الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فإن مسألة عورة المرأة المسلمة أمام المرأة المسلمة محل خلاف بين أهل العلم
وقد اختلفوا على قولين مشهورين
فمنهم من قال عورتها أمام المرأة المسلمة أنها يجوز لها كشف ما ينكشف عند
المهنة ( يعني العمل الشاق ) وذلك مثل الذراعين وبعض الساقين
ومنهم من يعبر عن هذا بقوله ( يجوز كشف مواضع الزينة الظاهرة)
ومنهم من قال أن عورتها أمام المرأة المسلمة ما بين السرة إلى الركبة ،
وممن قال بهذا القول لم يجز النظر في هذه الحال !
والصواب القول الأول وليس هذا محل بحث المسألة ، وإنما المراد أننا لو
أخذنا بالقول الثاني الأسهل فإن العورة لا يطلب عدم كشفها فقط ، وإنما يطلب عدم وصفها
أيضاً
ومعنى وصفها أنها تلبس ضيقاً يبين صفة العورة
فلا يجوز للمرأة اتفاقاً أن تلبس ضيقاً يصف فخذيها أو سرتها أمام المرأة
المسلمة
قال ابن أبي شيبة في المصنف 25286: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا
مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ ، قَالَ : لاَ بَأْسَ
بِالْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ لِلنِّسَاءِ ، إِنَّمَا يُكْرَهُ لَهُنَّ مَا يَصِفُ ،
أَوْ يَشِفُّ.
وقال ابن أبي شيبة في المصنف 25288: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ
، عَن أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمُزَنِيِّ ، قَالَ : كَانَ عُمَرُ يَنْهَى
النِّسَاءَ عَنْ لُبْسِ الْقَبَاطِيِّ ، فَقَالُوا : إِنَّهُ لاَ يَشِفُّ ، فَقَالَ
: إِلاَّ يَشِفَّ فَإِنَّهُ يَصِفُ.
25289: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ
، قَالَ عُمَرُ : لاَ تُلْبِسُوا نِسَاءَكُمَ الْقَبَاطِيَّ ، فَإِنَّهُ إِلاَّ يَشِفَّ
يَصِفُ.
وقال ابن أبي شيبة في المصنف 25290: حَدَّثَنَا حَفْصٌ ، عَنْ أَشْعَثَ
، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ؛ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ لِلنِّسَاءِ لُبْسَ
الْقَبَاطِيِّ ، وَقَالَ : إِنَّهُ إِلاَّ يَشِفَّ يَصِفُ.
25291: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ ، عَنْ نَافِعٍ ، قَالَ : كَسَا
ابْنُ عُمَرَ مَوْلًى لَهُ يَوْمًا مِنْ قَبَاطِيِّ مِصْرَ ، فَانْطَلَقَ بِهِ فَبَعَثَ
ابْنُ عُمَرَ فَدَعَاهُ ، فَقَالَ : مَا تُرِيدُ أَنْ تَصْنَعَ ؟
فَقَالَ : أُرِيدُ أَنْ أَجْعَلَهُ
دِرْعًا لِصَاحِبَتِيَّ ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : إِنْ لَمْ يَكُنْ يَشِفُّ فَإِنَّهُ
يَصِفُ.
وأثر ابن عمر صحيح
قال الطبري في تهذيب الآثار ( 3/90) :" فإنه إلا يشف فإنه يصف ، يعني
بذلك إن لم ير ما خلفه ، فإنه يصفها لرقته"
وقال البخاري في صحيحه 5241 : حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ
حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِي شَقِيقٌ قَالَ سَمِعْتُ
عَبْدَ اللَّهِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُبَاشِرْ
الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا
فإذا لم يجز أن تصف المرأة المرأة بالقول ، فكيف بلبس الضيق الذي يصف العورة
فلا يجوز للنساء أن يلبسن اللباس الضيق الذي يصف العورة حتى أمام النساء
المسلمات حتى بل وحتى أمام أمهاتهن وأخواتهن ، وعورتها أمام المرأة المسلمة على الصحيح
ما لا ينكشف عند المهنة
وعلى قول : ما بين السرة والركبة
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم