مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: من عبث أهل الرأي في أمر الفروج

من عبث أهل الرأي في أمر الفروج



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
              
             
فإن مما لا يخفى على باحث منصف تجرد من الهوى ، وأسلم العنان لفقهاء السلف ذلك الأثر السيء لفقهاء أهل الرأي على الفقه الإسلامي والملة الحنيفية السمحة التي زعم بعضهم أنهم هم فقهاؤها !

وذلك يتخلص في عدة اختيارات فقهية شاذة تخالف الدليل والقياس الصحيح

وهي

1_ تجويز النكاح بغير ولي

2_ تجويز نكاح التحليل

3_ قولهم بجواز الزنا بنساء الكفار الحربيات

4_ تجويزهم الحيل في أمر الفروج

5_ قول إمامهم الأكبر أن الرجلين لو شهدا على رجل زوراً بأن طلق امرأته ثلاثاً وقضى القاضي جاز لأحدهما أن ينكحها ، وهذه إباحة بينة للزنا بالحيلة

6_ قول إمامهم الأكبر أن الزنا في الدبر لا يوجب الحد !

7_ قول إمامهم الأكبر أننا لو وجدنا رجلاً وامرأة في محل ريبة وقالا ( نحن متزوجان ) صدقا ولم يطالبا بالبينة

8_ قولهم أن المرأة العاقلة إذا مكنت مجنون من نفسها فلا حد عليها 

9_ قولهم أن من عقد على أمه لا حد عليه ولا تعزير

10_ قول إمامهم الأكبر أن من استأجر امرأة ليزني بها فزنى بها  لا يحد ( انظر الاختيار والتعليل ص44)

هذه المصائب العشرة لا زالت موجودةً في كتب القوم وإليك تفصيل الكلام فيها في أكثرها

أما المسألة الأولى : وهي تجويز النكاح بغير ولي فالبحث فيها معروف وقد عدها الأئمة في مسائل العقيدة لما صارت شعاراً لأهل الرأي

قال البربهاي في شرح السنة [123] وأيما امرأة وهبت نفسها لرجل، فإنها لا تحل له، يعاقبان إن نال منها شيئا، إلا بولي وشاهدي [عدل] وصداق.

وأما المسألة الثانية : وهي مسألة نكاح التحليل فقد بسط شيخ الإسلام الكلام فيها بما لا مزيد عليه في بيان الدليل على بطلان التحليل

وقد ذكر شيخ الإسلام كلاماً نفيساً في أن نكاح التحليل شرٌ من نكاح المتعة

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (30/ 233) :" ولهذا يوجد فى نكاح التحليل من الفساد أعظم مما يوجد فى نكاح المتعة إذ المتمتع قاصد للنكاح إلى وقت والمحلل لا غرض له فى ذلك فكل فساد نهي عنه المتمتع فهو فى التحليل وزيادة ولهذا تنكر قلوب الناس التحليل أعظم مما تنكر المتعة والمتعة أبيحت أول الإسلام وتنازع السلف فى بقاء الحل ونكاح التحليل لم يبح قط ولا تنازع السلف فى تحريمه
ومن شنع على الشيعة بإباحة المتعة مع إباحته للتحليل فقد سلطهم على القدح فى السنة كما تسلطت النصارى على القدح فى الإسلام بمثل إباحة التحليل حتى قالوا إن هؤلاء قال لهم نبيهم إذا طلق أحدكم إمرأته لم تحل له حتى تزني وذلك أن نكاح التحليل سفاح كما سماه الصحابة بذلك"

فعلى كلام شيخ الإسلام ينبغي التشنيع على مبيحي نكاح التحليل أكثر من الرافضة مبيحي المتعة ، ومن الغلط أن يجعل مذهب الرافضة في هذا غير معتبر ، ومذهب أهل الرأي مذهب معتبر

وأما المسألة الثالثة : وهي إباحة الزنا بالحربيات

فقال السيوطي في كتابه الاكليل في استنباط التنزيل ص145 :" قوله تعالى: {ولَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا}
الآية استدل بها أبو حنيفة على جواز الزنا بنساء أهل الحرب في دار الحرب،
[  ] على أن وطء ديارهم إذا جعل بمثابة النيل منهم وأخذ أموالهم فإن الفارس يستحق سهم الفرس بدخول أرض الحرب لا بالحيازة لأن وطء ديارهم يدخل عليهم الذل"

وما فسر أحدٌ الآية بما فسر به أهل الرأي وقد انعقد اتفاق الصحابة على أنه لا يحل للرجل أن يأخذ امرأة من أهل الحرب ، إلا إذا كانت في المغنم وخرجت في سهمه ، وأما قبل القسمة فلا ، وليس المراد هنا بسط المسألة وإنما المراد بيان قبح مذاهب القوم

وأما المسألة الرابعة : وهي تجويزهم الحيل في أمر الفروج فمن أقبح مسائلهم

قال العقيلي في الضعفاء (9/ 389) : حدثنا أحمد بن جميل الهروي ، حدثنا عبدة بن سليمان المروزي قال : ما سمعت ابن المبارك ذكر أن أبا يوسف قط إلا مزقه ، وذكره يوما فقال : إن بعض هؤلاء هوى جارية كان وطئها أبوه ، فاستشار أبا يوسف ، فقال : لا تصدقها ، فجعل يقطعه

بعض هؤلاء هو أحد الخلفاء ، وأبو يوسف أباح له وطئها مع أنها عليه حرام تزلفاً له واحتال له بتكذيب الجارية ولا وجه لتكذيبها ، ولكن التوسع في الحيل أبعدهم كل البعد عن الورع واتقاء الشبهات لذا كان ابن المبارك الإمام الزاهد الورع كلما ذكر أبا يوسف مزقه لتلك الفتيا الفاجرة

وقال ابن القيم في إعلام الموقعين (3/401) :" قَالَ أَبُو طَالِبٍ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَهُ رَجُلٌ : فِي كِتَابِ الْحِيَلِ إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ الْأَمَةَ فَأَرَادَ أَنْ يُقْنِعَ بِهَا يُعْتِقُهَا ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، مَا أَعْجَبَ هَذَا ، أَبْطَلُوا كِتَابَ اللَّهِ وَالسُّنَّةَ ، جَعَلَ اللَّهُ عَلَى الْحَرَائِرِ الْعِدَّةَ مِنْ أَجْلِ الْحَمْلِ ، فَلَيْسَ مِنْ امْرَأَةٍ تَطْلُقُ أَوْ يَمُوتُ زَوْجُهَا إلَّا تَعْتَدُّ مِنْ أَجْلِ الْحَمْلِ ، فَفَرْجٌ يُوطَأُ يَشْتَرِيه ثُمَّ يُعْتِقُهُ عَلَى الْمَكَانِ فَيَتَزَوَّجُهَا فَيَطَؤُهَا .
فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا كَيْفَ يَصْنَعُ ؟ يَطَؤُهَا رَجُلٌ الْيَوْمَ وَيَطَؤُهَا الْآخَرُ غَدًا ؟ هَذَا نَقْضٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَا تُوطَأُ الْحَامِلُ حَتَّى تَضَعَ ، وَلَا غَيْرُ الْحَامِلِ حَتَّى تَحِيضَ } وَلَا يَدْرِي [ هَلْ ] هِيَ حَامِلٌ أَمْ لَا ] سُبْحَانَ اللَّهِ ، مَا أَسْمَجَ هَذَا"

وهذه الحيلة التي استقبحها أحمد موجودة في كتاب الحيل لمحمد بن الحسن الشيباني من كتاب الأصل

وأما المسألة الخامسة : فقال ابن أبي شيبة في كتاب الرد على أبي حنيفة من المصنف 113- قَضَاءُ الْقَاضِي بِشُهُودٍ زُورٍ.
37642- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ ، وَإِنَّمَا أَقْضِي بَيْنَكُمْ عَلَى نَحْوٍ مِمَّا أَسْمَعُ مِنْكُمْ ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلاَ يَأْخُذْهُ ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ نَارٍ ، يَأْتِي بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
37643- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَافِعٍ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، قَالَتْ : جَاءَ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ يَخْتَصِمَانِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَوَارِيثَ بَيْنَهُمَا قَدْ دَرَسَتْ ، لَيْسَتْ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ ، وَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ ، وَإِنَّمَا أَقْضِي بَيْنَكُمْ ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلاَ يَأْخُذْهُ ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ ، يَأْتِي بِهِا يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، قَالَتْ : فَبَكَى الرَّجُلاَنِ ، وَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا : حَقِّي لأَخِي يَا رَسُولَ اللهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : أَمَا إِذْ فَعَلْتُمَا ، فَاذْهَبَا فَاقْتَسِمَا ، وَتَوَخَّيَا الْحَقَّ ، ثُمَّ اسْتَهمَا ، ثُمَّ لِيُحَلِّلْ كُلّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا صَاحِبَهُ.
37644- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ.
- وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ : لَوْ أَنَّ شَاهِدَيْ زَورٍ شَهِدَا عِنْدَ الْقَاضِي عَلَى رَجُلٍ بِطَلاَقِ امْرَأَتِهِ ، فَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا بِشَهَادَتِهِمَا ، أَنَّهُ لاَ بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا أَحَدُهُمَا.

وأما المسألة السادسة : فقال الكاساني في بدائع الصنائع (15/24) :" وَكَذَلِكَ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ فِي الْأُنْثَى أَوْ الذَّكَرِ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ كَانَ حَرَامًا ؛ لِعَدَمِ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ فَلَمْ يَكُنْ زِنًا"

وهذا مذهب باطل إذ أن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين ما كان يستفصلون عند الاعتراف عندهم بالزنا هل هو في القبل أو الدبر ؟

وأما المسألة السابعة فقال الخطيب في تاريخ بغداد (15/558) : أَخْبَرَنِي الحسن بن أبي طالب، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن نصر بن أَحْمَد بن نصر بن مالك، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الحسن علي بن إبراهيم النجاد، من لفظه قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن المسيب، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هبيرة الدمشقي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مسهر، قَالَ: حَدَّثَنَا خالد بن يزيد بن أبي مالك، قال: أحل أَبُو حنيفة الزنا، وأحل الربا، وأهدر الدماء، فسأله رجل: ما تفسير هذا؟
 فقال: أما تحليل الربا، فقال: درهم وجوزة بدرهمين نسيئة لا بأس به، وأما الدماء، فقال لو أن رجلا ضرب رجلا بحجر عظيم فقتله كان على العاقلة ديته، ثم تكلم في شيء من النحو فلم يحسنه، ثم قال: لو ضربه بأبا قبيس كان على العاقلة، قال: وأما تحليل الزنا، فقال لو أن رجلا وامرأة أصيبا في بيت وهما معروفا الأبوين، فقالت المرأة هو زوجي، وقال هو: هي امرأتي، لم أعرض لهما.
قال أَبُو الحسن النجاد: وفي هذا إبطال الشرائع والأحكام.

فأي فساد سيحل بأهل الإسلام إذا نشرت بينهم هذه الأقاويل على أنها مذاهب فقهية معتبرة ، وهذه جنايتهم في باب الفروج ولو أراد المرء بسط جنايتهم في الأبواب الأخرى لطال به المقام ولا بأس من الإشارة

ففي باب الأموال أجازوا الحيلة لإسقاط الزكاة

قال شيخ الإسلام في القواعد النورانية ص89 :" ومن أصولها أن أبا حنيفة أوسع في إيجابها من غيره فإنه يوجب في الخيل السائمة المشتملة على الآثار ويوجبها في كل خارج من الأرض ويوجبها في جميع أنواع الذهب والفضة من الحلى المباح وغيره ويجعل الركاز المعدن وغيره فيوجب فيه الخمس لكنه لا يوجب ما سوى صدقة الفطر والعشر إلا على مكلف ويجوز الاحتيال لإسقاطها"

ومن ذلك إباحتهم الربا مع أهل الحرب وهذه مدون معروف في كتبهم

وأما ما قالوه في المسكرات فمعروف وإنكار الأئمة عليهم كثير ، فإذا أضفنا إلى هذا الإرجاء ومخالفة السنة الصحيحة في عشرات الأحاديث ، وكذلك ما صدر من بعضهم من الوقيعة في بعض الصحابة فهمنا سبب كلام السلف في هؤلاء القوم

وذلك في طعنهم في حديث المصراة وإعلالهم له بأبي هريرة ! ، وقولهم عنه أنه ليس بفقيه وقد أثبت هذا الطعن عليهم الشافعي في الأم (4/445) ، وابن القيم في مختصر الصواعق المرسلة

وكذا ابن حزم في المحلى حيث قال (8/ 372) :" وأما احتجاج أبى حنيفة بحديث المصراة فطامة من طوام الدهر وهو أول مخالف له وزار عليه وطاعن فيه مخالف كل ما فيه، فمرة يجعله ذو التورع منهم منسوخا بتحريم الربا وكذبوا في ذلك ما للربا ههنا مدخل، ومرة يجعلونه كذبا ويعرضون بأبى هريرة والله تعالى يجزيهم بذلك في الدنيا والآخرة وهم أهل الكذب لا الفاضل البر أبو هريرة رضى الله عنه وعن جميع الصحابة وكب الطاعن على أحد منهم لوجهه ومنخريه ثم لا يستحيون من أن يحتجوا به فيما ليس فيه منه شيء "

وفي المجموع من أقوال الشيخ حماد الأنصاري لابنه عبد الأول 19- قال الوالد: "الأحناف غضاب على أبي هريرة رضي الله عنه؛ لأنّ أكثرَ ما رواه يردُّ عليهم ولله الحمد".
قلت: يعني: أنّ الأحاديث التي رواها تردُّ على أكثر آرائهم التي تخالف الأحاديث.

وفيه أيضاً قوله 274 - سمعته يقول: "إن الأحناف يقولون: إن أبا هريرة رضي الله عنه: ليس بفقيه وهذه المقالة سبب قولهم لها هو أن أبا هريرة رضي الله عنه صاحب حديث كثير والحديث الذي يرويه يقضى على كثير من آرائهم"

وكذلك ردهم بعض السنن المتواترة كسنة رفع اليدين قبل الركوع وبعده ، والتي جمع فيها الإمام البخاري رداً عليهم ، وقد ورد عن بعض الصحابة إنكار المسح على الخفين لما لم يبلغه الدليل ولم يصح عن أحد منهم الإنكار على من رفع يديه في الصلاة بعد الركوع وقبله ، وكلا السنتين متواترة

فهذا بعض ما جعل السلف يشتدون على القوم حمية على الدين لا كلام أقران ، أو ردود أفعال كما يقول البعض ، والسلف كانوا أورع وأتقى من أن يتتابعوا على ظلم أحد ، وإن من العجيب أن يأتي السلف فيذموا شخصاً بأشد ألفاظ الذم فتأتي أنت وتمدحه بأعلى ألفاظ المدح ، ومن ظن أن السلف أخطأوا وهو المصيب فهو مغرور

وقد بلغ من شدة بعض السلف عليهم أنه لم يكن يحدثهم بالحديث ولا يكتبه عنه

قال أبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام 1289 - سمعت محمد بن عثمان النجيمي يقول:
((كان الحسين بن الشماخ الحافظ لا يدع أحداً من أهل الرأي يكتب عنه؛ فنشده رجل من أهل المغرب بالله وذكر له طول الرحلة؛ فروى له شيئاً من مساوئ أبي حنيفة، ولم يحدثه بحديث)).
1290 - وقال يحيى بن عمار:
((كان حامد بن محمد الرفاء [يحرج] على أهل الرأي أن يرووا عنه، ولا يأذن لهم في داره ليسمعوا منه، فأتاه إنسان من رؤساء بلخ، فألحوا عليه، [فأذن له]، فلما أذن له؛ دخل عليه لم يرفع به رأساً، وقال: من أين أنت؟ قال: من بلخ. قال: دار المرجئة! ثم قال لي الرفاء: خذ من رد الحميدي. فقرأت له عليه منه شيئاً كثيراً)).

وكتاب الحميدي هذا في الرد على أبي حنيفة

قال أبو زرعة كما في سؤالات البرذعي (2/755) : كان أهل الرأي قد افتتنوا بأبي حنيفة وكنا أحداثا نجري معهم ولقد سألت أبا نعيم عن هذا وأنا أرى أني في عمل ولقد كان الحميدي يقرأ كتاب الرد ويذكر أبا حنيفة وأنا أهم بالوثوب عليه حتى من الله علينا وعرفنا ضلالة القوم.

وقال أبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام 1414 - سمعت أبي يقول: قال يحيى بن عمار:
((لو كتب يحيى بن عمار عن أحد من أهل الرأي حديثاً؛ فقطع الله أصابعه)).
[قال الشيخ]: وهو الذي نهانا عن السماع عن أبي بكر الحرشي، وإلا؛ فقد أدركته بنيسابور وهو يسمع منه.

وقال عبد الأول بن حماد الأنصاري في المجموع من كلام والده 315 - وسمعته يقول: "إن الحافظ الخطيب البغدادي ألف الكتب التالية "شرف أصحاب الحديث" "الفقيه والمتفقه" "وكتاب الاحتجاج" رداً على الأحناف الذين ينتقدون أهل الحديث لاشتغالهم بالحديث وتركهم ما هم عليه من الرأي. ثم قال الوالد: والفقه إنما يكون من النصوص لا من الفراغ".

14ـ قال الوالد: "لا يوجد عندي كتاب في فقه الأحناف وفقههم هو الرأي".            
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي