مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: مسائل مهمة في زكاة الدين على المليء

مسائل مهمة في زكاة الدين على المليء



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


فهذه مسائل مهمة يغفل عنها كثير من الناس في زكاة الدين على المليء

وصورة المسألة الأصلية رجل له على رجل آخر دين ، وهذا الدين يبلغ النصاب الزكوي أو أنه يكمل نصاباً عند الدائن

وهذا المدين ( الذي عليه الدين ) ليس معسراً بل يمكنه أخذه منه متى شاء غير أنه تركه

فهذا حول المال يبدأ من حين القدرة على القبض لا من القبض نفسه

ولتقريب نقول زيد له على عمرو ألف دينار ، وقد أمكن زيد أخذ الدين من عمرو عند حلول أجله فترك زيد عمراً ثلاثة أشهر ثم قبض المال منه

فهل يستأنف زيد حولاً جديداً للمال ، أم أنه يكمل تسعة أشهر تتمة الحول بقية العام لأنه أمكنه أخذه من ثلاثة أشهر وهو تركها بإرادته ؟

الجواب : الثاني وهو أنه ينتظر تسعة أشهر فقط تتمة الحول لأن الأشهر الثلاثة هو تركها بإرادته فأشبه لو كان قابضاً

فإن قيل : ما الدليل على هذا ؟

يقال : قال أبو عبيد القاسم بن سلام في الأموال 1214 - حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُلُّ دَيْنٍ لَكَ تَرْجُو أَخْذَهُ، فَإِنَّ عَلَيْكَ زَكَاتَهُ كُلَّمَا حَالَ الْحَوْلُ.

وهذا إسناد صحيح

وقال أبو عبيد في الأموال 1213 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، وَابْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّ عُثْمَانَ، كَانَ يَقُولُ: «إِنَّ الصَّدَقَةَ تَجِبُ فِي الدَّيْنِ الَّذِي لَوْ شِئْتَ تَقَاضَيْتَهُ مِنْ صَاحِبِهِ، وَالَّذِي هُوَ عَلَى مَلِيءٍ تَدَعُهُ حَيَاءً أَوْ مُصَانَعَةً، فَفِيهِ الصَّدَقَةُ»

وهذا صحيح أيضاً

ولحال دين زيد على عمرو صورة أخرى

وهي لو ترك زيد عمراً عاماً كاملاً لا يأخذ منه الدين مع تمكنه من أخذه فهل يلزمه إخراج زكاة المال مع أنه لم يقبضه ؟

الجواب : نعم يلزمه لأنه لم يستلم المال بإرادته فأشبه القابض ولأثر عثمان وابن عمر السابقين

ومثل هذا المرأة التي أجلت أخذ صداقها من زوجها وهو قادر على إعطائها إياه ولم يماطل وقد تركت قبضه بإرادتها فإنها يلزمها ما يلزم الدائن في المسألتين السابقتين

وهنا مسألة ثالثة : وهي لو فرضنا أن نصاب المال مائتي دينار ولا تجب الزكاة فيما دون المائتين لأنها دون النصاب وكان لزيد مائتي دينار فأعطى عمراً مائة دينار ديناً عليه فتمكن عمرو بعد فترة وجيزة من سداد الدين وتركه زيد فلم يقبض منه مع القدرة على القبض وحال الحول على المائة فهل يضم إليها المائة الأخرى فتبلغ نصاباً بشرط أن تكون هي الأخرى قد حال عليها الحول أم لا يعتبرها لأنه لم يقبضها ؟

الجواب : أنه يضمها إلى المائة الأخرى بشرط أن يكون حال على إمكان قبضها الحول لأن المال الذي يمكن قبضه في حكم المال المقبوض

وكذلك حال المرأة التي أخرت استلام صداقها بإرادتها مع كون زوجها ملياً وليس مماطلاً

وقد أفتت اللجنة الدائمة أن الإيجار المؤخر تسليمه كحال كثير من عقود الإيجار اليوم حيث يؤخرون نصف الأجرة إلى انتصاف مدة التأجير في حكم الدين على المليء

فحول الأجرة يبدأ من وقت العقد ( انظر فتاوى اللجنة الدائمة فتوى رقم ( 12437)

وهذه المسائل كلها في زكاة الدين على الملي إذا لم يكن مماطلاً أما إذا كان مماطلاً فحكم دينه حكم دين المعسر والمعسر الدين عليه لا تجب فيه الزكاة إلا في حال القبض ( وفي ذلك تفاصيل للفقهاء )

غير أنه إذا كان للمرء دين على معسر فأحيل على ملي فلم يقبل الإحالة فحكمه حكم القادر على القبض لأنه أجل القبض بإرادته والله أعلم

وإنما يصير من له دين على ملي مماطل في حكم القادر على القبض والقادر على القبض في حكم القابض كما تقدم إذا رفع أمر المماطل إلى القضاء وحكم عليه القاضي بإعادة المال والله أعلم
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي