مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: المرء مع من أحب يا أحمد المعلم !

المرء مع من أحب يا أحمد المعلم !



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

                           
قال أحمد المعلم في كتابه القبورية في اليمن :" وقد حاول أئمة تلك الفرق الثلاث العودة إلى النبع الصافي والمنهل العذب، ولكن آثار علم الكلام لم تمكن الإمامين ابن كلاب ، والماتريدي من ذلك، فتخلصا من كثير من بدع وعقائد الجهمية والمعتزلة، وبقي لديهما بعضها وأخذا ببعض أصول السلف أهل السنة، وقصّرا في بعضها،
 والله تعالى يتولاهما، وهو أعلم بما في نفوسهما سبحانه، أما نحن فندعوه سبحانه أن يغفر لهما وللمخلصين من أتباعهما، وأن يتجاوز عمَّا أخطـآ فيه، ما دام الحامل لهما عليه حب التنـزيه والخشية من التشبيه، ولكن حبنا لهما ورغبتنا الصادقة في أن يتجاوز الله عنهما لا يجعلنا نصحح مذهبهما ونسكت عن خطئهما"


أقول : هذا كلام تمييعي سخيف


فأولاً : دعوى حسن قصد هذين الرجلين الله أعلم بها فهو العليم بما في الصدور ولا يوجد في ظاهر حالهما ما يدل على ذلك بعد ذلك الضلال البعيد الذي أصاباه

ثانياً : قد نهى أئمة السلف عن محبة أهل البدع فكيف بأئمة الضلال فيهم ومن كان واقعاً في بدع مكفرة

وقال شيخ الإسلام ما في مجموع الفتاوى (15/ 324) :" وَهَكَذَا السُّنَّةُ فِي مُقَارِنَةِ الظَّالِمِينَ وَالزُّنَاةِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ وَالْفُجُورِ وَسَائِرِ الْمَعَاصِي: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدِ أَنْ يُقَارِنَهُمْ وَلَا يُخَالِطَهُمْ إلَّا عَلَى وَجْهٍ يَسْلَمُ بِهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَقَلُّ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مُنْكَرًا لِظُلْمِهِمْ مَاقِتًا لَهُمْ شَانِئًا مَا هُمْ فِيهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ: [ مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ ]"

فانظر كيف صرح بوجوب مقت أهل البدع

وقال القرطبي : ((استدل مالك –رحمه الله- من هذه الآية على معاداة القدرية وترك مجالستهم، قال أشهب عن مالك: لا تجالس القدرية وعادهم في الله , لقوله تعالى: (لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله))) [التفسير 17/308]

وقال البيهقي وهو يتحدث عن الشافعي: " وكان الشافعي - رضي الله عنه - شديداً على أهل الإلحاد وأهل البدع مجاهراً ببغضهم وهجرهم " مناقب الشافعي ( 1/469 ) .

وقال الإمام أحمد – رحمه الله -:" إذا سلّم الرجل على المبتدع فهو يحبه"، (طبقات الحنابلة ( 1/196 ))
 فيدل أنه لا يجوز محبة أهل البدع [ ونقله ابن القيم في بدائع الفوائد ]

و قال الإمام أبو عبد الله عبيد الله بن بطة العكبري – رحمه الله -: " ونحن الآن ذاكرون شرح السنة، ووصفها، وما هي في نفسها، وما الذي إذا تمسك بهالعبد ودان الله به سُمِّيَ بها، واستحق الدخول في جملة أهلها، وما إنخالفه أو شيئاً منه دخل في جملة من عبناه وذكرناه وحُذّر منه، من أهل البدعوالزيـغ، مما أجمع على شرحنا له أهل الإسلام وسائر الأمة مذ بعث الله نبيه -صلى الله عليه وسلم - إلى وقتنا هذا … " ومما ذكره في هذا الشرح: " ولاتشاور أحداً من أهل البدع في دينك، ولا ترافقه في سفرك، وإن أمكنك أن لاتقربه في جوارك. ومن السنة مجانبة كل من اعتقد شيئاً مما ذكرناه ( أي: من البدع)، وهجرانه، والمقت له، وهجران من والاه، ونصره، وذب عنه، وصاحبه، وإنكان الفاعل لذلك يظهر السنّة " [الشرح والإبانة ( ص 282]

و قال أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمـن الصابوني حاكياً مذهب السلف أهل الحديث: " واتفقـوا مع ذلك على القول بقهر أهل البدع، وإذلالهم، وإخزائهم، وإبعادهم، وإقصائهم، والتباعد منهم
 ومن مصاحبتهم، ومعاشرتهم، والتقرب إلى الله عز وجل بمجانبتهم ومهاجرتهم." عقيدةالسلف وأصحاب الحديث

وقال أيضاً: " ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه، ولايحبونهم، ولا يصحبونهم، ولا يسمعون كلامهم، ولا يجالسونهم، ولا يجادلونهم في الدين، ولا يناظرونهم، ويرون صون آذانهم عن سماع أباطيلهم التي إذا مرتب الآذان وقرت في القلوب ضرّت وجـرّت إليها من الوساوس والخطرات الفاسدة ماجرّت
 وفيه أنزل الله عز وجل قوله: {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره} "[عقيدة السلف وأصحاب الحديث ]

قال القرطبي نقلاً عن ابن خويز منداد: ((من خاض في آيات الله تركت مجالسته وهجر، مؤمناً كان أو كافراً، قال: وكذلك منع أصحابنا الدخول إلى أرض العدو ودخول كنائسهم والبيع ، ومجالسة الكفار وأهل البدع، وألا تُعتقد مودتهم، ولا يسمع كلامهم ولا مناظرتهم)). [التفسير 7/13]

وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ ضمن تحذيره من بعض الضالين من أهل البـدع مـن جهـة عمان،كانوا قد كتبوا أوراقاً للتلبيس على عوام المسلمين : (( ومن السنن المأثورة عن سلف الأمة وأئمتها وعن إمام السنة أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل - قدس الله روحه - التشديد في هجرهم وإهمالهم، وترك جدالهم واطّراح كلامهم، والتباعد عنهم حسب الإمكان، والتقرب إلى الله بمقتهم وذمهم وعيبهم )) مجموعة الرسائل والمسائل النجدية

وقال الشيخ سليمان بن سحمان - رحمه الله تعالى - في كتابه ((كشف الشبهتين )) ( ص : 37-48 ): ((واعلم رحمك الله أن كلامه وما يأتي من أمثاله من السلف في معاداة أهل البدع والضلالة ضلالة لا تخرج من الملّة، لكنهم شددوا في ذلك وحذّروا منه لأمرين:
 الأول: غلظ البدعة في الدين في نفسها، فهي عندهم أجلّ من الكبائر ويعاملون أهلها بأغلظ مما يعاملون أهل الكبائر كما تجد في قلوب النّاس اليوم أن الرافضي عندهم ولو كان عالماً عابداً أبغض وأشدّ ذنباً من السنيّ المجاهر بالكبائر.
والأمر الثاني: أنّ البدعة تجر إلى الردّة الصريحة كما وجد في كثير من أهل البدع .( ثمّ ذكر عدداً من أقوال أهل العلم ومواقفهم في معاملة أهل البدع من الهجر والتحذير والمباينة ) .
ثمّ قال:  ولو ذهبنا نذكر أقوال العلماء لطال الكلام والمقصود التنبيه على أنّ هذا هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وهدي أصحابه والتابعين لهم بإحسان هجر أهل المعاصي والبدع، ودرج على ذلك أفاضل العلماء من الأئمة الأعلام فمن أخذ بهديهم وسار بسيرهم، فقد سار على الصراط المستقيم))

وقال الشيخ حمود التويجري في كتابه (( القول البليغ في التحذير من جماعة التبليغ )) ( ص : 31 -33 ): ((وقد كان السلف الصالح يحذرون من أهل البـدع، ويبالغون في التحذير منهم، وينهون عن مجالستهم ومصاحبتهم وسماع كلامهم، ويأمرون بمجانبتهم ومعاداتهم وبغضهم وهجرهم))


( هذه النقولات كلها مستفادة )

وقال إسماعيل الأصبهاني في الحجة (2/ 539) :" وَعَلِيهِ بغض أهل الْبدع أَي مَوضِع كَانُوا حَتَّى يكون مِمَّن أحب فِي الله وَأبْغض فِي الله، ولمحبة أهل السّنة عَلامَة، ولبغض أهل الْبِدْعَة عَلامَة، فَإِذا رَأَيْت الرجل يذكر مَالك بن أنس، وسُفْيَان بن سَعِيد الثَّوْريّ، وَعبد الرَّحْمَن ابْن عَمْرو الْأَوْزَاعِيّ، عبد الله بن الْمُبَارك، وَمُحَمّد بن إِدْرِيس الشَّافِعِي، وَالْأَئِمَّة المرضيين بِخَير فَأعْلم أَنه من أهل السّنة، "

قال إسحاق الكوسج في مسائله :" [3441-] قلت: يؤجر الرجل على بغض أصحاب أبي حنيفة؟
قال _ يعني أحمد ابن حنبل _: إي والله.


وقال اللالكائي في السنة 242 : أخبرنا الحسن بن عثمان ، قال : أخبرنا أحمد ، قال : أخبرنا أحمد بن الحسن ، قال : حدثنا عبد الصمد ، قال : سمعت الفضيل يقول : قال ابن المبارك :
 لم أر مالا أمحق من مال صاحب بدعة  .
وقال :   اللهم لا تجعل لصاحب بدعة عندي يدا فيحبه قلبي .

وهذا إسناد قوي ، والاحتراز من محبة أهل البدع واجب إذ أن المحبة توجب المشاكلة ، كما أن المرء مع من أحب فكيف يحب المرء أن يكون مع المذادين عن الحوض

وابن كلاب والماتردي لم يعرفا برواية حديث ولا بزهد ولا بتدين وإنما عرفا بالتعطيل
والماتردي أشد تعطيلاً ينكر صفة العلو وكلاهما ينكر صفة الكلام في حقيقة قوله لا ما يدعي
ويقول بخلق القرآن
والماتردي قال بقول بجهم في الإيمان وهذا كفر به السلف ، وقال أسماء الله مخلوقة وهذا كفر به الشافعي وعامة أئمة السلف
وصرح السجزي وابن بطة أن ابن كلاب شر من المعتزلة ( وهذا ينطبق على الماتردي )

قال أبو نصر السجزي في الرد على من أنكر الحرف والصوت ص115 :
" اعلموا- أرشدنا الله وإياكم- أنه لم يكن خلاف بين الخلق على اختلاف نِحَلهم من أول الزمان إلى الوقت الذي ظهر فيه ابن كلاب والقلانسي والصالحي والأشعري.
وأقرانهم الذين يتظاهرون بالرد على المعتزلة وهم معهم بل أخس حالاً منهم في الباطن في أن الكلام لا يكون إلا حرفاً وصوتاً ذا تأليف واتساق وإن اختلفت به اللغات"

وقال أيضاً في ص343 :" ثم بلي أهل السنة بعد هؤلاء بقوم يدعون أنهم من أهل الاتباع. وضررهم أكثر من ضرر (المعتزلة) وغيرهم، وهم: أبو محمد بن كلاب وأبو العباس القلانسي، وأبو الحسن الأشعري"

وقال ابن بطة في الشرح والإبانة :" ذكرت طرفا من أئمتهم _ يعني أهل البدع_ ليتجنب الحدث ومن لا علم له ذِكرهم، ومجالسة من يستشهد بأقوالهم، ويناظر بكتبهم، ومن خبائثهم ومن يظهر في كلامه الذب عن السنة والنصرة لها وقوله اخبث القول، ابن كُلاَّب وحسين النجار وأبو بكر الأصم وابن علية
 أعاذنا الله وإياك من مقالتهم"

وقال الأنصاري في ذم الكلام 1345 - [أخبرت] عن أحمد بن محمد بن الطاهر المعافري أبي العباس؛ [قال: سمعت أبا عبد] الله محمد بن منده الحافظ بأصبهان [رحمه الله] يقول:
((ليتق [امرؤ وليعتبر عن] تقدم ممن [كان] القول باللفظ مذهبه ومقالته؛ [كيف خرج من الدنيا] مهجوراً مذموماً مطروداً من المجالس والبلدان لاعتقاده القبيح؟! وقوله الشنيع المخالف لدين الله مثل: الكرابيسي، [والشواط]، وابن كلاب، وابن الأشعري، وأمثالهم ممن كان الجدال والكلام طريقه في دين الله عز وجل)).


أقول : ولو كنا نقول في أئمة أهل البدع ( نحبهم ومع حبنا لهم نصحح أخطاءهم ) لما كان هناك فرق بينهم وبين أئمة أهل السنة !
وهذا ظلم عظيم وتعطيل لمدلول حديث الافتراق وحديث خط الخطوط وغيرها من الأخبار
فيكون من أخطأ في مسألة فقهية اجتهادية ، كمن أسس مذهباً بدعياً ضالاً في أسماء الله وصفاته وفي الإيمان
وفي القدر وغيرها من مسائل الاعتقاد

فما لكم كيف تحكمون ؟

ولو كان كل من وافق الحق في بعض المسائل أحببناه لأحببنا كل الناس
فلا يخلو بشر من موافقة الحق في بعض ما يقول
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي