الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فإن من أشد ما يلقى المرء من حوادث الزمان فقد الولد ، وقد أحببت أن أجمع
شيئاً في تسلية من مات له ولد من كلام النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح
قال النسائي في سننه 2087 : أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ زَيْدٍ وَهُوَ ابْنُ
أَبِي الزَّرْقَاءِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَيْسَرَةَ
قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَلَسَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ
وَفِيهِمْ رَجُلٌ لَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ يَأْتِيهِ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِهِ فَيُقْعِدُهُ
بَيْنَ يَدَيْهِ فَهَلَكَ فَامْتَنَعَ الرَّجُلُ أَنْ يَحْضُرَ الْحَلْقَةَ لِذِكْرِ
ابْنِهِ فَحَزِنَ عَلَيْهِ فَفَقَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ مَالِي لَا أَرَى فُلَانًا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ بُنَيُّهُ الَّذِي
رَأَيْتَهُ هَلَكَ فَلَقِيَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ
عَنْ بُنَيِّهِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ هَلَكَ فَعَزَّاهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا فُلَانُ
أَيُّمَا كَانَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ تَمَتَّعَ بِهِ عُمُرَكَ أَوْ لَا تَأْتِي غَدًا
إِلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ إِلَّا وَجَدْتَهُ قَدْ سَبَقَكَ إِلَيْهِ يَفْتَحُهُ
لَكَ قَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ بَلْ يَسْبِقُنِي إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَيَفْتَحُهَا
لِي لَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ قَالَ فَذَاكَ لَكَ
وهذا الهدي من النبي صلى الله عليه وسلم من أحسن ما يسلى به والد الميت
، ويزال به حزنه
وقال الذهبي في الكبائر ص74 :" وعن الحسن البصري رحمه الله: إن رجلاً
حزن على ولد له وشكا ذلك إليه فقال الحسن كان ابنك يغيب عنك؟ قال: نعم كان غيبته أكثر
من حضوره قال فاتركه غائباً فإنه لم يغب عنك غيبة إلا لك فيها أجر أعظم من هذه فقال:
يا أبا سعيد هونت علي وجدي على ابني"
ولم أقف على سند لهذا الخبر وسواءً صح سنده أم لم يصح فإن متنه رائق
وقال ابن قتيبة في عيون الأخبار (1/298) :" موسى بن المهدي يعزي سليمان
بن أبي جعفر عن ابن له عزّى موسى بن المهديّ سليمان بن أبي جعفر عن ابن له، فقال: أيسرّك
وهو بليّة وفتنة ويحزنك وهو صلاة ورحمة! "
يشير إلى قوله تعالى : ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ
فِتْنَةٌ وَأَن اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ )
وأما الأجر والرحمة فقد تقدم في خبر النسائي
وقد قال مسلم في صحيحه 6734- [106-2608] حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ
، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَاللَّفْظُ لِقُتَيْبَةَ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا
جَرِيرٌ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ
سُوَيْدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا تَعُدُّونَ الرَّقُوبَ فِيكُمْ ؟ قَالَ قُلْنَا
: الَّذِي لاَ يُولَدُ لَهُ ، قَالَ : لَيْسَ ذَاكَ بِالرَّقُوبِ وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ
الَّذِي لَمْ يُقَدِّمْ مِنْ وَلَدِهِ شَيْئًا قَالَ : فَمَا تَعُدُّونَ الصُّرَعَةَ
فِيكُمْ ؟ قَالَ قُلْنَا : الَّذِي لاَ يَصْرَعُهُ الرِّجَالُ ، قَالَ : لَيْسَ بِذَلِكَ
، وَلَكِنَّهُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ.
وقال البخاري في الأدب المفرد 146: حَدثنا عَيَّاشٌ، قَالَ: حَدثنا عَبْدُ
الأَعْلَى، قَالَ: حَدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ
اللهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلم يَقُولُ: مَنْ مَاتَ
لَهُ ثَلاَثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَاحْتَسَبَهُمْ دَخَلَ الْجَنَّةَ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ
اللهِ، وَاثْنَانِ؟ قَالَ: وَاثْنَانِ، قُلْتُ لِجَابِرٍ: وَاللَّهِ، أَرَى لَوْ قُلْتُمْ
وَاحِدٌ لَقَالَ، قَالَ: وَأَنَا أَظُنُّهُ وَاللَّهِ.
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم