مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: ابن الزبير يقبل والمعاصر يدفع !

ابن الزبير يقبل والمعاصر يدفع !



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
 
جاء في سيرة ابن هشام وهو ينقل عن سيرة ابن إسحاق :" قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ [1] ، مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ. قَالَ:
سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَهُوَ يَقُولُ لِعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ قَتَادَةَ اللَّيْثَيَّ: حَدِّثْنَا يَا عُبَيْدُ، كَيْفَ كَانَ بَدْءُ مَا اُبْتُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ النُّبُوَّةِ، حِينَ جَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ؟ قَالَ: فَقَالَ: عُبَيْدٌ- وَأَنَا حَاضِرٌ يُحَدِّثُ عَبْدَ اللَّهِ ابْن الزُّبَيْرِ وَمَنْ عِنْدَهُ مِنْ النَّاسِ-: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجَاوِرُ [2] فِي حِرَاءٍ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ شَهْرًا، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا تَحَنَّثَ بِهِ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّة. والتحنث التبرّر.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ:
وَثَوْرٍ وَمَنْ أَرْسَى ثَبِيرًا مَكَانَهُ ... وَرَاقٍ لِيَرْقَى فِي حِرَاءٍ وَنَازِلِ"

وهذا إسناد صحيح إلى عبيد بن عمير وعبد الله بن الزبير والملفت للنظر في الخبر

أن عبد الله بن الزبير صحابي ووالده صحابي وخالته عائشة وأمه أسماء بنت أبي بكر وجده الصديق ويسأل عبيد بن عمير وهو تابعي عن السيرة !

وسبب هذا أن عبيد بن عمير تابعي مخضرم أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وكان عالم مكة وحاز من علم الصحابة ما جعل بعض صغار الصحابة يحتاجون لعلمه ولهذا ابن عمر كان يتعجب من سعيد بن المسيب ويقول كأنه شهد القون

فإن كان التابعي كبيراً ومختصاً بعلم ما ومعلوم أنه لا شيوخ له إلا الصحابة فإن أهل العلم يحتملون أخباره خصوصاً إذا علم أنه كان يتكلم في محضر الصحابة فلا ينكرون

وعبيد بن عمير هذا كان ابن عمر يحضر مجلسه ويبكي من وعظه

قال الخلال في السنة 320 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ: {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى} [ص: 25] قَالَ: «ذَكَرَ الدُّنُوَّ حَتَّى يَمَسَّ بَعْضَهُ»

وفي تفسير سفيان الثوري 830: 13: 17 منصور عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّ لَهُ عندنا لزلفى وحسن مئاب قال يدنوا مِنَ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَتَّى يضع يده قريبا (الآية 25

وهو في مصادر عدة

قال ابن القيم -رحمه الله-  في طريق الهجرتين ص 357 : قد قال غير واحد من السلف : كان داود بعد التوبة خيرا منه قبل الخطيئة ،قالوا : ولهذا قال سبحانه {فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب}
فزاده على المغفرة أمرين الزلفى وهي درجة القرب منه وقد قال فيها سلف الأمة وأئمتها ما لا تحتمله عقول الجهمية وفراخهم ومن أراد معرفتها فعليه بتفاسير السلف . ا.هــ

وهذا يرفضه كثير من المعاصرين من الرجل الذي كان يقبل منه ابن الزبير وابن عمر !

ولا بد من النظر في القرائن وعدم الدفع المستمر بحجة أن هذا ليس خبراً مرفوعاً صراحة

ومراسيل عروة بن الزبير التي تصح إليه في السيرة من هذا الباب والله أعلم 


هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي