مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: شذوذ خبر صفية ( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبغض الناس إليَّ )

شذوذ خبر صفية ( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبغض الناس إليَّ )



أما بعد :


فقد رأيت بعض الناس يسأل عن قول صفية (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبغض الناس إليَّ قَتل زوجي وأبي وأخي فما زال يعتذر إليَّ ويقول : ( إن أباك ألَّب علي العرب وفعل وفعل ) حتى ذهب ذلك من نفسي

وأردت أن أفيد إفادة لأن البحث في هذا الحديث دقيق

قال ابن حبان في صحيحه 5199 - أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ النَّضْرِ بْنِ عَمْرٍو الْقُرَشِيُّ أَبُو يَزِيدَ الْمُعَدِّلُ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، فِيمَا يَحْسِبُ أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَاتَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ حَتَّى أَلْجَأَهُمْ إِلَى قَصْرِهِمْ فَغَلَبَ عَلَى الْأَرْضِ، وَالزَّرْعِ، وَالنَّخْلِ، فَصَالَحُوهُ عَلَى أَنْ يُجْلَوْا مِنْهَا وَلَهُمْ مَا حَمَلَتْ رِكَابُهُمْ.

وخرجه البيهقي من طريق عبد الواحد بن غياث ، وقد تابع عبد الواحد عليه اثنان

ويلاحظ في هذا الخبر عدة ملاحظات

الأولى : أنه انفرد به حماد بن سلمة البصري من طريق جادة معروفة في المدينة عبيد الله بن عمر عن نافع عن أبيه

وقد عد كثير من الناس عبيد الله أوثق الناس في نافع فأين أهل المدينة عن هذا الحديث لا يحدث به إلا حماد بن سلمة

الثانية : أن هذا الحديث غير مخرج في الكتب الستة والمسند وهذا يدل على أنه اجتنبوه لعلة

الثالثة : قال ابن رجب ومنهم عبيد الله بن عمر العمري ذكر يعقوب بن شيبة أن في سماع أهل الكوفة منه شيئا.

وحماد بن سلمة بصري والبصرة قريب من الكوفة وقد يكون سمعه بالكوفة

الرابعة : أن حماد بن سلمة شك في السند فقال ( فيما يحسبه أبو سلمة عن نافع عن ابن عمر )

الخامسة : أن حماد بن سلمة على إمامته وجلالته وحفظه لما كبر ساء حفظه وهو هنا شاك في سند الحديث وقد قال ابن سعد أنه ربما روى الحديث المنكر

السادسة : أن زيادة كلام صفية غير موجودة في بعض الروايات

فأبو داود في سننه خرج الحديث من حديث زيد بن أبي الزرقاء عن حماد دون هذه الزيادة وبالشك في الإسناد

السابعة : وهي العلة الدامغة أن هذا الحديث رواه عن عبيد الله جمع ولم يذكروا هذا الحرف

قال البخاري في صحيحه 2331 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى خَيْبَرَ الْيَهُودَ عَلَى أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا وَلَهُمْ شَطْرُ مَا خَرَجَ مِنْهَا

عبد الله هو ابن المبارك

وقال البخاري أيضاً 2328 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ فَكَانَ يُعْطِي أَزْوَاجَهُ مِائَةَ وَسْقٍ ثَمَانُونَ وَسْقَ تَمْرٍ وَعِشْرُونَ وَسْقَ شَعِيرٍ فَقَسَمَ عُمَرُ خَيْبَرَ فَخَيَّرَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْطِعَ لَهُنَّ مِنْ الْمَاءِ وَالْأَرْضِ أَوْ يُمْضِيَ لَهُنَّ فَمِنْهُنَّ مَنْ اخْتَارَ الْأَرْضَ وَمِنْهُنَّ مَنْ اخْتَارَ الْوَسْقَ وَكَانَتْ عَائِشَةُ اخْتَارَتْ الْأَرْضَ

وقال أيضاً 2329 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ عَامَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ

وقال مسلم في صحيحه 3962- [1-1551] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى وَهُوَ الْقَطَّانُ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ ، أَوْ زَرْعٍ.
3963- [2-...] وحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ ، وَهُوَ ابْنُ مُسْهِرٍ ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : أَعْطَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْ ثَمَرٍ ، أَوْ زَرْعٍ ، فَكَانَ يُعْطِي أَزْوَاجَهُ كُلَّ سَنَةٍ مِئَةَ وَسْقٍ ، ثَمَانِينَ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ ، وَعِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ شَعِيرٍ ، فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ قَسَمَ خَيْبَرَ ، خَيَّرَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْطِعَ لَهُنَّ الأَرْضَ وَالْمَاءَ ، أَوْ يَضْمَنَ لَهُنَّ الأَوْسَاقَ كُلَّ عَامٍ ، فَاخْتَلَفْنَ ، فَمِنْهُنَّ مَنِ اخْتَارَ الأَرْضَ وَالْمَاءَ ، وَمِنْهُنَّ مَنِ اخْتَارَ الأَوْسَاقَ كُلَّ عَامٍ ، فَكَانَتْ عَائِشَةُ ، وَحَفْصَةُ مِمَّنِ اخْتَارَتَا الأَرْضَ وَالْمَاءَ.
3964- [3-...] وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا خَرَجَ مِنْهَا مِنْ زَرْعٍ ، أَوْ ثَمَرٍ ، وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ ، وَلَمْ يَذْكُرْ فَكَانَتْ عَائِشَةُ ، وَحَفْصَةُ مِمَّنِ اخْتَارَتَا الأَرْضَ وَالْمَاءَ ، وَقَالَ : خَيَّرَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْطِعَ لَهُنَّ الأَرْضَ وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَاءَ.

وهناك روايات غيرها ولكنني أكتفي بهذه فهي دامغة وقاضية على حماد بن سلمة بالوهم فيما زاده من دون هؤلاء

قال الإمام مسلم في كتابه التمييز :" وحماد يعد عندهم إذا حدث عن غير ثابت ، كحديثه عن قتادة ، وأيوب ، ويونس ، وداود بن أبي هند ، والجريري ، ويحيى بن سعيد ، وعمرو بن دينار ، وأشباههم ، فإنه يخطىء في حديثهم كثيرا"

على أن هذا المتن مع استغرابي للفظة البغض لأنه في مرسل عطاء بن يسار نص النبي صلى الله عليه وسلم على إيمانها ، ففيه متنه شيء من الحسن فيما يتعلق بصنيع بني قريظة بالنبي صلى الله عليه وسلم والمشهور أنه غدروا فعفا عنهم فجازوه بأن ألبوا العرب عليه لذا كانت عقوبتهم أشد ما يكون
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي