مدونة أبي جعفر عبد الله بن فهد الخليفي: سألت طلاق نفسها لا طلاق أختها ...

سألت طلاق نفسها لا طلاق أختها ...



أما بعد :
 

فإن من القصص العجيبة التي مرت بي قصة  امرأة كفرت بالله عز وجل بسبب أن زوجها ضربها فذهب إلى والدها فقال لها أن هذا حقه في كتاب الله عز وجل !

ويبدو أن الرجل ضربها ضرباً مبرحاً ودون موعظة وليس في حق ظاهر ، ومعلوم النهي عن ضرب الوجه واتفاق المفسرين على أن الضرب غير المبرح هو المشروع فحسب في حال النشوز

ولا أدري المرء يعجب ممن من هذه المرأة في رد فعلها العجيب مع جهلها بالشرع وثقتها بأن والدها ينقل لها الدين كما هو ، أو من والد المرأة الذي كرس فهمه الظاهري العجيب للآية فيما يظن أنه إصلاح لبيت ابنته

مثل هذا النصف فقيه ، وهذه النصف عاقلة يصادفوننا كل يوم ولكن على هيئات مختلفة وأشد ذلك وأنكاه أن يظهر الأمر في صورة الفقيه المصلح المجدد

لا يخفى أن التجديد اليوم صار طموحاً مشروعاً لأي شاب قرأ مجموعة يراها كبيرة من الكتب وصار عنده المقدرة على التدوين والكتابة

بل يبدو أن كونك مجدداً أيسر من أن تصبح لاعب كرة قدم محترف والأمر يوفر لك قدراً كافياً من ( الإعجابات ) التي تشبع ( الأنا ) في كوامن صدورنا

لست أسخر من التجديد في نفسه معاذ الله فما أحوجنا إليه ولكنني أتحدث عن ظاهرة ابتدأت مبشرة وجميلة ولكن يبدو أنه جمال كالذي يذهب بعد ليلة ( البناء ) أو ما يسمى بالعامية الدخلة

مجموعة من الشباب الأذكياء الذين اهتموا بالعلم الشرعي وأثمروا ثماراً لا بأس بها ابتداءاً ثم فجأة صار الخبز اليومي والقوت الذي يقتتاتون عليه إما الشذوذ الفج وإما التقريع المستمر لرفقاء الدرب القدامى إما عن طريق تعميم أخطاء البعض على الكل أو إظهار المسائل في سياق مختزل أو نقد صحيح لا غبار عليه ولكن مع الأسف نجد قفزاً إلى الجهة الأخرى تماما بشكل مستمر

وهذا تقريباً هو موضوع تجديدهم و(ما بعد سلفيتهم )

ولأنه ( تجديد ) ولكن بطريقة عصرية فلا بد كل يوم من ( جديد ) ، فلا بد من الاستمرار في تقريع الأصحاب القدامى الذين لم يرتضوا طريقتنا وإيجاد مسائل نبدي فيها تقويمنا ولكن بطريقة لاذعة لاستفزاز الخصوم وبما أن سمت هذا الزمان حرب التشدد وما يسمى الخوض في الجزئيات وظلم المرأة فلا بد أن يكون لطرحنا حظ من هذا

في الحقيقة من الجميل أن يسعى المرء للإصلاح وألا يكون مقلداً بل هذا شيء عظيم ومكلف في كل زمان ، هذا كله عسل ولكن خله تلك الطوية السيئة التي تنحسر عنها أمواج الفتن وتتجلى بتحاذقات وشذوذات فجة

قرأت منشوراً لأحد هؤلاء ( المابعديين ) نسبة إلى ( ما بعد السلفية ) يستنكر فيه فتيا بعض الناس بتحريم طلب المرأة الطلاق من زوجها لمجرد أنه تزوج عليها

وعلل ذلك بأنه طلب طلاق لسوء في العشرة كأي طلب طلاق جائز شرعاً

ما كاد الفقيه المابعدي ينتهي من تقريره حتى ( انهالت ) عليه اللايكات التي لسان حالها أخرجتنا من ضيق ( السلفية ) إلى سعة ( المابعدية ) وبالعامية الفصحى ( كنت فين من زمان )

حقيقة يخيل لي أن هذا الرجل يعيش في عالم مواز ولا يدري ما الذي يحصل هنا في الأرض

مجرد اعتبار التعدد ( سوء عشرة موجبة للفراق ) من أين جاء هذا التفكير ؟

وهل تفكير متوافق مع الشرع أم أنه يقتضي اتهام صالحي الأمة الذين فعلوا هذا في عموم الأعصار الماضية بسوء العشرة بما فيهم الأنبياء

ولا تقل ما فيهم أحد كالأنبياء وما في نسائنا امرأة كنساء الأنبياء

على صاحب هذا الكلام أن يدرك أننا اغتالتنا ثقافة تغريبية تؤكد على المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة في كل شيء حتى تعتبر التعدد بمنزلة الخيانة ( مخالفة في ذلك لعموم أديان الدنيا وأسفارهم المقدسة ) حتى صارت المرأة تعتبر التعدد إهانة شخصية لها وإهانة يصعب اغتفارها وإسقاط لمكانتها الاجتماعية وشهادة عليها بالرسوب ك( زوجة )

وإلا فاسأل نفسك هل كان من عادة النساء في التاريخ القديم أن تطلب الطلاق لمجرد زواج زوجها عليها

الأمر متعلق بمجموعة هائلة من الاعتقادات الفاسدة بل قل أن تسمع أن امرأة طلبت الطلاق لأن زوجها لا يصلي أو لأنه يشرب الخمر أو لأي شيء آخر وما أكثر ما تسمع طلبت الطلاق لأنه أراد أن يتزوج عليها أو تزوج فعلاً

بل الواقع أن خيانته لها في السر تحتملها ولكن زواجه عليها لا تكاد تحتمله وهذا مشاهد بقوة لا ينكره إلا مكابر

فمن تخدعون والفقيه حين يتكلم عليه أن يبصر واقعه فبدلاً من معالجة هذه الاعتقادات الفاسدة التي تصتطدم مع الثوابت بشكل جلي يأتي ويتكلم عن جواز الأمر ببلاهة بل يريد أن يكحلها فيعميها كما يقال فيعتبر مجرد التعدد سوء عشرة موجبة للفراق وكأن النساء المتدينات فضلاً عن غيرهن لا يصبرن على أخلاق فظيعة ومعاص لأزواجهن حتى أنه في بلد هذا المتكلم يوجد مسلمات يعشن مع ملاحدة تحت سقف واحدة بعقد الزوجية وحين حاول بعض الأخوة نصحهن اكتشفنا أنهن يعلمن بالأمر

لا يوجد عاقل ينكر أثر الإعلام والتغريب على الكثير من تصرفات الناس وبهذا الميزان ينبغي أن يدرك المرء تقييمه لتصرفات البشر

فأي عاقل يقول لامرأة فارقي زوجك واجعلي أولادك يعيشون بعيدين عن والدهم لمجرد أن التعدد سوء عشرة ! في نظرك من منطلق ثقافة كنسية حديثة تسللت إلينا عن طريق الإعلام وأنت قبلها تحتملين منه ما هو أشد من ذلك

ولي وقفة مع تعقيبه على حديث (وَلَا تَسْأَلُ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَكْفَأَ مَا فِي إِنَائِهَا)

حيث قال : إنما سألت طلاق نفسها لا طلاق أختها .

وهنا يلبس عباءة الظاهرية المحضة وما علم أنهن صويحبات يوسف ، المرأة في هذه الحال إنما تسأل الطلاق لأحد سببين

الأول : أن تضغط عليه لكي يطلق الثانية خصوصاً إذا كان عندها أولاد فتضغط عليه بهذه الورقة

وأذكر الفقيه ( المابعدي ) بهذا الحديث (إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قَالَ يَسُبُّ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أُمَّهُ)

وإن من مكابرة الحس أن يقال بأن هذا ليس هو أحد مقاصد هذا الطلب فبعضهن تقولها بصراحة ( إما أنا أو هي ) ومنهن من تغلفها بطلب طلاق نفسها حتى يتمسك بها الرجل ويتخلى عن الأخرى

وفكرة أنه لا يبنى بيت مسلم إلا على هدم بيت آخر فكرة جاء الحديث بدحضها والترهيب منها لأن ذلك يفت في الأخوة الإيمانية وسياق الحديث واضح في هذا

الثاني : أنها تعتبر هذا الفعل مرادف للخيانة التي يستوجب فيها المرء الرجم شرعاً فهناك خلط ضمني بين ما أباحه الله وما حرمه

فليس الأمر في هذا كما كن النساء في القديم يكرهن أن يتزوج عليهن الرجل استئثاراً به وبغضاً لما يترتب على ذلك من مشقة كما في قوله تعالى ( كتب عليكم القتال وهو كره لكم ) بل الأمر هنا متعلق باعتقاد فاسد عشش في الفؤاد فأورث ممارسات جديدة وغريبة

قال أبو داود في سننه 2226 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حرب، حدَّثنا حماد، عن أيوبَ، عن أبي قِلابةَ، عن أبي أسماءَ
عن ثوبانَ قال: قالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أيما امرأةٍ سألتْ زوجَها طلاقاً في غيرِ ما بأسٍ، فحرامٌ عليها رائحةُ الجنةِ"

وقال عبد الرزاق في المصنف  11890 - عن معمر قال جاءت امرأة إلى الحسن فقالت يا أبا سعيد لا والله ما خلق الله شيئا أبغض إلي من زوجي وإنه ليخيل إليه أنه ما في الأرض أحب إلي منه فهل تأمرني أن أختلع فقال الحسن كنا نتحدث أن المختلعات هن المنافقات قال فضربت رأسها بيدها فقالت إذا أصبر على بركة الله تعالى فقال الحسن يرحمها الله ما كنت أرى أن تفعل.

على أنني هنا أود توضيح أمر هام ، وهو أن التعدد يختلف من شخص إلى آخر والحاجة إليه ملحة مع كثرة النساء والفتن ولكن مع الأسف كثير من الرجال عقله لا يرتقي إلى الإدارة الجيدة لأمر التعدد ويقدم عليه إقداماً متعجلاً ثم يرتكب مخالفات شرعية أثناء دخوله في هذا الأمر تبغض الأمر إلى الناس مع الهجمات المستمرة من كل حدب وصوب فليتقوا الله عز وجل فيمن لا ناصر له إلا الله وقد حرج النبي صلى الله عليه وسلم حق الضعيفين المرأة والخادم _ فيما روي عنه _

فالتعدد مسئولية هو كمقام الحكم لا بد فيه من العدل والذي لا يعدل ورد في حقه وعيد شديد

والمرأة الأولى يقال لها ليس كل أحد يستطيع الكلام بعذره فلعل ما يدفع الرجل للزواج بأخرى أمر خارج عن يدك وعن يده هو نفسه ولعله عيب فيك وليس هذا بأول ابتلاء نبتلى به بسبب ذنوبنا ولعله عيب فيه فأولى الناس بصبرنا وتحملنا من اكتمل به نصف ديننا وأخذ منا ميثاقاً غليظاً وصرنا له لباساً وهو لنا لباس وكم من رجل حين عدد علم فضل الأولى على غيرها من النساء واعلمي أن هذه الثانية أختك في الإسلام وأنه لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه واحمدي الله أن ما ساءك قد سر مسلماً بغير إثم ولا قطيعة رحم ، وتفكري أن صورتك عند الناس كامرأة تزوج عليها زوجها خير من صورتك كامرأة تزوج عليها وطلقها فالثانية أشد وتفكري في أمر أولادك إن كان عندك أولاد وما ينوبهم من الهم لما يحصل بين الوالدين من الفراق

ويقال للثانية قد من الله عليك بعد صبر فلا تشكر نعمة الله بتشجيعك أو إقرارك لظلم يقع على الثانية والذي لا خير فيه لمن سبقتك لا خير فيه لك أنت أيضاً

هكذا تعالج الأمور بعيداً عن طريقة ( النصف فقيه ) و ( النصف عاقلة )

والنظر لهذه المسألة ينبغي أن يسحب على مسألة اللحية والنقاب وتشمير الإزار

فبعضهم ينتقد إكثار الكلام في هذه الأمور ، وأنا شخصياً أكره أن يكثر الكلام في هذه على حساب مسائل عقدية أكبر

ولكن الأمر لم يعد مجرد خلاف فقهي كما يصوره بعضهم

بل صار استهانة بالسنة فالنقاب ( كيس قمامة ) واللحية ( وساخة ومكنسة ) و الإزار القصير ( تنورة )

وهذه الألفاظ لم تعد حكراً على الليبراليين والعلمانيين بل تعدت لكثير من العوام

وترك الناس لهذه الأمور ليس سببه الخلاف الفقهي بل سببه التأثر بالثقافة التغريبية والاستعمار الفكري والواقع أنه لا تظهر عادة في الغرب وإلا وتجد عندنا من يقلدها بمحاكاة خرقاء وإن لم تتوفر أسبابها التي توفرت في الغرب

فكثير من الظواهر في الغرب إذا أردنا أن نعرف من أين جاءت علينا أن نبحث ونذكر قائمة في الأسباب

ولكنها في العالم العربي لها سبب واحد ( أنهم رأوهم في الغرب هكذا يفعلون )

ولو كنا لا يوجد عندنا نصوص في تحريم التشبه ولا نقرأ في كل صلاة غير المغضوب عليهم ولا الضالين لكان النظر المحض مؤذناً بالتحسس الشديد من هذا الأمر

فكل أمة بقاؤها وبقاء حضارتها أو كيانها بكل تفاصيله مرهون بتمايزها عن غيرها وانصهار أمة في أمة أخرى يعني بيع الأمة المنصهرة لكل خصوصياتها من دين ولغة وتاريخ ( وبعض آثار هذا بادية على عدد من الشعوب )

وقد قرأت ل( ما بعدي ) آخر يشتد على من يفسقون من يحلق لحيته بحجة أن في الأمر خلافاً وأنها ليست من الكبائر ، وأن أثر لا صغيرة مع الإصرار لا دليل عليه في الكتاب أو السنة

وبغض النظر عن بحث ( الفسق ) المؤثر في اعتبار الشهادات والولاية والفسق غير المؤثر لعموم البلوى به

وبغض النظر عن أنهم القوم في عالمهم الموازي وجدوا كائنا لا يوجد فيه من مظاهر الفسق إلا حلق اللحية

نود أن ننظر هل هذا الحالق المذهب السائد في بلده يحرم الحلق أم يجعله مكروها فقط

صاحب الكلام يعيش في بلد أهله مالكية

جاء في منح الجليل :" وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ حَلْقُ اللِّحْيَةِ وَالشَّارِبِ وَيُؤَدَّبُ فَاعِلُهُ وَيَجِبُ حَلْقُهُمَا عَلَى الْمَرْأَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ"

وهذا المابعدي نفسه ينعى على السلفيين زهدهم في المذهبية والمذهبيون لا يختلفون في أن العامي لا ينبغي له الانتقاء من بين الأقوال بل يجب عليه العمل بالسائد سداً لباب الفوضى

ولكن المابعدي يأخذ من المذهبية أن المذهب الفلاني يبيح كذا ويبيح كذا أو يقول بكذا خلافاً للتشدد السلفي

ولا أخفيك أن هناك جهلة فعلاً يحرمون أموراً بعضها اتفق السلف على إباحته ولكن بحثنا الآن مع هذا الشخص

ثم بعد ذلك هذا الذي يحلق لحيته وباستمرار ألا يسمى هذا نظافة ألا يفعل ذلك محاكاة للكفار الذي احتلوا بلده وسفكوا الدم وهتكوا العرض وسرقوا ولا زالوا يسرقون المال

ألم يسمع هذا القائل عبارة ( ماذا فعلت بنفسك ) حين أطلق لحيته من عدد من الناس

وأما عبارة ( لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار ) فهذه عبارة فاشية بين العلماء وفي الكتب فشواً عظيماً ولم ينكرها أحد وداعية المذهبية يعقب على علماء المسلمين على مدى أربعة عشر قرناً

وشاهدها في القرآن ( ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون ) ولا أدري أين ذهب من حديث ( إياكم ومحقرات الذنوب )

وكل كتب المذاهب تذكر هذا اللفظ ( وهو مروي عن ابن عباس )

قال الكاساني في بدائع الصنائع :" فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ الْكَبَائِرِ فَإِنْ أَصَرَّ عَلَيْهَا وَاعْتَادَ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَةَ بِالْإِصْرَارِ عَلَيْهَا تَصِيرُ كَبِيرَةً"

ومثل هذه العبارة في المحيط البرهاني وغيرها من كتب الأحناف أهل الرأي

قال ابن الحاج المالكي في المدخل :" وَلَا يَظُنُّ ظَانٌّ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ النَّظَرِ وَالْمُلَاعَبَةِ وَالْمُبَاسَطَةِ وَالْمُعَانَقَةِ أَقَلُّ رُتْبَةً مِنْ فِعْلِ الْفَاحِشَةِ بَلْ الدَّوَامُ عَلَيْهِ يُلْحِقُهُ بِهَا لِأَنَّهُمْ قَالُوا لَا صَغِيرَةَ مَعَ الْإِصْرَارِ وَإِذَا دَاوَمَ عَلَى الصَّغَائِرِ صَارَتْ كَبَائِرَ"

وجاء في غاية البيان من كتب الشافعية :" (صَغِيرَة قد لزما) أَي الْعدْل من لم يلازم على صغيره مَعَ الاصرار عَلَيْهَا وَهِي كل ذَنْب غير كَبِيرَة فان أصر عَلَيْهَا سَوَاء أَكَانَت من نوع أَو أَنْوَاع انْتَفَت بهَا الْعَدَالَة مَا لم تغلب طاعاته على مَعَاصيه فَلَا يضر وَالصَّغِيرَة كالنظر إِلَى مَا لَا يجوز والغيبة فِي حق غير أهل الْعلم وَحَملَة الْقُرْآن وَالسُّكُوت عَلَيْهَا وَكذب لَا حد فِيهِ وَلَا ضَرَر والإشراف على بيُوت النَّاس وهجر الْمُسلم فَوق ثَلَاث بِلَا عذر وَالْجُلُوس مَعَ الْفُسَّاق إيناسا لَهُم واللعب بالنرد وَاسْتِعْمَال آلَة من شعار شربة الْخمر من طنبور وعود وصنج ومزمار عراقي واستماعها واللعن وَلَو لكَافِر أَو بَهِيمَة وَلبس ذكر مُكَلّف حَرِيرًا وجلوسه عَلَيْهِ وهجو وسفاهة"

وقال ابن القيم في مدارج السالكين :" الْعُقْبَةِ الرَّابِعَةِ: وَهِيَ عُقْبَةُ الصَّغَائِرِ، فَكَالَ لَهُ مِنْهَا بِالْقُفْزَانِ، وَقَالَ: مَا عَلَيْكَ إِذَا اجْتَنَبْتَ الْكَبَائِرَ مَا غَشِيتَ مِنَ اللَّمَمِ، أَوَمَا عَلِمْتَ بِأَنَّهَا تُكَفَّرُ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ وَبِالْحَسَنَاتِ، وَلَا يَزَالُ يُهَوِّنُ عَلَيْهِ أَمْرَهَا حَتَّى يُصِرَّ عَلَيْهَا، فَيَكُونُ مُرْتَكِبُ الْكَبِيرَةِ الْخَائِفُ الْوَجِلُ النَّادِمُ أَحْسَنَ حَالًا مِنْهُ، فَالْإِصْرَارُ عَلَى الذَّنْبِ أَقْبَحُ مِنْهُ، وَلَا كَبِيرَةَ مَعَ التَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ، وَلَا صَغِيرَةَ مَعَ الْإِصْرَارِ، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ، ثُمَّ ضَرَبَ لِذَلِكَ مَثَلًا بِقَوْمٍ نَزَلُوا بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ، فَأَعْوَزَهُمُ الْحَطَبُ، فَجَعَلَ هَذَا يَجِيءُ بِعُودٍ، وَهَذَا بِعُودٍ، حَتَّى جَمَعُوا حَطَبًا كَثِيرًا، فَأَوْقَدُوا نَارًا، وَأَنْضَجُوا خُبْزَتَهُمْ، فَكَذَلِكَ فَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ تَجْتَمِعُ عَلَى الْعَبْدِ وَهُوَ يَسْتَهِينُ بِشَأْنِهَا حَتَّى تُهْلِكَهُ"

ولا أعرف أحداً له سبب في العلم أنكر هذه المقالة

هذا إن سلمنا لك أن هذا الفعل المصر عليه لا يفعل على جهة الاستهانة أو على جهة التشبه مع استحقار للسنة

والسنة إذا هجرت أو هوجمت كان أجر العامل بها أعظم وكان ينبغي على أهل الحق أن يظهروا العمل بها تقوية لقلوب المؤمنين ونكاية بأهل الشر طلباً لرضا رب العالمين

قال ابن الجوزي في كتاب القصاص والمذكرين :" 17 - قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَذيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: يُعْجِبُنِي أَمْرُ الْقُصَّاصِ؛ لِأَنَّهُمْ يَذْكُرُونَ الْمِيزَانَ وَعَذَاب الْقَبْر.
قلت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: فَتَرَى الذَّهَابَ إِلَيْهِمْ؟ قَالَ: إِي لَعَمْرِي إِذَا كَانَ صَدُوقًا، لِأَنَّهُمْ يَذْكُرُونَ الْمِيزَانَ وَعَذَابَ الْقَبْرِ.
قَالَ: وَشَكَا رَجُلٌ إِلَى [أبي] عبد الله الوسوسة. فَقَالَ: عَلَيْك بِالْقصاصِ. مَا أَنْفَعَ مُجَالَسَتَهُمْ}"

الإمام أحمد صاحب حديث وكان فيه نفرة من كثير مما يذكره القصاص ولكن ظهر المعتزلة وأنكروا الميزان وعذاب القبر أعجب أحمد كثرة ذكر القصاص لذلك مع اجتماع العامة عليهم لئلا تموت السنن

وقد ذكر ابن الجوزي عنه آثاراً أخرى في ذمهم وشرح الأمر ما ذكرت لك

وإلى الذي يقول هذه ( ظواهر ) أو ( شكليات ) يقال فما بالكم تنكرونها على من يفعلها تسنناً وتسكتون على من يفعلها اقتداءً بالكفار

وتأمل معي عبادة الحج أنت ملزم فيها بلباس معين وإن خالفته لزمتك الكفارة فأمر الظاهر مهم في هذه العبادة العظيمة إذن الله عز وجل يتعبد له بما تسمونه ظواهر ، واتركوا بواطن الخلق لله عز وجل حتى تظهر لكم ريبة



فما بالك إن كانت السنة هذه محط ابتلاء وعلامة تمايز بين المستسلم للغرب أو الضعيف تجاههم والمعتز بدينه ؟

وقد لحق الآلاف الأذى العظيم بسبب حرصهم على هذه السنن ، وأعيد وأكرر البحث اليوم ليس شهوات فحسب بل شبهات وثقافة تغريبية تنخر في عمق الضمير قد أورث الكثيرين الاشمئزاز من السنن

وما كل ما يدعيه هؤلاء من عمق في التفكير إلا أنك تصتطدم بسطحية مثيرة للشفقة غير أنني أرى غبار الهوى يثور أمامي فما أحسن ( اللايكات ) الوسطية والدخول مع ( الناس ) وتقديم أهل التدين قرباناً للعوام عن طريق التهكم والتقريع المستمر وكأننا نقول للعوام أنتم خير من هؤلاء أنتم على الأقل لا تنفرون أحداً علماً أنني أعتقد أن من أعظم وسائل صد الغربيين عن الإسلام تقليد كثير من العرب لهم فإذا رآك دونه وكل أمانيك أن تتشبه به هل سيفكر يوماً في أمر دينك بل سيقول في نفسه لو كان دينه حقاً لأغناه عن تقليدي ولكن هذه الصورة من صور التنفير لا يسلط الضوء عليها لأننا نريد ( أن نعيش مع الناس ) باختصار 

وأضحكني مابعدي ثالث يضع كلمة أحمد ( طوبى لمن أخمل الله ذكره ) وأهتبل الفرصة لأخبره أن التصوير بأزياء مختلفة ومن عدة زوايا وقائماً وقاعداً وصامتا ومتفكراً ومتكلماً وقارئاً ولاعباً ومبتسماً وعابساً لن يقربه من الخمول بل يبعده عنه ! 
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

. .

جميع الحقوق محفوظة للكاتب | تركيب وتطوير عبد الله بن سليمان التميمي