مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: تحقيق ما ورد عن ابن مسعود في التوبة من الاستثناء في الإيمان

تحقيق ما ورد عن ابن مسعود في التوبة من الاستثناء في الإيمان



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد : 

                         
قال الطبراني في مسند الشاميين 1443 - حدثنا أحمد بن المعلى الدمشقي ثنا هشام بن عمار ثنا صدقة بن خالد ثنا محمد بن عبد الله الشعيثي عن حرام بن حكيم ويونس بن مسيرة بن حلبس عن أبي مسلم الخولاني :
" أنه قدم العراق فجلس إلى رفقة فيها ابن مسعود فتذاكروا الإيمان فقلت أنا مؤمن فقال بن مسعود أتشهد أنك في الجنة فقلت لا أدري مما يحدث الليل والنهار فقال بن مسعود لو شهدت أني مؤمن لشهدت أني في الجنة قال أبو مسلم فقلت يا بن مسعود ألم تعلم أن الناس كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم على ثلاثة أصناف مؤمن السرير مؤمن العلانية كافر السرير كافر العلانية مؤمن العلانية كافر السريرة قال نعم قلت فمن أيهم أنت قال أنا مؤمن السريرة مؤمن العلانية قال أبو مسلم قلت وقد أنزل الله عز و جل هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن فمن أي الصنفين أنت قال أنا مؤمن قلت صلى الله على معاذ قال وماله قلت كان يقول اتقوا زلة الحكيم وهذ منك زلة يا ابن مسعود فقال أستغفر الله .

أقول : هذا السند ظاهره السلامة غير أن هشام بن عمار وهو إن كان من الثقات الكبار إلا أنه اختلط بآخره وصار يلقن فيتلقن وليس أحمد بن المعلى شيخ الطبراني من مشاهير تلاميذه ، حتى إن المزي لم يذكره فيهم في تهذيب الكمال

قال المزي في تهذيب الكمال (30/ 254) :" وَقَال عبد الرحمن بن أَبي حاتم: سمعت أبي يقول : هشام ابن عمار لما كبر تغير فكل ما دفع إليه قرأه ، وكلما لقن تلقن ، وكان قديما أصح ، كان يقرأ من كتابه. وسئل أبي عنه ، فقال : صدوق"

وقال المزي أيضاً :" قال أبو داود : وأبو أيوب ، يعني سُلَيْمان ابن بنت شرحبيل - خير منه ، يعني من هشام ، حدث هشام بأرجح من أربع مئة حديث ليس لها أصل مسندة كلها ، كان فضلك يدور على أحاديث أبي مسهر وغيره ، يلقنها هشام بن عمار. قال هشام بن عمار : حدثني ، قد روي فلا أبالي من حمل الخطأ "

أقول : وعليه لا يحتمل منه الإنفراد بهذه القصة الغريبة ، التي فيها ما يخالف المنقول عن ابن مسعود في كتب العقيدة كما سيأتي بيانه وهذا سند شامي

وقد رويت القصة من وجهٍ آخر مع ذكر مناظرٍ آخر !

قال ابن أبي شيبة في كتاب الإيمان72 - حدثنا أبو معاوية ، عن داود بن أبي هند ، عن شهر بن حوشب ، عن الحارث بن عميرة الزبيري ، قال : وقع الطاعون بالشام ، فقام معاذ بحمص فخطبهم فقال : إن هذا الطاعون رحمة ربكم ، ودعوة نبيكم صلى الله عليه وسلم ، وموت الصالحين قبلكم ، اللهم اقسم لآل معاذ نصيبهم الأوفى منه . فلما نزل عن المنبر أتاه آت فقال : إن عبد الرحمن بن معاذ قد أصيب ، فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ثم انطلق نحوه فلما رآه عبد الرحمن مقبلا قال : يا أبة الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ، قال : يا بني ستجدني إن شاء الله من الصابرين ، قال : فمات آل معاذ إنسان إنسان ، حتى كان معاذ آخرهم ، فأصيب ، فأتاه الحارث بن عميرة الزبيدي يعوده ، قال : وغشي على معاذ غشية ، فأفاق معاذ والحارث يبكي ، فقال معاذ : ما يبكيك ؟ فقال : أبكي على العلم الذي يدفن معك ، فقال : إن كنت طالب العلم لا محالة فاطلبه من عبد الله بن مسعود ، ومن عويمر أبي الدرداء ، ومن سلمان الفارسي ، وإياك وزلة العالم ، فقلت : وكيف لي أصلحك الله أن أعرفها ؟ قال : للحق نور يعرف به . قال : فمات معاذ رحمة الله عليه ، وخرج الحارث يريد عبد الله بن مسعود بالكوفة ، فانتهى إلى بابه ، فإذا على الباب نفر من أصحاب عبد الله بن مسعود يتحدثون ، فجرى بينهم الحديث حتى قالوا : يا شامي ، أمؤمن أنت ؟ فقال : نعم ، قال : فقالوا : من أهل الجنة ؟ قال : إن لي ذنوبا وما أدري ما يصنع الله فيها ، ولو أعلم أنها غفرت لي لأنبأتكم أني من أهل الجنة ، قال : فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم عبد الله ، فقالوا : ألا تعجب من أخينا هذا الشامي ؟ يزعم أنه مؤمن ، ولا يزعم أنه من أهل الجنة ، فقال عبد الله : لو قلت إحداهما لأتبعتها الأخرى ، فقال الحارث : إنا لله وإنا إليه راجعون ، صلى الله على معاذ ، قال : ويحك ، ومن معاذ ؟ قال : معاذ بن جبل ، قال : وما ذاك ؟ قال : قال : إياك وزلة العالم ، فأحلف بالله أنها منك لزلة يا ابن مسعود ، وما الإيمان إلا أنا نؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، والجنة والنار ، والبعث ، والميزان ، ولنا ذنوب ما ندري ما يصنع الله فيها ، فلو أنا نعلم أنها غفرت لقلنا : إنا من أهل الجنة . قال : فقال عبد الله : صدقت ، والله إن كانت مني لزلة ، صدقت والله إن كانت مني لزلة .

أقول : وهذا سند آخر ويعل تلك الرواية فإن فيها أن المناظر هو الحارث بن عميرة واسمه يزيد بن عميرة وتسميته ب( الحارث ) من أوهام الرواة كما نبه عليه البخاري

وقد يتبادر إلى الذهن إعلال هذا السند بشهر بن حوشب ، غير أن أبا معاوية يضطرب في حديثه عن غير الأعمش وقد خالفه أبو السائب عند الطبري في تهذيب الآثار فروى الخبر عن شهر بصيغة الإرسال وليس عن الحارث بن عميرة

قال المزي في ترجمة أبي معاوية من تهذيب الكمال :" وَقَال أيضا _ يعني أحمد _ : سمعت أبي يقول : أبو معاوية الضرير في غير حديث الأعمش مضطرب لا يحفظها حفظا جيدا"

وقال أيضاً :" وَقَال ابن خراش: صدوق ، وهو في الأعمش ثقة ، وفي غيره فيه اضطراب "

وقال ابن عمار الشهيد في علل أحاديث مسلم ص72 :" وسمعت أبا جعفر الحضرمي يقول : سمعت ابن نمير يقول : (( كان أبو معاوية يضطرب فيما كان عن غير الأعمش ))

وسمعت الحسين بن إدريس يقول : سمعت عثمان بن أبي شيبة يقول : (( أبو معاوية في حديث الأعمش حجة وفي غيره لا))"

وقال أبو داود كما سؤالات الآجري (1/295) :" أبو معاوية إذا جاز حديث الاعمش كثر خطؤه 
 "
 
ثم اختلف على أبي معاوية

والوجه الثاني هو ما رواه ابن أبي شيبة في المصنف

قال ابن أبي شيبة في المصنف 30968- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ ، عَنْ ثَعْلَبَةَ ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ قَالَ : حدَّثَنِي الرَّسُولُ الَّذِي سَأَلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ ، قَالَ : أَسْأَلُك بِاللهِ أَتَعْلَمُ ، أَنَّ النَّاسَ كَانُوا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ثَلاثَةِ أَصْنَافٍ مُؤْمِنِ السَّرِيرَةِ وَمُؤْمِنِ الْعَلانِيَةِ ، وَكَافِرِ السَّرِيرَةِ كَافِرِ الْعَلانِيَةِ ، وَمُؤْمِنِ الْعَلانِيَةِ كَافِرِ السَّرِيرَةِ ، قَالَ : فَقَالَ عَبْدُ اللهِ : اللَّهُمَّ نَعَمْ ، قَالَ : فَأَنْشُدُك بِاللهِ : مِنْ أَيِّهِمْ كُنْت ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ مُؤْمِنُ السَّرِيرَةِ مُؤْمِنُ الْعَلانِيَةِ ، أَنَا مُؤْمِنٌ ، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ : فَلَقِيت عَبْدَ اللهِ بْنَ مَعْقِلٍ ، فَقُلْتُ : إنَّ أُنَاسًا مِنْ أَهْلِ الصَّلاحِ يَعِيبُونَ عَلَيَّ أَنْ أَقُولَ : أَنَا مُؤْمِنٌ ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَعْقِلٍ : لَقَدْ خِبْتَ وَخَسِرْت إِنْ لَمْ تَكُنْ مُؤْمِنًا .

فهذا إسنادٌ آخر وفيه علة الإبهام

وقال أبو نعيم الأصبهاني في مسند أبي حنيفة ص44 :" حدثنا أبو محمد بن حيان ثنا احمد بن رستة ثنا محمد ابن المغيرة حدثنا الحكم بن أيوب عن زفر عن أبي حنيفة عن جواب التيمي عن الحارث بن سويد أن رجلا قال لمعاذ أوصني حين حضره الموت فقال اتق زلة العالموعليك بابن أم عبد فأتى ابن مسعود وكنا مع أصحابه ذات يوم فقال أنت قال نعم قال من أهل الجنة قال أرجو ذلك فلما جاء ابن مسعود قالأخبره الحسين فقال هلا سألتموه أمن أهل الجنة هو أم لا قالوا قدفعلنا بينما هو لذلك أخبره الرجل فقالوا هو ذا الرجل يا أبا عبد الرحمن فلما جاء ابن مسعود قال أمؤمن قال نعم قال أمن أهل الجنةقال أرجو ذلك ثم بكى فقال له عبد الله ما يبكيك قال أبكي لأن معاذ أبكي لأن معاذ قال اتق زلة العالم وذكر القصة "

أقول : وهذا لونٌ ثالث في اضطراب القصة ، و محمد بن المغيرة إن كان هو الأصبهاني ، فهو مجهول ، والحكم بن أيوب لم أجد له ترجمة ، وأبو حنيفة حاله في الحديث معروفة

قال الترمذي في العلل الكبير ص152 سمعت محمود بن غيلان يقول سمعت المقري يقول سمعت أبا حنيفة يقول عامة ما أحدثكم خطأ .

وشيخه التيمي اختلفوا فيه وهو مرجيء كبير !

قال ابن أبي شيبة في كتاب الإيمان 22 - حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، قال : جاء رجل إلى عبد الله فقال : إني لقيت ركبا فقلت : من أنتم ؟ قالوا : « نحن المؤمنون قال : فقال : ألا قالوا نحن من أهل الجنة » .

وهذا إسنادٌ صحيح ، وهو المحفوظ عن ابن مسعود


وقد ضعف الإمام أحمد هذه الرواية المروية عن ابن مسعود في الرجوع عن الاستثناء

قال الخلال في السنة 1067 - وأخبرني حامد بن أحمد ، أنه سمع الحسن بن محمد بن الحارث ، أنه سأل أبا عبد الله : يصح قول الحارث بن عميرة أن ابن مسعود رجع عن الاستثناء ، ؟ فقال : « لا يصح ، أصحابه يعني على الاستثناء » ، ثم قال : سمعت حجاجا ، عن شريك ، عن الأعمش ومغيرة ، عن أبي وائل : أن حائكا بلغه قول عبد الله ، قال : زلة عالم ، يعني حيث قال له : إن قالوا : إنا مؤمنون ، فقال : « ألا سألتموهم أفي الجنة هم ؟ » وأنكر أحمد قولي : رجع عن الاستثناء إنكارا شديدا ، وقال : « كذلك أصحابه ، يقولون بالاستثناء »

أقول : وتسمية الحارث بن عميرة ، يدل على أنهم لم يكونوا يعرفون رواية الخولاني لأنها من أوهام هشام بن عمار ، وأصحاب ابن مسعود هم شيوخ أهل الكوفة ، وما أحسن ما نكت به الدميري على أبي حنيفة في هذا الباب

قال صاحب مغني المحتاج (16/ 318) :" فَائِدَةٌ : لَا بِدَعَ وَلَا إشْكَالَ فِي الْعِبَارَةِ الْمَعْزُوَّةِ إلَى إمَامِنَا الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ : أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَهِيَ مَرْوِيَّةٌ عَنْ عُمَرَ ، وَصَحَّتْ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَهِيَ قَوْلُ أَكْثَرِ السَّلَفِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالْأَشْعَرِيَّةِ ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إنْكَارُهَا .
قَالَ الدَّمِيرِيُّ : وَهُوَ عَجِيبٌ لِأَنَّهَا صَحَّتْ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ شَيْخُ شَيْخِ شَيْخِ شَيْخِهِ "

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاستقامة ص149 :" وأوجبه _ يعني الاستثناء _ كثير من أهل السنة ومن وجوهه وجهان حسنان
أحدهما :أن الإيمان الذي أوجبه الله على العبد من الامور الباطنة أو الظاهرة لا يتيقن أنه أتى بها على الوجه الذي أمر به كاملا بل قد يكون أخل ببعضه فيستثنى لذلك
والوجه الثاني ان المؤمن المطلق من علم الله أنه يوافى بالإيمان فأما الإيمان الذي تتعقبه الردة فهو باطل كالصوم والصلاة الذي يبطل قبل فراغه فلا يعلم العبد أنه مؤمن حتى يقضى جميع إيمانه وذلك إنما يكون بالموت
وهذا معنى ما يروى عن ابن مسعود أنه قيل له إن فلانا يقول إنه مؤمن قال فقولوا له أهو في الجنة فقال الله أعلم قال فهلا وكلت الاولى كما وكلت الثانية
وهذا الوجه تختاره طائفة من متكلمي أهل الحديث المائلين إلى الإرجاء كالأشعري وغيره ممن يقول بالاستثناء ولا يدخل الأعمال في مسمى الايمان فيجعل الاسثثناء يعود إلا إلى النوايا فقط"

وقال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (7/ 417) :" وأنكر أحمد بن حنبل حديث ابن عميرة أن عبد الله رجع عن الاستثناء فإن ابن مسعود لما قيل له إن قوما يقولون إنا مؤمنون فقال أفلا سألتوهم أفى الجنة هم وفى رواية أفلا قالوا نحن أهل الجنة وفى رواية قيل له إن هذا يزعم أنه مؤمن قال فاسألوه أفي الجنة هو أو في النار فسألوه فقال الله أعلم فقال له عبدالله فهلا وكلت الأولى كما وكلت الثانية من قال أنا مؤمن فهو كافر ومن قال أنا عالم فهو جاهل ومن قال هو في الجنة فهو في النار يروي عن عمر بن الخطاب من وجوه مرسلا من حديث قتادة ونعيم ابن أبي هند وغيرهما
والسؤال الذي تورده المرجئة على ابن مسعود ويقولون أن يزيد بن عميرة أورده عليه حتى رجع جعل هذا أن الإنسان يعلم حاله الآن وما يدري ماذا يموت عليه ولهذا السؤال صار طائفة كثيرة يقولون المؤمن هو من سبق في علم الله أنه يختم له بالإيمان والكافر من سبق في علم الله أنه كافر وأنه لا اعتبار بما كان قبل ذلك وعلى هذا يجعلون الاستثناء وهذا أحد قولي الناس من أصحاب احمد وغيرهم وهو قول أبي الحسن وأصحابه
ولكن أحمد وغيره من السلف لم يكن هذا مقصودهم وإنما مقصودهم أن الإيمان المطلق يتضمن فعل المأمورات فقوله أنا مؤمن كقوله أنا ولي الله وأنا مؤمن تقي وأنا من الأبرارونحو ذلك وابن مسعود رضي الله عنه لم يكن يخفى عليه أن الجنة لا تكون إلا لمن مات مؤمنا وأن الإنسان لا يعلم على ماذا يموتفإن ابن مسعود أجل قدرا من هذا وإنما أراد سلوه هل هو في الجنة إن مات على هذه الحال كأنه قال سلوه أيكون من أهل الجنة على هذه الحال فلما قال الله ورسوله أعلم قال أفلا وكلت الأولى كما وكلت الثانية يقول هذا التوقف يدل على أنك لا تشهد لنفسك بفعل الواجبات وترك المحرمات فإنه من شهد لنفسه بذلك شهد لنفسه أنه من أهل الجنة إن مات على ذلك ولهذا صار الذين لا يرون الاستثناء لأجل الحال الحاضر بل للموافاة لا يقطعون بأن الله يقبل توبة تائب كما لا يقطعون بأن الله تعالى يعاقب مذنبا فإنهم لو قطعوا بقبول توبته لزمهم أن يقطعوا له الجنة وهم لا يقطعون لأحد من أهل القبلة لا بجنة ولا نار إلا من قطع له النص "

أقول : فكلام شيخ الإسلام يدل على كلام ابن مسعود ليس محمولاً على الموافاة ( وهي قولهم لا أدري على ماذا أموت ؟) ، وإنما هو محمول على حال المرء الآن فإنه إن شهد لنفسه أنه كامل الإيمان مقبول الحسنات مجانبٌ للسيئات ، كان شهادته هذه شهادةً لنفسه بالجنة .

وقال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (7/ 429) :" وأما الاستثناء فى الايمان بقول الرجل أنا مؤمن إن شاء الله فى فالناس فيه على ثلاثة أقوال منهم من يوجبه ومنهم من يحرمه ومنهم من يجوز الأمرين باعتبارين "

وقال أيضاً (7/ 439) :" وأما الموافاة فما علمت أحدا من السلف علل بها الاستثناء ولكن كثير من المتأخرين يعلل بها من أصحاب الحديث من اصحاب احمد ومالك والشافعي وغيرهم كما يعلل بها نظارهم كأبي الحسن الأشعري واكثر أصحابه لكن ليس هذا قول سلف أصحاب الحديث "

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي