مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: نقد بحث الدكتور «محمود عبد الرزاق الرضواني» في الأسماء الحسنى

نقد بحث الدكتور «محمود عبد الرزاق الرضواني» في الأسماء الحسنى



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
         
                  
فإن شرف العلم من شرف المعلوم وإن أولى ما أنفقت فيه حصائد الهمم العالية البحث فيما يتعلق بأركان الإيمان الستة وأعلاها الإيمان بالله عز وجل
 والبحث في الأسماء الحسنى ما ثبت منها وما لم يثبت متعلق بركن الإيمان بالله عز وجل
 ومن أشهر الدراسات في هذا العصر دراسة الدكتور «محمود عبد الرزاق الرضواني» التي اجتهد اجتهاداً بالغاً في نشر نتائجها على أنها معجزة نبوية وأن الأسماء التي أرادها النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه ، واجتهد في رد الانتقادات على بحثه ومن ذلك ما هو صواب وما هو خطأ.

غير أنه أساء أيما إساءة حين زعم أن سبب عدم جمع السلف للأسماء الحسنى هو لعدم توفر أجهز الحاسوب عندهم! ولهذا وضع على غلاف كتابه صورة جهاز حاسوب!
والواقع أن هذا كلام من لا يعرف سعة محفوظات السلف وقوة استحضارهم ولا غرو فهو ليس متخصصاً في علم الحديث!

الدكتور «الرضواني» كلما ناقشه أحد من غير المتخصصين في العقيدة يردد أنه غير متخصص في العقيدة، وبحثه في الأسماء ليس تعلقه عقدياً فقط بل له تعلق كبير بعلم الحديث التي لا يحسن فيه الدكتور «الرضواني» إلا تقليد الشيخ الألباني -رحمه الله-، والآن مع المآخذ على دراسته:

المأخذ الأول: إنكاره لاسم النور لله عز وجل:

أنكر الدكتور الرضواني أن يكون اسم النور من الأسماء المطلقة ووضع فوقه خطاً في الإحصاءات التي ذكرها ( إشارةً إلى عدم ثبوته ) وزعم أنه لا يجوز أن يذكر إلا مقيداً، والواقع أن هناك إجماعاً على أن النور من أسماء عز وجل كما ذكر ابن القيم في مختصر الصواعق المرسلة.

قال العلامة ابن القيم –كما في مختصر الصواعق- ص 419: النُّورَ جَاءَ فِي أَسْمَائِهِ تَعَالَى، وَهَذَا الِاسْمُ مِمَّا تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ وَأَثْبَتُوهُ فِي أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، وَهُوَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالَّذِي رَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمِنْ طَرِيقِهِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ السُّنَّةِ ... ا. هـ المراد.

وقال أيضاً : مُثْبِتِي الصِّفَاتِ كَأَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كُلَّابٍ وَأَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَأَئِمَّةِ أَتْبَاعِهِمَا لَمْ يَذْكُرُوا الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ إِلَّا عَنِ الْمُعْتَزِلَةِ،فَإِنْكَارُ كَوْنِهِ نُورًا هُوَ قَوْلُ الْمُبْتَدِعَةِ ... ا.هــ المراد.

قال شيخ الإسلام في درء تعارض العقل والنقل (10/ 268) :" قلنا الواجب في ذلك أن يجابوا بجواب الشرع فيقال لهم إنه نور فإنه الوصف الذي وصف الله به نفسه في كتابه على جهة ما يوصف الشيء بالصفة التي هي ذاته فقال تعالى ﴿الله نور السماوات والأرض مثل نوره﴾ وبهذا الوصف وصفه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الثابت عنه فإنه جاء أنه قيل له عليه السلام هل رأيت ربك فقال نور أنى أراه
وفي حديث الإسراء أنه لما قرب صلى الله عليه وسلم من سدرة المنتهى غشي السدرة من النور ما حجب بصره من النظر إليها أو إليه وفي كتاب مسلم إن لله حجابا من نور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره.

قال: وفي بعض روايات الحديث سبعين حجابا من نور، فينبغي أن يعلم أن هذا المثال هو شديد المناسبة للخالق سبحانه لأنه يجتمع فيه أنه محسوس تعجز الأبصار عن إدراكه وكذلك الأفهام مع أنه ليس بجسم والموجود عند الجمهور إنما هو المحسوس والمعدوم عندهم هو غير المحسوس والنور لما كان هو أشرف المحسوسات وجب أن يمثل لهم به أشرف الموجودات".

وذكر هذا الاسم كل من صنف في أسماء الله الحسنى كابن مندة والبيهقي وغيرهم، ومثل إنكاره لاسم النور في الأسماء المطلقة إنكاره لاسم البديع.

المأخذ الثاني : إنكاره اسم ذي الجلال والإكرام في الأسماء المطلقة:

أنكر الدكتور الرضواني هذا الاسم وزعم أنه أن ( ذو ) من الأسماء الخمسة والجلال والإكرام صفات فلا يصح أن يكون اسماً
وهذه قاعدة استحدثها هو وإلا فأهل العلم لا زالوا يذكرون هذا الاسم في الأسماء الحسنى بل ذهب مجاهد إلى أنه اسم الله الأعظم

 قال ابن أبي حاتم في تفسيره 16384 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍقَوْلُهُ: الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ الاسْمُ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَهُوَ يَا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ.

وذكره كل من صنف في الأسماء كالبيهقي وابن مندة وهو موجود في إحصاء الوليد بن مسلم وفي الإحصاء المروي عن جعفر الصادق وفي الإحصاء المروي عن سفيان بن عيينة، وما أعلم أحداً من أهل العلم اعترض عليه ومثله في الدلالة اسم ذي المعارج وذي الطول.

المأخذ الثالث : إنكاره ذكر اسم الهادي في الأسماء المطلقة:

قال ابن وهب في القدر باب : الله هو الهادي والفاتن 30 - أخبرني مالك بن أنس ، عن زياد بن سعد ، عن عمرو بن دينار قال : سمعت عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما يقول في خطبته : إن الله عز وجل هو الهادي والفاتن

واسم الهادي ثابت عندي في القرآن (وكفى بربك هادياً ونصيراً) ولكن لما نازع بعض أهل العلم في دلالة الآيات على الاسم جعلته هنا ، واسم الفاتن ذكره ابن العربي في أسماء الله الحسنى كما في كتابه أحكام القرآن والقرطبي في الأسنى وادعى الاتفاق عليه.

وقال الزرقاني في شرح الموطأ وما أحسن ما قال (5/87): "(والفاتن) بمعنى المضل الوارد في أسمائه، ولكن هذا وارد أيضاً عن صحابي فهو توقيف إذ لا يقال بالرأي وفي التنزيل: ﴿إنا قد فتنا قومك﴾﴿وإن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء﴾".

فاسم الهادي واسم الفاتن كلاهما ثابتان لله عز وجل والدكتور الرضواني أهمل آثار الصحابة في دراسته مع أن آثارهم في باب غيبي كهذا لها حكم الرفع ولا شك ففاته خيرٌ كثير.

المأخذ الرابع : إنكاره اسم الصادق.

وهذا أنكره لعدم معرفته بآثاره الصحابة الواردة في الباب ولم يسعفه حاسوبه، وهذا في قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾ وغيرها من الآيات ولو تأملت أدلة اسم الوارث لوجدتها قريبة من أدلة إثبات اسم الصادق واختلف الأمر في الألف واللام ، وقد أثبت اسم الصادق ابن مندة والبيهقي.

قال ابن أبي شيبة في المصنف 29949- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي الضُّحَى ، عَن مَسْرُوقٍ قَالَ : كُنَّا مَعَ أَبِي مُوسَى، فَجَنَّنََا اللَّيْلَ إِلَى بُسْتَانٍ خَرِبٍ ، قَالَ : فَقَامَ مِنَ اللَّيْلِ يُصَلِّي فَقَرَأَ قِرَاءَةً حَسَنَةً ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ إنَّك مُؤْمِنٌ تُحِبُّ الْمُؤْمِنَ , وَمُهَيْمِنٌ تُحِبُّ الْمُهَيْمِنَ , سَلامٌ تُحِبُّ السَّلامَ ، صَادِقٌ تُحِبُّ الصَّادِقَ.

فأبو موسى أحد كبار قراء الصحابة يعتبر الصادق اسماً.

المأخذ الخامس : إنكاره لاسم الكفيل لله عز وجل:

قال البخاري في صحيحه 2291 - وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ فَقَالَ ائْتِنِي بِالشُّهَدَاءِ أُشْهِدُهُمْ فَقَالَ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا قَالَ فَأْتِنِي بِالْكَفِيلِ قَالَ كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا قَالَ صَدَقْتَ فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَخَرَجَ فِي الْبَحْرِ فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ الْتَمَسَ مَرْكَبًا يَرْكَبُهَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ لِلْأَجَلِ الَّذِي أَجَّلَهُ فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَبًا فَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ وَصَحِيفَةً مِنْهُ إِلَى صَاحِبِهِ ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَهَا ثُمَّ أَتَى بِهَا إِلَى الْبَحْرِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ تَسَلَّفْتُ فُلَانًا أَلْفَ دِينَارٍ فَسَأَلَنِي كَفِيلَا فَقُلْتُ كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا فَرَضِيَ بِكَ.

وهذا قد فات كثير من الباحثين ، ورأيت العلامة زيد المدخلي نبه عليه ، وأثبت البعض هذا الاسم بقوله تعالى (وقد جعلتم الله عليكم كفيلا ) ونازع البعض في دلالة الآية على الاسم لذا أوردته من دليل السنة الذي لا خلاف في دلالته.

المأخذ السادس : عدم ذكره لاسم الأعز:

قال ابن أبي شيبة في المصنف 15807- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ , عَنِ الأَعْمَشِ , عَنْ شَقِيقٍ ، قَالَ : كَانَ عَبْدُ اللهِ إذَا سَعَى فِي بَطْنِ الْوَادِي ، قَالَ: رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ إنَّك أَنْتَ الأَعَزُّ الأَكْرَمُ.

وعبد الله هذا هو ابن مسعود وهذا إسناد صحيح.

المأخذ السابع : عدم ذكره لاسم القيام:

قال أبو عبيد القاسم في فضائل القرآن 489 - حدثنا حجاج ، عن هارون بن موسى ، عن محمد بن عمرو بن علقمة ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، عن أبيه ، عن عمر ، أنه صلى العشاء الآخرة فاستفتح آل عمران فقرأ : « الم الله لا إله إلا هو الحي القيام » « . قال هارون : هي في مصحف عبد الله مكتوبة : «الحي القيم».

وقد دفع الرضواني هذا بأن هذه قراءة شاذة ، ولو كلف نفسه النظر في كتب الأصول في مبحث الاحتجاج بالقراءة الشاذة ، لوجد أن الجمهور يحتجون بها ومن لم يحتج بها فقد زعم أنها منسوخة أو قد تكون من تفسير الصحابي وليست قرآناً.

فأما النسخ فهذا خبر والأخبار لا يدخل فيها النسخ فإذا نسخت لفظاً فمعناها ثابت ، علماً أن عمر قرأ بهذه القراءة في خلافته فكيف تكون منسوخةً والنسخ لا يعلم إلا بالوحي، ودعوى أنها من تفسير الصحابي ليست واردةً هنا وخصوصاً أنه يقرأ في الصلاة.

المأخذ الثامن : ذكره لاسم المحسن والجواد والستير في الأسماء الثابتة:

وهذا أهون المآخذ عليه لأنه قلد الشيخ الألباني في تصحيح الأخبار الواردة في هذه الأسماء ، ولكنه لما زعم لنفسه الاجتهاد وخالف عامة العلماء في كثير من المسائل قررت محاكمته إلى الرتبة التي أعطاها لنفسه.

أما اسم المحسن، قد ورد هذا الاسم في ثلاثة أحاديث:

الحديث الأول : قال عبد الرزاق في المصنف 8603 عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني عن شداد بن أوس قال حفظت من رسول الله صلى الله عليه و سلم اثنتين قال إن الله محسن يحب الإحسان إلى كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته، ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في الكبير (7121).

وهذا الحديث مروي في عدد من الكتب من طريق أبي قلابة عن أبي الأشعث بدون هذه زيادة (إن الله محسن يحب الإحسان)، فقد رواه عنه اثنان:

(1) خالد الحذاء: وقد رواه عنه جمعٌ أكتفي بذكر من أورده مسلم في صحيحه (1955) و (1956) منهم:

    (أ) إسماعيل بن علية.
    (ب) هشيم بن بشير.
    (ج) شعبة بن الحجاج.
    (د) سفيان الثوري.
    (هـ) منصور بن المعتمر.
    (و) عبد الوهاب الثقفي.


(2) أيوب السختياني: ورواه عنه اثنان:

    (أ) وهيب بن خالد الثقة الثبت: وحديثه عند الطبراني في الكبير (7122) حدثنا أحمد بن داود المكي ثنا سهل بن بكار، وهذا السند صحيح فأحمد بن داود المكي مترجم في تاريخ الإسلام وفيات ( 281-290) وذكر أن ابن يونس وثقه ولا يضره أن وهيباً رواه أيضاً عن خالد الحذاء فإنه ثقة ثبت يحتمل منه تعدد الأسانيد.

    تنبيهان:
 التنبيه الأول: تحرف اسم وهيب بن خالد إلى ( وهب ) في مطبوعة الكبير للطبراني ولا يعرف لأيوب تلميذ اسمه ( وهب ) وإنما هو وهيب.

التنبيه الثاني: تحرفت نسبة المكي في مطبوعة تاريخ الإسلام ( تحقيق التدمري ) إلى ( المالكي ) وهذا خطأ والصواب ما أثبته بدليل قول الذهبي (البصري ثم المكي) ولا يقال (ثم ) إلا في النسب المتوافقة فإذا كان كلاهما نسبة إلى مكان أو مذهب قيل ( ثم ) ، ثم إن الطبراني ليس له شيخ اسمه أحمد بن داود المالكي وإنما هو أحمد بن داود المكي كما في معاجمه الثلاثة.

    (ب) معمر بن راشد وتقدم تخريج حديثه وفيه الزيادة المذكورة، ومعمر تفرد بهذه الزيادة من دون كل من روى الحديث مما يدل على شذوذ زيادته، فكيف وقد تكلموا في روايته عن أيوب، قال ابن أبي خيثمة عن ابن معين قال :" إذا حدثك معمر عن العراقيين فخالفه إلا عن الزهري وابن طاوس فإن حديثه عنهما مستقيم ، فأما أهل الكوفة وأهل البصرة فلا".


قلت : وأيوب بصري فكيف يقبل انفراد معمر عنه بهذه الزيادة من دون وهيب ومن ودون من رووا هذا الحديث عن خالد فهي زيادة شاذة ولا شك إن لم نقل منكرة _ وقد اجتنب مسلم إخراجها عمداً _ ، ثم إن معمراً لم يذكر هذه الزيادة في رواية له في مسند أحمد، وقد توبع معمر ولكن متابعة لا يفرح بها.

جاء في أحاديث أيوب 25 - حدثنا يحيى الحماني ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي الأشعث ، عن شداد بن أوس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن الله محسن فأحسنوا وإذا قتلتم فأحسنوا قتلتكم وإذا ذبحتم فليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته».

قلت : ويحيى الحماني متهم بسرقة الحديث فمثله لا يفرح بمتابعته
 قال عبد الله بن أحمد قلت لأبي أن بني أبي شيبة يقدمون بغداد فما ترى فيهم
فقال قد جاء إلى هنا بن الحماني وكان يكذب جهارا فاجتمع عليه الناس بن أبي شيبة على حال يصدق
 قلت لأبي بن الحماني حدث عنك بحديث إسحاق الأزرق
قال كذب ما حدثته به قلت حكوا عنه أنه سمعه منك في المذاكرة على باب إسماعيل فقال كذب إنما سمعه من إسحاق بعد ذلك أنا لا أعلم في تلك الأيام أن هذا الحديث غريب أي وقت التقينا على باب إسماعيل إنما كنا نتذاكر الفقه والأبواب.

وقال البخاري كان أحمد وعلي يتكلمان في يحيى الحماني وقال في موضع آخر رماه أحمد وابن نمير وقال يعقوب بن سفيان وأما بن الحماني فإن أحمد سيء الرأي فيه فاحمد متحر في مذهبه مذهبه أحمد من مذهب غيره، وقال أحمد بن يوسف السلمي عن ابن المديني أدركت ثلاثة يحدثون بما لا يحفظون فذكره فيهم.

وقال ابن عمار قد سقط حديثه قيل له فما علته قال لم يكن لأهل الكوفة حديث جيد غريب ولا لأهل المدينة ولا لأهل بلد حديث جيد غريب إلا رواه فهذا يكون هكذا، وقال إبراهيم الجوزجاني يحيى الحماني ساقط متلون ترك حديثه فلا ينبعث، وقال ابن خزيمة سمعت محمد بن يحيى وذكر يحيى بن عبد الحميد فقال ذهب كأمس الذاهب.

وقال ابن المسيب الأرغياني سمعت محمد بن يحيى يقول اضربوا على حديث الحماني بستة اقلام -هذه كلها منقولة من التهذيب
 وللحديث طريق آخر ذكره أبو حاتم في العلل لابنه عبد الرحمن
 قال ابن أبي حاتم في العلل :" 1609- وسألت أبي عن حديث ؛ رواه محمد بن بكار ، عن سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء الرحبي ، عن ثوبان ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : إذا ذبحتم فأحسنوا ، وإذا قتلتم فوجئوا ، فإن الله محسن يحب المحسنين، قال أبي: هذا وهم ، إنما يروونه عن أبي قلابة ، عن أبي الأشعث ، عن شداد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم".
قلت : سعيد بن بشير منكر الحديث عن قتادة وروايته هذه مخالفة لروايات الثقات فحديثه وهم كما قال الإمام.

الحديث الثاني : قال ابن عدي في الكامل (6/ 133) :" حدثنا ابن مكرم ثنا علي ثنا محمد ( هو ابن بلا ) ثنا عمران القطان عن قتادة عن أنس : " لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر أن يصلي بالناس وصلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر في ثوب وقال :" إن الله محسن يحب الإحسان فإذا حكمتم فاعدلوا وإذا قلتم فأحسنوا".

قلت : محمد بن بلال التمار هذا قد تكلموا فيه وجميع مناكيره عن القطان ، وهذا الحديث بعينه استنكره عليه ابن عدي وحق له أن يستنكره فإن روايات مرض النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة ولم يرد في شيء منها أنه قال موعظةً بعد صلاته خلف الصديق ، وقد قصر من خرج الحديث من المعاصرين ولم يورده كاملاً.

ومن المعلوم أن ابن عدي يورد في ترجمة الراوي قال ابن حجر في ترجمة محمد بن يونس الكديمي من التهذيب: "واورد له بن حبان وابن عدي مناكير منها حديثه عن أبي نعيم عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا أكذب الناس الصباغون والصواغون".

وقال ابن عدي في آخر ترجمة محمد بن بلال: "ومحمد بن بلال هذا له غير ما ذكرت من الحديث وهو يغرب عن عمران القطان ، له عن غير عمران أحاديث غرائب".

قلت : فتأمل كيف أنه ذكر أنه يغرب عن عمران بالذات.

وأما قول ابن عدي: "أرجو أنه لا بأس به"، ليس تعديلاً بل ابن عدي يعني بهذا أنه لا يتعمد الكذب أو أنه ضعيف فقط ، وحتى لو عدله فقد استنكر عليه هذا الحديث.

قال الألباني في الصحيحة (4|577): «ابن قيراط كذبه أبو زرعة وضعفه غيره. فكأن ابن عدي يعني بقوله أنه "لا بأس به": من جهة صدقه. أي أنه لا يتعمد الكذب. وإلا لو كان يعني من جهة حفظه أيضاً، لم يلتق مع أول كلامه "منكر الحديث...". وقال ابن حبان: "ينفرد عن ثابت بأشياء ليست من حديثه". قلت: فمثله إلى الضعف، بل إلى الضعف الشديد أقرب منه إلى الصدق والحفظ. والله أعلم».

و قال المعلمي في تعليقه على "الفوائد المجموعة" للشوكاني (ص459): «ليس هذا بتوثيق. وابن عدي يذكر منكرات الراوي ثم يقول "أرجو أنه لا بأس به"، يعني بالبأس: تعمد الكذب». وقال كذلك (ص35): «وهذه الكلمة رأيت ابن عدي يطلقها في مواضع تقتضي أن يكون مقصوده: "أرجو أنه لا يتعمد الكذب". وهذا (الموضع الذي عليه هذا التعليق) منها، لأنه قالها (أي كلمة "أرجو أنه لا بأس به") بعد أن ساق أحاديث يوسف (بن المنكدر)، وعامتها لم يتابع عليها». وقال هناك أيضاً (ص501): «لفظ ابن عدي "هو من أهل الصدق" يعني لم يكن يتعمد الكذب».

وحتى العقيلي لما ترجم له في الضعفاء (4/1204): "يهم في حديثه كثيراً"، وهذا جرح مفسر لا يدفع وقد فسر العقيلي جرحه بذكر عدة مناكير لمحمد بن بلال وكلها عن غالب القطان.

ولا ينفعه ذكر ابن حبان له في الثقات بعد هذا ، ولو جمعت بين قول ابن عدي :" وأحاديثه قليلة " وقول العقيلي :" يهم في حديثه كثيراً " تخرج بنتيجة حتمية وهي ضعف الراوي فإن كثرة الأوهام مع قلة الحديث برهان ضعف الراوي فلا يقال أنه :" يخطيء كما أخطأ الناس " كما قال الذهبي والحال هذه، وغالب القطان نفسه فيه كلام وبعض النقاد كمثل الشيخ الألباني يحسن حديثه.

الحديث الثالث : قال ابن عدي في ترجمة مجاعة بن الزبير من الكامل ثنا محمد بن أحمد بن الحسين الأهوزاي ثنا جعفر بن محمد بن حبيب ثنا عبد الله بن رشيد ثنا مجاعة بن الزبير أبو عبيدة عن الحسن عن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله عزوجل محسن فأحسنوا فإذا قتل أحدكم فليكرم قاتله وإذا ذبح فليحد شفرته وليرح ذبيحته.

قلت : مجاعة هذا فيه خلاف فقد ضعفه الدارقطني وابن عدي وقال أحمد: "لا بأس به في نفسه"، فمثله هل يستشهد به؟

الجواب: الراجح لا لأنه وإن كان ضعيفاً ضعفاً محتملاً إلى أن ابن عدي قد استنكر عليه هذا الحديث ، ولعل سبب استنكاره لهذا الحديث هو أن الحديث مشهورٌ من مسند شداد بن أوس ولا يعرف من مسند سمرة إلا من هذا الطريق.

وعليه فلا يثبت حديث في هذا الباب والله أعلم ، ولأخينا الشيخ كمال العدني رسالة في هذه المسألة انفصل فيها إلى النتيجة نفسها ولم أقف عليها.

وأما اسم الستير فخبره أعله أبو حاتم كما في العلل لابنه
 قال ابن أبي حاتم في العلل: "24- وسألتُ أبِي عَن حدِيثٍ ؛ رواهُ شاذانُ ، عن أبِي بكرِ بنِ عيّاشٍ ، عن عَبدِ الملِكِ ، عن عطاءٍ ، عن صفوان بنِ يعلى ، عن أبِيهِ ، عنِ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال : إِنَّ الله حيِيٌّ سِتِّيرٌ ، فإِذا اغتسل أحدُكُم فليستتِر.
قُلتُ لأبِي : وقد رأيتُ عن أحمد بنِ يُونُس ، عن أبِي بكرٍ ، عن عَبدِ الملِكِ ، عن عطاءٍ ، عنِ النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ... مُرسلاً قُلتُ لأبِي : هذا المُتّصِلُ محفُوظٌ ؟ ؟ قال : ليس بِذاك".

وأما اسم الجواد فقال أحمد في مسنده 21367 - حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ مُحَمَّدِ، ابْنِ أُخْتِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ:
 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ مُذْنِبٌ إِلَّا مَنْ عَافَيْتُ، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ، وَمَنْ عَلِمَ أَنِّي أَقْدِرُ عَلَى الْمَغْفِرَةِ فَاسْتَغْفَرَنِي بِقُدْرَتِي غَفَرْتُ لَهُ، وَلَا أُبَالِي، وَكُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، وَكُلُّكُمْ فَقِيرٌ إِلَّا مَنْ أَغْنَيْتُ، فَاسْأَلُونِي أُغْنِكُمْ.
 وَلَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَحَيَّكُمْ وَمَيِّتَكُمْ، وَرَطْبَكُمْ وَيَابِسَكُمْ، اجْتَمَعُوا عَلَى أَشْقَى قَلْبٍ مِنْ قُلُوبِ عِبَادِي، مَا نَقَصَ فِي مُلْكِي جَنَاحَ بَعُوضَةٍ
 وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ عَبْدٍ مِنْ عِبَادِي، مَا زَادَ فِي مُلْكِي جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، وَلَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَحَيَّكُمْ وَمَيِّتَكُمْ، وَرَطْبَكُمْ وَيَابِسَكُمْ، اجْتَمَعُوا، فَسَأَلَنِي كُلُّ سَائِلٍ مِنْهُمْ مَا بَلَغَتْ أُمْنِيَّتُهُ، فَأَعْطَيْتُ كُلَّ سَائِلٍ مِنْهُمْ مَا سَأَلَ، مَا نَقَصَنِي، كَمَا لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ مَرَّ بِشَفَةِ الْبَحْرِ فَغَمَسَ فِيهِ إِبْرَةً ثُمَّ انْتَزَعَهَا، كَذَلِكَ لَا يَنْقُصُ مِنْ مُلْكِي، ذَلِكَ بِأَنِّي جَوَادٌ مَاجِدٌ صَمَدٌ، عَطَائِي كَلَامٌ، وَعَذَابِي كَلَامٌ، إِذَا أَرَدْتُ شَيْئًا فَإِنَّمَا أَقُولُ لَهُ: كُنْ، فَيَكُونُ.
 وليث وشهر ضعيفان والخبر في صحيح مسلم دون ذكر الجواد فدل على نكارة الزيادة.

وقال الترمذي في جامعه 2799 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ، وَيُقَالُ ابْنُ إِيَاسٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَسَّانَ، قَالَ:
 سَمِعْتُ  سَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ، يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ، نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ، كَرِيمٌ يُحِبُّ الكَرَمَ، جَوَادٌ يُحِبُّ الجُودَ، فَنَظِّفُوا - أُرَاهُ قَالَ - أَفْنِيَتَكُمْ وَلَا تَشَبَّهُوا بِاليَهُودِ» قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ، فَقَالَ: حَدَّثَنِيهِ عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «نَظِّفُوا أَفْنِيَتَكُمْ» . هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَخَالِدُ بْنُ إِلْيَاسَ يُضَعَّف، وصالح بن حسان ضعيف جداً.

وقال ابن أبي شيبة في المصنف 27149- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ ، عن حجاج , عَن سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ ، عَن طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ كَرِيزٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إنَّ اللَّهَ جَوَادٌ يُحِبُّ الْجُود ، وَيُحِبُّ مَعَالِيَ الأَخْلاَقِ وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا، وهذا مرسل وطلحة من طبقة الزهري ومراسيل هؤلاء لا تقبل في الشواهد هذا مع شدة ضعف الأخبار السابقة.

المأخذ التاسع : إنكاره لاسم الطبيب:

قال أبو داود في سننه 4207 - حدثنا محمد بن العلاء ثنا ابن إدريس قال سمعت ابن أبجر عن إياد بن لقيط عن أبي رمثة في هذا الخبر قال فقال له أبي: أرني هذا الذي بظهرك فإني رجل طبيب قال " الله الطبيب بل أنت رجل رفيق طبيبها الذي خلقها.
 وهذا الاسم على شرط الدكتور وقد حاول ادعاء أنه مقيد ودعواه لا ترتقي لدفع الاسم لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ولا فرق بين هذا الاسم واسم الشافي الذي أثبته الدكتور.

قال البخاري في صحيحه 5742 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَثَابِتٌ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَقَالَ ثَابِتٌ يَا أَبَا حَمْزَةَ اشْتَكَيْتُ فَقَالَ أَنَسٌ أَلَا أَرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَلَى قَالَ اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ مُذْهِبَ الْبَاسِ اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شَافِيَ إِلَّا أَنْتَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا.

المأخذ العاشر : خلطه بين مذهب المعتزلة والقائلين بالاشتقاق من أهل السنة:

يردد الدكتور الرضواني دائماً أن مخالفيه في مسألة الأسماء متأثرين بمذهب المعتزلة
 والواقع أن القول بالاشتقاق قال به عدد من أئمة أهل السنة كقوام السنة الأصبهاني وابن مندة وابن تيمية وابن القيم، وقولهم يختلف عن قول المعتزلة فالمعتزلة يقولون بإثبات الأسماء بالعقل وإن لم يكن لذلك أصل في الكتاب أو السنة، وأما القائلون بالاشتقاق من أهل السنة فيشترطون أن يكون للاسم المشتق أصلاً في الكتاب أو السنة.

المأخذ الحادي عشر : عدم ذكره لاسم الأمين:

قال ابن حجر في المطالب العالية: " 4078 - قال إسحاق : أنا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أمه أم كلثوم بنت عقبة ، وكانت ، من المهاجرين الأول قالت :
 غشي على عبد الرحمن بن عوف غشية حتى ظنوا أنه فاضت نفسه ، فخرجت أم كلثوم إلى المسجد تستعين بما أمرت به من الصبر والصلاة
 فلما أفاق قال : « أغشي علي ؟ قالوا : نعم ، قال : صدقتم ، إنه جاءني ملكان فقالا : انطلق نحاكمك إلى العزيز الأمين ، فقال ملك آخر : أرجعاه ، فإن هذا ممن كتب لهم السعادة وهم في بطون أمهاتهم ، وسيمتع به بنوه ما شاء الله ، فعاش بعد ذلك شهرا ثم مات وقال أبو أسامة : قال رجلان ملكان كانوا يأتون في صورة الرجال ، قال الله تعالى : ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا أي في صورة رجل».

وهذا فيه إثبات اسم الأمين:

المأخذ الثاني عشر : ذكره لاسم الحيي:

لا يثبت حديث مرفوع في هذا الاسم وإنما هو أثر سلمان الفارسي وعلى منهجنا يثبت هذا الاسم
 ولكن على منهج الرضواني في إهمال آثار الصحابة في الأسماء لا يثبت الاسم
 قال وكيع في الزهد 496 - حدثنا يزيد بن أبي صالح ، حدثني أبو عثمان عن سلمان قال : « إن الله حيي كريم يستحيي من عبده أن يرفع يديه إليه يدعو ، ثم يردهما صفرا ، أو خائبتين».

وقال البيهقي في الأسماء والصفات 156 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا محمد بن إسحاق الصاغاني ، ثنا عفان ، ثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، وحميد ، وسعيد الجريري ، عن أبي عثمان النهدي ، عن سلمان ، أنه قال : أجد في التوراة أن الله حيي كريم يستحيي أن يرد يدين خائبتين سئل بهما خيرا.

وقال إسماعيل بن جعفر في حديثه 127 - حدثنا حميد ، عن أبي عثمان النهدي ، عن سلمان ، أنه قال: «إن ربكم حيي كريم ، يستحيي أن يمد عبده إليه يديه يسأله خيرا ثم يردهما صفرا»

وروي مرفوعاً وهو خطأ بل الصواب الوقف كما في هذه الروايات ، والخطأ في رفعه من جعفر بن ميمون صاحب الأنماط صدوق يخطيء ، وانفراده عن النهدي بالرفع منكر بمرة ، ولهذا أورد البزار روايته في مسنده المعلل 2511.

المأخذ الثالث عشر : مذهبه الغريب في الاسم الأعظم:

قال الرضواني في محاضراته في الأسماء والصفات: "وجميع الأسماء حسنى وعظمى على اعتبار ما يناسبها من أحوال العباد ، فاسم الله الأعظم في حال الفقر الغني ، وفي حال الضعف القوى ، وفي حال الجهل العليم ، وفي حال السعي والكسب الرزاق ، وفي حال الذنب التواب الغفور الرحيم ، وفي حال الحرب وقتال العدو فنعم المولى ونعم النصير ، وهكذا كل اسم هو الأعظم في موضعه".

وهذا قول غريب محدث لم يقل به أحد من السلف بل اختلفوا على عدة أقوال ليس هذا منها، فمنهم من قال الله هو الاسم الأعظم وهذا قول جابر بن زيد، ومنهم من قال أنه الحي القيوم وقول القاسم أبو عبد الرحمن، ومنهم قال أنه ذو الجلال والإكرام وهو قول مجاهد بن جبر

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي