الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
قال ابن أبي شيبة في المصنف 38502: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ،
قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ
طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ ، قَالَ :
جَلَدَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ
رَجُلاً حَدًّا ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جَلَدَ رَجُلاً آخَرَ حَدًّا ، فَقَالَ
رَجُلٌ هَذِهِ وَاللهِ الْفِتْنَةُ ، جَلَدَ أَمْسُ رَجُلاً فِي حَدٍ ، وَجَلَدَ الْيَوْمَ
رَجُلاً فِي حَدٍّ
فَقَالَ : خَالِدٌ : لَيْسَ هَذِهِ
بِفِتْنَةٍ ، إنَّمَا الْفِتْنَةُ أَنْ تَكُونَ فِي أَرْضٍ يُعْمَلُ فِيهَا بِالْمَعَاصِي
فَتُرِيدُ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا إِلَى أَرْضٍ لاَ يُعْمَلُ فِيهَا بِالْمَعَاصِي فَلاَ
تَجِدُهَا.
وهذا إسناد صحيح ، وهذه الفتنة قد أصابت كثيرين اليوم والله المستعان
قال ابن أبي الدنيا في العقوبات 20 : حدثني عبد الرحمن بن عبد الله الباهلي
، قال : أخبرنا سفيان بن عيينة ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن صفية ، قالت
:
زلزلت المدينة على عهد عمر رضي
الله عنه فقال : أيها الناس ، ما هذا ؟ ما أسرع ما أحدثتم
لئن عادت لا أساكنكم فيها .
الله أكبر ما أعظم فقهه فهم أن ما أصابتهم زلزلة إلا بأمر أحدثوه ثم تهدد
أن يترك المدينة
ولا يسكنها إذا كثر إحداث أهلها
فما عسانا أن نقول اليوم والناس في زمن عمر هم الناس !
وقال ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 1464 : أخبرنا يعيش بن سعيد
الوراق ، ثنا محمد بن معاوية ، ثنا الفريابي ، قال : نا عباس العنبري ، ثنا عبد الرزاق
، عن مالك بن أنس ، قال :
قدم علينا ابن شهاب قدمة ، فقلت
له : طلبت العلم حتى إذا كنت وعاء من أوعيته تركت المدينة ونزلت كداء فقال : كنت أسكن
المدينة والناس ناس فلما تغير الناس تركتهم .
والزهري تابعي فما عسانا أن نقول اليوم وقد اكتنفنا من الغربة سرابيل موحشة
أعان الله أهل الاستقامة على ما
هم فيه
وقال ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 1466 : أخبرنا أحمد بن سعيد
بن بشر ، ثنا محمد بن أبي دليم ، ثنا ابن وضاح ، ثنا أحمد بن عمرو بن السرح ، ح
وحدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد
بن علي ، قال : حدثني أبي ثنا محمد بن فطيس ، ثنا يونس بن عبد الأعلى ، ح
وحدثنا عبد الله بن محمد بن يوسف ، ثنا محمد بن أبي دليم ، ثنا عمر بن
أبي تمام ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قالوا أنا أبو ضمرة أنس بن عياض ، قال
: سمعت هشام بن عروة ، يقول :
لما اتخذ عروة بن الزبير قصره
بالعقيق قال له الناس : قد جفوت عن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال : إني رأيت مساجدكم لاهية
وأسواقكم لاغية والفاحشة في فجاجكم عالية
فكان فيما هنالك عما أنتم فيه
عافية
زاد أحمد بن سعيد في حديثه عن
ابن أبي دليم ، عن ابن وضاح ، قال لي أبو الطاهر أحمد بن عمرو وسمعت غير أنس بن عياض
يقول : عوتب عروة في ذلك
فقال : ومن بقي ، إنما بقي شامت بنكبة أو حاسد على نعمة .
وعروة هو شيخ الزهري وهذه مقالته في أهل عصره وهم الأخيار فما عسانا أن
نقول وقد بقينا في خلف كجلد الأجرب
قال أبو نعيم في الحلية (6/367) : حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو أَحْمَدَ،
وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، قَالَا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحيى، ثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ مِهْرَانَ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَمْرٍو، - وَهُوَ
ابْنُ أَخِي سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ - قَالَ:
كَتَبَ سُفْيَانُ إِلَى عَبَّادِ
بْنِ عَبَّادٍ: أَمَا بَعْدَ :
فَإِنَّكَ فِي زَمَانٍ كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُونَ أَنْ يُدْرِكُوهُ وَلَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَيْسَ لَنَا
وَلَهُمْ مِنَ الْقِدَمِ مَا لَيْسَ
لَنَا فَكَيْفَ بِنَا حِينَ أَدْرَكْنَاهُ عَلَى قِلَّةِ عِلْمٍ وَقِلَّةِ صَبْرٍ وَقِلَّةِ
أَعْوَانٍ عَلَى الْخَيْرِ
وَفَسَادٍ مِنَ النَّاسِ وَكَدَرٍ مِنَ الدُّنْيَا
فَعَلَيْكَ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ
وَالتَّمَسُّكِ بِهِ ، وَعَلَيْكَ بِالْخُمُولِ فَإِنَّ هَذَا زَمَنُ خُمُولٍ ، وَعَلَيْكَ
بِالْعُزْلَةِ وَقِلَّةِ مُخَالَطَةِ النَّاسِ
فَقَدْ كَانَ النَّاسُ إِذَا الْتَقَوْا
يَنْتَفِعُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، فَأَمَّا الْيَوْمُ فَقَدْ ذَهَبَ ذَاكَ وَالنَّجَاةُ
فِي تَرْكِهِمْ فِيمَا نَرَى
وَإِيَّاكَ وَالْأُمَرَاءَ أَنْ
تَدْنُو مِنْهُمْ وَتُخَالِطُهُمْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ
وَإِيَّاكَ أَنْ تُخْدَعَ فَيُقَالَ
لَكَ تَشْفَعُ وَتَدْرَأُ عَنْ مَظْلُومٍ أَوْ تُرَدَّ مَظْلِمَةً فَإِنَّ ذَلِكَ خَدِيعَةُ
إِبْلِيسٍ، وَإِنَّمَا اتَّخَذَهَا فُجَّارُ الْقُرَّاءِ سُلَّمًا
وَكَانَ يُقَالُ: اتَّقُوا فِتْنَةَ
الْعَابِدِ الْجَاهِلِ وَالْعَالِمِ الْفَاجِرِ فَإِنَّ فِتْنَتَهَا فِتْنَةٌ لِكُلِّ
مَفْتُونٍ
وَمَا لَقِيتَ مِنَ الْمَسْأَلَةِ
وَالْفُتْيَا فَاغْتَنِمْ ذَلِكَ وَلَا تُنَافِسْهُمْ فِيهِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ
كَمَنْ يُحِبُّ أَنْ يُعْمَلَ بِقَوْلِهِ أَوْ يُنْشَرَ قَوْلُهُ أَوْ يُسْمَعَ مِنْ
قَوْلِهِ، فَإِذَا تَرَكَ ذَاكَ مِنْهُ عُرِفَ فِيهِ
وَإِيَّاكَ وَحُبَّ الرِّيَاسَةِ
فَإِنَّ الرَّجُلَ تَكُونُ الرِّيَاسَةُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ
وَهُوَ بَابٌ غَامِضٌ لَا يُبْصِرُهُ إِلَّا الْبَصِيرُ مِنَ الْعُلَمَاءِ السَّمَاسِرَةِ
فَتَفَقَّدْ نَفْسَكَ وَاعْمَلْ
بِنِيَّةٍ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ دَنَا مِنَ النَّاسِ أَمْرٌ يَشْتَهِي الرَّجُلُ
أَنْ يَمُوتَ
وَالسَّلَامُ "
فتأمل قوله : ( وَعَلَيْكَ بِالْخُمُولِ فَإِنَّ هَذَا زَمَنُ خُمُولٍ،
وَعَلَيْكَ بِالْعُزْلَةِ وَقِلَّةِ مُخَالَطَةِ النَّاسِ فَقَدْ كَانَ النَّاسُ إِذَا
الْتَقَوْا يَنْتَفِعُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، فَأَمَّا الْيَوْمُ فَقَدْ ذَهَبَ ذَاكَ
وَالنَّجَاةُ فِي تَرْكِهِمْ فِيمَا نَرَى)
واعتبر هذا في حال أهل هذا الزمان فهم أولى بهذا الوصف والله !
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم