مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: الكلام على أحاديث ( تفضيل القرض على الصدقة )

الكلام على أحاديث ( تفضيل القرض على الصدقة )



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


قال ابن ماجه في سننه [ 2431 ] :  حدثنا أبو حاتم , ثنا هشام بن خالد , ثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
رأيت ليلة أسري بي على باب الجنة مكتوبا الصدقة بعشر أمثالها , و القرض بثمانية عشر ,  فقلت :  يا جبريل ما بال القرض أفضل من الصدقة ؟

قال :  لأن السائل يسأل وعنده  ,  والمستقرض لا يستقرض إلا من حاجة .

أقول : وهذا إسنادٌ ضعيف جداً ، خالد بن يزيد بن أبي مالك ضعفه أحمد وابن معين وأبو داود جداً ، وقال ابن حبان : يخطيء كثيراً  , وقال النسائي : ليس بثقة ، وقد ذكر ابن عدي هذا الحديث بعينه في مناكيره من الكامل ، ووثقه غيرهم ولا ينفعه هذا مع وجود المفسر من هؤلاء الجبال .

وله شاهد من حديث أبي أمامة ولا يصح :
قال أبو داود الطيالسي [ 1141 ] :  قال حدثنا جعفر بن الزبير الحنفي عن القاسم عن أبي أمامة قال: قال النبي صلى الله عليه و سلم :
 انطلق برجل إلى باب الجنة فرفع رأسه فإذا على باب الجنة مكتوب الصدقة بعشر أمثالها والقرض الواحد بثمانية عشر لأن صاحب القرض لا يأتيك إلا وهو محتاج وان الصدقة وضعت في غنا.

أقول : جعفر بن الزبير كذبه شعبة وتركه الأئمة كما في ترجمته في الميزان فالسند ضعيفٌ جداً

وقال الطبراني في الكبير [ 7976 ] حدثنا الحسن بن علي بن خلف الدمشقي ثنا سليمان بن عبد الرحمن ثنا إسماعيل بن عياش عن عتبة بن حميد عن القاسم عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال دخل رجل الجنة فرأى على بابها مكتوبا الصدقة بعشر أمثالها والقرض بثمانية عشر .

أقول : وهذا السند ليس فيه متهم ولكن عتبة بن حميد بصري ، ورواية إسماعيل بن عياش عن غير الشاميين فيها كلام .
قال المزي في تهذيب الكمال في ترجمة إسماعيل من تهذيب الكمال : وَقَال مضر بن محمد الأسدي ، عن يحيى : إذا حدث عن الشاميين ، وذكر الخبر ، فحديثه مستقيم ، وإذا حدث عن الحجازيين والعراقيين ، خلط ما شئت.
ثم قال بعد عدة نصوص :
وَقَال محمد بن عثمان بن أَبي شَيْبَة ، عن علي ابن المديني : كان يوثق فيما روى عن أصحابه أهل الشام ، فأما ما روى عن غير أهل الشام ، ففيه ضعف.
ثم قال بعد نصوص :
 وَقَال عَبد الله بن علي بن المديني : وسألته ، يعني أباه ، عَن إسماعيل بن عياش ، قلت : إن يحيى بن مَعِين يقول : إنه ثقة فيما يروي عن أهل الشام ، فأما ما روى عن غير أهل الشام ، ففيه شيء ، فضعفه فيما روى عن أهل الشام وغيرهم.
وَقَال في موضع آخر : سمعت أبي يقول : ما كان أحد أعلم بحديث أهل الشام من إسماعيل بن عياش ، لو ثبت على حديث أهل الشام ، ولكنه خلط في حديثه عن أهل العراق .
 وحَدَّثَنَا عنه عبد الرحمن ، ثم ضرب على حديثه ، قال : وسمعت أبي يقول : إسماعيل بن عياش عندي ضعيف ، وحدث عنه عبد الرحمن بن مهدي قديما وتركه.
وَقَال يعقوب بن شَيْبَة : إسماعيل بن عياش ، ثقة عند يحيى بن مَعِين وأصحابنا فيما روى عن الشاميين خاصة ، وفي روايته عن أهل العراق وأهل المدينة اضطراب كبير ، وكان عالما بناحيته.
وقَال البُخارِيُّ : إذا حدث عن أهل بلده فصحيح ، وإذا حدث عن غير أهل بلده ، ففيه نظر.اهـ

وَقَال ابن أَبي حاتم الرازي ، عَن أبيه ، عن أحمد : في روايته عن أهل العراق وأهل الحجاز بعض الشيء ، وروايته عن أهل الشام كأنه أثبت , وأصح.اهـ [ الجرح والتعديل : 1 / 1 / 192] .
أقول : فكيف تمشى روايته عن هذا البصري والحال هذه ؟!
ثم إن عتبة بن حميد بصري ، والقاسم شامي فمن أين لنا أنه سمع منه ؟

وهناك طريق آخر في جز البغوي [ ط ابن الجوزي ت محمد ياسين ]
قال :
[ 30] حَدَّثَنَا أَبُو الْفَرَجِ صَالِحُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، حَّدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ عُلَيٍّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ الذِّمَارِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
 دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ عَلَى بَابِهَا الصَّدَقَةَ بِعَشْرٍ وَالْقَرْضَ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ كَيْفَ صَارَتِ الصَّدَقَةُ بِعَشْرٍ وَالْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ؟ قَالَ: لِأَنَّ الصَّدَقَةَ تَقَعُ فِي يَدِ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَالْقَرْضُ لَا يَقَعُ إِلَّا فِي يَدِ مَنْ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ .
أقول : مسلمة بن علي هو الخشني متروك .

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي