مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: هل أعطى عثمان لمروان بن الحكم خمس خراج افريقية ؟

هل أعطى عثمان لمروان بن الحكم خمس خراج افريقية ؟



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فإن عدنان إبراهيم في خطبته أبو ذر أمة وحده جاء بأكاذيب وأضحوكات ولكنني لن أقف عليها كلها

ولكنني سأوقفك على معلومة تبين لك مبلغ هذا الرجل من العلم والتحقيق

فقد زعم أن عثمان بن عفان أعطى خمس خراج افريقيا لمروان بن الحكم

ولو بحث المرء سنين طوال لما وجد هذه المعلومة مذكورة في أي كتاب متقدم وإنما تجدها في بعض كتابات شبه المعاصرين كسيد قطب

والآن لنقف وقفة قد ثبت لعثمان رضي الله الفضائل العظام

والطاعنون في بني أمية كعدنان وغيره يستدلون بحديث ( الخلافة بعدي ثلاثون عاماً ) فيدخلون خلافة عثمان في هذا

وفي الحديث ( لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة كلهم من قريش ) وقد دخل عثمان في هذا قطعاً

وإذا كنا سننسى فضائل عثمان ونتوقف على أخبار تاريخية وتحليلات سياسية فهذا ما فعله النواصب مع علي حتى اتهموه بخيانة عثمان وبسفك دماء المسلمين ظلماً

وأما الرواية التي اشتبهت عليهم فهي رواية أخرى تماماً متنها مختلف

قال الطبري في تاريخه وَكَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عن شعيب، عن سيف، عن أبي حارثة وَأَبِي عُثْمَانَ، قَالا: لَمَّا وَلِيَ عُثْمَانُ أَقَرَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَلَى عَمَلِهِ، وَكَانَ لا يَعْزِلُ أَحَدًا إِلا عَنْ شَكَاةٍ أَوِ اسْتِعْفَاءٍ مِنْ غَيْرِ شَكَاةٍ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ مِنْ جُنْدِ مِصْرَ، فَأَمَّرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدٍ عَلَى جُنْدِهِ، وَرَمَاهُ بِالرِّجَالِ، وَسَرَّحَهُ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ وَسَرَّحَ مَعَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْقَيْسِ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ نَافِعِ بْنِ الْحُصَيْنِ الْفِهْرِيَّيْنِ، وَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ: إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكَ غَدًا إِفْرِيقِيَّةَ، فَلَكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ خُمُسُ الْخُمُسِ مِنَ الْغَنِيمَةِ نَفْلا.
وَأَمَرَ الْعَبْدَيْنِ عَلَى الْجُنْدِ، وَرَمَاهُمَا بِالرِّجَالِ، وَسَرَّحَهُمَا إِلَى الأَنْدَلُسِ، وَأَمَرَهُمَا وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدٍ بِالاجْتِمَاعِ عَلَى الأجل، ثُمَّ يُقِيمُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ فِي عَمَلِهِ وَيَسِيرَانِ إِلَى عَمَلِهِمَا فَخَرَجُوا حَتَّى قَطَعُوا مِصْرَ، فَلَمَّا وَغَلُوا فِي أَرْضِ إِفْرِيقِيَّةَ فَأَمْعَنُوا انْتَهَوْا إِلَى الأجل، وَمَعَهُ الأَفْنَاءُ، فَاقْتَتَلُوا، فَقُتِلَ الأجل، قَتَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ وَفَتَحَ إِفْرِيقِيَّةَ سَهْلَهَا وَجَبَلَهَا ثُمَّ اجْتَمَعُوا عَلَى الإِسْلامِ، وَحَسُنَتْ طَاعَتُهُمْ، وَقَسَمَ عَبْدُ اللَّهِ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَلَى الْجُنْدِ، وَأَخَذَ خُمُسَ الْخُمُسِ، وَبَعَثَ بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهِ إِلَى عُثْمَانَ مَعَ ابْنِ وَثِيمَةَ النَّصْرِيِّ، وَضَرَبَ فُسْطَاطًا فِي مَوْضِعِ الْقَيْرَوَانِ، وَوَفَدَ وَفْدًا، فَشَكَوْا عَبْدَ اللَّهِ فِيمَا أَخَذَ، فَقَالَ لَهُمْ: أَنَا نَفَلْتُهُ- وَكَذَلِكَ كَانَ يَصْنَعُ- وَقَدْ أَمَرْتُ لَهُ بِذَلِكَ، وَذَاكَ إِلَيْكُمُ الآنَ، فَإِنْ رَضِيتُمْ فَقَدْ جَازَ، وَإِنْ سَخِطْتُمْ فَهُوَ رَدٌّ قَالُوا: فَإِنَّا نَسْخَطُهُ، قَالَ: فَهُوَ رَدٌّ، وَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بِرَدِّ ذَلِكَ وَاسْتِصْلاحِهِمْ، قَالُوا: فَاعْزِلْهُ عَنَّا، فَإِنَّا لا نُرِيدُ أَنْ يَتْأَمَّرَ عَلَيْنَا، وَقَدْ وَقَعَ مَا وَقَعَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنِ اسْتَخْلِفْ عَلَى إِفْرِيقِيَّةَ رَجُلا مِمَّنْ تَرْضَى وَيَرْضَوْنَ وَاقْسِمِ الْخُمُسَ الَّذِي كُنْتُ نَفَلْتُكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنَّهُمْ قَدْ سَخِطُوا النَّفْلَ

فهذه هي القصة وفي سندها كذاب والقصة باختصار أن عثمان بن عفان قال لعبد الله بن أبي السرح إذا فتح الله عليك افريقية فلك خمس الخمس من الفيء من باب التشجيع له ولأنه كان القائد

فبعدها اشتكى الناس من هذا فكتب إليه عثمان أن أرجع ما أعطيتك فإنهم قد سخطوا عطيتي لك

القصة في سياقها مختلفة تماماً عما صور عدنان المفتري الكذاب على كونها انفرد بها كذاب

وأما بالنسبة لمروان بن الحكم فلست مادحاً إياه ولكن القوم جهلة كبروا الأمر فمروان إنما كان كاتباً عند عثمان فحسب

والروايات تذكر أنه بعد الجمل كان علي يسأل عنه وقيل أنه هو من أمنه

وأما قصة طرد الحكم فقال شيخ الإسلام إبن تيمية في منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية (2/381) : " هذا مع أن فيما ذكره كذبا كثيرا، منه ما ذكره من أمر الحكم، وأنه طرده رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يسمى طريد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه استشفع إلى أبي بكر وعمر أيام خلافتهما فما أجاباه إلى ذلك، وأن عمر نفاه من مقامه باليمن أربعين فرسخا، فمن الذي نقل ذلك؟ وأين إسناده؟ ومتى ذهب هذا إلى اليمن؟ وما الموجب لنفيه إلى اليمن وقد أقره النبي صلى الله عليه وسلم على ما يدعونه بالطائف، وهي أقرب إلى مكة والمدينة من اليمن؟ فإذا كان رسول الله أقره قريبا منه، فما الموجب لنفيه بعد ثبوته إلى اليمن؟

وقال أبو الْحَكَمِ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: كَانَ عَلِيٌّ يَوْمَ الْجَمَلِ حِينَ انْهَزَمَ النَّاسُ يُكْثِرُ السُّؤَالَ عَنْ مَرْوَانَ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّهُ يعطفني عَلَيْهِ رَحِمٌ مَاسَّةٌ، وَهُوَ سَيِّدٌ مِنْ شَبَابِ قُرَيْشٍ.

وقال ابن الوزير في الروض الباسم :" وقد كان عثمان شفيقاً رحيماً, وقد فعل مثل هذا في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فلم ينكر عليه, وذلك أنّه شفع بوم الفتح في أخيه من الرّضاعة: عبد الله بن سعد بن أبي سرح بعد أن أمر النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بقتله, وقد عفا عليّ - عليه السلام - عن مروان بن الحكم يوم الجمل وقال: أدركتني عليه رحم ماسّة (1) , بل قد قال نوح - عليه السلام -: {رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الحَقُّ} [هود:45] , مع أنه الذي قال: {رَبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الكَافِرِينَ دَيَّاراً} [نوح:26]. فما خصّ ولده إلا لرحامته."

في دلائل النبوة للبيهقي (8/385) : " أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قال : أخبرنا أبو سهل بن زياد القطان قال : حدثنا عبد الكريم بن الهيثم قال : حدثنا أبو اليمان قال : أخبرنا شعيب ، عن الزهري قال : حدثنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وكان أفضل أهل بيته وأحسنهم طاعة ، وأحبهم إلى مروان بن الحكم ، وعبد الملك بن مروان .. إلي آخر الحديث "

وهذا إسناد صحيح للزهري ونحن لا ننزه أحداً هنا من غلط أو سقطة وإنما نريد أن نبين للناس أن الصورة التي يصورها عدنان تأثراً بالرافضة والمستشرقين صورة خيالية

وما مضى لو كان فيه ضعف فهو خير من كثير مما يوردونه

وعلى العموم من يضعف أحاديث الرجم أو رجم الصحابة أو نزول المسيح لا ينبغي أن يحتج بمثل الأخبار الآنفة لثلب أي أحد

وهو نفسه يؤصل أنه في الأحكام لا يقبل إلا حديث اثنين وبابنا الدفاع عن الخليفة عثمان رضي الله عنه

وذكر عدنان قصة مخترعة أن أبا ذر لما خرج إلى الربذة خرج معه علي والحسن والحسين وهكذا يورد ويحتج بما يشاء وينكر ما يشاء فينكر أخباراً صحاحاً ويحتج بخبر لا أصل له ليثلب راشداً ، ولكي يتوصل بمدح أبي ذر لثلب غيره صار يصدق الأخبار في فضائله ولا يثبت لأبي ذر شيء إلا وهو ثابت لعثمان ما هو أعظم منه وأثبت



هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي