مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: بحث في مرويات دعاء سجود التلاوة

بحث في مرويات دعاء سجود التلاوة



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

                           
فقال الترمذي [ 579 ] حدثنا قتيبة حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس حدثنا الحسن بن محمد بن عبيد الله بن أبي يزيد قال قال لي بن جريج يا حسن أخبرني عبيد الله بن أبي يزيد عن بن عباس قال:
 جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني رأيتني الليلة وأنا نائم كأني أصلي خلف شجرة فسجدت فسجدت الشجرة لسجودي فسمعتها وهي تقول اللهم اكتب لي بها عندك أجرا وضع عني بها وزرا واجعلها لي عندك ذخرا وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود قال الحسن قال لي بن جريج قال لي جدك قال بن عباس فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم سجدة ثم سجد قال فقال ابن عباس فسمعته وهو يقول مثل ما أخبره الرجل عن قول الشجرة قال وفي الباب عن أبي سعيد قال أبو عيسى هذا حديث غريب من حديث بن عباس لا نعرفه إلا من هذا الوجه


وقال [ 3424 ] حدثنا قتيبة حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس حدثنا الحسن بن محمد بن عبيد الله بن أبي يزيد قال قال لي بن جريج أخبرني عبيد الله بن أبي يزيد عن بن عباس قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال رأيتني الليلة وأنا نائم كأني كنت أصلي خلف شجرة فسجدت الشجرة لسجودي وسمعتها وهي تقول اللهم أكتب لي بها عندك أجرا وضع عني بها وزرا وأجعلها لي عندك ذخرا وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود قال بن جريج قال لي جدك قال بن عباس فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم سجدة ثم سجد قال بن عباس فسمعته وهو يقول مثل ما أخبر الرجل من قول الشجرة قال أبو عيسى هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وفي الباب عن أبي سعيد

أقول : هذا الخبر ضعفه الترمذي كما ترى وقد ضعفه أيضاً العقيلي فقد أورده الحسن بن محمد بن عبيد الله من الضعفاء له واستنكره عليه قائلاً :" فِيهِ جَهَالَةٌ " ، وبهذا تبطل دعوى الحاكم في الحسن أنه لم يجرحه أحد .

وقد أشار الترمذي إلى أن في الباب خبراً لأبي سعيد الخدري

قال الحافظ في المطالب العالية :" 554 - وَقَالَ أَبُو يَعْلَى : حَدَّثَنَا الْجَرَّاحُ بْنُ مَخْلَدٍ ، حَدَّثَنَا الْيَمَانُ بْنُ نَصْرٍ صَاحِبُ الدَّقِيقِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَ ، يَقُولُ : رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنِّي تَحْتَ شَجَرَةٍ ، وَكَأَنَّ الشَّجَرَةَ تَقْرَأُ ص ، فَلَمَّا أَتَتْ عَلَى السَّجْدَةِ سَجَدَتْ ، فَقَالَتْ فِي سُجُودِهَا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي بِهَا ذَنْبًا ، اللَّهُمَّ حُطَّ عَنِّي بِهَا وِزْرًا ، وَأَحْدِثْ لِي بِهَا شُكْرًا ، وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتَ مِنْ عَبْدِكَ دَاوُدَ سَجْدَتَهُ ، فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَأَخْبَرْتُهُ ، فَقَالَ : سَجَدْتَ أَنْتَ يَا أَبَا سَعِيدٍ ؟ قُلْتُ : لا ، قَالَ : فَإِنَّكَ أَحَقُّ بِالسُّجُودِ مِنَ الشَّجَرَةِ ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُورَةَ ص ، ثُمَّ أَتَى عَلَى السَّجْدَةِ وَقَالَ فِي سُجُودِهِ مَا قَالَتِ الشَّجَرَةُ فِي سُجُودِهَا"

وقال الطبراني في الأوسط تحت حديث رقم (4768) :" لا يروى هذا الحديث عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد تفرد به اليمان بن نصر"


وعبد الله بن سعد لم أقف له على توثيق معتبر وقد زعم محقق مسند أبي يعلى أن ابن حبان قد وثقه ، وهذا لا ينفعه كثيراً ، ومحمد بن عبد الرحمن بن عوف انفرد ابن حبان بتوثيقه ، وروى عنه ثقتان فمثله مجهول الحال

والذي وجدته في الضعفاء للعقيلي في ترجمة الحسن :" قال لهذا الحديث طرق فيها لين "

ويعني بذلك خبر أبي سعيد



وقال ابن حجر في التلخيص الحبير ( 2/96) :" وَضَعَّفَهُ الْعُقَيْلِيُّ بِالْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ ، فَقَالَ : فِيهِ جَهَالَةٌ .
وَفِي الْبَابِ : عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ ، وَاخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ ، وَصَوَّبَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ رِوَايَةَ حَمَّادٍ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنْ بَكْرٍ : أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ رَأَى فِيمَا يَرَى النَّائِمُ "

فإذا رجحنا ما رجحه الإمام الدارقطني فالرواية مرسلة ، فإن بكراً المزني لم يدرك أبا سعيد

وقد نزع بعض الأئمة إلى تقوية حديث ابن عباس بحديث أبي سعيد ، غير أن في كل من الخبرين زيادات لا توجد في الخبر الآخر لا ينبغي تقويتها

فأما خبر ابن عباس فيه زيادة (واجعلها لي عندك ذخرا ) ولا توجد في خبر أبي سعيد

وأما خبر أبي سعيد ففيه زيادات وهي

1_ تعيين السورة التي قرأتها الشجرة

2_ وقوله (فَإِنَّكَ أَحَقُّ بِالسُّجُودِ مِنَ الشَّجَرَةِ )



ثم إن خبر ابن عباس يخالف خبر أبي سعيد فكيف يقويه ؟

ووجه المخالفة أن خبر ابن عباس فيه أن الرجل الذي رأى الرؤيا سجد فسجدت الشجرة لسجوده ، وأما خبر أبي سعيد ففيه أنه لم يسجد ، وهذه المخالفة تمنع من الاعتضاد

وهنا فائدة زائدة على المقصود

قال الترمذي في جامعه [ 580 ] حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الوهاب الثقفي حدثنا خالد الحذاء عن أبي العالية عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سجود القرآن بالليل سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته . وقال :" حسن صحيح "

وهنا فائدة يشد إليها الرحال ، وهي إعلال ابن خزيمة لهذا الخبر

قال ابن خزيمة في صحيحه (1/283) :" وإنما كنت تركت إملاء خبر أبي العالية عن عائشة أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقول في سجود القرآن بالليل : سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته لأن بين خالد الحذاء وبين أبي العالية رجل مسمى لم يذكر الرجل عبد الوهاب بن عبد المجيد و خالد بن عبد الله الواسطي"

ثم قال بعد أن أسند خبر الواسطي وصاحبه :" 565 - أخبرنا أبو طاهر نا أبو بكر نا يعقوب بن إبراهيم الدورقي نا ابن علية عن خالد الحذاء عن رجل عن أبي العالية عن عائشة رضي الله عنها :" مثل حديث بندار غير أنه قال : يقول في السجدة مرارا
قال أبو بكر : وإنما أمليت هذا الخبر وبينت علته في هذا الوقت مخافة أن يفتن بعض طلاب العلم برواية الثقفي و خالد بن عبد الله فيتوهم أن رواية عبد الوهاب و خالد بن عبد الله صحيحة "

وقد تابع عبد الوهاب وخالد بن عبد الله ، هشيم عند ابن أبي شيبة في المصنف (14/281) ووهيب بن خالد عند الطبراني في الأوسط (3476) ، غير أن ترجيح ابن خزيمة إنما جاء من كونه لم يسلك الجادة وقد نص أحمد على الحذاء لم يسمع أبا العالية

وكذا أعل الدارقطني هذا الخبر

جاء في علل الدارقطني :" 3750 - وسُئِل عَن حَدِيثِ أَبِي العالِيَةِ ، عَن عائِشَة ، كان رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلم يَقُولُ فِي سُجُودِ القُرآنِ : سَجَد وجهِي للذي خَلَقَهُ وشَقّ سَمعَهُ وبَصَرَهُ بِحَولِهِ وقُوَّتِهِ.
فَقال : يَروِيهِ خالِدٌ الحَذّاءُ ، واختُلِف عَنهُ ؛ فَرَواهُ هُشَيمٌ ، ومَحبُوبُ بن الحَسَنِ ، عَن خالِدٍ ، عَن أَبِي العالِيَةِ ، عَن عائِشَة ؛
وَخالَفَهُما ابن عُلَيَّة ؛
فَرَواهُ عَن خالِدٍ الحَذّاءِ ، عَن رَجُلٍ لَم يُسَمِّهِ ، عَن أَبِي العالِيَةِ ، عَن عائِشَة ، وهُو الصَّوابُ"

وقال العلائي في جامع التحصيل :" 169 - خالد بن مهران الحذاء قال أحمد بن حنبل ما أراه سمع من الكوفيين من رجل أقدم من أبي الضحى وقد حدث عن الشعبي وما أراه سمع منه وعن أحمد أيضا قال لم يسمع خالد الحداء من أبي عثمان يعني النهدي شيئا ولا من أبي العالية"

وهذا يقوي إعلال ابن خزيمة والدارقطني

غير أن أخبار الأذكار يتسامح بها في الجملة
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي