرفع إلى النبي صلى
الله عليه وسلم
وأما دعوى أنه يكثر دعوى النسخ ، فهذا متفرعٌ عن محاكمة المتقدمين إلى
مصطلحات المتأخرين
فالنسخ عند المتقدمين ، يشمل العام والخاص والمطلق والمقيد والنسخ المعروف
عند المتأخرين
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (13/ 273) :" وَالْمَنْسُوخُ
يَدْخُلُ فِيهِ فِي اصْطِلَاحِ السَّلَفِ - الْعَامِّ - كُلُّ ظَاهِرٍ تُرِكَ ظَاهِرُهُ
لِمُعَارِضِ رَاجِحٍ كَتَخْصِيصِ الْعَامِّ وَتَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ فَإِنَّ هَذَا
مُتَشَابِهٌ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْمُجْمَلُ فَإِنَّهُ
مُتَشَابِهٌ وَإِحْكَامُهُ رَفْعُ مَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ مِنْ الْمَعْنَى الَّذِي لَيْسَ
بِمُرَادِ وَكَذَلِكَ مَا رُفِعَ حُكْمُهُ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ جَمِيعِهِ نَسْخًا لِمَا
يُلْقِيهِ الشَّيْطَانُ فِي مَعَانِي الْقُرْآنِ ؛ وَلِهَذَا كَانُوا يَقُولُونَ :
هَلْ عَرَفْت النَّاسِخَ مِنْ الْمَنْسُوخِ ؟ فَإِذَا عُرِفَ النَّاسِخُ عُرِفَ الْمُحْكَمُ
. وَعَلَى هَذَا فَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ : الْمُحْكَمُ وَالْمَنْسُوخُ كَمَا يُقَالُ
الْمُحْكَمُ وَالْمُتَشَابِهُ "
إذا فهمت هذا علمت أنه لا توسع عنده ، وإنما لم يفهموا اصطلاحه فاتهموه
بالتوسع
الموضع الثاني عشر : قال الطريفي في ص 40 وهو يتكلم عن ابن مسعود
:" ومن أقلِّ الصحابة نقلاً عن أهل الكتاب الإسرائيليات"
بل لا يصح أنه أخذ عن بني إسرائيل أصلاً ، فإن مصدر الصحابة في هذا الباب
كان كعب الأحبار وابن مسعود لم يأخذ عنه شيئاً ، وابن مسعود من كبار قراء الصحابة لا
حاجة به إلى الاسرائيليات ، بل هو في هذا الباب كالراشدين ، وقد نص ابن تيمية على عدم أخذه عن بني إسرائيل في الفتاوى عند كلامه على بعض أخباره في وصف الجنة
الموضع الثالث عشر : قال الطريفي في ص 40 :" ومن يعتني بفقهه من أصحاب
ابن مسعود، كعلقمة والأسود وأبي الأحوص والشعبي"
عامر بن شراحيل الشعبي لم يسمع ابن مسعود فليس هو من أصحابه
قال العلائي في جامع التحصيل :" قال أبو حاتم وقال أيضا لم يسمع الشعبي
من عبد الله بن مسعود"
وهو يروي بواسطة مسروق بن الأجدع عادةً ، بل ربما أدخل بينه وبين ابن مسعود
الحارث الأعور
الموضع الرابع عشر : قال الطريفي في ص 43 وهو يتكلم عن مجاهد :" وأُخذ
عليه النقل عن بني إسرائيل ما يُستنكَر، كما في قصة يوسف مَعَ امرأة العزيز، قال: حلَّ
السروايل حتى إليتيه واستلقت له"
هذا إنما يستنكره بعض المتأخرين وإلا فقد صح عن ابن عباس وبقية أصحابه
فمن كان منكراً له فلينكره على ابن عباس لا على مجاهد
قال الأخ أبو حمزة مأمون الشامي _ حفظه الله _ :" روى ابن جرير الطبري
آثاراً عن ابن عباس وغيره من السلف أن هم يوسف بلغ أن حل ثيابه وجلس منامرأة العزيز
مجلس الخاتن ولم يرو في تفسير (الهم) غير ذلك المعنى ثم قال:
فإن قال قائل: وكيف يجوز أن يوصف يوسف بمثل هذا، وهو لله نبيّ؟
قيل: إن أهل العلم اختلفوا في ذلك.
فقال بعضهم: كان من ابتلي من الأنبياء بخطيئة، فإنما ابتلاه الله بها،ليكون
من الله عز وجلّ على وَجَلٍ إذا ذكرها، فيجد في طاعته إشفاقًا منها،ولا يتّكل على سعة
عفو الله ورحمته.
* * *
وقال آخرون: بل ابتلاهم الله بذلك، ليعرّفهم موضع نعمته عليهم، بصفحه عنهم،
وتركه عقوبتَه عليه في الآخرة.
* * *
وقال آخرون: بل ابتلاهم بذلك ليجعلهم أئمة لأهل الذنوب في رَجاء رحمة الله،
وترك الإياس من عفوه عنهم إذا تابوا.
* * *
وأما آخرون ممن خالف أقوال السلف وتأوَّلوا القرآن بآرائهم، فإنهم قالوا
في ذلك أقوالا مختلفة.
فقال بعضهم: معناه: ولقد همت المرأة بيوسف، وهمَّ بها يوسف أن يضربها أو
ينالها بمكروه لهمِّها به مما أرادته من المكروه، لولا أنّ يوسف رأى برهانربه، وكفَّه
ذلك عما همّ به من أذاها لا أنها ارتدعت من قِبَل نفسها. قالوا: والشاهد على صحة ذلك
قوله: (كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء) قالوا: فالسوء هُو ما كان همَّ به من أذاها،
وهو غير"الفحشاء".
* * *
وقال آخرون منهم: معنى الكلام: ولقد همت به، فتناهى الخبرُ عنها. ثم ابتدئالخبر
عن يوسف، فقيل:"وهم بها يوسف لولا أن رأى برهان ربه". كأنهم وجَّهوامعنى
الكلام إلى أنَّ يوسف لم يهمّ بها، وأن الله إنما أخبر أنَّ يوسف لولارؤيته برهان ربه
لهمَّ بها، ولكنه رأى برهان ربه فلم يهمَّ بها، كما قيل: (وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ
عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلا) ، [النساء: 83]
.
قال أبو جعفر: ويفسد هذين القولين: أن العرب لا تقدم جواب"لولا"
قبلها، لا تقول:"لقد قمت لولا زيد"، وهي تريد": لولا زيد لقد قمت"،هذا
مع خلافهما جميع أهل العلم بتأويل القرآن، الذين عنهم يؤخذ تأويله.
* * *
وقال آخرون منهم: بل قد همَّت المرأة بيوسف، وهم يوسف بالمرأة، غير أنهمَّهما
كان تميِيلا منهما بين الفعل والترك، لا عزمًا ولا إرادة. قالوا: ولا حرج في حديث النفس،
ولا في ذكر القلب، إذا لم يكن معهما عزْمٌ ولافعلٌ.
* * *
انتهى المراد نقله.
وكلامه رحمه الله نفيس يستحق وقفة وخصوصاً ما لونته بالأحمر وفيه أنه اعتبربما
أورده الصحابي جازماً به ولم يلتفت إلى ما التفت إليه من وصفهم بأنهم خالفوا أقوال
السلف وتأوَّلوا القرآن بآرائهم، من أن ذلك منكر ينزه عنه الأنبياء ولا بد أن يكون
ابن عباس أخذه عن أهل الكتاب ونحو ذلك"
انتهى كلام الأخ أبي حمزة
وقال ابن قتيبة في مشكل القرآن :" و كتأولهم في قوله سبحانه: وَ لَقَدْ
هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها أنها همّت بالمعصية، و همّ بالفرار منها! و قال (بعضهم):
و همّ بضربها! و اللّه تعالى يقول: لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ . أ فتراه أراد
الفرار منها. أو الضرب لها، فلما رأى البرهان أقام
عندها و أمسك عن ضربها؟! هذا ما ليس به خفاء و لا يغلط متأوّله. و لكنها
همّت منه بالمعصية همّ نيّة و اعتقاد، و همّ نبي اللّه صلّى اللّه عليه و سلم، همّا
عارضا بعد طول المراودة، و عند حدوث الشهوة التي أتي أكثر الأنبياء في هفواتهم منها.
و قد روي في الحديث: أنه ليس من نبي إلا و قد أخطأ أو همّ بخطيئة غير يحيى
بن زكريا، عليهما السلام
، لأنّه كان حصورا لا يأتي النساء و لا يريدهنّ"
الموضع الخامس عشر : قال الطريفي في ص 48:" وهو من كبار مفسري التابعين،
وجُل تفسيره من طريق جُويبر بن سعيد عنه، وجويبر ضعيف جداً، لكن روايته من كتاب، وحديث
الضحاك عن ابن عباس مرسل، أخذه من سعيد بن جبير، وتفسير الضحاك - ما لم يخالف - مقبول
حسن .
ويروي عبيدالله بن سليمان عن الضحاك التفسير أيضاً، وهو ضعيف أيضاً"
هو عبيد بن سليمان وليس عبيد الله ، ولا أعلم أحداً ضعفه بل قال فيه أبو
حاتم :" لا بأس به " إلا ما يفهم من تفضيل يحيى بن معين لجويبر عليه ، وقد
يريد أنه أفضل منه في خصوص الضحاك
وقد فات الطريفي رواية أبي روق عن الضحاك وهي قوية ثابتة
الموضع السادس عشر : قال الطريفي في ص50 :" والاسرائيليات عند المكيين
أكثر من غيرهم.
وهي في التفسير كثيرة، وقد عُرف عن بعض الصحابة من له عناية برواية الإسرائيليات،
كعبد الله بن عباس، وأُبَي بن كعب أخذوها عن أهل الكتاب"
هذا تخليط وخبط عشواء ودعوى فارغة ، وأبي بن كعب لا يعرف عنه الأخذ عن
بني إسرائيل وهو من كبار قراء الصحابة بل هو أقرأهم
وقوله أن المكيين أكثر إسرائيليات من غيرهم كلام ليس بصحيح ، فكعب الأحبار
شامي ، ووهب بن منبه صنعاني
الموضع السابع عشر : قال الطريفي في ص 50 :" فمن اشتهر عنه القرب
من أهل الكتاب ثم دخل الإسلام - وهم عبد الله بن سلام وكعب الأحبار ووهب بن منبِّه
- هؤلاء كانوا يهوداً ثم أسلموا؛ فاعتنوا بحكاية ما لديهم من علم من أهل الكتاب مما
يوافق كلام الله سبحانه وتعالى، ونقل عنهم الكثير من الأئمة من الصحابة والتابعين،
وممن جاء بعدهم، فهؤلاء أجودُ سياقاً وضبطاً لمعرفتهم بدينهم وعقيدتهم "
وهب بن منبه لم يكن يهودياً أصلاً ، وما ذكره الرزكلي في هذا لا أصل له
الموضع السابع عشر : قال الطريفي في ص50 :" ومن أكثر التابعين روايةً
للإسرائيليات: السُّدي، ومحمد بن كعب القرظي، وسعيد بن جبير وأبو العالية رفيع بن مهران؛
فإنهم من المكثرين في الرواية عن أهل الكتاب، ويوجد شيئٌ يسير عند مجاهد بن جبر كما
قال أبو بكر بن عياش:" قلت للأعمش: قال ما هذه المخالفة في تفسير مجاهد بن جبر؟
فقال: إنه يأخذ شيئاً من أهل الكتاب ".
الرواية المذكورة عن مجاهد وأنه يأخذ عن بني إسرائيل لا أصل لها بهذا اللفظ ، وإنما
ذكرها الذهبي في الميزان معلقةً
ثم وجدت له ذكراً في طبقات ابن سعد من طريق أبي بكر بن عياش عن الأعمش وفيها نظر من جهة المعنى
وقوله في سعيد غريب فعامة مروياته تشبه روايات ابن عباس وعكرمة فتخصيصه بالذكر عجيب
ثم وجدت له ذكراً في طبقات ابن سعد من طريق أبي بكر بن عياش عن الأعمش وفيها نظر من جهة المعنى
وقوله في سعيد غريب فعامة مروياته تشبه روايات ابن عباس وعكرمة فتخصيصه بالذكر عجيب
الموضع السابع عشر : قال الطريفي في ص52 :" مع ذلك، فلا ينبغي التساهلُ
في الإسرائيليات والحكايات، منها؛ فعمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لأُبي بن كعب وقد
كان يحدث عنهم: " لتتركن الأحاديث أو لألحقنك بأرض القردة "؛ ومقصد عمر عدمُ
التوسُّع لا مطلق الحكاية، وإلا فعمرُ ممن يسأل عن أخبار بني إسرائيل، فقد سأل أبيّاً،
فقال: ما أول شيءٍ ابتدأه مِنْ خلقه ؟"
إنما كانت هذه القصة مع كعب الأحبار وليس أبي بن كعب هداك الله ، ومن عليك
بالتؤدة والسكينة ، وهذه الرواية لا تصح كما شرحته في مقال ( كعب الأحبار المفترى عليه
)
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم