مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: بيان كذب السمهوري على ابن تيمية في مسألتي الأمية والكيمياء

بيان كذب السمهوري على ابن تيمية في مسألتي الأمية والكيمياء



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :


فإن الكذب يهدي للفجور ونحن نرى أقواماً من المنصرين يكذبون ليل نهار على المسلمين

وفي المنتسبين للملة أشباه لهم فمن أولئك رائد السمهوري الذي كتب كتاباً أسماه نقد الخطاب السلفي

وقد اجتهد في ارتكاب بعض الأكاذيب التي لم يسبقه إليها أحد فمن ذلك دعواه أن ابن تيمية يفضل الأمية على الكتابة

من خلال بتر بتره لكلام الشيخ وهو يتكلم عن النبي صلى الله عليه وسلم وأنه استغنى بالمعارف التي حباه الله بها عن الكتابة

وذلك أثناء شرح الشيخ لحديث ( إنا أمة أمية ) فدفع الشيخ توهم ما يظن من الخبر من أنه مدح مطلق للأمية

فبين الأمية الممدوحة هي الاعتماد على الحواس في مقابل الحساب الظني بدلالة سياق الخبر

وأن هناك أمية متعلقة بعلم أهل الكتاب وهذا زال عن هذه الأمة بهبوط الوحي

ودفع إشكال أن الكتابة إذا كانت مقدمة على الأمية فلماذا خير الخلق أمي وبين أن النبي صلى الله عليه وسلم حالته خاصة فأخذ السمهوري بكل مكر كلامه عن النبي صلى الله عليه وسلم وأوهم أن الشيخ يعممه

والآن لنأخذ كلام الشيخ في التعلم قال ابن تيمية في الفتاوى ( 25/166) :" وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ: {إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ} لَيْسَ هُوَ طَلَبًا فَإِنَّهُمْ أُمِّيُّونَ قَبْلَ الشَّرِيعَةِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} وَقَالَ: {وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ} فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ صِفَةً ثَابِتَةً لَهُمْ قَبْلَ الْمَبْعَثِ لَمْ يَكُونُوا مَأْمُورِينَ بِابْتِدَائِهَا. نَعَمْ قَدْ يُؤْمَرُونَ بِالْبَقَاءِ عَلَى بَعْضِ أَحْكَامِهَا فَإِنَّا سَنُبَيِّنُ أَنَّهُمْ لَمْ يُؤْمَرُوا أَنْ يَبْقَوْا عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مُطْلَقًا. فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا إخْبَارًا مَحْضًا أَنَّهُمْ لَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَفْعَلُوهُ؛ إذْ لَهُمْ طَرِيقٌ آخَرُ غَيْرُهُ وَلَا يَكُونُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكِتَابَ وَالْحِسَابَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ؛ بَلْ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبِ فَإِنَّ الْأُمِّيَّةَ صِفَةُ نَقْصٍ لَيْسَتْ صِفَةَ كَمَالٍ فَصَاحِبُهَا بِأَنْ يَكُونَ مَعْذُورًا أَوْلَى مِنْ أَنْ يَكُونَ مَمْدُوحًا. قِيلَ: لَا يَجُوزُ هَذَا لِأَنَّ الْأُمَّةَ الَّتِي بَعَثَهُ اللَّهُ إلَيْهَا فِيهِمْ مَنْ يَقْرَأُ وَيَكْتُبُ كَثِيرًا كَمَا كَانَ فِي أَصْحَابِهِ وَفِيهِمْ مَنْ يَحْسُبُ وَقَدْ بُعِثَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْفَرَائِضِ الَّتِي فِيهَا مِنْ الْحِسَابِ مَا فِيهَا وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ عَامِلُهُ عَلَى الصَّدَقَةِ ابْنُ اللتبية حَاسَبَهُ. وَكَانَ لَهُ كُتَّابٌ عِدَّةٌ - كَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدٍ وَمُعَاوِيَةَ - يَكْتُبُونَ الْوَحْيَ وَيَكْتُبُونَ الْعُهُودَ وَيَكْتُبُونَ كُتُبَهُ إلَى النَّاسِ إلَى مَنْ بَعَثَهُ اللَّهُ إلَيْهِ مِنْ مُلُوكِ الْأَرْضِ وَرُءُوسِ الطَّوَائِفِ: وَإِلَى عُمَّالِهِ وَوُلَاتِهِ وَسُعَاتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: {لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} فِي آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِهِ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِيُعْلَمَ الْحِسَابُ. وَإِنَّمَا " الْأُمِّيُّ " هُوَ فِي الْأَصْلِ مَنْسُوبٌ إلَى الْأُمَّةِ الَّتِي هِيَ جِنْسُ الْأُمِّيِّينَ وَهُوَ مَنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ عَنْ الْجِنْسِ بِالْعِلْمِ الْمُخْتَصِّ: مِنْ قِرَاءَةٍ أَوْ كِتَابَة كَمَا يُقَالُ: عَامِّيٌّ لِمَنْ كَانَ مِنْ الْعَامَّةِ غَيْرَ مُتَمَيِّزٍ عَنْهُمْ بِمَا يَخْتَصُّ بِهِ غَيْرُهُمْ مِنْ عُلُومٍ: وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ نِسْبَةٌ إلَى الْأُمِّ: أَيْ هُوَ الْبَاقِي عَلَى مَا عَوَّدَتْهُ أُمُّهُ مِنْ الْمَعْرِفَةِ وَالْعِلْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. ثُمَّ التَّمَيُّزُ الَّذِي يَخْرُجُ بِهِ عَنْ الْأُمِّيَّةِ الْعَامَّةِ إلَى الِاخْتِصَاصِ: تَارَةً يَكُونُ فَضْلًا وَكَمَالًا فِي نَفْسِهِ. كَالْمُتَمَيِّزِ عَنْهُمْ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَفَهْمِ مَعَانِيهِ. وَتَارَةً يَكُونُ بِمَا يَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى الْفَضْلِ وَالْكَمَالِ: كَالتَّمَيُّزِ عَنْهُمْ بِالْكِتَابَةِ وَقِرَاءَةِ الْمَكْتُوبِ فَيُمْدَحُ فِي حَقِّ مَنْ اسْتَعْمَلَهُ فِي الْكَمَالِ وَيُذَمُّ فِي حَقِّ مَنْ عَطَّلَهُ أَوْ اسْتَعْمَلَهُ فِي الشَّرِّ"

فلاحظ أن الشيخ يقول أن الأمية ليست مأموراً ولا مأموراً بالبقاء عليها بل هي نقص وأن كثيراً من الصحابة كانوا حاسبين كاتبين

وأن الكتابة تحمد في حق من استخدمها في الخير والعكس

وقال أيضاً في (25/168) :" وَكَانَ الْخَطُّ فِيهِمْ قَلِيلًا جِدًّا وَكَانَ لَهُمْ مِنْ الْعِلْمِ مَا يُنَالُ بِالْفِطْرَةِ الَّتِي لَا يَخْرُجُ بِهَا الْإِنْسَانُ عَنْ الْأُمُوَّةِ الْعَامَّةِ. كَالْعِلْمِ بِالصَّانِعِ سُبْحَانَهُ وَتَعْظِيمِ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَعِلْمِ الْأَنْوَاءِ. وَالْأَنْسَابِ وَالشِّعْرِ. فَاسْتَحَقُّوا اسْمَ الْأُمِّيَّةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. كَمَا قَالَ فِيهِمْ: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ} فَجَعَلَ الْأُمِّيِّينَ مُقَابِلِينَ لِأَهْلِ الْكِتَابِ. فَالْكِتَابِيُّ غَيْرُ الْأُمِّيِّ. فَلَمَّا بُعِثَ فِيهِمْ وَوَجَبَ عَلَيْهِمْ اتِّبَاعُ مَا جَاءَ بِهِ مِنْ الْكِتَابِ وَتَدَبُّرِهِ وَعَقْلِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ - وَقَدْ جَعَلَهُ تَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَعَلَّمَهُمْ نَبِيُّهُمْ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ - صَارُوا أَهْلَ كِتَابٍ وَعِلْمٍ. بَلْ صَارُوا أَعْلَمَ الْخَلْقِ وَأَفْضَلَهُمْ فِي الْعُلُومِ النَّافِعَةِ وَزَالَتْ عَنْهُمْ الْأُمِّيَّةُ الْمَذْمُومَةُ النَّاقِصَةُ وَهِيَ عَدَمُ الْعِلْمِ وَالْكِتَابِ الْمُنَزَّلِ إلَى أَنْ عَلِمُوا الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَأُورِثُوا الْكِتَابَ. كَمَا قَالَ فِيهِمْ: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} فَكَانُوا أُمِّيِّينَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. فَلَمَّا عَلَّمَهُمْ الْكِتَابُ وَالْحِكْمَةَ قَالَ فِيهِمْ: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} وَقَالَ تَعَالَى {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} {أَنْ تَقُولُوا إنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ} {أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ} وَاسْتُجِيبَ فِيهِمْ دَعْوَةُ الْخَلِيلِ حَيْثُ قَالَ: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} وَقَالَ: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} . فَصَارَتْ هَذِهِ الْأُمِّيَّةُ: مِنْهَا مَا هُوَ مُحَرَّمٌ. وَمِنْهَا مَا هُوَ مَكْرُوهٌ وَمِنْهَا مَا هُوَ نَقْصٌ وَتَرْكُ الْأَفْضَلِ. فَمَنْ لَمْ يَقْرَأْ الْفَاتِحَةَ أَوْ لَمْ يَقْرَأْ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ تُسَمِّيهِ الْفُقَهَاءُ فِي بَابِ الصَّلَاةِ أُمِّيًّا"

فهنا يصرح أن الأمية التي كانت صفة للأمة قبل الرسالة منها ما هو محرم ومنها ما مكروه

وقال الشيخ أيضاً :" فَهَذِهِ الْأُمِّيَّةُ مِنْهَا مَا هُوَ تَرْكُ وَاجِبٍ يُعَاقَبُ الرَّجُلُ عَلَيْهِ. إذَا قَدَرَ عَلَى التَّعَلُّمِ فَتَرَكَهُ. وَمِنْهَا مَا هُوَ مَذْمُومٌ كَاَلَّذِي وَصَفَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ حَيْثُ قَالَ: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إلَّا يَظُنُّونَ} فَهَذِهِ صِفَةُ مَنْ لَا يَفْقَهُ كَلَامَ اللَّهِ وَيَعْمَلُ بِهِ وَإِنَّمَا يَقْتَصِرُ عَلَى مُجَرَّدِ تِلَاوَتِهِ. كَمَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. نَزَلَ الْقُرْآنُ لِيُعْمَلَ بِهِ فَاِتَّخِذُوا تِلَاوَتَهُ عَمَلًا. فَالْأُمِّيُّ هُنَا قَدْ يَقْرَأُ حُرُوفَ الْقُرْآنِ أَوْ غَيْرَهَا وَلَا يَفْقَهُ. بَلْ يَتَكَلَّمُ فِي الْعِلْمِ بِظَاهِرِ مِنْ الْقَوْلِ ظَنًّا. فَهَذَا أَيْضًا أُمِّيٌّ مَذْمُومٌ كَمَا ذَمَّهُ اللَّهُ؛ لِنَقْصِ عِلْمِهِ الْوَاجِبِ سَوَاءٌ كَانَ فَرْضَ عَيْنٍ أَمْ كِفَايَةٍ. وَمِنْهَا مَا هُوَ الْأَفْضَلُ الْأَكْمَلُ كَاَلَّذِي لَا يَقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ إلَّا بَعْضَهُ وَلَا يَفْهَمُ مِنْهُ إلَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَلَا يَفْهَمُ مِنْ الشَّرِيعَةِ إلَّا مِقْدَارَ الْوَاجِبِ"وقال ابن تيمية في الرد على المنطقيين :" ولهذا كان كثير من علماء السنة يرغب في النظر في العلوم الصادقة الدقيقة كالجبر والمقابلة وعويص الفرائض والوصايا والدور لشحذ الذهن فانه علم صحيح في نفسه ولهذا يسمى الرياضي فان لفظ الرياضة يستعمل في ثلاثة أنواع في رياضة الأبدان بالحركة والمشي كما يذكر ذلك الأطباء وغيرهم وفي رياضة النفوس بالأخلاق الحسنة المعتدلة والآداب المحمودة وفي رياضة الأذهان بمعرفة دقيق العلم والبحث عن الأمور الغامضة.
ويروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "إذا لهوتم فالهوا بالرمي وإذا تحدثتم فتحدثوا بالفرائض" أراد إذا لهوا بعمل أن يلهوا بعمل ينفعهم في دينهم وهو الرمي وإذا لهوا بكلام لهوا بكلام ينفعهم أيضا"

وعامة النصوص السابقة من ضمن الفتيا التي اجتزأ منها السمهوري بمكر شديد وحقيقة هذا الإنسان يجب أن يحاكم على هذا الكذب

وقال الشيخ في الفتيا نفسها :" وَأَمَّا الْأُمُورُ الْمُمَيِّزَةُ الَّتِي هِيَ وَسَائِلُ وَأَسْبَابٌ إلَى الْفَضَائِلِ مَعَ إمْكَانِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا بِغَيْرِهَا فَهَذِهِ مِثْلُ الْكِتَابِ الَّذِي هُوَ الْخَطُّ وَالْحِسَابُ فَهَذَا إذَا فَقَدَهَا مَعَ أَنَّ فَضِيلَتَهُ فِي نَفْسِهِ لَا تَتِمُّ بِدُونِهَا وَفَقْدُهَا نَقْصٌ إذَا حَصَّلَهَا وَاسْتَعَانَ بِهَا عَلَى كَمَالِهِ وَفَضْلِهِ كَاَلَّذِي يَتَعَلَّمُ الْخَطَّ فَيَقْرَأُ بِهِ الْقُرْآنَ؛ وَكُتُبَ الْعِلْمِ النَّافِعَةَ أَوْ يَكْتُبُ لِلنَّاسِ مَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ: كَانَ هَذَا فَضْلًا فِي حَقِّهِ وَكَمَالًا. وَإِنْ اسْتَعَانَ بِهِ عَلَى تَحْصِيلِ مَا يَضُرُّهُ أَوْ يَضُرُّ النَّاسَ كَاَلَّذِي يَقْرَأُ بِهَا كُتُبَ الضَّلَالَةِ وَيَكْتُبُ بِهَا مَا يَضُرُّ النَّاسَ كَاَلَّذِي يُزَوِّرُ خُطُوطَ الْأُمَرَاءِ وَالْقُضَاةِ وَالشُّهُودِ"

ثم قال الشيخ :" وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُسْتَغْنَى عَنْهَا بِالْكُلِّيَّةِ بِحَيْثُ يَنَالُ كَمَالَ الْعُلُومِ مِنْ غَيْرِهَا. وَيَنَالُ كَمَالَ التَّعْلِيمِ بِدُونِهَا: كَانَ هَذَا أَفْضَلَ لَهُ وَأَكْمَلَ. وَهَذِهِ حَالُ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ فِيهِ: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} فَإِنَّ أُمِّيَّتَهُ لَمْ تَكُنْ مِنْ جِهَةِ فَقْدِ الْعِلْمِ وَالْقِرَاءَةِ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ فَإِنَّهُ إمَامُ الْأَئِمَّةِ فِي هَذَا. وَإِنَّمَا كَانَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَا يَكْتُبُ وَلَا يَقْرَأُ مَكْتُوبًا."

فالشيخ يتكلم عن حالة خاصة لنبينا ألا وهي أنه نال كمال العلم والتعليم بدون كتابة وهذا أمر خاص به صلى الله عليه وسلم

ولهذا بعدها بقليل صرح الشيخ أن كبار الصحابة لم تكن حالهم مستغنية عن الكتابة

فقال :" وَعَلَّمَ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ مِنْهُ إلَى أَنْ يَكْتُبَ بِيَدِهِ وَأَمَّا سَائِر أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ كَالْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ فَالْغَالِبُ عَلَى كِبَارِهِمْ الْكِتَابَةُ لِاحْتِيَاجِهِمْ إلَيْهَا إذْ لَمْ يُؤْتَ أَحَدٌ مِنْهُمْ مَنْ الْوَحْي مَا أُوتِيَهُ صَارَتْ أُمِّيَّتُهُ الْمُخْتَصَّةُ بِهِ كَمَالًا فِي حَقِّهِ مِنْ جِهَةِ الْغِنَى بِمَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا وَأَكْمَلُ وَنَقْصًا فِي حَقِّ غَيْرِهِ مِنْ جِهَةِ فَقْدِهِ الْفَضَائِلَ الَّتِي لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْكِتَابَةِ"

وهذا كلام غاية في الوضوح أنه يرى أن الأمية في حق النبي فقط كمال وأما غيره فلا يمكنه تحقيق الكمال إلا بالكتابة وهذا ظاهر في قوله ( ونقصاً في حق غيره ) وبتر السمهوري هذا كله بكل فجور

وأيضاً هناك كذبة أخرى وهي كذبة أن ابن تيمية يحرم الكيمياء

الكيمياء في وقت ابن تيمية ليست هي الكيمياء العصرية فالكيمياء التي حرمها الشيخ هي نوع من أنواع الشعبذة تزعم أنها تغير الحديد وتحوله ذهباً ولهذا الفيلسوف الكبير الكندي له كتاب في بطلان الكيمياء جاء في سير أعلام النبلاء :" 264 - الدُّوَيدَارُ مُجَاهِدُ الدِّيْنِ أَيْبَكُ الدُّوَيدَارُ الصَّغِيْرُ *
الملكُ، مُقَدَّم جَيْش العِرَاق، مُجَاهِد الدِّيْنِ أَيْبَك الدُّوَيدَار الصَّغِيْر.
أَحدُ الأَبْطَالِ المَذْكُوْرِيْنَ وَالشُّجْعَانِ المَوْصُوْفِيْن الَّذِي كَانَ يَقُوْلُ: لَوْ مَكَّننِي أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ المُسْتَعْصِم، لَقَهَرتُ التَّتَار، وَلَشغلتُ هُوْلاَكُو بِنَفْسِهِ.
وَكَانَ مُغرَى بِالكيمِيَاء، لَهُ بَيْت كَبِيْر فِي دَارِهِ فِيْهَا عِدَّة مِنَ الصُّنَّاعِ وَالفُضَلاَء لِعمل الكيمِيَاءِ، وَلاَ تَصِحّ؛ فَحكَى شَيْخنَا مُحْيِي الدِّيْنِ ابْن النَّحَّاسِ، قَالَ:
مَضَيْت رَسُوْلاً، فَأَرَانِي الدُّوَيدَار دَار الكيمِيَاء، وَحَدَّثَنِي، قَالَ:
عَارضنِي فَقير، وَقَالَ: يَا مَلِكُ، خُذْ هَذَا المثقَالَ، وَأَلقِهِ عَلَى عَشْرَة آلاَف مِثقَالٍ يَصِيْر الكُلّ ذَهَباً." وهذا واضح في فتيا الشيخ حيث قال في فتياه :" وَأَهْلُ الْكِيمْيَاءِ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ غِشًّا؛ وَلِهَذَا لَا يُظْهِرُونَ النَّاسَ إذَا عَامَلُوهُمْ أَنَّ هَذَا مِنْ الْكِيمْيَاءِ وَلَوْ أَظْهَرُوا لِلنَّاسِ ذَلِكَ لَمْ يَشْتَرُوهُ مِنْهُمْ إلَّا مَنْ يُرِيدُ غِشَّهُمْ. وَقَدْ قَالَ الْأَئِمَّةُ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَغْشُوشِ الَّذِي لَا يُعْلَمُ مِقْدَارُ غِشِّهِ وَإِنْ بَيَّنَ لِلْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَغْشُوشٌ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَنَّهُ نَهَى عَنْ أَنْ يُشَابَ اللَّبَنُ بِالْمَاءِ لِلْبَيْعِ وَأَرْخَصَ فِي ذَلِكَ لِلشُّرْبِ} وَبَيْعُ الْمَغْشُوشِ لِمَنْ لَا يَتَبَيَّنُ لَهُ أَنَّهُ مَغْشُوشٌ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ وَالْكِيمْيَاءُ لَا يُعْلَمُ مِقْدَارُ الْغِشِّ فِيهَا فَلَا يَجُوزُ عَمَلُهَا وَلَا بَيْعُهَا بِحَالِ. مَعَ أَنَّ النَّاسَ إذَا عَلِمُوا أَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ مِنْ الْكِيمْيَاءِ لَمْ يَشْتَرُوهُ." فالشيخ يتكلم عن أنهم يغشون بعض المعادن الخسيسة ويزعمون أنها تحولت لنفيسة ويقول أيضاً :" وَيُظْهِرُونَ لِلطَّمَّاعِ أَنَّهُمْ يَعْمَلُونَ الْكِيمْيَاءَ حَتَّى يَأْكُلُوا مَالَهُ وَيُفْسِدُوا حَالَهُ وَحِكَايَاتُهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ عِنْدَ النَّاسِ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ تَحْتَاجَ إلَى نَقْلٍ مُسْتَقِرٍّ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْكِيمْيَاءِ يُعَاقَبُونَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِمْ فَتَذْهَبُ أَمْوَالُهُمْ - حَيْثُ طَلَبُوا زِيَادَةَ الْمَالِ بِمَا حَرَّمَهُ اللَّهُ -" فالرجل لعصره مصطلح ولعصرنا مصطلح آخر تماماً

ولأن الكيمياء بمعناها القديم تحويل الحديد والنحاس إلى ذهب وفضة أنكرها ابن سينا وأما أرسطو فقال بإمكان حصول هذا ولم يقم عليه بينة جاء في قصد السبيل ما نصه:

(( الكيمياء: بالكسر ويمد ، عبراني معرب ((كيم يه)) أي من الله ، وقيل: مولدة من اليونانية ، وأصل معناها الحيلة والحذق ، وقيل: فارسي معرب ((كي ميا)) ، أي تجيء على الاستبعاد ، وقيل: عربي ، وقيل: مولد ، الإكسير ، أو صنعة معروفة ، نقل عن أرسطو أنها من الممكن الذي يعسر وجوده ، وأنكرها ابن سينا)) ا.هـ ولهذا كان أبو يوسف يقول من طلب المال بالكيمياء أفلس لأن من الناس من كان ينفق المال على جمع الحديد لتحويله ذهباً ويربح ومن كتب الطاوية القديمة كتاب باو - بو - تسو الذي انتهوا من تأليفه عام (317) م, يبحث في علوم الكيمياء القديمة، وفيه محاولات لتحويل المعادن إلى ذهب، وإطالة الحياة بواسطة بعض الأكاسير.

ولهذا الرازي لما كان متحمساً لهذا النوع من الكيمياء الباطلة قال في تفسيره :"فَكَمَا أَنَّ ذَرَّةً مِنَ الْإِكْسِيرِ إِذَا وَقَعَتْ عَلَى عَالَمٍ مِنَ النُّحَاسِ انْقَلَبَ الْكُلُّ ذَهَبًا إِبْرِيزًا: فعلق المحقق بقوله :" فيظهر من كلامه هذا أنه كان مشغولا بصنعة الكيمياء التي فتنت عقول أكثر الناس ووقع بسببها مصائب كثيرة للمسلمين فشغلوا بها عن المطالب الحقيقة وعن العليات، مع أن التجارب والأحداث دلت على أنها خدعة ووهم باطل وأنها لا حقيقة لها، وأحسن ما رد به على من يقول بالصنعة ما رأيته للصفدي في شرح اللامية: إن الذهب من عمل الطبيعة وما كان من عمل الطبيعة لا يمكن للإنسان عمله كما أن ما يعمله الإنسان من المصنوعات لا يمكن للطبيعة أن تعمله اهـ-. فسبحان من تفرد بالعزة والخلق والإيجاد، أكتب هذا عسى أن يهدي الله مسلما شغل نفسه بهذا الفن الزائف والوهم الباطل، وأقول إن الكيمياء الحقيقية هي الاشتغال بالعلم والتجارة والصناعة فهي سبب نماء المال الذي هو أفضل كيمياء"

وقال ابن كثير في تفسيره لما ذكر بعض الناس أن سبب ثراء قارون معرفته بعلم الكيمياء الذي هو تحويل المعادن الخسيسة إلى نفيسة :" وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ أَرَادَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي أَيْ إِنَّهُ كَانَ يُعَانِي عِلْمَ الْكِيمْيَاءِ، وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ، لِأَنَّ عِلْمَ الْكِيمْيَاءِ فِي نَفْسِهِ عِلْمٌ بَاطِلٌ، لِأَنَّ قَلْبَ الْأَعْيَانِ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَيْهَا إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وجل، قال الله تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ [الْحَجِّ: 73] . وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي، فَلْيَخْلُقُوا ذرة،فَلْيَخْلُقُوا شُعَيْرَةً» «1» .
وَهَذَا وَرَدَ فِي الْمُصَوِّرِينَ الَّذِينَ يُشَبِّهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ فِي مُجَرَّدِ الصُّورَةِ الظَّاهِرَةِ أَوِ الشَّكْلِ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ يُحِيلُ مَاهِيَّةَ هَذِهِ الذَّاتِ إِلَى مَاهِيَّةِ ذَاتٍ أُخْرَى؟ هَذَا زُورٌ وَمُحَالٌ، وَجَهْلٌ وَضَلَالٌ، وَإِنَّمَا يَقْدِرُونَ على الصبغ في الصور الظاهرة، وهي كَذِبٌ وَزَغَلٌ وَتَمْوِيهٌ وَتَرْوِيجٌ أَنَّهُ صَحِيحٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَطْعًا لَا مَحَالَةَ، وَلَمْ يَثْبُتْ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ أَنَّهُ صَحَّ مَعَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ الَّتِي يتعاطاها هَؤُلَاءِ الْجَهَلَةُ الْفَسَقَةُ الْأَفَّاكُونَ." وقد أثبت العلم الحديث استحالة تحويل الحديد إلى ذهب فابن تيمية كان يحارب خرافة انتشرت آنذاك

وقال صاحب المعلم بشرح صحيح مسلم وهو يتكلم عن الكيمياء بالمعنى القديم :" ونلمس ما جاء في حق الغزالي من التغالي والاعتداد بالنفس في تسمية كتبه مثل كيمياء السعادة حيث إن فيه جرأة وادعاء لأنه خص هذا الكتاب بأنه السر المكتوم لمن يريد السعادة.
وكأنّه يقصد به أن قارئه يحصل به ما يحصّله علم الكيمياء من سلب الخاصية المعدنية وجلب خاصية جديدة حتى تنقلب الأعيان ويصير النحاس ذهبا والرصاص فضة" هذا الذي حرموه وهو خرافة تحويل النحاس إلى ذهب ببعض الشعبذة

وقال القرافي في كتاب الفروق :" وَأَمَّا السِّحْرُ، وَأَنْوَاعُهُ وَالطَّلْسَمَاتُ وَنَحْوُهَا فَهِيَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي الْعَالَمِ بِأَسْبَابٍ فِي الْعَادَةِ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا غَيْرَ أَنَّ تِلْكَ الْأَسْبَابَ لَمْ تَحْصُلْ لِكَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ بَلْ لِقَلِيلٍ مِنْهُمْ فَهِيَ كَالْعَقَاقِيرِ الَّتِي تُعْمَلُ مِنْهَا الْكِيمْيَاءُ أَيْ نَقْلُ الشَّيْءِ مِنْ حَالَةٍ إلَى حَالَةٍ أَعْلَى مِنْهَا كَتَصْيِيرِ النُّحَاسِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً" فهذه التي حرمها الشيخ دعوى تحويل النحاس إلى ذهب باستخدام الكبريت الأحمر أو الزئبق"

والكيمياء القديمة التي هي شعبذة كانوا يزعمون أن فيها مضاهاة للخالق

في الغيث المسجم للصفدي (1/20):

يقال إن طلب الكيميا أول ما ظهر في جبابرة قوم هود وتعاطوا ذلك وبنوا مدينة من ذهب وفضة لم يخلق مثلها في البلاد. وهذه اللفظة معربة من اللفظ العبراني وأصله من كِيم يَهْ معناه أنه من الله والأشبه أنها فارسية، فمعنى كي مْيا متى تجيء على الاستبعاد

قال شيخ الإسلام في فتياه المشهورة في تحريم الكيمياء :" وَقَدْ قَالَ الْأَئِمَّةُ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَغْشُوشِ الَّذِي لَا يُعْلَمُ مِقْدَارُ غِشِّهِ وَإِنْ بَيَّنَ لِلْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَغْشُوشٌ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَنَّهُ نَهَى عَنْ أَنْ يُشَابَ اللَّبَنُ بِالْمَاءِ لِلْبَيْعِ وَأَرْخَصَ فِي ذَلِكَ لِلشُّرْبِ} وَبَيْعُ الْمَغْشُوشِ لِمَنْ لَا يَتَبَيَّنُ لَهُ أَنَّهُ مَغْشُوشٌ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ وَالْكِيمْيَاءُ لَا يُعْلَمُ مِقْدَارُ الْغِشِّ فِيهَا فَلَا يَجُوزُ عَمَلُهَا وَلَا بَيْعُهَا بِحَالِ. مَعَ أَنَّ النَّاسَ إذَا عَلِمُوا أَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ مِنْ الْكِيمْيَاءِ لَمْ يَشْتَرُوهُ"

فهو يتكلم عن الذهب والفضة المغشوشان هما ذهب وفضة حقيقة تحولا عن الحديد والنحاس بفضل الكيمياء المزعومة فواضح من سياق كلامه ما يريد من قوله كيمياء 

والشيخ ذكر المسك والزعفران وغيرها من المواد التي تستخدم للحصول على الذهب والفضة في قول أهل الكيمياء فادعى السمهوري أن الشيخ يحرم هذه أيضاً ! 

 قال الشيخ في الحسبة :" والغش يدخل في البيوع بكتمان العيوب وتدليس السلع، مثل أن يكون ظاهر المبيع خيرًا من باطنه، كالذي مر عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنكر عليه. ويدخل في الصناعات مثل الذين يصنعون المطعومات من الخبز والطبخ والعدس والشواء وغير ذلك، أو يصنعون الملبوسات كالنساجين والخياطين ونحوهم، أو يصنعون غير ذلك من الصناعات، فيجب نهيهم عن الغش والخيانة والكتمان.
ومن هؤلاء "الكيماوية" الذين يغشون النقود والجواهر والعطر وغير ذلك، فيصنعون ذهبًا أو فضة أو عنبرًا أو مسكًا أو جواهر أو زعفرانًا أو ماء ورد أو غير ذلك" فالشيخ يتكلم عن المغشوش بسبب الكيمياء الوهمية التي تدعي تحويل الأشياء عن حقيقتها إلى أمور أنفس


 وللشيخ كلام واضح في جواز صناعة الذهب والفضة لمن يستخدمه استخداماً مباحاً من غير طريق الكيمياء المغشوشة فيقول في الفتاوى :" وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ يَمَسُّهُ عِنْدَ الْخِيَاطَةِ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْمُحَرَّمِ وَمِثْلُ ذَلِكَ صِنَاعَةُ. الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِمَنْ يَسْتَعْمِلُهُ اسْتِعْمَالًا مُبَاحًا"

وهذا هو المعنى السائد في أوروبا عن الكيمياء في تلك الحقبة 

جاء في كتاب تاريخ الفلسفة الحديثة :" ليوناردو دافنتشي " 1452 - 1519 ":
ثمرة من خير ثمار عصر النهضة. اشتغل بالتصوير والنحت والموسيقى فكان فنانًا عظيمًا، وتبحر في التشريع والمعمار والميكانيكا فكان عالمًا مبرزًا، واستخلص من أبحاثه أصول المنهج العلمي، ومن مشاهداته للناس عوامل سيرتهم فكان فيلسوفًا مذكورًا. تناول علم الميكانيكا حيث تركه أرشميدس، ونهج فيه نهجه، فوصل إلى نتائج تختلف عما كان وصل إليه الإسميون الباريسيون في القرن السابق. وكان مقتنعًا بأن العلم ابن التجربة، وأن النظريات التي لا تلقى تأييدًا من التجربة نظريات باطلة, فكان يرمي الكيميائيين والمنجمين بأنهم دجالون أو مجانين. وليست التجربة عنده مجرد الإدراك الحسي، بل البحث عن العلاقات الضرورية بين الأشياء، ووضع هذه العلاقات في صيغ رياضية تخلع على نتائج التجربة يقينًا كاملًا، وتسمح باستنتاج الظواهر المستقبلة من الظواهر الراهنة"

ويجدر بالذكر أن رائداً السمهوري كتب مقالاً يثني على جهود عدنان إبراهيم وهناك عامل مشترك بين الرجلين وهو أن كليهما وجهه بالكذب أصفق من وجه العاهرة بالزنا

ومن آخر صنائع عدنان إبراهيم أنه في خطبة الثانية عن مؤتمر الشيشان تباكى على كون ابن تيمية نسب الأشاعرة إلى متابعة بشر المريسي

وكل من يقرأ رد الدارمي على المريسي ويقرأ رد أبي يعلى على ابن فورك ورد ابن تيمية على الرازي يرى تطابقاً كبيراً بين تأويلات المريسي وابن فورك والرازي

ولكن العجيب أنه هو نفسه حين دافع عن الجعد بن درهم ادعى أن جمهور المالكية والشافعية ( ويعني بهم الأشاعرة ) على مذهبه !

فما الفرق بين نسبتهم للجعد ونسبتهم للمريسي ؟

وابن تيمية كان يلزمهم بذكاء أنهم يخالفون أئمتهم في العقيدة ويتعبون أقواماً هم مبتدعة عندنا وعندهم
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي