مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: تعقيب على محمد بن موسى الشريف في تصحيحه لأثر يا من لا تراه العيون

تعقيب على محمد بن موسى الشريف في تصحيحه لأثر يا من لا تراه العيون



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
  
                         
قال «محمد بن موسى الشريف» في كتابه تسبيح ومناجاة على ملك الأرض والسماء ص61: "4 ـ 
وقال أحد الصحابة رضي الله عنهم: ((يا من لا تراه العيون ولا تخالطه الظنون، ولا يصفه الواصفون، ولا تغيره الحوادث، ولا يخشى الدوائر، يعلم مثاقيل الجبال، ومكاييل البحار، وعدد قطر الأمطار، وعدد ورق الأشجار، وعدد ما أظلم عليه الليل وأشرق عليه النهار، وما تواري منه سماء سماء، ولا أرضٌ أرضاً، ولا بحر ما في قعره، ولا جبل ما في وعره اجعل خير عمري آخره...)).

ثم قال في الحاشية: "قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)): 10/160: رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح غير عبدالله بن محمد: أبو عبدالرحمن الأذرمي وهو ثقة. فسند الحديث صحيح إن شاء الله تعالى".

أقول : ما هكذا تحقق الأحاديث ، والهيثمي كان متساهلاً وقوله (رجاله رجال الصحيح) لا يستفاد منه تصحيح فإنه لا يفيد سلامة الحديث من الانقطاع أو الشذوذ أو العلة، ويتساهل في توثيق المجاهيل تبعاً لابن حبان وإلا فشيخ الطبراني مجهول العين

 قال الطبراني في الأوسط 11505 - حدثنا يعقوب بن إسحاق بن الزبير ، ثنا عبد الله بن محمد أبو عبد الرحمن الأذرمي ، نا هشيم ، عن حميد ، عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بأعرابي وهو يدعو في صلاته ، وهو يقول : يا من لا تراه العيون ، ولا تخالطه الظنون ، ولا يصفه الواصفون ، ولا تغيره الحوادث ، ولا يخشى الدوائر ، يعلم مثاقيل الجبال ، ومكاييل البحار ، وعدد قطر الأمطار ، وعدد ورق الأشجار ، وعدد ما أظلم عليه الليل ، وأشرق عليه النهار ، لا تواري منه سماء سماء ، ولا أرض أرضا ، ولا بحر ما في قعره ، ولا جبل ما في وعره ، اجعل خير عمري آخره ، وخير عملي خواتمه ، وخير أيامى يوم ألقاك فيه ، فوكل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأعرابي رجلا ، فقال : « إذا صلى فائتني به » فلما صلى أتاه ، وقد كان أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب من بعض المعادن ، فلما أتاه الأعرابي وهب له الذهب ، وقال : « ممن أنت يا أعرابي ؟ » قال : من بني عامر بن صعصعة يا رسول الله قال : «هل تدري لم وهبت لك الذهب ؟» قال : للرحم بيننا وبينك يا رسول الله ، فقال : «إن للرحم حقا ، ولكن وهبت لك الذهب لحسن ثنائك على الله عز وجل » لم يرو هذا الحديث عن حميد إلا هشيم ، تفرد به الأذرمي.

قال الألباني في الضعيفة (10/ 1/ 4613): يبدو أنه من شيوخ الطبراني المغمورين غير المشهورين فلم يذكر له الطبراني إلا عشرة أحاديث وكأنه لذلك لم يذكره الحافظ المزي في الرواة عن شيخه الأذرمي في ترجمة هذا من " تهذيب الكمال " ولا وجدت له ذكرا في شيء من كتب الرجال والله أعلم.

وانفراده بمثل هذا منكر فأين أصحاب أنس وأصحاب حميد وأصحاب هشيم وكلهم مكثر وله أصحاب عن مثل هذا

 وقد قال محمد بن موسى الشريف: "أنكر بعض العلماء الفضلاء هذا الدعاء بدعوى أنه يؤدي إلى إنكار رؤية الله في الآخرة، وهذا منه عجيب ؛ إذ المقصود هو الرؤية الدنيوية ـ كما هو واضح من السياق ـ وإلا كيف يصنع بقوله تعالى: (لَن تَرَاِنى) التي أوّلها العلماء على أنها الرؤية الدنيوية كما هو معلوم، والله أعلم".

وهذا تعقب لا طائل تحته فالحديث لا يصح وقوله تعالى : ( لن تراني ) ليس كقوله (لا أرى) أو (لا تراه العيون) فاللفظ الثاني أبلغ في النفي ، لهذا كان من أجوبة أهل السنة على استدلال المعطلة في هذه الآية أنه قال (تراني) ولم (لا أرى) أو (لست مرأياً).

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي