الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فمن المسائل الحيوية مسألة القيام لسجود التلاوة ، وبيانها في أن المرء
إذا كان يقرأ القرآن وهو جالس ومر بسجدة تلاوة ، هل الأفضل أن يسجد جالساً أم الأفضل
أن يقوم ويسجد ؟
ذهب إلى أفضلية القيام للسجود عدد من متأخري الحنابلة فقد نص عليه صاحب
الإقناع وتبعه صاحب كشاف القناع وكان الشيخ ابن عقيل الحنبلي يفتي به كما في مجموع
فتاويه وحجتهم فعل عائشة رضي الله عنها
قال البيهقي في سننه 3777 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ،
وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الْأَصَمُّ،
ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ شُعْبَةَ بْنِ
الْحَجَّاجِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ الْأَزْدِيَّةِ قَالَتْ: " رَأَيْتُ عَائِشَةَ
رَضِيَ اللهُ عَنْهَا تَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ، فَإِذَا مَرَّتْ بِسَجْدَةٍ قَامَتْ
فَسَجَدَتْ "
وهذا الخبر رجاله ثقات إلا أم سلمة الأزدية فلم يوثقها معتبر ولهذا ضعف
النووي هذا الخبر في المجموع (4/65)
وذهب إلى بدعية هذا الفعل
والصواب قول من قال بالاستحباب وتضعيف النووي لا وجه له لأن أم سلمة الأزدية
روى عنها شعبة والأصل فيه أنه لا يروي إلا عن ثقة ، وهي تابعية امرأة تروي أمراً رأته
والخطب في هذا هين
قال ابن أبي حاتم في تقدمة الجرح والتعديل ص70 سمعت أبي يقول إذا رأيت
شعبة يحدث عن رجل فأعلم أنه ثقة إلا نفراً بأعيانهم قيل لأبي ألم يكن للثوري بصر بالحديث
كبصر شعبة قال كان الثوري قد غلب عليه شهوة الحديث وحفظه وكان شعبة أبصر بالحديث وبالرجال
وكان الثوري أحفظ وكان شعبة بصيراً بالحديث جداً فهما له كأنه خلق لهذا الشان .
وقال ابن عبد الهادي في الصارم المنكي ص99 :" على أن الغالب على طريقة
شعبة الرواية عن الثقات، وقد يروي عن جماعة من الضعفاء الذين اشتهر جرحهم والكلام فيهم
الكلمة والشيء والحديث والحديثين وأكثر من ذلك، وهذا مثل روايته عن إبراهيم بن مسلم
الهجري وجابر الجعفي وزيد بن الحواري العمي وثوير بن أبي فاختة ومجالد بن سعيد وداود
بن يزيد الأودي ، وعبيدة بن معتب الضبي ،ومسلم الأعور ، وموسى بن عبيدة الربذي ، ويعقوب
بن عطاء بن أبي رباح وعلي بن زيد بن جدعان ، وليث بن أبي سليم ، وفرقد السخي ، وغيرهم
ممن تكلم فيه ونسب إلى الضعف وسوء الحفظ وقلة الضبط ومخالفة الثقات.
وسوار بن ميمون إن صحت رواية شعبة عنه من هذا النمط، بل هو دون كثير من
هؤلاء الذين سميناهم ممن روى عنهم، وهو متكلم فيه، فإن بعض هؤلاء له حديث كثير وروايته
تصلح للمتابعة والاعتضاد والاستشهاد"
وعليه فالأصل فيمن روى عنه شعبة العدالة حتى يأتي دليل يخالف هذا ، ولا
دليل هنا فالأثر ثابت ويسلم احتجاج الفقهاء به ، ويكون الراجح جواز هذا الفعل بل استحبابه
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم