مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: الرد على طعن الدكتور فهد الميموني في الإمام العقيلي ...

الرد على طعن الدكتور فهد الميموني في الإمام العقيلي ...



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
                            

قال فهد الميموني المغربي في كتابه الصاحب الفريد في علم التجويد ص134 :" رغم أننا لمسنا ضرباً من عدم الإنصاف في قول العقيلي - يعني في أبي الحسن البزي - منكر الحديث وهذا لا يعني تجريحه مع العلم بكون العقيلي قد ينسل حبر قلمه كلامٌ ليكتب في إمام الأئمة ونبراس أولي الهمة علي بن المديني (ضعيف ) حتى قال فيه شمس الدين الذهبي : ( أما لك عقل يا عقيلي أتدري فيمن تتكلم )

ومن هذا الباب تجهيل ابن حزم الظاهري للإمام أبي عيسى الترمذي "

أقول : هذا كلام مليء بالمغالطة والتهويل وقد يستغرب القاريء الفطن من الغطرسة في لغة الدكتور ، ولكن هذا ديدنه
وبيان غلطه من وجوه

أولاً : قوله أن العقيلي ضعف ابن المديني كذب ، ولا أدري أليس عند الدكتور نسخة من الضعفاء يوثق منها قبل أن يطلق لسانه في هذا الإمام الجليل

بل الموجود في الضعفاء للعقيلي خلاف هذا فقد قال العقيلي :( علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح جنح إلى ابن أبي داود والجهمية ، وحديثه مستقيم إن شاء الله )

الوجه الثاني : أن باب كلام العقيلي في ابن المديني مختلف عن باب كلامه في أبي الحسن البزي ، فإنه إنما تكلم في ابن المديني لما حصل في أيام الفتنة من الجنوح إلى ابن أبي دؤاد وأصحابه ، والعقيلي في هذا التشنيع متابع للإمام أحمد

قال ابن رجب في شرح علل الترمذي :" كان ابن المديني قد امتحن في محنة القرآن ، فأجاب مكرهاً ، ثم إنه تقرب إلى ابن أبي داود ، حيث استماله بدنياه ، وصحبه وعظّمه ، فوقع بسبب ذلك في أمور صعبة ، حتى إنه كان يتكلم في طائفة من أعيان أهل الحديث يرضي بذلك ابن أبي داود ، فهجره الإمام أحمد لذلك ، وعظمت الشناعة عليه ، حتى صار عند الناس كأنه مرتد . وترك أحمد الرواية عنه ، وكذلك إبراهيم الحربي وغيرهما .
وكان [ يحيى ] بن معين يقول : (( هو رجل خاف فقال ما عليه )) .
ولو اقتصر على ما ذكره ابن معين لعذر ، لكن حاله كما وصفنا . وقد روى عنه أنه قال : (( من قال : القرآن مخلوق ، فهو كافر )) .
والله تعالى يرحمه ويسامحه بمنه وكرمه "

فهذا سبب كلام العقيلي في ابن المديني فافهم الأمر جيداً قبل أن تطلق لسانك في الأئمة والعقيلي ليس منفرداً فقد سبقه أحمد ومعه في ذلك أبو زرعة

قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل :" كتب عنه أَبي، وأَبو زُرعَة، وترك أَبو زُرعَة الرواية عنه من أَجْل ما كان منه في المحنة، وكان أبي يروي عنه لنزوعه عما كان منه"

فابن المديني قد رجع والحمد لله ، غير أن العقيلي _ رحمه الله _ استبان لك حجته في ذكره في المجروحين فهو كان يسير على ما رسم الإمام أحمد وعلى ما كان مشهوراً عندهم في ذلك العصر ، وإذا فهمت كلام ابن رجب علمت الفرق بين موقف ابن معين في المحنة وموقف ابن المديني في المحنة

وقياس كلام ابن حزم في الترمذي على كلام العقيلي في ابن المديني قياس من لا يفهم ولا يعي الأمور على وجهها

وأما العقيلي في أبي الحسن البزي فهو من جهة حفظه للأحاديث وهذا باب العقيلي الذي من نازعه فيه فقد ظلم نفسه ونازع الأمر أهله فقد قال العقيلي ( منكر الحديث يصل الأحاديث ) وهذا جرح شديد فلا أدري كيف لا يقتضي تجريح البزي ؟!

الوجه الثالث : أن العقيلي لم ينفرد في حكمه على أبي الحسن البزي بل تابعه أبو حاتم الرازي حيث قال ( ضعيف الحديث لا أروي عنه ) وهذا جرح شديد بدلالة قوله ( لا أروي عنه ) فهو مضمون قول العقيلي

الوجه الرابع : أبو الحسن البزي لم يوثقه أحدٌ أصلاً حتى تتجلد هذا التجلد في الذب عنه ! ، وطرح قول العقيلي لتشدده إنما يكون عند وجود معارض مكافيء ولا وجود له هنا إلا تصحيح الحاكم وتساهله الشديد معروف

الوجه الخامس : أن الحافظ الذهبي الذي تكثر به الدكتور فهد نفسه يستنكر الحديث المذكور على أبي الحسن البزي

قال الذهبي في السير (12/51) :" وَصَحَّحَ لَهُ الحَاكِمُ حَدِيْثَ التَّكْبِيْرِ ، وَهُوَ مُنْكَرٌ"

وهذا الحديث _ أعني حديث التكبير عند ختم كل سورة من سورة الضحى حتى ختم المصحف _ اجتنبه أصحاب السنن والكتب المشهورة وهذا منكر ولا وشك

والذهبي نفسه قد ترجم لابن المديني في الميزان وقال :" قال الاثرم: ذكرت لابي عبد الله هذا وإنه قال: فكلوه إلى خالقه، فقال: هذا كذب، وقد كتبناه عن الوليد، إنما هو إلى عالمه.
وروى المروذي، عن أحمد هذا الحديث.
وقال أحمد: هذا كذب، إنما هو كلوه إلى عالمه.
وأخبار ابن المديني مستقصاة في تاريخ بغداد .
وقد بدت منه هفوة ثم تاب منها، وهذا أبو عبد الله البخاري - وناهيك به - قد شحن صحيحه بحديث على بن المديني"

ومن أجل هذه الهفوة ذكره العقيلي في كتابه وليس لازماً أن يكون العقيلي بلغه توبة ابن المديني أو تكون بلغته واختار موقف أبي زرعة وأحمد

وعلى العموم لو فرضنا أن العقيلي قد زل في ذكره ابن المديني فهذا لا يعني إسقاط أحكامه على الرجال واستخدام هذه الطريقة المستفزة في دفع أي حكم يحكم به حتى لو كان متابعاً على حكمه ولا معارض له من المكافئين له من أئمة الفن ، هذا لا يفعله إلا جاهل أو صاحب هوى
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي