مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: فائدة : تحديد الإمام لحد أعلى في المهر

فائدة : تحديد الإمام لحد أعلى في المهر



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه :

جاء في سيرة ابن هشام وهو ينقل عن سيرة ابن إسحاق : " قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ فِيهَا إلَى النَّجَاشِيِّ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ، فَخَطَبَهَا عَلَيْهِ النَّجَاشِيُّ، فَزَوَّجَهُ إيَّاهَا، وَأَصْدَقَهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ ماِئَةِ دِينَارٍ. فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: مَا نَرَى عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ وَقَفَ صَدَاقَ النِّسَاءِ عَلَى أَرْبَعِ ماِئَةِ دِينَارٍ إلَّا عَنْ ذَلِكَ. وَكَانَ الَّذِي أَمْلَكَهَا النَّبِيَّ [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ ابْن الْعَاصِ"

موطن الشاهد الذي أردت نقله ما ذكره ابن إسحاق عن شيخه محمد بن علي الباقر أن عبد الملك بن مروان وقف مهر النساء إلى أربع مائة دينار ذهب لأن هذا أعلى مهر سمع أن النبي صلى الله عليه وسلم أمهر به

ولعل مستغرباً يستغرب أن الباقر هنا يستدل لعبد الملك وبعض الناس يصورون بني أمية على أنهم زنادقة مبغضين للدين

وهذا غير واقع فمع ما كان يقع من عدد منهم من الظلم إلا أنهم يرجعون إلى إسلام ومحبة للدين بالجملة والانحراف عن بعض أهل البيت لم يصل بهم إلى نسيان القرابة بالكلية بل كانت إذا سكنت الأمور يظهر منهم من الصلات والحمية ما يكون بين أبناء العمومة في العادة غير أن الملك أوقع ما أوقع بين بني علي وبين العباس ومن ومثلهم في القرابة !

قَالَ ابْن تَيْمِية: وَهَذَا من الْجَهْل بأحوال النَّاس فَإِن الْحجَّاج كَانَ أَمِيرا سفاكا / للدماء لَكِن لم يقتل من الشرفاء من بني هَاشم أحدا قطّ. بل سُلْطَانه عبد الْملك بن مَرْوَان نَهَاهُ عَن التَّعَرُّض لبني هَاشم وهم الْأَشْرَاف. بل الْحجَّاج لما تزوج بنت عبد الله بن جَعْفَر لم يُمكنهُ بَنو أُميَّة من ذَلِك وَفرقُوا بَينه وَبَينهَا، وَقَالُوا: الْحجَّاج لَيْسَ بكفوء الهاشمية.

وقال الزبير بن بكار في نسب قريش : وحدثني أبو الحسن المدائني، وغيره من مشايخ قريش من أهل المدينة: أن سكينة بنت الحسين توهمت على عبد الله بن عثمان ابن عبد الله بن حكيم، وهي زوجته، أن يكون طلقها، فاستعدت عليه. فدخلت رملة بنت الزبير علي عبد الملك بن مروان، وكانت عند خالد ابن يزيد بن معاوية، فقالت له: يا أمير المؤمنين، إن سكينة بنت الحسين نشزت بابني عبد الله بن عثمان، ولولا أن نغلب على أمورنا ما كانت لنا حاجة بمن لا حاجة له بنا. فقال لها عبد الملك: يا رملة، إنها ابنة فاطمة! فقالت: نطحنا والله خيرهم، وأنكحنا والله خيرهم، وولدنا خيرهم. فقال لها عبد الملك: يا رملة غرني عروة منك. فقالت: لم يغررك، ولكنه نصحك، إنك قتلت مصعباً أخي، فلم يأمنى عليك. وكان عبد الملك أراد تزوجها، فقال له عروة: لا أرضى ذلك لك

تأمل قول عبد الملك : إنها ابنة فاطمة يعني ولا ينبغي الإساءة لها أو هضم حقها

وقال ابن عساكر في تاريخ دمشق  ذكر أبو محمد بن زبر فيما نقلته من كتاب ابنه أبي سليمان أخبرنا عبد الله بن عمرو بن سعد الوراق نا إبراهيم بن المنذر الحزامي قال سمعت سفيان بن عيينة يقول هذه الأبيات قال أبو إسحاق وهي لعمران بن حطان قال ابن زبر وأخبرني بهذا الخبر بطوله أبي رضي الله عنهـ عن الحسن بن علي بن سعيد والشعر خاصة عن ابن عيينة قوله (1) * يا ضربة من تقي ما أراد بها * إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا إني لأذكره حينا وأحسبه * أو في البرية عند الله ميزانا أكرم بقوم بطون الطير أقبرهم * لم يخلطوا دينهم بغيا وعدوانا * قال فبلغ شعره عبد الملك بن مروان فأدركته الحمية فنذر دمه ووضع عليه العيون والرصد .

إلى آخر الخبر وهو موحي أن عبد الملك نزع بآخره عن بغض علي وإن مما لا يختلف فيه المؤرخون أن عبد الملك ولى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب على المدينة وأنه كانت تجمعه مع علي بن الحسين صداقة

قال أبو زرعة في تاريخه حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ مِنْ أَفْضَلِ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَأَفْقَهِهِمْ، وَأَحْسَنِهِمْ طَاعَةً، وَأَحَبِّهِمْ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، وَابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ

وهذا إسناد صحيح فعدنان إبراهيم وأضرابه يلعبون بعقول الخلق والعجيب أنهم يعتمدون على المكذوب والواهي ويتركون الثابت

وبنو أمية ليسوا رجلاً واحداً وعبد الملك نفسه كان يذم سياسة عثمان ومعاوية ويزيد بذم لا يليق

ولسنا ننزهه عن الظلم والغشم ويكفينا شأن الحجاج ولكن الله يحب الإنصاف فنذكر ما لهم وما عليهم ولا نفتري

والذي فعله عبد الملك من تحديد حد أعلى للمهر أقره الباقر فيكون حسناً ولكن لا ينبغي أن يوحد مهر النساء بالكلية فهذا مؤذي لهن إذ أنهن يتفاوتن بالحسن والأخلاق والحسب فإذا وحدت المهر تعطلت متوسطة الحسن والحسب

ولكن نضع حداً أحداً لا يجاوزه أحد والسنة في المهر مهر بنات النبي صلى الله عليه وسلم

قال الترمذي في جامعه 1114: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي العَجْفَاءِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: أَلاَ لاَ تُغَالُوا صَدُقَةَ النِّسَاءِ، فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا، أَوْ تَقْوَى عِنْدَ اللهِ لَكَانَ أَوْلاَكُمْ بِهَا نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا عَلِمْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَكَحَ شَيْئًا مِنْ نِسَائِهِ وَلاَ أَنْكَحَ شَيْئًا مِنْ بَنَاتِهِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً.

هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَأَبُو العَجْفَاءِ السُّلَمِيُّ: اسْمُهُ هَرِمٌ.

وَالأُوقِيَّةُ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ: أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَثِنْتَا عَشْرَةَ أُوقِيَّةً أَرْبَعُ مِائَةٍ وَثَمَانُونَ دِرْهَمًا.


وهذا إسناد صحيح ، وقد قدر بعض الباحثين الاثني عشر أوقية ، فكانت 1460 ريالاً سعودياً ! ، وهذا لا يصل إلى 150 ديناراً كويتياً والناس عندنا اليوم لا يرضون بعشرة أضعاف هذا

وأما أقل المهر فهذا فيه نزاع طويل بين الفقهاء أجبن عن الفصل فيه
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي