الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 4 / 106 :
1579 - " أفضل العبادة الدعاء " .
روي من حديث ابن عباس ، و له عنه طريقان :
الأولى : عن كامل بن العلاء عن حبيب بن أبي ثابت عنه .
و الأخرى : عن أبي يحيى عن مجاهد عنه . أخرجهما الحاكم ( 1 / 491 ) و قال
:
" صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي ! و أقول : أبو يحيى و هو
القتات ضعيف ،
و حبيب بن أبي ثابت مدلس ، فالحديث بمجموع الطريقين حسن .
الذي يقرأ الكلام يظن أن الخبر
في مستدرك الحاكم مرفوعٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
والواقع خلاف ذلك فالخبر في المستدرك
موقوف على ابن عباس قوله
قال الحاكم في المستدرك 1805: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ
دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الرَّازِيُّ ، وَإِبْرَاهِيمُ
بْنُ شَرِيكٍ الْكُوفِيُّ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ
، حَدَّثَنَا كَامِلُ بْنُ الْعَلاَءِ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ ، وَعَنْ أَبِي يَحْيَى ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا : أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ هُوَ الدُّعَاءُ ، وَقَرَأَ : {وَقَالَ رَبُّكُمُ
ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ، إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ
جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}
وقد نص على أن الحاكم روى الخبر موقوفاً عدة منهم :
1- الزيلعي : قال في تخريج الكشاف (3/211) :" 1135 - قَوْله
عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أفضل الْعِبَادَة الدُّعَاء
قلت رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الدُّعَاء من حَدِيث كَامِل
بن الْعَلَاء عَن حبيب بن أبي ثَابت عَن ابْن عَبَّاس وَعَن أبي يَحْيَى عَن مُجَاهِد
عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أفضل الْعِبَادَة الدُّعَاء وَقَرَأَ وَقَالَ ربكُم ادْعُونِي
أَسْتَجِب لكم الْآيَة انْتَهَى وَسكت عَنهُ"
2- أبو الثناء الآلوسي حيث قال في تفسيره روح المعاني حيث قال :"
بل روى ابن المنذر . والحاكم وصححه عن ابن عباس أنه قال : أفضل العبادة الدعاء وقرأ
الآية"
3- صديق حسن خان حيث قال في تفسيره فتح البيان حيث قال :" والحكيم
الترمذي في نوادر الأصول، وعن ابن عباس قال أفضل العبادة الدعاء، وقرأ هذه الآية"
4- الشوكاني حيث قال في تفسيره فتح القدير حيث قال :" وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْحَاكِمُ
وَصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَفْضَلُ العبادة الدعاء، قرأ وَقالَ رَبُّكُمُ
ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ الْآيَةَ"
5- السيوطي في الدر المنثور حيث قال :" وأخرج ابن المنذر والحاكم
وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أفضل العبادة الدعاء وقرأ { وقال ربكم ادعوني
أستجب لكم . . . } "
6- سليمان بن عبد الله آل الشيخ في تيسير العزيز الحميد (1/179)
:" وقال ابن عباس رضي الله عنهما: " أفضل العبادة الدعاء وقرأ وقال ربكم
ادعوني أستجب لكم " رواه ابن المنذر والحاكم وصححه"
فتبين من هذا أن الخبر موقوف على ابن عباس وليس من كلام النبي صلى الله
عليه وسلم .
وقد روي مرفوعاً من طريق أخرى
استنكرها ابن عدي على عمران بن داور القطان
قال ابن عدي في الكامل (5/ 88) :" حدثنا الفضل بن الحباب قال ثنا
عمرو بن مرزوق قال ثنا عمران القطان عن قتادة عن سعيد بن أبي الحسن عن أبي هريرة قال
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ليس شيء أكرم على الله عز و جل من الدعاء
وروى بإسناده عن النبي صلى الله عليه و سلم حديث الغار حدثنا الحسين بن
أحمد بن بسطام قال ثنا أبو بكر بن نافع قال ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال ثنا أبو العوام
عمران القطان عن قتادة عن سعيد بن أبي الحسن عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم أفضل العبادة الدعاء قال الله عز و جل ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون
عن عبادتي قال عن دعائي
وهذا الحديث لفظه كما ذكره لنا بن الحباب عن عمرو بن مرزوق عن عمران عن
قتادة ويعرف هذا الحديث بعمران القطان عن قتادة ولفظ الحديث كما ذكره بن الحباب وابن
بسطام حدثنا عن أبي بكر بن نافع عن بن مهدي عن عمران القطان فخالف لفظ الحديث فقال
أفضل العبادة الدعاء
وهذا لفظ حديث النعمان بن بشير ليس هو لفظ حديث عمران القطان"
فوجه الاستنكار أن عمران على كثرة وهمه اضطرب في متن الحديث فتارة رواه
بلفظ (ليس شيء أكرم على الله عز و جل من الدعاء) ، وأخرى رواه بلفظ (أفضل العبادة الدعاء)
ولهذا ضعفه أيضاً الترمذي في جامعه حيث قال :" هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ
مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ القَطَّانِ، وَعِمْرَانُ القَطَّانُ هُوَ
ابْنُ دَاوَرَ وَيُكْنَى أَبَا العَوَّامِ"
وأشار الدارقطني إلى استنكاره أيضاً فقال في أطراف الأفراد والغرائب
:" 5215 ) حديث : قال النبي صلى الله عليه وسلم*: «ليس شيء أكرم على الله تعالى*
من الدعاء ». غريب من حديث قتادة عنه، تفرد به أبو العوام عمران القطان عن قتادة"
وأورده البزار في مسنده المعلل ، وعمران انفراده عن قتادة من دون اضطراب
محل ريبة ، فكيف وقد اضطرب
وقد استنكر هذا الحديث على عمران أيضاً العقيلي فقال في الضعفاء الكبير
:" ومن حديثه ما حدثناه محمد بن إبراهيم قال حدثنا عمرو بن مرزوق قال حدثنا عمران
القطان عن قتادة عن سعيد بن أبي الحسن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
ليس شئ أكرم على الله من الدعاء
لا يتابع عليه ولا يعرف بهذا اللفظ إلا عن عمران وفى فضل الدعاء أحاديث
بألفاظ مختلفة من غير هذا الوجه"
وتابعهم على هذا الاستنكار الذهبي في الميزان
فلا يصح مرفوعاً
لا حديث (ليس شئ أكرم على الله من الدعاء) ولا حديث ( أفضل العبادة الدعاء
)
وهذا الثاني إنما هو موقوف على ابن عباس
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم