مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: بيان نكارة قصة رحلة بقي بن مخلد إلى الإمام أحمد

بيان نكارة قصة رحلة بقي بن مخلد إلى الإمام أحمد



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
                            

فمن القصص المشهورة بين طلبة العلم قصة رحلة بقي بن مخلد إلى الإمام احمد ، وأنه جاءه بعد المحنة وكان يأتي إلى بيت بهيئة سائل ، ويحدثه أحمد

وسبب شهرتها نقل بعض المشايخ لها ، ووجدت لها نقداً متيناً من الذهبي أحببت أن أنقله لإخواني من طلاب الفائدة

قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (13/ 293) :
" ونقل بعض العلماء من كتاب لحفيد بقي عبدالرحمن بن أحمد: سمعت أبي يقول: رحل أبي من مكة إلى بغداد، وكان رجلا بغيته ملاقاة أحمد بن حنبل.
قال: فلما قربت بلغتني المحنة، وأنه ممنوع، فاغتممت غما شديدا، فاحتللت بغداد، واكتريت بيتا في فندق، ثم أتيت الجامع وأنا أريد أن أجلس إلى الناس، فدفعت إلى حلقة نبيلة، فإذا برجل يتكلم في
الرجال، فقيل لي: هذا يحيى بن معين.
ففرجت لي فرجة، فقمت إليه، فقلت: يا أبا زكريا: - رحمك الله - رجل غريب ناء عن وطنه، يحب السؤال، فلا تستجفني، فقال: قل.
فسألت عن بعض من لقيته، فبعضا زكى، وبعضا جرح، فسألته عن هشام بن عمار،، فقال لي: أبو الوليد، صاحب صلاة دمشق، ثقة، وفوق الثقة، لو كان تحت ردائه كبر، أو متقلدا كبرا، ما ضره شيئا لخيره وفضله، فصاح أصحاب الحلقة: يكفيك - رحمك الله - غيرك له سؤال.
فقلت - وأنا واقف على قدم: اكشف عن رجل واحد: أحمد بن حنبل، فنظر إلي كالمتعجب، فقال لي: ومثلنا، نحن نكشف عن أحمد ؟ ! ذاك إمام المسلمين، وخيرهم وفاضلهم.
فخرجت أستدل على منزل أحمد بن حنبل، فدللت عليه، فقرعت بابه، فخرج إلي
 فقلت: يا أبا عبد الله: رجل غريب، نائي الدار، هذا أول دخولي هذا البلد، وأنا طالب حديث ومقيد سنة، ولم تكن رحلتي إلا إليك، فقال: ادخل الاصطوان ولا يقع عليك عين.
فدخلت، فقال لي: وأين موضعك ؟ قلت: المغرب الاقصى.
فقال: إفريقية ؟ قلت: بعد من إفريقية، أجوز من بلدي البحر إلى إفريقية، بلدي الاندلس، قال: إن موضعك لبعيد، وما كان شئ أحب إلي من أن أحسن عون مثلك، غير أني ممتحن بما لعله قد بلغك.
فقلت: بلى، قد بلغني، وهذا أول دخولي، وأنا مجهول العين عندكم، فإن أذنت لي أن آتي كل يوم في زي السؤال، فأقول عند الباب ما يقوله السؤال، فتخرج إلى هذا الموضع، فلو لم تحدثني كل يوم إلا بحديث واحد، لكان لي فيه كفاية.
فقال لي: نعم، على شرط أن لا تظهر في الخلق، ولا عند المحدثين.
فقلت: لك شرطك، فكنت آخذ عصا بيدي، وألف رأسي بخرقة مدنسة، وآتي بابه فأصيح:
الاجر - رحمك الله - والسؤال هناك كذلك، فيخرج إلي، ويغلق، ويحدثني بالحديثين والثلاثة والاكثر، فالتزمت ذلك حتى مات الممتحن له، وولي بعده من كان على مذهب السنة، فظهر أحمد، وعلت إمامته، وكانت تضرب إليه آباط الابل، فكان يعرف لي حق صبري، فكنت إذا أتيت حلقته فسح لي، ويقص على أصحاب الحديث قصتي معه، فكان يناولني الحديث مناولة ، ويقرؤه علي وأقرؤه عليه، واعتللت في خلق معه.
ذكر الحكاية بطولها.
نقلها القاسم بن بشكوال في بعض تآليفه، ونقلتها أنا من خط شيخنا أبي الوليد بن الحاج
 وهي منكرة، وما وصل ابن مخلد إلى الامام أحمد إلا بعد الثلاثين ومئتين، وكان قد قطع الحديث من أثناء سنة ثمان وعشرين، وما روى بعد ذلك ولا حديثا واحدا، إلى أن مات ولما زالت المحنة سنة اثنتين وثلاثين
 وهلك الواثق، واستخلف المتوكل، وأمر المحدثين بنشر أحاديث الرؤية وغيرها
 امتنع الامام أحمد من التحديث، وصمم على ذلك، ما عمل شيئا غير أنه كان يذاكر بالعلم والاثر، وأسماء الرجال والفقه، ثم لو كان بقي سمع منه ثلاث مئة حديث، لكان طرز بها " مسنده "، وافتخر بالرواية عنه.
فعندي مجلدان من " مسنده "، وما فيهما عن أحمد كلمة."

وقد ذكر ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة أن بقي بن مخلد رحل إلى أحمد ولم يذكر خبراً واحداً من مسائل بقي عن أحمد مما يؤكد على صواب ما قال الذهبي

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي