مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: إذا لم تقرأ الفاتحة في الركعة الأولى فاقرأها في الثانية مرتين !

إذا لم تقرأ الفاتحة في الركعة الأولى فاقرأها في الثانية مرتين !



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
                           

المشهور عند طلبة العلم أن من نسي قراءة الفاتحة بطلت ركعته لأنها ركن ولزمه إعادة الركعة ، غير أن هنا فائدة نفيسة

قال ابن أبي شيبة في المصنف 4145- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ الْيَمَامِيُّ ، عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ جَوْسٍ الْهِفَّانِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ الرَّاهِبِ ، قَالَ : صَلَّى بِنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَنَسِيَ أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الأَولَى ، فَلَمَّا قَامَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ قَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ مَرَّتَيْنِ وَسُورَتَيْنِ ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاَةَ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ.

وهذا إسناد صحيح ، وعمر _ رضي الله عنه _ لما نسي القراءة في الركعة الأولى ، قضاها في الركعة الثانية فقرأ الفاتحة مرتين وقرأ سورتين ثم سجد للسهو وبهذا كان يفتي تلميذه علقمة

قال ابن أبي شيبة في المصنف 4146- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَن عَلْقَمَةَ ؛ أَنَّهُ نَسِيَ أَنْ يَقْرَأَ فِي الأُولَيَيْنِ ، فَقَرَأَ فِي الأُخْرَيَيْنِ.

وبه كان يفتي النخعي 

وقد أفتى به إسحاق بن راهوية كما في مسائل حرب الكرماني وهو فقيه
وبلغني عن رجل أنه يدعي أن هذا الأثر لا يجوز العمل به

متعللاً بأن عكرمة بن عمار انتقدوا على مسلم التخريج له

وهذا فإن عكرمة بن عمار إنما تكلموا في روايته عن يحيى بن أبي كثير وإلا فهو ثقة و قال يعقوب بن شيبة ثبت

قال الألباني في الصحيحة :" و وجهه أن عكرمة بن عمار قد تكلم فيه بعض المتقدمين من قبل حفظه ، و قد
وثقه جمع و احتج به مسلم في " صحيحه " ، و قال الحافظ في التقريب " صدوق يغلط
و في روايته عن يحيى بن أبي كثير اضطراب " قلت : و هذه ليس منها ، فالحديث على
أقل الدرجات حسن الإسناد ، فإن بقية رجاله ثقات أثبات"

وقد روى شعبة عنه هذا الخبر في السنن الكبرى للبيهقي ، وشعبة لا يروي عن مدلس إلا سماع



وأثر عمر سكت عليه بقية الصحابة فلا داعي للكلام في حجية قول الصحابي فهو يفعل هذا الصلاة والصحابة شاهدون ولم ينكر أحد فصار إجماعاً سكوتيا

والاستدلال بحديث ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) لا يرد أبداً فإن عمر قد قرأها !

فالأثر يؤيد الحديث  ، فليس فيه أنه يجوز ألا يقرأ بفاتحة الكتاب بل كل ما فيه أنها تقضى وتقرأ في كل ركعة ، وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أنه لا تجب القراءة إلا في ركعة واحدة فقط مستدلاً بحديث ( لا صلاة لمن يقرأ بفاتحة الكتاب ) وقالوا من أن قرأها مرة فقد وقع عليه اسم القراءة

وهذا الأثر قد عمل به علقمة وإبراهيم النخعي

قال ابن أبي شيبة في المصنف 4146- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَن عَلْقَمَةَ ؛ أَنَّهُ نَسِيَ أَنْ يَقْرَأَ فِي الأُولَيَيْنِ ، فَقَرَأَ فِي الأُخْرَيَيْنِ.
4147- حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ ، قَالَ : إذَا نَسِيَ أَنْ يَقْرَأَ فِي الأُولَيَيْنِ ، قَرَأَ فِي الأُخْرَيَيْنِ.

فهؤلاء عملوا بالأثر مما يؤيد صحة الأثر خلافاً لمن ضعفه


وقد روي عن ابن عمر نحوه في التشهد

قال ابن أبي شيبة في المصنف 8803- حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ شُبيلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ ؛ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَجْلِسْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ ، فَتَشَهَّدَ فِي آخِرِ صَلاَتِهِ مَرَّتَيْنِ.

وأبعد من هذا من اعترض على الأثر بأن عمر بن الخطاب ورد عنه أنه نسي الفاتحة فنبهوه بعد الصلاة فصنع كذا وكذا

والأثر الذي معنا مختلف المعنى فإنه فيمن تذكر أنه نسي وهو في الصلاة

وقد أفتى بهذا الأثر عن عمر كل من إبراهيم النخعي والأسود وإسحاق بن راهويه غير أن الإمام أحمد دفع الأثر في عدد من رواياته ويبدو أنه يجنح لشذوذ الأثر 


هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي