الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
قال ابن خزيمة في صحيحه 2167 :
حدثنا أحمد بن منصور المروزي حدثنا
سلمة بن سليمان أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرنا عبد الله بن محمد بن عمر ابن علي
عن أبيه أن كريبا مولى ابن عباس أخبره : أن ابن عباس و ناسا من أصحاب رسول الله صلى
الله عليه و سلم بعثوني إلى أم سلمة أسألها الأيام كان رسول الله صلى الله عليه و سلم
أكثر لها صياما
قالت : يوم السبت و الأحد فرجعت
إليهم فأخبرتهم و كأنهم أنكروا ذلك
فقاموا بأجمعهم إليها فقالوا : إنا بعثنا إليك هذا في كذا و كذا و ذكر
أنك قلت كذا و كذا
فقالت : صدق إن رسول الله صلى الله عليه و سلم أكثر ما كان يصوم من الأيام
يوم السبت و الأحد
كان يقول : إنهما يوما عيد للمشركين
و أنا أريد أن أخالفهم . ( وهو في مسند الإمام أحمد )
قال الصنعاني في سبل السلام :" وحديث الباب _ يعني حديث أم سلمة
_دال على استحباب صوم السبت والأحد مخالفة ؛ لأهل الكتاب وظاهره صوم كل على الانفراد
والاجتماع "
والسؤال هنا من صحح هذا الحديث ممن يتكلم في العلم ؟
الجواب :
1_ ابن خزيمة حيث خرجه في الصحيح
2_ ابن حبان كما ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 5199
3_ الحاكم حيث ذكره في المستدرك 1593
4_ المنذري في الترغيب والترهيب (2/142)
وهنا سؤال آخر هل في إسناده كلام ؟
الجواب : قد تكلموا في إسناده بعلتين
الأولى : عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب
قالوا : لم يوثقه غير ابن حبان أي حيث يتابع وإلا فلين وقال ابن المديني
:" وسط " وقال ابن حجر في التقريب " مقبول " _ انظر تهذيب التهذيب
(6/16)
والجواب : أن الدارقطني قد وثقه كما في سؤالات البرقاني (85) : قلتُ للدَّارَقُطْنِيِّ
: الحسين بن زيد بن علي بن الحسين ، عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي ، عن أبيه ،
عن جده ، عن علي ، فقال : كلهم ثقات
وأفاد بشار عواد معروف في تحقيقه لتهذيب الكمال أن علاء مغلطاي
نقل في إكمال تهذيب الكمال أن ابن خلفون قدد وثقه أيضاً وتقدم معنا أن ابن خزيمة صحح
حديثه
الثانية : أن أباه عمر انفرد ابن حبان بتوثيقه
والجواب : أن الدارقطني قد وثقه كما في سؤالات البرقاني (85) : قلتُ للدَّارَقُطْنِيِّ
: الحسين بن زيد بن علي بن الحسين ، عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي ، عن أبيه ،
عن جده ، عن علي ، فقال : كلهم ثقات.
وقد روى عنه جمعٌ كبيرٌ من الثقات
قال ابن رشيد كما فتح المغيث (2/51) :" نعم كثرة رواية الثقات عن
الشخص تقوي حسن الظن به "وتقدم معنا تصحيح ابن خزيمة لحديثه
وقول ابن حبان فيه ( يخطيء ) لا يمنع من الاحتجاج بحديثه لأن ابن حبان
نفسه صحح هذا الحديث فليس هو عنده من أخطائه
والسؤال الثالث هنا : ما الجمع بينه وبين الحديث الوارد في النهي عن صوم
يوم السبت وهو حديث الصماء بنت بسر :" لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم
فإن لم يجد أحدكم إلا عود عنب أو لحاء شجرة فليمضغها " رواه أبو داود (2421)
والجواب : أن للناس في هذا خمسة مسالك
الأول : تضعيف حديث الصماء كما نقل أبو داود عن الإمام مالك واختاره ابن
القيم في تهذيب السنن (7/67)
وهذا هو المختار
وهذا هو المختار
الثاني : دعوى النسخ والقول بأن حديث الصماء منسوخ وهذا اختيار أبي داود
واختاره الأثرم في (الناسخ والمنسوخ ص170)، وقال: "إنه خالف الأحاديث
كلها، وسردها، وكان الأثرم قد قال عن حديث آخر (151): الأحاديث إذا تظاهرت فكثرت كانت
أثبت من الواحد الشاذ، كما قال إياس بن معاوية: إياك والشاذ من العلم، وقال إبراهيم
بن أدهم: إنك إن حملت شاذ العلماء حملت شراً كثيراً، فالشاذ عندنا هو الذي يجيء بخلاف
ما جاء به غيره، وليس الشاذ الذي يجيء وحده بشيء لم يجئ أحد بمثله ولم يخالفه غيره"
الثالث : حمل حديث الصماء على الكراهة التنزيهية
ولا أعلم متقدماً قال به
ولا أعلم متقدماً قال به
الرابع : تقديم الحاظر على المبيح وهذا إنما يرد في يوم السبت وأما يوم
الأحد فلم يرد فيه حاظر .
ولم أجده عن أحد ممن تقدم
ولم أجده عن أحد ممن تقدم
الخامس : حمل حديث الصماء على الإفراد وحديث أم سلمة على الجمع
قال ابن شاهين في الناسخ والمنسوخ ص208 :" وليس هذا الحديث ( يعني
حديث أم سلمة ) بخلاف الأول لأن ذلك الحديث نهى صوم يوم السبت مفرداً وهذا مقرون بالأحد
"
وهذا الجمع خاص بيوم السبت ، بخلاف يوم الأحد إذ لم يرد فيه نهي ولا يخفى
أن الجمع أولى إذا صح الخبران ولكن خبر الصماء مضطرب ضعيف على التحقيق
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم